أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الثلاثاء 26 شوال 1431 هـ الموافق لـ: 05 أكتوبر 2010 11:47

- المفاضلة بين خديجة وعائشة رضي الله عنهما

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فقد قالت الرّافضة عن أهل السنّة ليثيروا الشّبهات حول أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

" لقد عظّموا أمر عائشة وفضّلوها على باقي نسائه، مع أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يكثر من ذكر خديجة بنت خُوَيلد، وقالت له عائشة: إنّك تكثر من ذكرها، وقد أبدلك الله خيراً منها. فقال: والله ما بُدِّلتُ بها ما هو خير منها، صدّقتني إذ كذَبني الناس، وآوتني إذ طردني الناس، وأسعدتني بمالها، ورزقني الله الولد منها، ولم أرزق من غيرها ". فتعلّقوا بقوله صلّى الله عليه وسلّم: والله ما أبدلني الله خيرا منها ؟

والجواب عن ذلك من وجوه:

الوجه الأوّل: إنّ أهل السُّنة ليسوا مجمعين على أنّ عائشة أفضل نسائه، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " منهاج السنّة النّبويّة " (4/163)، بل كانوا على مذهبين:
  • المذهب الأوّل: ذهب بعضهم إلى تفضيل خديجة لما ثبت لها من الفضائل الّتي لا تعدّ، والمزايا الّتي لا تحدّ، وحجّتهم في ذلك:

1-  أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يجد إلاّ أن يقول فيها حبّا وصدقا ووحيا: (( مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ )). [رواه أحمد]

2-  ولم تزل مكانتها في قلبه حتّى غارت منها أمّهات المؤمنين، روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا، وَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ، وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ فَيُهْدِي فِي خَلَائِلِهَا مِنْهَا مَا يَسَعُهُنَّ ".

وفي رواية أخرى له أيضا قَالَتْ: " كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ، فَيَقُولُ: (( إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ )).

  • المذهب الثّاني: أكثر أهل السنّة ذهبوا إلى تفضيل عائشة رضي الله عنها، واحتجّوا أيضا بما لا يمكن إحصاؤه ولا استقصاؤه من الأحاديث في فضلها، من ذلك:

1- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

((كَمَلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ )) [رواه البخاري ومسلم].

والثّريد هو أفضل الأطعمة لأنه خبز ولحم، كما قال الشاعر:

إذا ما الخُبْـزُ تأدِمُـهُ بلحـمٍ        فذاك أمـانـةَ اللهِ الثّـريـــدُ

وذلك أن البرّ أفضل الأقوات، واللّحم أفضل الآدام[1].

فإذا كان اللحم سيّد الآدام، والبرّ سيد الأقوات، ومجموعهما الثريد، كان الثّريد أفضل الطعام.

2- وفي الصّحيحين عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ: (( عَائِشَةُ ))، فَقُلْتُ: مِنْ الرِّجَالِ ؟ فَقَالَ: (( أَبُوهَا ))، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ: (( ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ )) فَعَدَّ رِجَالًا.

3- وفي الصّحيحين حين نزلت آية التّيمّم بسبب ضياع قلادة عائشة رضي الله عنها قال أُسَيْد بن حضيرٍ:" جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ إلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا، وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةً ".

ونحن لا نشكّ أنّ الله سيجعل خيرا وبركة من وراء حملة الرّوافض هذه على عرض السيّدة عائشة رضي الله عنها.

4- وفي صحيح البخاري عن عروة بن الزّبير أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما كان في مرضه جعل يدور في نسائه ويقول: (( أَيْنَ أَنَا غَداً ؟)) حرصاً على بيت عائشة، قالت عائشة: فلمّا كان يومي سكن. وفي صحيح مسلم قالت: فلمّا كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري.

5- وفي صحيح البخاري عنه أيضا قال: كان النّاس يتحرّون بهداياهم يوم عائشة، قالت عائشة: فاجتمع صواحبي إلى أمّ سلمة، فقلن: يا أمّ سلمة، والله إنّ النّاس يتحرّون بهداياهم يوم عائشة، وإنّا نريد الخير كما تريده عائشة، فمري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر النّاس أن يُهدُوا إليه حيث ما كان أو حيث ما دار، قالت: فذكرت ذلك أم سلمة للنبيّ صلى الله عليه وسلم، قالت: فأعرض عنّي، فلمّا عاد إليّ ذكرت له ذاك، فأعرض عنّي، فلمّا كان في الثّالثة ذكرت له، فقال: (( لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا )).

فما عسى أن يكون مصير من آذى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم  في أحبّ نسائه إليه ؟!

6- وقال صلّى الله عليه وسلّم  لفلذة كبده فاطمة رضي الله عنها: (( أَيْ بُنَيَّةُ، أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ ؟)) فقالت: بلى، قال: (( فَأَحِبِّي هَذِهِ )). فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فرجعت إلى أزواج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأخبرتهنّ بالّذي قال لها، وقالت: والله لا أكلمه فيها أبداً.

7- وفي الصّحيحين عن عائشة في حديث أمّ زرع الطّويل، أنّه صلّى الله عليه وسلّم  قال لها: (( كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ )).

8- وفي سنن التّرمذي عن عائشة: أن جبريل جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى النيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: ( إِنَّ هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ).

الوجه الثّاني: قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا )) لا يدلّ على تفضيلها على عائشة بإطلاق، وإنّما معناه كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " منهاج السنّة ":

" ... أنّ خديجة نفعته في أوّل الإسلام نفعاً لم يقم غيرها فيه مقامها، فكانت خيراً له من هذا الوجه، فكونها نفعته وقت الحاجة، لكن عائشة صحبته في آخر النبوة وكمال الدين، فحصل لها من العلم والإيمان ما لم يحصل لمن لم يدرك إلاّ أوّل زمن النبوّة، فكانت أفضل بهذه الزيادة، فإنّ الأمّة انتفعت بها أكثر ممّا انتفعت بغيرها، وبلغت من العلم ما لم يبلغه غيرها "اهـ.

وكلّ من قرأ سيرة هذه السيدة العظيمة رضوان الله عليها أدرك مبلغ العلم الذي بلغته، ولا عجب في ذلك فقد حرص المصطفى عليه الصلاة والسلام على تثقيفها وتعليمها وهي التي ترعرعت في مهبط الوحي ومنبع العلم.

وكان أكابر الصّحابة يرون علم عائشة قد بلغ ذروة الإحاطة والنضج في كل ما اتصل بالشّريعة من قرآن، وحديث، وتفسير، وفقه، وغير ذلك.

وكانوا إذا أشكل على أهل الأمصار أمر من الأمور، يكتبون إلى أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الحجاز يسألونهم عن حكم الله في ذلك، فكان عمر بن الخطاب يحيل عليها رضي الله عنها كل ما تعلق بأحكام النساء أو بأحوال النبيّ الخاصّة، لا يضارعها في هذا الاختصاص أحد من النساء على الإطلاق.

وقد سجّل العلماء لها استدراكات علميّة كثيرة على علماء الصّحابة، حتّى ألّف الإمام الزّركشيّ كتابا يجمع فيه ذلك سمّاه:" الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصّحابةِ ".

ورجع إلى قولها كبار الصّحابة كأبي بكر، وعمر، وابنه، وأبي هريرة، وابن عبّاس، وابن الزّبير، حتّى قال أهل العلم: قد نُقِلَ عنها وحدها ربع الشّريعة. [انظر: " عائشة والسياسة " لسعيد الأفغاني ص21-22)].

وإليك بعض شهادات الصحابة والتّابعين الّتي تدلّ على سعة علمها رضي الله عنها:

1-  عن أبي موسى رضي الله عنه قال: ما أشكل علينا أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم حديث قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً [رواه التّرمذي بسند صحيح].

2-   وقيل لمسروق: هل كانت عائشة تحسن الفرائض ؟ قال: والله، لقد رأيت أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم الأكابر يسألونها عن الفرائض.

3-  وكان عُروة يقول لعائشة: يا أمَّتاه، لا أعجب من فقهك، أقول: زوجة نبي الله، وابنة أبي بكر، ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام الناس، أقول: ابنة أبي بكر، وكان أعلم الناس. ولكن أعجب من علمك بالطب كيف هو ومن أين هو ؟

4-   وقال معاوية رضي الله عنه: والله ما سمعت قط أبلغ من عائشة، ليس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، [أي: إلاّ رسول الله].

5-   وعن موسى بن طلحة قال: ما رأيت أحداً أفصح من عائشة. [رواه التّرمذي وهو صحيح]

6-   وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة أفقه الناس، وأحسن الناس رأياً في العامة.

7-   وقال الزّهري: لو جُمِعَ علم عائشة إلى علم النساء، لكان علم عائشة أفضل.

ومن أراد الاستزادة فلينظر: " سير أعلام النبلاء " (2/179-189).

قال شيخ الإسلام رحمه الله في " منهاج السنّة " (4/164):

" فخديجة كان خيرها مقصوراً على نفس النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، لم تُبَلِّغ عنه شيئاً، ولم تنتفع بها الأمّة كما انتفعوا بعائشة، ولا كان الدّين قد كمل حتىّ تعلمه ويحصل لها من كمال الدّين به ما حصل لمن علمه وآمن به بعد كماله، ومعلوم أنّ من اجتمع هَمُّه على شيء واحد كان أبلغ فيه ممّن تفرَّق همُّه في أعمال متنوعة، فخديجة رضي الله تعالى عنها خير له من هذا الوجه، ولكن أنواع البر لم تنحصر في ذلك.

ألا ترى أنّ من كان من الصحابة أعظم إيماناً وأكثر جهاداً بنفسه وماله، كحمزة وعليّ وسعد بن معاذ وأسيد بن حُضير وغيرهم، هم أفضل ممّن كان يخدم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وينفعه في نفسه أكثر منهم، كأبي رافع وأنس بن مالك وغيرهما.

وفي الجملة: الكلام في تفضيل عائشة وخديجة ليس هذا موضع استقصائه، لكنّ المقصود هنا أنّ أهل السُّنة مُجمعون على تعظيم عائشة ومحبّتها، وأنّ نساءه أمّهات المؤمنين اللاّتي مات عنهنّ كانت عائشة أحبّهنّ إليه، وأعلمهنّ، وأعظمهنّ حُرمة عند المسلمين "اهـ.

الوجه الثّالث: مذهب المحقّقين من أهل العلم أنّ ( في مسائل التّفضيل ينبغي التّفصيل )، و( باختلاف الاعتبارات تزول المشكلات ).

ومن الأمثلة على ذلك: لو سألك سائل: من أوّل من أسلم ؟

فقل: أوّل من أسلم من الرّجال أبو بكر، ومن النّساء خديجة، ومن الشّباب عليّ، ومن الموالي زيد بن حارثة، ومن أهل الكتاب: ورقة بن نوفل، وبهذا تكون قد فضّلتهم جميعا باعتبارات مختلفة.

ومن الأمثلة أيضا ما ذكره ابن القيّم رحمه الله في " بدائع الفوائد " (3/683) في المفاضلة بين عائشة وفاطمة رضي الله عنهما، فقال:

" الخلاف في كون عائشة أفضل من فاطمة، أو فاطمة أفضل:

إذا حُرِّر محلّ التّفضيل صار وفاقا، فالتفضيل بدون التّفصيل لا يستقيم.

فإن أريد بالفضل: كثرة الثّواب عند الله عزّ وجلّ، فذلك أمر لا يطّلع عليه إلاّ بالنص ...

وإن أريد بالتفضيل: التفضّل بالعلم، فلا ريب أنّ عائشة أعلم وأنفع للأمّة وأدّت إلى الأمّة من العلم ما لم يؤدّ غيرها واحتاج إليها خاص الأمة وعامتها.

وإن أريد بالتفضيل: شرف الأصل، وجلالة النسب، فلا ريب أنّ فاطمة أفضل، فإنّها بضعة من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وذلك اختصاص لم يشركها فيه غير إخوتها...

وإذا ثبتت وجوه التفضيل وموارد الفضل وأسبابه صار الكلام بعلم وعدل، وأكثر النّاس إذا تكلّم في التفضيل لم يفصّل جهات الفضل ولم يوازن بينهما فيبخس الحقّ ..." اهـ.

حتّى قال رحمه الله:

" وإذا تأمل الفاضل اللّبيب هذا الجواب وجده شافيا كافيا ... فمن أجاب بغير هذا التفصيل لم يمكنه أن يدلي بحجة صحيحة ".

ونختم مقالتنا هذه بما رواه الإمام أحمد أنّ ابن عبّاس رضي الله عنه استأذن على عائشة، فلمّا أذنت له، قال:

" ما بينك وبين أن تلقي الأحبة، إلا أن يفارق الروح الجسد، كنت أحبّ أزواج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إليه، ولم يكن يحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا طيباً، وسقطت قلادتك ليلة الأبواء، فنزلت فيك آيات من القرآن، فليس مسجد من مساجد المسلمين إلا يتلى فيه عذرك آناء الليل وآناء النهار."

قالت: دعني من تزكيتك يا ابن عباس، فوالله لوددت أنّي كنت نسيا منسيّا !.

والله أعلم.


[1]- هناك حديث رفع إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذكره السيوطي في " الجامع الصغير " ونصّه: "سيد الإدام في الدنيا والآخرة اللحم ..."، قال الشّيخ الألباني رحمه الله في " ضعيف الجامع الصغير " (3/230):" ضعيف جداً ".

وروي موقوفا على أبي الدرداء رضي الله عنه، وهو ضعيف أيضا كما قال العجلوني في " كشف الخفاء " (1/461-462).

أخر تعديل في السبت 14 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 20 نوفمبر 2010 22:09

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.