أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- نشاط أهل الفتور !

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد يبدو عنوان هذه الكلمة لأكثرنا غريبا، ولِم لا، ونحن في زمن الغربة الثّانية ؟

وإن شئت فقل: ( عمل البطّالين ) الّذين لا ينهضون إلاّ للقعود، ولا يستيقظون إلاّ للرّقود، تعطّلت فيهم الحواس إلاّ اللّسان، وسلم منهم جميع النّاس إلاّ الخِلاّن.

وسنّة الله تعالى أنّ النّفس إن لم تشغلها بمحاسن الخلال شغلتك بمساوئ الفِعال، فهو عاطل إلاّ عن الباطل.

إنّهم ضحايا داء الفتور، وما أدراك ما الفتور ؟

- مظاهر التّزكية في التقرّب إلى الله بالأضحية.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّه لا تخلو عبادة من العبادات من الحكم الغالية، والمعاني السّامية، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها. إلاّ أنّ معرفتها تُسبِغُ على القلب ثوب الطّمأنينة واليقين، وتحمل العبدَ إلى تحصيل ثمراتها في كلّ حين.

وإنّ في الأُضحية من الفوائد التّربويّة ما لا يمكن إحصاءه، ولا عدّه أو استقصاءه، ولكن بحسَب العبدِ من القلادة ما أحاط بالعنق.

فمن مظاهر تزكية النّفس من التقرّب إلى الله تعالى بالأضحية:

1- حياة الرّوح والقلب.

فقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [لأنفال:24].

- فضائل وأعمال عشر ذي الحجّة

الخطبة الأولى [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّ الله تبارك وتعالى يقول في محكم تنزيله، وأحسن قيله:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62]. فلا يزال اللّيل والنّهار متعاقبين، يخلف أحدهما الآخر، لأجل صنفين من النّاس:

الصّنف الأوّل: لمن أراد أن يذّكر ويتوب، ويتّعظ ويئوب، فيبسط الله يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل..حتّى تطلُع الشّمس من مغربها.

والصّنف الثّاني: أو أراد شكورا، يريد أن يضيف إلى رصيده الأعمال الصّالحات، لتمحى عنه السّيئات، وينال بها أعلى الدّرجات.

صِنفٌ ذو همّة عالية، إن عجز عن حجّ بيت الله الحرام، فإنّه لا يرضَى إلاّ مزاحمتهم في هذا السّباق إلى ذي الجلال والإكرام .. فيحرصون على جليل الأعمال، ولا يكتفون بالأمانيّ والآمال.

حالهم حال أولئك الفقراء الّذين جاءوا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ؟! قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُتُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ )) .

وخاصّة أنّ الله قد فتح باب السّباق إليه هذه الأيّام على مِصراعيه ..

- وقـفـاتٌ مع أيّـامِ الطّاعـات

الخطبة الأولى: [بعد الخطبة والثّناء]

فقد بدأ نسيم أيّام الله تبارك وتعالى يختلج صدور المؤمنين، ونورها يضيء قلوب الموحّدين .. إنّها أيّام الفضائل والطّاعات، ما أعظمها عند ربّ الأرض والسّموات ! لذلك أهديكم هذه الكلمات، ملؤها العبر والعبرات، أسأل الله العظيم أن تكون خالصة من قلب أحبّكم في الله، لا يرجو إلاّ الاجتماع معكم على عبادة مولاه.

وخلاصة كلامنا اليوم في وقفات ثلاث:

أوّلا: أحوال النّاس هذه الأيّام .. ثانيا: بُشرى للصّادقين. ثالثا: فضل العشر الأُوَل من شهر ذي الحجّة.

-إِلَـى الَّذِيـنَ حَبَسَهُمُ العُـــذْرُ ..

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإلى الّذين حبسهم العُذر ..

إلى الّذين اشتعلت قلوبهم شوقا إلى بيت الله العزيز الغفّار، وحالت بينهم وبينه الصِّعابُ والأعذار ..

فليعلموا أنّهم غير محرومين، حالهم كحال من تعطّش للجهاد في سبيل ربّ العالمين، ولكن حبسهم العذر .. فقال الله تعالى في حقّهم:

- المختصر المفيد في بيان أحكام أضحية العيد

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

فهذه بعض أحكام الأضحية التي ينبغي لكلّ مسلم معرفتها تحقيقا للرّكن الثّاني لقبول العمل، ألا وهو متابعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في عبادة الله وحده.

1- التّعريف بالأضحية.

الأضحية: هي ما يذبح يوم عيد الأضحى من بهيمة الأنعام تقرّبا إلى الله تعالى.

- آدَابُ العِـيـدَيْـن.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ هذين اليومين من أيّام الله تبارك وتعالى، لذلك كان على المسلم أن يعلم الآداب الشّرعيّة، والأحكام العمليّة الّتي تتعلّق بهما. ومن ذلك:

1- وجوب تعظيمهما: وأنّهما يغنيان المسلمين عن كلّ عيد.

جاء في سنن النّسائي وأبي داود عن أَنَسِ بْنِ مَالِك ٍرضي الله عنه قال:

كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ قَالَ: (( كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى )).

Previous
التالي

السبت 01 ذو القعدة 1431 هـ الموافق لـ: 09 أكتوبر 2010 06:46

- تفسير سورة الفاتحة (5) الكلام عن البسملة

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

{ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) }

البسملة: هي قولك: ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )، ويسمّى هذا الأسلوب بـ: " النّحت ".

والنّحت: هو جمع أوائل كلمات في كلمة واحدة، مثل " الحوقلة " في " لاَ حول ولا قوّة إلاّ بالله "، و" الحيعلة " في " حيّ على الصّلاة "، و" الطّلبقة " في قولك: " أطال الله بقاءك "، و" دمعزة " في " أدام الله عِزّك "..الخ. وهل هو سماعيّ أو قياسيّ ؟ خلاف.

ولنا فيها مسائل: 1- معناها.    2- هل هي آية من القرآن ؟   3- ما جاء في فضلها.

- أوّلا: بيان معناها.

- ( بسم ): الباء للاستعانة والمصاحبة، وتتعلّق بحسب عمل العبد، فإن كان العمل قراءةً قدّرت: باسم الله أقرأ، وإن كان وضوءا قدّرت: بسم الله أتوضّأ، وإن كان أكلا قدّرت: بسم الله آكل .. وهكذا، فالقرينة هنا حاليّة كما قرّره الكافيجي رحمه الله في " شرح قواعد الإعراب " لابن هشام.

وكما تضمّنت البسملة الاستعانة والمصاحبة الّذين يتضمّنان التوكّل ورجاء القبول، فإنّها تضمّنت الإخلاص؛ حيث إنّ الفعل يقدّر مؤخّرا، وتأخير الفعل وتقديم الجار والمجرور يفيدان الحصر، فكأنّك تقول: بالله أستعين لا بأحد غيره.

فإن قيل: الاستعانة إنّما تكون بالله لا باسمه ؟

فالجواب: أنّ ذلك مثل قوله تعالى:{وَاذْكُرْ اِسْمَ رَبِّكَ} و{سَبِّحْ اسْمِ رَبِّكَ}، والمقصود أنّ الذّكر والتّسبيح إنّما هو لله تعالى، بدليل أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم امتثل للأمر بأن قال: (( سُبْحَانَ رَبِّي العَظِيمِ، سُبْحَانَ رَبِّي الأَعْلَى ))، ولم يقل: سبحان اسم ربّي الأعلى.

روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: ((سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي )) يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ.

وإنّما أمر الله بذكر اسمه، وتسبيح اسمه، لأمر مهمّ وهو:

أنّ الذّكر الحقيقيّ محلّه القلب لأنّه ضدّ النّسيان، فلو أطلق الله وقال: " سبّح ربّك " و" اذكر ربّك " لما فهمنا إلاّ الذّكر بالقلب دون التلفّظ باللّسان، والله تعالى أراد من العباد كلا الأمرين، فصار معنى قوله تعالى:{وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ}: اذكر ربّك بقلبك متلفّظا وناطقا باسمه، و{سَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ} أي: نزّه ربّك بقلبك متلفّظا وناطقا بالتّنزيه.

نقل هذا التّوجيه البديع العلاّمة ابن القيّم في " بدائع الفوائد " (1/24) عن شيخ الإسلام ابن تيمية وقال:" وهذه الفائدة تساوي رحلة، لكن لمن يعرف قدرها ".

فمعنى قول العبد عند مباشرة عمله: ( بسم الله ) أي: أبدأ عملي مصاحبا لاسم الله مستعينا بذكره.

- ( اسم ):  خلاف عريض في أصل اشتقاق الاسم.

فقال الكوفيّون: من ( الوسم ) وهو العلامة، قال ثعلب رحمه الله:" الاسم: سمة توضع على الشّيء يعرف بها ..".

والبصريّون على أنّه مشتق من ( السموّ ) وهو العلوّ، قال المبرّد رحمه الله:" الاسم ما دلّ على مسمّى تحته ".

ولكلّ فريق حجّته، ومن شاء التوسّع في ذلك فليرجع إلى كتاب " الإنصاف في مسائل الخلاف " للأنباريّ رحمه الله.

- ( الرّحمن الرّحيم ): اسمان مشتقّان من الرّحمة على وجه المبالغة، ولكنّ الرّحمن أبلغ من الرّحيم، وذلك من وجهين اثنين:

1-  أنّ ( فعلان ) يدلّ دائما على المبالغة، نحو غضبان وجوعان ونحو ذلك، بخلاف وزن ( فعيل ) فهو قد يأتي لغير المبالغة نحو: جميل ونظيف وعظيم فهو بمعنى فاعل ليس غير، بل إنّ ( فعيل ) قد يأتي أحيانا بمعنى المفعول، مثل: جريح وقتيل.

2- أنّ الرّحمن صفة ذات، والرّحيم صفة فعل، فالرّحمن يدلّ على أنّه سبحانه متّصف بالرّحمة الواسعة ولو قبل أن يخلق العباد، والرّحيم يدلّ على الصّفة المتعلّقة بالعباد فيوصلها لمن يشاء.

ولو تأمّلت لوجدت أنّ " الرّحيم " يرد في القرآن دائما متعلّقا بالعباد، مثل قوله:{إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: من الآية117]، وقوله:{بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: من الآية128]. ولم يجئ قط: رحمن بهم. لذلك كان هذا الاسم مختصّا به سبحانه، فلا يوصف أحدٌ بأنّه رحمن، ويجوز وصف غير الله بأنّه رحيم.

هذا ما ذكره ابن القيّم رحمه الله أيضا في " بدائع الفوائد " (1/28)، وختم كلامه بقوله:" وهذه نكتة لا تكاد تجدها في كتاب وإن تنفست عندها مرآة قلبك لم تنجل لك صورتها ".

وهو أحسن الأقوال في بيان الفرق بينهما، وأحسن من قول من قال: إنّ الرّحمن هي لجميع الخلق، والرّحيم خاصّ بالمؤمنين.

- ثانيا: هل البسملة آية ؟

الأقوال لدى أهل العلم خمسة:

1- أنّها آية مستقلّة في أوّل كلّ سورة.

2- أنّها بعض آية من كلّ سورة.

3- أنّها آية من الفاتحة دون غيرها.

4- أنّها كتبت للفصل فقط وليست من القرآن.

5- أنّها كتبت من أجل التبرّك فقط.

والصّواب الّذي تدلّ عليه النّصوص أنّها آية مستقلّة، إلاّ مع الفاتحة فهي آية منها.

فلا بدّ من إثبات أمور ثلاثة:

- الأوّل: إثبات أنّها من القرآن.

- الثّاني: إثبات أنّها من الفاتحة.

- الثّالث: بيان أنّها آية من الفاتحة فقط وليست من باقي السّور.

المبحث الأوّل: إثبات أنّها من القرآن.

أحسن ما يُستدلّ به، هو عمل الصّحابة رضي الله عنهم، فقد كتبوها بخطّ المصحف قبل كلّ سورة إلاّ سورة التّوبة، وإليك نقول طيّبة إن شاء الله عن أهل العلم في تقرير ذلك.

- قال ابن تيمية رحمه الله – كما في "مجموع الفتاوى" (22/439)-:" فإنّ كتابتها في المصحف بقلم القرآن تدلّ على أنّها من القرآن ".

- وقال النّوويّ رحمه الله في " المجموع " (3/335-336):" والمذهب أنّها قرآن في أوائل السّور غير براءة .. واحتجّ أصحابنا بأنّ الصّحابة أجمعوا على إثباتها في المصحف جميعا في أوائل السّور جميعـاً سوى براءة بخطّ المصحف، بخلاف الأعشار وتراجم السّور، فإنّ العادة كتابتُها بحمرة ونحوها.

فلو لم تكن قرآناً لما استجازوا إثباتها بخطّ المصحف من غير تمييز، لأنّ ذلك يحمل على اعتقاد أنّها قرآن، فيكونون مغرّرين بالمسلمين، حاملين لهم على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآنا، فهذا ممّا لا يجوز اعتقاده في الصّحابة رضي الله عنهم.

قال أصحابنا: هذا أقوى أدلّتنا في إثباتها، قال الحافظ أبو بكر البيهقيّ:" أحسن ما يحتجّ به أصحابنا كتابتها في المصاحف الّتي قصدوا بكتابتها نفي الخلاف عن القرآن، فكيف يتوهّم عليهم أنّهم أثبتوا مائة وثلاث عشرة آية ليست من القرآن؟ ".

- وقال الشّيخ أحمد شاكر في " هامش المحلّى " (3/252):" وما كان الصّحابة رضي الله عنهم ليزيدوا في المصاحف مائة وثلاث عشرة بسملة من غير أن تكون أنزلت في المواضع الّتي كتبت فيها، ولو شككنا في ذلك لفتحنا بابا عريضا للملاحدة المتلاعبين بالنّار، وقد كان الصّحابة أحرص على كتاب الله من أن يتطرّق إليه شكّ أو وهم، ولذلك جرّدوا المصاحف من أسماء السّور، ولم يكتبوا آمين، وامتنع عمر رضي الله عنه من كتابة شهادته هو وبعض كبار الصّحابة بالرّجم خشية أن يتوهّم أنّها زيادة على الكتاب، وصدع بذلك على المنبر ".اهـ.

- أمّا من قال إنّها كتبت للتبرّك فقط، فنعم، فإنّ التبرّك يحصل بها ولا شكّ، ولكن ليس لأجل ذلك كتبت فقط، لأنّ ذلك ضعيف من وجوه:

الأوّل: لأنّ التبرّك يحصل بأن تكتب في أوّل المصحف لا قبل كلّ سورة.

الثّاني: إنّ الاستعاذة يحصل بها التبرّك ومع ذلك لم تكتب.

الثّالث: والتبرّك ليس غرضا تكتب من أجله البسملة لأنّ في ذلك تغريرا بالمسلمين.

- وأمّا من قال إنّها لمجرّد الفصل، فيقال له: نعم، يستفيد القارئ الفصل بها، ولكن ليس ذلك فقط، وذلك من وجهين:

الأوّل: حديث أنس رضي الله عنه قال: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: (( أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ )) فَقَرَأَ:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}...)) الحديث.

والشّاهد أنّه لا يوجد سورة تلاها قبلها ليفصل بينها، فدلّ على أنّها ليست لمجرّد الفصل بين السّور، وإنّما كذلك الابتداء بها.

الثّاني: لو كتبها الصّحابة لمجرّد الفصل لكان الفصل ممكنا بتراجم السّور، فيُستغنى عن كتابتها.

المبحث الثّاني: إثبات أنّها من الفاتحة.

من نفى كونها آيةً من الفاتحة استدلّ بحديث مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي ..)) الحديث.

قالوا: لم يذكر البسملة منها.

ومن قال: إنّها من الفاتحة فقد استدلّ بحديثين:

1- ما أخرجه الدّارقطني والبيهقيّ عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم : (( إِذَا قَرَأْتُمْ {الحَمْدُ لِلَّهِ}، فَاقْرَؤُوا {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، إِنَّهَا أُمُّ القُرْآنِ، وَأُمُّ الكِتَابِ، والسَّبْعُ المَثَانِي، وَ{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} إِحْدَاهُنَّ )).

[صحّحه النّووي، والحافظ ابن حجر في " التّلخيص الحبير " (1/233)، والشّيخ الألباني في " السّلسلة الصّحيحة " برقم (1183)].

2- ما رواه الدّارقطني وقال:" إسناده صحيح " عن أمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم ؟ فَقَالَتْ: "كَانَ يَقْطَعُ قِرَاءَتَهُ آيَةً آيَةً:{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ}..". [وصحّحه الألباني في " الإرواء " (2/60)].

فمن صحّ لديه الحديثان كان لزاما عليه أن يجمع بينهما وبين ما يعارضه في الظّاهر.

المبحث الثّالث: بيان أنّها آية من الفاتحة فقط وليست من باقي السّور.

إذا ثبت أنّها من القرآن آية مستقلّة، وأنّها من الفاتحة، فما الدّليل على أنّها ليست من السّور الأخرى ؟

استدلّ ابن تيمية رحمه الله وغيره بما رواه أبو داود والتّرمذي وابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ وَهِيَ سُورَةُ:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} )).

فلم يعدّ البسملة منها، ولو كانت منها لكان عدد آياتها إحدى وثلاثين آية.

ثمّ إنّه لو كانت البسملة آية من كلّ سورة، لما كان في تخصيصها بالفاتحة معنى، لكنّه صلّى الله عليه وسلّم قال: (( إِذَا قَرَأْتُمْ {الحَمْدُ للهِفَاقْرَؤُوا {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}... )) الحديث.

فإذا ثبت كونها من الفاتحة، فـ: - هل يجهر بالبسملة في الصلاة؟

لا شكّ أنّ من لم يعتبرها آية من القرآن لا يقل بمشروعيّة قراءتها في الصّلاة فضلا عن الجهر بها، وهو مذهب الإمام مالك.

ومن قال إنّها آية من كلّ سورة قرأها وجهر بها، وهو قول الشّافعيّ.

وكان مقتضى مذهب من قال بأنّها آية من الفاتحة أن يجهر بها، لولا الآثار في منع الجهر بها، وإلاّ كان القول بالجهر بها قويّا.

فمذهب الخلفاء الرّاشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ رضي الله عنهم هو قراءتها دون الجهر بها، وهو قول أبي حنيفة، وأحمد، وإسحاق بن راهويه ،والثّوري، وإبراهيم النّخعيّ، وابن المبارك.

ويتأيّد قولهم ذلك بما ثبت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومن النّصوص في ذلك:

- ما رواه البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بِـ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.

- وما رواه مسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أيضا قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.

و في رواية قال رضي الله عنه:" صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهم فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بِـ:{الْحَمْد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، لَا يَذْكُرُونَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فِي أَوَّلِ قِرَاءَةٍ وَلَا فِي آخِرِهَا ".

قال الصّنعاني رحمه الله في " سبل السّلام " (1/171): " زيادة في المبالغة في النّفي، وإلاّ فإنّه ليس في آخرها بسملة، ويحتمل أن يريد آخرها: السّورة الثّانية الّتي تُقرأ بعد الفاتحة ".

قال العقيليّ رحمه الله: " ولا يصحّ في الجهر بالبسملة حديث "، وقال شيخ الإسلام في " المجموع " (22/415): " وقد اتّفق أهل المعرفة بالحديث على أنّه ليس في الجهر بها حديث صريح ".

- ثالثا: ما جاء في فضل البسملة ؟

فإنّ النّاظر في كتب الأذكار المجموعة من الأحاديث الصّحيحة ليُدرك تمام الإدراك فضل البسملة والتّسمية، فقد ثبت الأمر بها عند النّوم، والأكل، والدّخول إلى المسجد والخروج منه، وعند المعاشرة، وعند الوضوء، وعند الوجع[1]، وعند الفزع[2]، وعند الذّبح، وعند الصّيد، وعند الرّقية، وعند تلاوة القرآن، وغير ذلك من الأمور الجليلة والدّقيقة، فينبغي للمسلم أن لا يغفل عنها طرفة عين.



[1] ومن أعجب الأحاديث في ذلك ما رواه النّسائي والطّبراني (8/304)، والحاكم (4/570) بإسناد حسن كما قال الشّيخ الألباني رحمه الله حين ضربت يد طلحة رضي الله عنه، فَقُطِعَتْ أَصَابِعُهُ، فَقَالَ: حَسِّ ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَوْ قُلْتَ بِسْمِ اللَّهِ لَرَفَعَتْكَ الْمَلَائِكَةُ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ )).

[2] جاء في مسند الإمام أحمد وأبو داود عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فَعَثَرَتْ دَابَّةٌ، فَقُلْتُ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ ! فَقَالَ: (( لَا تَقُلْ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ ! فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَعَاظَمَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْبَيْتِ، وَيَقُولُ: بِقُوَّتِي ! وَلَكِنْ قُلْ: بِسْمِ اللَّهِ ! فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَصَاغَرَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الذُّبَابِ )).

أخر تعديل في السبت 14 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 20 نوفمبر 2010 10:08

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.