أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- نشاط أهل الفتور !

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد يبدو عنوان هذه الكلمة لأكثرنا غريبا، ولِم لا، ونحن في زمن الغربة الثّانية ؟

وإن شئت فقل: ( عمل البطّالين ) الّذين لا ينهضون إلاّ للقعود، ولا يستيقظون إلاّ للرّقود، تعطّلت فيهم الحواس إلاّ اللّسان، وسلم منهم جميع النّاس إلاّ الخِلاّن.

وسنّة الله تعالى أنّ النّفس إن لم تشغلها بمحاسن الخلال شغلتك بمساوئ الفِعال، فهو عاطل إلاّ عن الباطل.

إنّهم ضحايا داء الفتور، وما أدراك ما الفتور ؟

- مظاهر التّزكية في التقرّب إلى الله بالأضحية.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّه لا تخلو عبادة من العبادات من الحكم الغالية، والمعاني السّامية، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها. إلاّ أنّ معرفتها تُسبِغُ على القلب ثوب الطّمأنينة واليقين، وتحمل العبدَ إلى تحصيل ثمراتها في كلّ حين.

وإنّ في الأُضحية من الفوائد التّربويّة ما لا يمكن إحصاءه، ولا عدّه أو استقصاءه، ولكن بحسَب العبدِ من القلادة ما أحاط بالعنق.

فمن مظاهر تزكية النّفس من التقرّب إلى الله تعالى بالأضحية:

1- حياة الرّوح والقلب.

فقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [لأنفال:24].

- فضائل وأعمال عشر ذي الحجّة

الخطبة الأولى [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّ الله تبارك وتعالى يقول في محكم تنزيله، وأحسن قيله:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62]. فلا يزال اللّيل والنّهار متعاقبين، يخلف أحدهما الآخر، لأجل صنفين من النّاس:

الصّنف الأوّل: لمن أراد أن يذّكر ويتوب، ويتّعظ ويئوب، فيبسط الله يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل..حتّى تطلُع الشّمس من مغربها.

والصّنف الثّاني: أو أراد شكورا، يريد أن يضيف إلى رصيده الأعمال الصّالحات، لتمحى عنه السّيئات، وينال بها أعلى الدّرجات.

صِنفٌ ذو همّة عالية، إن عجز عن حجّ بيت الله الحرام، فإنّه لا يرضَى إلاّ مزاحمتهم في هذا السّباق إلى ذي الجلال والإكرام .. فيحرصون على جليل الأعمال، ولا يكتفون بالأمانيّ والآمال.

حالهم حال أولئك الفقراء الّذين جاءوا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ؟! قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُتُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ )) .

وخاصّة أنّ الله قد فتح باب السّباق إليه هذه الأيّام على مِصراعيه ..

- وقـفـاتٌ مع أيّـامِ الطّاعـات

الخطبة الأولى: [بعد الخطبة والثّناء]

فقد بدأ نسيم أيّام الله تبارك وتعالى يختلج صدور المؤمنين، ونورها يضيء قلوب الموحّدين .. إنّها أيّام الفضائل والطّاعات، ما أعظمها عند ربّ الأرض والسّموات ! لذلك أهديكم هذه الكلمات، ملؤها العبر والعبرات، أسأل الله العظيم أن تكون خالصة من قلب أحبّكم في الله، لا يرجو إلاّ الاجتماع معكم على عبادة مولاه.

وخلاصة كلامنا اليوم في وقفات ثلاث:

أوّلا: أحوال النّاس هذه الأيّام .. ثانيا: بُشرى للصّادقين. ثالثا: فضل العشر الأُوَل من شهر ذي الحجّة.

-إِلَـى الَّذِيـنَ حَبَسَهُمُ العُـــذْرُ ..

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإلى الّذين حبسهم العُذر ..

إلى الّذين اشتعلت قلوبهم شوقا إلى بيت الله العزيز الغفّار، وحالت بينهم وبينه الصِّعابُ والأعذار ..

فليعلموا أنّهم غير محرومين، حالهم كحال من تعطّش للجهاد في سبيل ربّ العالمين، ولكن حبسهم العذر .. فقال الله تعالى في حقّهم:

- المختصر المفيد في بيان أحكام أضحية العيد

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

فهذه بعض أحكام الأضحية التي ينبغي لكلّ مسلم معرفتها تحقيقا للرّكن الثّاني لقبول العمل، ألا وهو متابعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في عبادة الله وحده.

1- التّعريف بالأضحية.

الأضحية: هي ما يذبح يوم عيد الأضحى من بهيمة الأنعام تقرّبا إلى الله تعالى.

- آدَابُ العِـيـدَيْـن.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ هذين اليومين من أيّام الله تبارك وتعالى، لذلك كان على المسلم أن يعلم الآداب الشّرعيّة، والأحكام العمليّة الّتي تتعلّق بهما. ومن ذلك:

1- وجوب تعظيمهما: وأنّهما يغنيان المسلمين عن كلّ عيد.

جاء في سنن النّسائي وأبي داود عن أَنَسِ بْنِ مَالِك ٍرضي الله عنه قال:

كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ قَالَ: (( كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى )).

Previous
التالي

الثلاثاء 22 شعبان 1431 هـ الموافق لـ: 03 أوت 2010 12:12

خطر الجهر بالمعاصي

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أمّا بعد:

فإنّ موضوع خطبتنا اليوم - معاشر الإخوة الكرام - حول مسألة من المسائل العظام، مسألة مهمّة في حِفظ مجتمع المسلمين، وصيانةِ دين المؤمنين، ألا وإنّ كلمتنا اليوم حول خطر المجاهرة بالمعاصي.

وننطلق في حديثنا عن ذلك من مسجد رسول الله عليه الصّلاة السّلام، وهو يحدّث صحابته الكرام، حديث حفظوه فوعوه، وعهد أخذوه فرعوه، ذلك فيما رواه الإمام البخاريّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم يَقُولُ: (( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى، إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ )).

فتعالوا بنا معاشر المؤمنين لنعيش معنى هذا الحديث، ونرى من هذا الّذي لم تسعه عافية الله وعفوه ؟ ولماذا استحقّ كلّ هذا الغضب والسّخط ممّن وسعت عافيته السّموات والأرض ؟

قال صلى الله عليه و سلم: (( كُلُّ أُمَّتِي مُعُافَى ))، قال العلماء: ( مُعَافَى ) مِن العافية، وما أدراك ما عافية الله تعالى ؟!.. العافية هي حماية الله للعبد في دينه ودنياه.

يحميك في دينك فلا يسلُبك حلاوة الإيمان، ولا يغلق بوجهك أبواب الإحسان، وييسّر لك السّبيل إلى الجنان .. يحميك في دينك فيوفّقك إلى سبل الهداية، ويُجنّبك سبل الضّلال والغواية، يكشف عنك الكربة، ويكفّر عنك السيّئة والحوبة، ويسهّل عليك الطّريق إلى التّوبة ..

ويحميك في دنياك بألاّ يسلّط عليك أسباب الذلّ والحرمان، ولا يدعك في حاجة إلى بني الإنسان، يعصمك من الالآفات والعيوب والرّزايا، ويبعِد عنك الكثير والكثير من المصائب والبلايا، عافية في الدّين، وعافية في العرض، وعافية في الجسد، وعافية في الأهل والولد، وعافية في العقل والمال، وعافية في كلّ أمر وحال ..

تلك العافية هي الّتي كان يكثر النبيّ صلى الله عليه و سلم من سؤال الله إيّاها، فقد روى أبو داود عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم يَدَعُ هَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ : « اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ، وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي، وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي » .

وروى التّرمذي عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه أنّه قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ بَكَى، فَقَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْأَوَّلِ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ بَكَى، فَقَالَ: « اسْأَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ، فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنْ الْعَافِيَةِ » .

قال العلماء: قوله صلى الله عليه و سلم: « كُلُّ أُمَّتِي مُعَافَى » أي: إنّ الله سبحانه وتعالى يغفر ذنبَ المذنبين ويكفّر سيّئات المسيئين ويقبل توبَة التّائبين ما داموا يعصون ويستغفرون، وما داموا يذنبون وإلى الله يجأرون ويتضرّعون، « إِلاَّ المُجَاهِرِينَ » ، فهؤلاء لا يعافَون، المجاهرون بالمعاصي لا يعافَون، الأمّة كلّها يعفو العفوُّ عن ذنوبها، لكنّ الفاسقَ المعلِن لا يعافيه الله عز وجلّ حتّى يُقلِع عن جهره بالمعصية وإعلانه بالفسوق.

وقال بعض العلماء: إنّ المقصودَ بالحديث: كلُّ أمّتي يُترَكون في الغِيبة، فلا يُغتابون لأنّ الله حمى عِرض المسلم فلا يجوز فضحه ما دام يستر عن نفسه، إلاّ المجاهرين فلا يُسترون، لأنّه ما ستر هو نفسه وكشف ستر الله تعالى عليه، قال الإمام النووي رحمه الله: "من جاهر بفسقِه أو بدعته جاز ذكرُه بما جاهر به ".

لماذا أيّها الإخوة ؟ لماذا كلُّ الأمة معافى إلاّ أهل الجهار بالمعاصي ؟

فاعلموا أنّ في الجهر من المعصية مفاسدَ كثيرة، منها:

- أوّلاً: أنّ في الجهر بالمعصية استخفافًا بمن عُصي، وهو الله عزّ وجلّ، فهو يعصِي الله علانيّة، لم يخش خالقه، ولم يعظّم المنعم عليه ورازقه، وقد قال تعالى: {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحجّ74]، وقال حكاية عن نوح عليه السلام:{ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13)} [نوح]، قال ابن عبّاس: ما لكم لا تعظّمون الله حقّ تعظيمه.

- ثانيا: أنّه قد عَرِي من الحياء، والحياء من الإيمان، لكنّ المجاهر بالمعصية لم يخش خالقا ولم يستحِ من مخلوق، لم يراقب ربّ العالمين واستخفّ بصالحي المؤمنين، وفي الحديث الّذي رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ البدريِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم: « إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ ».

- ثالثا: أنّه بجهره بالمعصية ينشرها بين النّاس ويُذهِب هيبتها، ويقلّل في أعين النّاس خطرها، ثمّ يقلّده غيره فيها، ومع الأيّام تصير الكبيرة صغيرة، والمعصية مباحة، والمعروف منكرا، والمنكر معروفا، لذلك حرّم الله تعالى الإخبار عن المعصية وجعلها من إذاعة وإشاعة الفاحشة بين المؤمنين، والأمثلة على ذلك كثيرة، منها:

* أنّه حرّم الحديث عن المعصية إذا وقع فيها العبد، لذلك قال في تتمّة الحديث: « وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ».

هذا عمِل في سِترٍ، ثمّ جلس مع جلسائه مجلسا فكشف ستر الله عليه، فاعتبره النبيّ صلى الله عليه و سلم مجاهرا، فكيف بمن باشر المعصية جهارا ؟ كيف بمن يسير وهو كاشف عن عورته ؟ كيف بمن خرجت من بيتها وهي تبدِي شيئا ممّا فرض الله عليها سِتره ؟ كيف بمن أصبح يسمع الغناء ويُسمِع معه غيره في البيوت والأعراس والولائم والسيّارات ؟ كيف بمن صار يسير في الشّارع وهو يدخّن أمام الملأ ؟ كيف بمن أصبح يحرق ماله أمام خلق الله جميعهم ؟ وقِس على ذلك كثيرا من أعمال النّاس اليوم الّتي تخالف شريعة الله تعالى.

* وروى الحاكم في " المستدك " عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه و سلم قَالَ: « اِجْتَنِبُوا هَذِهِ القَاذُورَاتِ الَّتِي نَهَى اللهُ عَنْهَا، فَمَنْ أَلَمَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللهِ، وَلْيَتُبْ إِلَى اللهِ ».

* وحرّم تعالى مجرّد الكلام فقط عن الفاحشة إلاّ إذا بلغ الشّهود النّصاب، قال تعالى:{ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)} [النّور].

* وفي الصّحيحين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي عَالَجْتُ امْرَأَةً فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَإِنِّي أَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا، فَأَنَا هَذَا فَاقْضِ فِيَّ مَا شِئْتَ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه: لَقَدْ سَتَرَكَ اللَّهُ لَوْ سَتَرْتَ نَفْسَكَ. فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم شَيْئًا، فَقَامَ الرَّجُلُ فَانْطَلَقَ فَأَتْبَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم رَجُلًا دَعَاهُ وَتَلَا عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ:{ أَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَذَا لَهُ خَاصَّةً ؟ قَالَ: « بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً ».

* وكثيرا ما كان يأتي المذنب يخبر النبيّ صلى الله عليه و سلم بفعله فيُعرض عنه.

* بل إنّ هناك ما أباح الله فعله، ونهى عن التحدّث به، كمعاشرة الزّوجين، فقد روى مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم: « إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا » .

وروى الإمام أحمد عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ قُعُودٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ: « لَعَلَّ رَجُلًا يَقُولُ مَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ، وَلَعَلَّ امْرَأَةً تُخْبِرُ بِمَا فَعَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا ؟» فَأَرَمَّ الْقَوْمُ، فَقُلْتُ: إِي وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنَّهُنَّ لَيَقُلْنَ، وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ، قَالَ: « فَلَا تَفْعَلُوا، فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِثْلُ الشَّيْطَانِ لَقِيَ شَيْطَانَةً فِي طَرِيقٍ فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ » .

هذا في الأمر الّذي أباحه الله، فكيف بمن يحدّث بما حرّم الله عليه. فلا جرم أن قال صلى الله عليه و سلم: « كلُّ أُمَّتِي مُعَافَى إِلاَّ المُجَاهِرِينَ ».

الخطبة الثّانية:

الحمد لله على إحسانه، وعلى جزيل نعمه وعظيم امتنانه، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، تعظيما لشانه، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله الدّاعي إلى سبيله ورضوانه، اللّهمّ صلّ عليه وسلّم وبارك وزد وعلى أصحابه وآله، وعلى كلّ من اتّبع سبيله وسار على منواله، أمّا بعد:

عباد الله، فإنّ المسلم التقيّ النّقيّ قد تكون منه الهفوة، ولكلّ جواد كبوة، ولكلّ سيف نبوة، فأولئك معافَون لا تتّبع عوراتهم، ولا تُخدش كرامتهم.

وقد تبيّن أنّه ينبغي للإنسان المُبتَلَى بالمعصية أن يتوبَ ويستتر، إلاّ إذا استفتى الإنسان عن حكم ما فعله، فإنّه يذكر ذلك ويحاول ألاّ يصرّح بالفاعل ولو كان هو نفسَه، إلاّ إذا دعت الضّرورة لذلك.

ولكنّ هؤلاء يجاهرون .. قال الإمام مالك رحمه الله: " من هذا الّذي ليس فيه شيء ؟! ليس المصرّ والمجاهر كغيره "، لذلك كانت فيهم أحكام كثيرة، منها:

1- كراهية الصّلاة خلفَ الفاسِق المعلن بفسقه، وسئل ابن أبي زيد رحمه الله عمّن يعمل المعاصي: هل يكون إمامًا ؟ فأجاب: "أما المصرُّ المجاهِر فلا ".

2- كراهية عيادته إذا مرض، مع أنّ عيادة المريض المسلم أجرها عظيم، ومن حقّ المسلم على المسلم، لكنّ العلماء قالوا: لا يعاد المجاهر بالمعصية إذا مرض لأجل أن يرتدع ويتوب ويرتدعَ غيره ممن يمكن أن يقع في المعصية، وإذا عاده من يدعوه إلى الله وينصحه فهو حسن لأجل دعوته، أمّا إذا خلا عن هذه المصلحة، فلا.

3- وماذا عن الصّلاة عليه ؟ لقد ذكر أهل العلم رحمهم الله في مسألة المجاهر بالمعصية إذا مات، فإنه لا يصلّي عليه الإمام ولا أهل الفضل زجرًا له ولأمثاله، وردعًا لمن يقع في هذا، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " ينبغي لأهل الخير أن يهجروا المُظهر للمنكر ميتًا إذا كان فيه كفّ لأمثاله، فيتركون تشييع جنازته "، ويصلي عليه عامّة الناس، ما دَام مسلمًا لم يخرج من الإسلام.

4- وماذا عن السَّتر عليه ؟ وما حكم غيبته ؟ يندب السّتر على المسلم عمومًا، لأنّ النبيّ صلى الله عليه و سلم قال:« مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ» فإذا علمتَ عن مسلم ذنبا فاستره، وخصوصًا إذا كان ممّن ينسَب لأهل الدّين، والطّعن فيه طعن في الإسلام، والعيب عليه عيب في أهل الإسلام.

لكن المجاهر بالمعصية له شأن آخر، قال العلماء: وأمّا المجاهر والمتهتّك فيستحبّ أن لا يستَر عليه، بل يُظهَر حاله للناس حتى يجتنبوه، وينبغي رفع أمره للقاضي حتّى يقيم عليه ما يستحقّه؛ لأنّ سترَ مثل هذا الرجل أو المرأة يُطمعه في مزيد من الأذى والمعصية، وإذا كانت غيبة المسلمين حرامًا فإن هذا الرجلَ قد أباح للناس أن يتكلّموا في شأنه بمجاهرته، فأجاز العلماء غيبةَ المجاهر بفسقه أو ببدعته، كالمجاهر بشرب الخمر وغيره، وكما قال الإمام أحمد رحمه الله: " إذا كان الرجل معلِنًا بفسقه فليس له غيبة ".

القدح ليـــس بغيبةٍ فـي ستّـة     متظلّـم ومعرّف ومــــــــــحذّر

ومجاهر فسقا ومستفـتٍ ومن     طلب الإعـانة في إزالة منكر

لكنّ العلماء كالنّوويّ رحمه الله أشار إلى أنّ غيبتَه إنّما هو فيما جاهر فيه فقط، ولا يُفضح فيما ستر فيه نفسه.

5- وماذا عن وليمته ودعوته إلى العرس والنّكاح ؟ إنَّ إجابة الوليمة واجبة بنصّ حديث النبيّ صلى الله عليه و سلم: « وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدَ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ »، هذا في العموم، أمّا المجاهر فلا تجاب دعوته للعرس والنكاح، ولا تلبَّى ولا تُؤتى وليمته ما دام مجاهرًا.

وغير ذلك من الأحكام الّتي يذكرها العلماء الأعلام.

عباد الله .. إنّ الله حيِيٌّ ستِّير، يحب الحياء والستر، فيجب على من ابتُلي بالمعصية أن يستتر، ومن هتك ستر الله عليه هتك الله عنه حجاب العافية، لأنّ كلّ الأمّة معافاة إلاّ المجاهرين.

فاللّهمّ إنّا نسألك أن تتوبَ علينا، وأن ترحمنا، وأن تغفر لنا، وأن تسترنا بسترك الجميل، وأن تصفح عنّا الصّفح الجزيل، إنّك وليّ ذلك والقادر عليه.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

أخر تعديل في الخميس 08 ذو القعدة 1432 هـ الموافق لـ: 06 أكتوبر 2011 05:46

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.