أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الخميس 20 ذو القعدة 1431 هـ الموافق لـ: 28 أكتوبر 2010 06:58

- تفسير سورة الفاتحة (11){صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ...} الآية

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

ففي هذه الآية فوائد عدّة، منها:

الفائدة الأولى: من هم الّذين أنعم الله عليهم ؟

من القرآن ما يفسّر بعضه بعضا، ويشير بعضه إلى بعض، وهاتان الآيتان من ذلك القبيل.

فالّذين أنعَم الله عليهم هم المذكورون في سورة النّساء حيث قال تعالى:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} [النّساء:69]، وهم: من عرف الحقّ وعمل به، لأنّ النّعمة المطلقة هي معرفة ما جاء به الرّسل، ثمّ العمل بذلك.

وجاء مثل هذا في دعاء القنوت من الْوِتْرِ: (( اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ )) [رواه الخمسة].

الفائدة الثّانية: لماذا ذكر الله تعالى صراط المنعَم عليهم ؟

في ذلك حِكَمٌ ثلاث:

* الحكمة الأولى: أنّ سنّة الله تعالى قد مضت أنّ سالكي طريق الحقّ قلّة قليلون، وأكثر النّاس عنه ناكبون، كما قال تعالى ذامّا الكثرة: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف:103]، وقال:{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الأنعام:116].

وقال مادحا القلّة:{وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُور} [سـبأ: من الآية13]، وقال:{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُم} [صّ: من الآية24].

فعندئذ يستوحش السّالكون لطريق الحقّ، فذكّرهم الله تعالى بأنّ على الطّريق رفقاء، بل هم أعظم وأفضل وخير الرّفقاء: وهم النبيّون والصدّيقون والشّهداء والصّالحون.

وبذلك تزول وحشتهم، ويأنسون بهم في غربتهم، فلا عبرة بخلاف من خالف، ولا حلف من حالف.

ومن نفائس ما أُثِر عن الفضيل بن عياض رحمه الله قوله:" عليك بطريق الحقّ ولا تستوحش قلّة السّالكين، وإيّاك وطريق الباطل ولا تغترّ بكثرة الهالكين ".

وما أحسن ما قاله ابن القيّم رحمه الله في " المدارج ":

" وكلّما استوحشت في تفرّدك فانظر إلى الرّفيق السّابق، واحرص على اللّحاق بهم، وغُضَّ الطّرف عمّن سواهم، فإنّهم لن يُغنوا عنك من الله شيئا.

وإذا صاحوا بك في طريق سيرِك فلا تلتفت إليهم، فإنّك متى التفتّ إليهم أخذوك وعاقوك، وقد ضربت لذلك مثلين، فليكونا منك على بال:

المثل الأوّل:

رجل خرج من بيته إلى الصّلاة لا يريد غيرها، فعرض له في طريقه شيطان من شياطين الإنس، فألقى عليه كلاما يؤذيه، فوقف وردّ عليه، وتماسكا، فربّما كان شيطان الإنس أقوى منه فقهره، ومنعه عن الوصول إلى المسجد حتّى فاتته الصّلاة، وربّما كان الرّجل أقوى من شيطان الإنس، ولكن اشتغل بمهاوشته عن الصفّ الأوّل وكمال إدراك الجماعة.

فإن التفت إليه أطمعه في نفسه، وربّما فترت عزيمته، فإن كان له معرفة وعلم زاد في السّعي والجمَز بقدر التفاته أو أكثر، فإن أعرض عنه واشتغل بما هو بصدده وخاف فوت الصّلاة أو الوقت، لم يبلغ عدوّه منه ما شاء.

المثل الثّاني: الظّبي أشدّ سعيا من الكلب، ولكنّه إذا أحسّ به التفت إليه فيضعف سعيه، فيدركه الكلب فيأخذه.

والقصد أنّ في ذكر هذا الرّفيق ما يزيل وحشة التفرّد، ويحثّ على السّير والتّشمير للّحاق بهم " اهـ.

* الحكمة الثّانية: أنّ في قولك:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7)} توسّلا إلى الله بصفة من صفاته، وهي إنعامه وإحسانه إلى من أنعم عليهم بالهداية، وكأنّك قلت: يا منعم أنعم عليّ كما أنعمت على النبيّين والصدّيقين والشّهداء والصّالحين.

* الحكمة الثّالثة: أنّ هذا الدّعاء تضمّن أعظم ما يمكن أن يطلبه المرء هو أن يجمعه بأحبّ الخلق إلينا وهو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

روى الطّبراني عن ابن عبّاس[1]:

" أنّ رجلا أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله ! إني لأحبّك، حتّى إنيّ لأذكرك فلولا أنيّ أجئ فأنظر إليك ظننت أن نفسي تخرج، [وفي رواية: أكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتّى آتيك فأنظر إليك] فأذكر أنّي إن دخلت الجنّة صِرْتُ دونك في المنزلة فشقّ ذلك عليّ وأحبّ أن أكون معك في الدّرجة.

فلم يردّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئا، فأنزل الله عزّ وجلّ:{وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ..} الآية، فدعاه رسول اللهصلّى الله عليه وسلّم فتلاها عليه ".

لذلك كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كثيرا ما يشير إلى هذه الآية، فقد أشار إليها في حياته، وعلى فراش الموت:

أمّا الإشارة إليها في حياته ففيما رواه البخاري عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم صَعِدَ أُحُدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ y، فَرَجَفَ بِهِمْ، فَقَالَ: (( اثْبُتْ أُحُدُ ! فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ )).

أمّا الإشارة إليها في مرض موته، فقد روى البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ نَبِيٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ يَقُولُ:{مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} فَظَنَنْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ.

الفائدة الثّالثة: المقصود بالمغضوب عليهم والضّالّين.

كلّ من كفر بالله فهو مغضوب عليه وضلّ عن سواء السّبيل، قال تعالى في بيان ضلال كلّ كافر:{وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً} [النّساء: من الآية116]، وقال:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً} [النساء:167].

وقال في بيان غضبه على كلّ كافر:{مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: من الآية106].

ولكنّ جمهور المفسّرين قالوا: إنّ المقصود بالمغضوب عليهم في الآية هم اليهود، والضّالّون هم النّصارى، وذلك لوجوه كثيرة:

1- أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فسّر الآية بذلك، فقد روى الإمام أحمد والتّرمذي والطّبريّ وغيرهم عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمْ الْيَهُودُ وَ الضَّالِّينَ النَّصَارَي ))[2].

2- ما رواه البخاري عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ يَسْأَلُ عَنْ الدِّينِ وَيَتْبَعُهُ.

فَلَقِيَ عَالِمًا مِنْ الْيَهُودِ، فَسَأَلَهُ عَنْ دِينِهِمْ فَقَالَ: إِنِّي لَعَلِّي أَنْ أَدِينَ دِينَكُمْ فَأَخْبِرْنِي ؟

فَقَالَ: لَا تَكُونُ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ !

قَالَ زَيْدٌ: مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ شَيْئًا أَبَدًا وَأَنَّى أَسْتَطِيعُهُ، فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ ؟

قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا.

قَالَ زَيْدٌ: وَمَا الْحَنِيفُ ؟

قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ عليه السّلام، لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا، وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا اللَّهَ.

فَخَرَجَ زَيْدٌ، فَلَقِيَ عَالِمًا مِنْ النَّصَارَى، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَقَالَ: لَنْ تَكُونَ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ !

قَالَ: مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ وَلَا مِنْ غَضَبِهِ شَيْئًا أَبَدًا وَأَنَّى أَسْتَطِيعُ ! فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ ؟

قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا.

قَالَ: وَمَا الْحَنِيفُ ؟

قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ عليه السّلام، لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا اللَّهَ.

فَلَمَّا رَأَى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ عليه السّلام خَرَجَ، فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ:" اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنِّي عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ عليه السّلام".

3- وصفهم في القرآن، فكثر ما جاء في وصف اليهود هو نزول غضب الله عليهم، وأكثر ما جاء في وصف النّصارى هو أن حلّ عليهم الضّلال:

قال تعالى في شأن اليهود:{فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [البقرة: من الآية89]، حتّى قال: {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ} [البقرة: من الآية90]، وقال:{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ..} حتّى قال:{وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} [البقرة:61]، وقال:{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} [المائدة: من الآية60]، وقال:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} [الأعراف:152].

وقال عن النّصارى بعد ما ذكر كفرهم:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة:77].

الفائدة الرّابعة: لماذا خُصّ كلّ من الطّائفتين بهذا الوصف.

فإنّ اليهود والنّصارى وكلَّ مشرك وكافر وإن كانوا ضالِّين مغضوبا عليهم جميعا، إلاّ:

أنّ اليهود خُصُّوا بالغضب لأنّهم عرفوا الحقّ فلم يعملوا به وكتموه.

والنّصارى خصُّوا بالضّلال لأنّهم جهلة لا يبصرون الحقّ، فكان الضّلال ملازما لهم.

- ولو تأمّل المتأمّل لوجد أنّ بني إسرائيل الّذين اشتهروا بقتل الأنبياء هم اليهود، والنّصارى طورِد نبيّهم حتّى إنّهم ليظنّون أنّه قتل.

- بل لو تأمّل المتأمّل لرأى أنّ اليهود هم أهمّ عامل لطمس معالم دعوة عيسى عليه السّلام إذ ظاهروا عليه الوثنيّين من عبّاد الكواكب الرّوم.

- ولو تأمّل المتأمّل لرأى أنّ أتباع موسى عليه السّلام تمرّدوا عليه في حياته، وخرجوا عن التّوحيد في حياته، بخلاف النّصارى فقد دخلهم التّحريف والكفر بعد رفع عيسى عليه السّلام إلى السّماء.

- ولو تأمّل المتأمّل لرأى أنّ الدّيانة النّصرانيّة اشتهرت لدى العرب لكن ليس كاشتهار اليهوديّة، ويظهر لك جليّا في قول ورقة بن نوفل: (( هذا النّاموس الّذي أنزل على موسى عليه السّلام)) مع أنّه كان قد تنصّر.

- ثمّ إنّ القرآن يشير إلى أنّ الممتثل للدّيانة النّصرانيّة أقرب إلى أن يُسلم ممّن هو معتنق لليهوديّة، قال تعالى:{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة:82].

ولذلك قال العلماء في تفسير قول الله لعيسى عليه السّلام:{وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: من الآية55] قالوا: المسلمون فوق النّصارى إلى يوم القيامة، والنّصارى فوق اليهود إلى يوم القيامة.

وقال كثير من السّلف: كلّ من علم ولم يعمل كان فيه شبهٌ باليهود، وكلّ من عمل بلا علم كان فيه شبه من النّصارى.

والصّراط المستقيم السويّ الحقّ هو الوسط: أن يتّصف المسلم بالعلم والعمل بالعلم.

ونظير ذلك ما رواه التّرمذي وأبو داود وابن ماجه عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الحَصِيبِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: قَاضِيَانِ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ، رَجُلٌ قَضَى بِغَيْرِ الْحَقِّ فَعَلِمَ ذَاكَ، فَذَاكَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ لَا يَعْلَمُ فَأَهْلَكَ حُقُوقَ النَّاسِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ قَضَى بِالْحَقِّ فَذَلِكَ فِي الْجَنَّةِ )).

الفائدة الخامسة: الشرّ لا يُضاف إلى الله.

خالق الخير والشرّ هو الله تعالى، ولكنّ الشرّ لا يُنسب إلى الله، لأنّ الشرّ المحض لا تتّصف به أفعاله، وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول مناجيا ربّه: (( وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ )).

لذلك تلحظ كيف ذُكر الفاعل في الخير وحُذف الفاعل في الشرّ، في الآية:{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}.

فذكر فاعل الإنعام، وحذف فاعل الغضب، ونسب الضّلال إلى النّصارى.

وهذه طريقة القرآن في إسناد الخير والنّعم إلى الله، ونسبة الشرّ إلى غيره.

كقول مؤمني الجنّ:{وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً} [الجـن:10].

وكقول إبراهيم عليه السّلام:{الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80)} [الشّعراء].

وكقول الخضر عليه السّلام فيما ظاهره الشرّ:{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف: من الآية79]، وقوله عن النّعمة الظّاهرة:{وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [الكهف: من الآية82].

وكقوله تعالى مخبرا عن أهل الضّلال:{وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} [الأنفال: من الآية48]، {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} [البقرة: من الآية212]، {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ} [آل عمران: من الآية14].

وقوله عن النّعم:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ} [الأعراف: من الآية32]، وقوله:{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا} [الكهف: من الآية7]، وغير ذلك ممّا لا يُحصى.

الفائدة السّادسة: فاتحة الكتاب شفاء.

فإذا تأمّل المسلم ووقف طويلا أمام معاني هذه السّورة، لأدرك أنّ أحقّ وصف لسورة الفاتحة هو ما جاء من قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأبي سعِيدٍ رضي الله عنه: (( وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ؟)) أي: شفاء.

وقد روى الدّارمي بإسناد ضعيف عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه مرفوعا: (( فَاتِحَةُ الكِتَابِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ سُقْمٍ ))، ولكنّ معناه صحيح.

فقد قال ابن القيّم رحمه الله في " مدارج السّالكين ":

" فإذا عوفيَ [أي: العبد] من مرض الرّياء بـ:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ومن مرض الكبرياء والعجب بـ: {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، ومن مرض الضّلال والجهل بـ:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ} عوفي من أمراضه وأسقامه، ورفل في أثواب العافية، وتمّت عليه النّعمة، وكان من المنعم عليهم:{غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} وهم أهل فساد القصد، الّذين عرفوا الحقّ وعدلوا عنه، والضّالّين وهم أهل فساد العلم، الّذين جهلوا الحقّ ولم يعرفوه، وحقّ لسورة تشتمل على هذين الشّفائين أن يستشفى بها من كلّ مرض "اهـ.

فلله الحمد والمنّة، لا نُحصي ثناء عليه كما أثنى هو على نفسه.


[1] رواه في "المعجم الكبير" عن ابن عبّاس، وفي "المعجم الصّغير" عن عائشة، وأبو نعيم في "الحلية" (4/240) و(8/125) والواحديّ في "أسباب النّزول" وحسّنه الضّياء المقدسيّ وله شواهد عدّة، لذلك صحّحه الشّيخ مقبل رحمه الله في "الصّحيح المسند من أسباب النّزول" (ص80).

[2] وهذا الحديث له طرق يصل بمجموعها إلى درجة الصحّة كما حقّقه الشّيخ مصطفى العدويّ.

أخر تعديل في السبت 14 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 20 نوفمبر 2010 10:07

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.