أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- نشاط أهل الفتور !

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد يبدو عنوان هذه الكلمة لأكثرنا غريبا، ولِم لا، ونحن في زمن الغربة الثّانية ؟

وإن شئت فقل: ( عمل البطّالين ) الّذين لا ينهضون إلاّ للقعود، ولا يستيقظون إلاّ للرّقود، تعطّلت فيهم الحواس إلاّ اللّسان، وسلم منهم جميع النّاس إلاّ الخِلاّن.

وسنّة الله تعالى أنّ النّفس إن لم تشغلها بمحاسن الخلال شغلتك بمساوئ الفِعال، فهو عاطل إلاّ عن الباطل.

إنّهم ضحايا داء الفتور، وما أدراك ما الفتور ؟

- مظاهر التّزكية في التقرّب إلى الله بالأضحية.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّه لا تخلو عبادة من العبادات من الحكم الغالية، والمعاني السّامية، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها. إلاّ أنّ معرفتها تُسبِغُ على القلب ثوب الطّمأنينة واليقين، وتحمل العبدَ إلى تحصيل ثمراتها في كلّ حين.

وإنّ في الأُضحية من الفوائد التّربويّة ما لا يمكن إحصاءه، ولا عدّه أو استقصاءه، ولكن بحسَب العبدِ من القلادة ما أحاط بالعنق.

فمن مظاهر تزكية النّفس من التقرّب إلى الله تعالى بالأضحية:

1- حياة الرّوح والقلب.

فقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [لأنفال:24].

- فضائل وأعمال عشر ذي الحجّة

الخطبة الأولى [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّ الله تبارك وتعالى يقول في محكم تنزيله، وأحسن قيله:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62]. فلا يزال اللّيل والنّهار متعاقبين، يخلف أحدهما الآخر، لأجل صنفين من النّاس:

الصّنف الأوّل: لمن أراد أن يذّكر ويتوب، ويتّعظ ويئوب، فيبسط الله يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل..حتّى تطلُع الشّمس من مغربها.

والصّنف الثّاني: أو أراد شكورا، يريد أن يضيف إلى رصيده الأعمال الصّالحات، لتمحى عنه السّيئات، وينال بها أعلى الدّرجات.

صِنفٌ ذو همّة عالية، إن عجز عن حجّ بيت الله الحرام، فإنّه لا يرضَى إلاّ مزاحمتهم في هذا السّباق إلى ذي الجلال والإكرام .. فيحرصون على جليل الأعمال، ولا يكتفون بالأمانيّ والآمال.

حالهم حال أولئك الفقراء الّذين جاءوا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ؟! قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُتُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ )) .

وخاصّة أنّ الله قد فتح باب السّباق إليه هذه الأيّام على مِصراعيه ..

- وقـفـاتٌ مع أيّـامِ الطّاعـات

الخطبة الأولى: [بعد الخطبة والثّناء]

فقد بدأ نسيم أيّام الله تبارك وتعالى يختلج صدور المؤمنين، ونورها يضيء قلوب الموحّدين .. إنّها أيّام الفضائل والطّاعات، ما أعظمها عند ربّ الأرض والسّموات ! لذلك أهديكم هذه الكلمات، ملؤها العبر والعبرات، أسأل الله العظيم أن تكون خالصة من قلب أحبّكم في الله، لا يرجو إلاّ الاجتماع معكم على عبادة مولاه.

وخلاصة كلامنا اليوم في وقفات ثلاث:

أوّلا: أحوال النّاس هذه الأيّام .. ثانيا: بُشرى للصّادقين. ثالثا: فضل العشر الأُوَل من شهر ذي الحجّة.

-إِلَـى الَّذِيـنَ حَبَسَهُمُ العُـــذْرُ ..

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإلى الّذين حبسهم العُذر ..

إلى الّذين اشتعلت قلوبهم شوقا إلى بيت الله العزيز الغفّار، وحالت بينهم وبينه الصِّعابُ والأعذار ..

فليعلموا أنّهم غير محرومين، حالهم كحال من تعطّش للجهاد في سبيل ربّ العالمين، ولكن حبسهم العذر .. فقال الله تعالى في حقّهم:

- المختصر المفيد في بيان أحكام أضحية العيد

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

فهذه بعض أحكام الأضحية التي ينبغي لكلّ مسلم معرفتها تحقيقا للرّكن الثّاني لقبول العمل، ألا وهو متابعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في عبادة الله وحده.

1- التّعريف بالأضحية.

الأضحية: هي ما يذبح يوم عيد الأضحى من بهيمة الأنعام تقرّبا إلى الله تعالى.

- آدَابُ العِـيـدَيْـن.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ هذين اليومين من أيّام الله تبارك وتعالى، لذلك كان على المسلم أن يعلم الآداب الشّرعيّة، والأحكام العمليّة الّتي تتعلّق بهما. ومن ذلك:

1- وجوب تعظيمهما: وأنّهما يغنيان المسلمين عن كلّ عيد.

جاء في سنن النّسائي وأبي داود عن أَنَسِ بْنِ مَالِك ٍرضي الله عنه قال:

كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ قَالَ: (( كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى )).

Previous
التالي

الأربعاء 22 ذو الحجة 1433 هـ الموافق لـ: 07 نوفمبر 2012 07:13

210- عقيدة أهل السنّة في المهديّ.

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

نصّ السّؤال:

السّلام عليكم ... هل المهديّ المنتظر خرافة أو حقيقة ؟ وما عقيدة أهل السنّة في المهديّ المنتظر ؟

وبارك الله فيكم.

نصّ الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقبل الإجابة عن سؤالك - أخي الكريم - أودّ أن أنبّه على أنّ من الأخطاء الشّائعة وصفَ المهديّ بـ( المنتظر ) ! فإنّ ذلك باطلٌ من وجهين:

أوّلا: لأنّه ليس في شيء من الأحاديث الثّابتة في المهدي وصفُهُ بذلك.

ثانيا: أنّ المـسـلـم لا يـنـتـظـر، وقد جاءت النّصوص تصف أهل الحقّ والطّائفة المنصورة بأنّهم لا يزالون عاملين، لا منتظرين قاعدين عن واجبهم.

غاية ما في الأمر أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بشّر هذه الأمّة بأنّ الله سيبعث لهذه الأمّة من يجدّد لها أمرها، كسائر المجدّدين الّذين يبعثهم الله عزّ وجلّ، فلا يستلزم ذلك أبداً تركَ السّعي وراء طلب العلم، و العمل به لتجديد الدّين، والعمل لإقامة حكم الله في الأرض.

إنّما شاع هذا الوصف وذاع من أجل طائفتين ضلّتا عن سواء السّبيل:

* الطّائفة الأولى: دينها قائم على الخرافات، وأفكارها كلّها دجل وخزعبلات، ألاّ وهم الرّافضة (الشّيعة) ..

فالمهديّ عندهم أسطورة وخيال، وعقيدة لا تخطر ببال ! فيعتقدون أنّه آخر أئمّتهم الإثني عشر، وهو: محمّد بن الحسن العسكريّ، الّذي دخل سرداب سامرّاء منذ ألف ومئة عام، وكان عمره خمس سنوات، ولم يظهر له أثر بعدها !..

وقالوا عنه: الحاضر في الأمصار الغائب عن الأبصار ! وتراهم ينتظرونه كلّ يوم ! ويقفون على باب السّرداب يصيحون وينادونه ليخرج إليهم: اخرج يا مولانا ! اخرج يا مولانا ! ثمّ يرجعون بالخيبة والحرمان ..

لذلك يسمّونه المهديّ المنتظر، ونحن نسمّيه المهديّ فقط، لأنّنا نعمل ولا ننتظره أبدا.

ولقد أحسن من قال:

ما آن للسِّرداب أن يلد الّذي   ***   كلّمتمـوه بجهلكم ما آنا ؟

فعلى عقولكم العفاء فإنّكـم   ***   ثلّثتـم العنقـاء والغيلانا

* الطّائفة الثّانية: الصّوفيّة، ومن وقع في حبالهم من عوامّ المسلمين.

فقد استقرّ في نفوس كثيرٍ منهم أنّ دولة الإسلام لن تقوم إلا بخروج المهديّ ! بل قعدوا عن الإصلاح والجهاد من أجل تعلّقهم بهذه الخرافة.

هؤلاء وأؤلئك قد أصبحوا عارا على بني آدم عامّة، وعلى المسلمين خاصّة، وضحكة يسخر منها كلّ عاقل.

عقيدتنا في المهديّ.

إنّ من أشراط السّاعة أن يبعث الله تعالى المهديَّ ومعه خيرةٌ من العباد، يجمع على موالاته الحاضرَ والباد، فيملك الأرض حَزَناً وسهلاً، ويملأها قسطاً وعدلاً، وترقص قلوب أهل الحقّ والدّين طرباً، وتخمد نار الشّرك فيولّي أهله هرباً.

به لمحاسن الشّرع انتظـام   ***   به لمفاسد الشّرك انصـرام

ومنه لمن يحالفه احـتـرام   ***   ومنه لمن يخالفه اخـتـرام

تُحلّى من أياديه النّـوادي   ***   ويجلّي من محاسـنه الظّلام

قال ابن كثير رحمه الله:" في زمانه تكون الثّمار كثيرة، والزّروع غزيرة، والمال وافر، والسّلطان قاهر، والدّين قائم، والعدوّ راغم، والخير دائم " اهـ.

فمن هو المهديّ ؟ وما اسمه ؟ وما نسبه ؟ وما ثبت من فضائل في حقّه وزمن خروجه ؟

ثبتت الأحاديث الكثيرة في حقّه حتّى عدّها بعض العلماء من المتواتر كالسّفاريني والشّوكانيّ، وصدّيق حسن خان، ومحمّد بن جعفر الكتّاني وغيرهم رحمهم الله.

فإليك بعضَ ما جاء في شأنه من أحايث وأخبار:

1- روى أبو دواد والتّرمذي وأحمد عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي، واسمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي )).

2- وروى الحاكم - وصحّحه ووافقه الذّهبي والشّيخ الألبانيّ في " الصّحيحة " - عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( يَخْرُجُ فِي آخِرِ أُمَّتِي المَهْدِيُّ يَسْقِيهِ اللهُ الغَيْثَ، وَتُخْرِجُ الأَرْضُ نَبَاتَهَا، وَيُعْطِي المَالَ صِحَاحاً، وَتَكْثُرُ المَاشِيَةُ، وَتَعْظُمُ الأُمَّةُ، يَعِيشُ سَبْعاً أَوْ ثَمَانِياً - يعني حِجَجا -)).

3- وروى الإمام أحمد عن أبي سعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( أُبَشِّرُكُمْ بِالْمَهْدِيِّ، يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَى اخْتِلَافٍ مِنْ النَّاسِ وَزَلَازِلَ، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْضِ، يَقْسِمُ الْمَالَ صِحَاحًا )) فقال لَهُ رَجُلٌ: مَا صِحَاحًا ؟ قالَ: (( بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَ النَّاسِ، قَالَ: وَيَمْلَأُ اللَّهُ قُلُوبَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلّى الله عليه وسلّم غِنًى، وَيَسَعُهُمْ عَدْلُهُ .. فَيَكُونُ كَذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ )).

4- وفي مسند أحمد أيضا عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُهُ اللهُ فِي لَيْلَةٍ )).

قال ابن كثير رحمه الله:" أي: يتوب عليه، ويوفّقه، ويلهمه، ويُرشده بعد أن لم يكن كذلك ".

5- وروى أبو داود عن أُمِّ سلمَةَ قالتْ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يقولُ: (( الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ )).

6- وروى أبو نعيم في " أخبار المهديّ " عن أبِي سعِيدٍ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مِنَّا الَّذِي يُصَلِّي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ )).

7- وفي سنن ابن ماجه عن ثَوْبَانَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( يَقْتَتِلُ عِنْدَ كَنْزِكُمْ ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ابْنُ خَلِيفَةٍ ثُمَّ لَا يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، ثُمَّ تَطْلُعُ الرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ ... فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ اللهِ الْمَهْدِيُّ )).

وغير ذلك من الأحاديث، والّتي يفيد مجموعها:

أنّه رجل صالح يصلحه الله في ليلة، من آل بيت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من ذرّية فاطمة رضي الله عنها من ولد الحسن بن عليّ، اسمه محمّد بن عبد الله، يخرج من المشرق - وهي خراسان بين أفغانستان وإيران الشّرقيّة -، يؤيّد الله به الدّين، ويملك سبع سنين، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، تنعم الأمّة في عهده لم تنعمها قطّ.

هذا هو معتقد أهل السنّة والجماعة لا يزيدون على ذلك ولا ينقصون.

ولا يفوتني أن أنبّه إلى طائفة قابلت الخرافات بالمجازفات ! طائفة يسمّون أنفسهم بالمفكّرين ! وكأنّ لا أحد يفكّر غيرهم ! فأنكروا أحاديث المهديّ الثّابتة بلا دليل، ولكن برأي سقيم عليل، استغلّوا خطأً وقع فيه المؤرّخ ابن خلدون الّذي ضعّف أحاديث المهديّ، وخطأ بعض الفضلاء من أهل السنّة كالشّيخ محمّد رشيد رضا، فبدلا من أن يسلّموا لأهل الاختصاص العلماء بالحديث الشّريف، تراهم راحوا ينفخون في أخطاء من قبلهم، وردّوا أحاديث المهديّ ..

وأرادوا أن يؤيّدوا قولهم ذاك: بأنّنا لو أثبتنا أحاديث المهديّ لادّعى المهدويّة كلّ أحد كما فعلها كثيرون.

فيقال لهؤلاء ما قاله الشّاعر قديما:

أوردها سعد وسعد مشتمل   ***   ما هكذا يا سعد تورَد الإبل

نعم، إنّ هناك كثيرا من النّاس ادّعى أنّه المهديّ، ولكنّ ذلك لا يحملنا على إنكار الحقّ، فالأحاديث صحيحة لا ريب فيها، ولو أخذنا بمذهبهم لأنكرنا نزول عيسى بن مريم عليه السّلام؛ لأنّ هناك من ادّعى أنّه عيسى، كما فعل الهندي القادياني !

بل وأنكرنا النبوّات لأنّ هناك من ادّعى النّبوّة ..! وأنكرنا ألوهيّة الله لأنّ هناك من ادّعى الأولهيّة !

وهذا لا يقال، لأنّه ضرب من المحال.

والله الموفّق لا ربّ سواه.

نصّ السّؤال:

السّلام عليكم ... هل المهديّ المنتظر خرافة أو حقيقة ؟ وما عقيدة أهل السنّة في المهديّ المنتظر ؟

وبارك الله فيكم.

نصّ الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقبل الإجابة عن سؤالك - أخي الكريم - أودّ أن أنبّه على أنّ من الأخطاء الشّائعة وصفَ المهديّ بـ( المنتظر ) ! فإنّ ذلك باطلٌ من وجهين:

أوّلا: لأنّه ليس في شيء من الأحاديث الثّابتة في المهدي وصفُهُ بذلك.

ثانيا: أنّ المـسـلـم لا يـنـتـظـر، وقد جاءت النّصوص تصف أهل الحقّ والطّائفة المنصورة بأنّهم لا يزالون عاملين، لا منتظرين قاعدين عن واجبهم.

غاية ما في الأمر أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بشّر هذه الأمّة بأنّ الله سيبعث لهذه الأمّة من يجدّد لها أمرها، كسائر المجدّدين الّذين يبعثهم الله عزّ وجلّ، فلا يستلزم ذلك أبداً تركَ السّعي وراء طلب العلم، و العمل به لتجديد الدّين، والعمل لإقامة حكم الله في الأرض.

إنّما شاع هذا الوصف وذاع من أجل طائفتين ضلّتا عن سواء السّبيل:

* الطّائفة الأولى: دينها قائم على الخرافات، وأفكارها كلّها دجل وخزعبلات، ألاّ وهم الرّافضة (الشّيعة) ..

فالمهديّ عندهم أسطورة وخيال، وعقيدة لا تخطر ببال ! فيعتقدون أنّه آخر أئمّتهم الإثني عشر، وهو: محمّد بن الحسن العسكريّ، الّذي دخل سرداب سامرّاء منذ ألف ومئة عام، وكان عمره خمس سنوات، ولم يظهر له أثر بعدها !..

وقالوا عنه: الحاضر في الأمصار الغائب عن الأبصار ! وتراهم ينتظرونه كلّ يوم ! ويقفون على باب السّرداب يصيحون وينادونه ليخرج إليهم: اخرج يا مولانا ! اخرج يا مولانا ! ثمّ يرجعون بالخيبة والحرمان ..

لذلك يسمّونه المهديّ المنتظر، ونحن نسمّيه المهديّ فقط، لأنّنا نعمل ولا ننتظره أبدا.

ولقد أحسن من قال:

ما آن للسِّرداب أن يلد الّذي   ***   كلّمتمـوه بجهلكم ما آنا ؟

فعلى عقولكم العفاء فإنّكـم   ***   ثلّثتـم العنقـاء والغيلانا

* الطّائفة الثّانية: الصّوفيّة، ومن وقع في حبالهم من عوامّ المسلمين.

فقد استقرّ في نفوس كثيرٍ منهم أنّ دولة الإسلام لن تقوم إلا بخروج المهديّ ! بل قعدوا عن الإصلاح والجهاد من أجل تعلّقهم بهذه الخرافة.

هؤلاء وأؤلئك قد أصبحوا عارا على بني آدم عامّة، وعلى المسلمين خاصّة، وضحكة يسخر منها كلّ عاقل.

عقيدتنا في المهديّ.

إنّ من أشراط السّاعة أن يبعث الله تعالى المهديَّ ومعه خيرةٌ من العباد، يجمع على موالاته الحاضرَ والباد، فيملك الأرض حَزَناً وسهلاً، ويملأها قسطاً وعدلاً، وترقص قلوب أهل الحقّ والدّين طرباً، وتخمد نار الشّرك فيولّي أهله هرباً.

به لمحاسن الشّرع انتظـام   ***   به لمفاسد الشّرك انصـرام

ومنه لمن يحالفه احـتـرام   ***   ومنه لمن يخالفه اخـتـرام

تُحلّى من أياديه النّـوادي   ***   ويجلّي من محاسـنه الظّلام

قال ابن كثير رحمه الله:" في زمانه تكون الثّمار كثيرة، والزّروع غزيرة، والمال وافر، والسّلطان قاهر، والدّين قائم، والعدوّ راغم، والخير دائم " اهـ.

فمن هو المهديّ ؟ وما اسمه ؟ وما نسبه ؟ وما ثبت من فضائل في حقّه وزمن خروجه ؟

ثبتت الأحاديث الكثيرة في حقّه حتّى عدّها بعض العلماء من المتواتر كالسّفاريني والشّوكانيّ، وصدّيق حسن خان، ومحمّد بن جعفر الكتّاني وغيرهم رحمهم الله.

فإليك بعضَ ما جاء في شأنه من أحايث وأخبار:

1- روى أبو دواد والتّرمذي وأحمد عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي، واسمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي )).

2- وروى الحاكم - وصحّحه ووافقه الذّهبي والشّيخ الألبانيّ في " الصّحيحة " - عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( يَخْرُجُ فِي آخِرِ أُمَّتِي المَهْدِيُّ يَسْقِيهِ اللهُ الغَيْثَ، وَتُخْرِجُ الأَرْضُ نَبَاتَهَا، وَيُعْطِي المَالَ صِحَاحاً، وَتَكْثُرُ المَاشِيَةُ، وَتَعْظُمُ الأُمَّةُ، يَعِيشُ سَبْعاً أَوْ ثَمَانِياً - يعني حِجَجا -)).

3- وروى الإمام أحمد عن أبي سعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( أُبَشِّرُكُمْ بِالْمَهْدِيِّ، يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَى اخْتِلَافٍ مِنْ النَّاسِ وَزَلَازِلَ، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْضِ، يَقْسِمُ الْمَالَ صِحَاحًا )) فقال لَهُ رَجُلٌ: مَا صِحَاحًا ؟ قالَ: (( بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَ النَّاسِ، قَالَ: وَيَمْلَأُ اللَّهُ قُلُوبَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلّى الله عليه وسلّم غِنًى، وَيَسَعُهُمْ عَدْلُهُ .. فَيَكُونُ كَذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ )).

4- وفي مسند أحمد أيضا عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُهُ اللهُ فِي لَيْلَةٍ )).

قال ابن كثير رحمه الله:" أي: يتوب عليه، ويوفّقه، ويلهمه، ويُرشده بعد أن لم يكن كذلك ".

5- وروى أبو داود عن أُمِّ سلمَةَ قالتْ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يقولُ: (( الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ )).

6- وروى أبو نعيم في " أخبار المهديّ " عن أبِي سعِيدٍ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مِنَّا الَّذِي يُصَلِّي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ )).

7- وفي سنن ابن ماجه عن ثَوْبَانَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( يَقْتَتِلُ عِنْدَ كَنْزِكُمْ ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ابْنُ خَلِيفَةٍ ثُمَّ لَا يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، ثُمَّ تَطْلُعُ الرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ ... فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ اللهِ الْمَهْدِيُّ )).

وغير ذلك من الأحاديث، والّتي يفيد مجموعها:

أنّه رجل صالح يصلحه الله في ليلة، من آل بيت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من ذرّية فاطمة رضي الله عنها من ولد الحسن بن عليّ، اسمه محمّد بن عبد الله، يخرج من المشرق - وهي خراسان بين أفغانستان وإيران الشّرقيّة -، يؤيّد الله به الدّين، ويملك سبع سنين، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، تنعم الأمّة في عهده لم تنعمها قطّ.

هذا هو معتقد أهل السنّة والجماعة لا يزيدون على ذلك ولا ينقصون.

ولا يفوتني أن أنبّه إلى طائفة قابلت الخرافات بالمجازفات ! طائفة يسمّون أنفسهم بالمفكّرين ! وكأنّ لا أحد يفكّر غيرهم ! فأنكروا أحاديث المهديّ الثّابتة بلا دليل، ولكن برأي سقيم عليل، استغلّوا خطأً وقع فيه المؤرّخ ابن خلدون الّذي ضعّف أحاديث المهديّ، وخطأ بعض الفضلاء من أهل السنّة كالشّيخ محمّد رشيد رضا، فبدلا من أن يسلّموا لأهل الاختصاص العلماء بالحديث الشّريف، تراهم راحوا ينفخون في أخطاء من قبلهم، وردّوا أحاديث المهديّ ..

وأرادوا أن يؤيّدوا قولهم ذاك: بأنّنا لو أثبتنا أحاديث المهديّ لادّعى المهدويّة كلّ أحد كما فعلها كثيرون.

فيقال لهؤلاء ما قاله الشّاعر قديما:

أوردها سعد وسعد مشتمل   ***   ما هكذا يا سعد تورَد الإبل

نعم، إنّ هناك كثيرا من النّاس ادّعى أنّه المهديّ، ولكنّ ذلك لا يحملنا على إنكار الحقّ، فالأحاديث صحيحة لا ريب فيها، ولو أخذنا بمذهبهم لأنكرنا نزول عيسى بن مريم عليه السّلام؛ لأنّ هناك من ادّعى أنّه عيسى، كما فعل الهندي القادياني !

بل وأنكرنا النبوّات لأنّ هناك من ادّعى النّبوّة ..! وأنكرنا ألوهيّة الله لأنّ هناك من ادّعى الأولهيّة !

وهذا لا يقال، لأنّه ضرب من المحال.

والله الموفّق لا ربّ سواه.

أخر تعديل في الأربعاء 22 ذو الحجة 1433 هـ الموافق لـ: 07 نوفمبر 2012 07:30

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.