أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- موقف الشّيخ ابن بايس من دعوة الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب رحمهما الله

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فيقول الله سبحانه وتعالى:{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5].

والمريج هو المختلط، ومنه قوله تعالى:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرّحمن: 19].

وسبب الخلط والتخبّط هو ردُّ الحقّ ودفعُه: اتّباعا للشّبهات، أو الرّكض خلف الشّهوات، أو تعصّبا لشيخ أو جماعة أو مشرب، أو بغضا لشخص أو طائفة أو مذهب.

قال ابن القيّم رحمه الله:

" ... فإنّ من ردّ الحقّ مرج عليه أمرُه، واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصّواب، فلم يدرِ أين يذهب " ["أعلام الموقّعين" (2/173)].

- قبساتٌ من حياة الشّيخين ابن باديس والإبراهيمي رحمهما الله-

محاضرة أُلقِيت يوم الثّلاثاء 12 جمادى الآخرة 1434 هـ الموافق لـ: 23 أفريل 2013 م

بمسجد " الإصلاح " ببلديّة الأربعاء.

الحمد لله القائل:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:

23]، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك كلّه وله الحمد وحده، جعل في كلّ زمانِ فترةٍ من الرّسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالِّ تائهِ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على النّاس ! وما أقبح أثر النّاس عليهم !

وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، القائل: (( يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ))، صلّى الله عليه وعلى آله الطّاهرين، وأصحابه الطيّيبين، وعلى كلّ من اتّبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، أمّا بعد:

فحديثنا اليوم إنّما هو قبسات - كما هو في عنوان المحاضرة - من حياة رجلين عظيمين من رجال هذه الأمّة. والقبس هو ما يُؤخذ من النّار، كما قال تعالى عن نبيّه موسى عليه السّلام:{ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه من: 10]، فإنّنا لا يمكننا أن نُحيطَ بأنوار حياة هذين الشّيخين، فلْنقتَصِر على أخذ قبسات تكون لنا نبراسا يُضيء لنا السّبيل.

-" الفـاضي يعمل قاضـي "

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فأستفتح هذه المقالة، بكلمة الشّيخ مبارك الميلي رحمه الله وهو يُعاني في زمانه من المثبّطين، ويتألّم من مواقف بعض المرجفين، الّذين لا يحملون شيئا إلاّ لواء تتبّع العثرات، وإذاعة الزلاّت والسّقطات.

قال رحمه الله:

" وقد تعدّدت وسائل الإرشاد في هذا العصر، وسهُلت طرقه، فلماذا لا ننهض مع تعدّد الحوافز وتكرّر المخازي ؟

وإذا نهض أحدنا فلماذا لا نعاضِدُه ؟

وإذا لم نُعاضِدْه فلماذا نُعارضه ؟

وإذا عارضناه فلماذا نعارضه بالبهتان ؟

وإذا عارضناه بالبهتان لحاجة، فلماذا يُعارضه من لا ناقة له ولا جمل في المعارضة والبهتان ؟"اهـ

- لماذا الحديث عن الثّبات ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ أعظم نعمة يمنّ بها المولى عزّ وجلّ على عباده هي نعمة الهداية إلى الإسلام، ثمّ الاستقامة عليه مدى الأيّام؛ لذلك كان الحديث عن الثّبات حديثاً عن عنوان السّعادة الأبديّة، والفوز برضا ربّ البريّة سبحانه.

وجوابا عن هذا السّؤال الكبير: لماذا الحديث عن الثّبات ؟ فإنّي أقول: إنّ ذلك لأسباب ثلاثة:

السّبب الأوّل: كثرة الانتكاسة ..

- توقـيـر العـلـمـــاء من توقـيـر الله عزّ وجلّ

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اقتفى أثره واتّبع هداه، أمّا بعد:

فإنّ الله تعالى قد أولى العلم منزلة تفوق كلّ المنازل، ومرتبة تعلو على كلّ المراتب، وخصّ أهله بالانتقاء والاصطفاء، ورفع ذكرَهم في الأرض والسّماء، وإنّي على يقين تامّ أنّه ما من مسلم ولا مسلمة إلاّ وهو يقرّ بكلّ ذلك، لا ينكره ولا يجحده إلاّ زائغ هالك ..

ولكنّ هذه الكلمات إنّما هي من أجل الغفلة الّتي سكنت كثيرا من القلوب، ولا عاصم منها إلاّ علاّم الغيوب ..

هذه الكلمات ما هي إلاّ تذكرة للغافل، وتثبيتا للمجدّ العاقل، وقطعا لحجّة كلّ متكاسل ..

فالمفرّط في العلم وأهله صنفان:

Previous
التالي

الأربعاء 22 ذو الحجة 1433 هـ الموافق لـ: 07 نوفمبر 2012 07:13

210- عقيدة أهل السنّة في المهديّ.

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

نصّ السّؤال:

السّلام عليكم ... هل المهديّ المنتظر خرافة أو حقيقة ؟ وما عقيدة أهل السنّة في المهديّ المنتظر ؟

وبارك الله فيكم.

نصّ الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقبل الإجابة عن سؤالك - أخي الكريم - أودّ أن أنبّه على أنّ من الأخطاء الشّائعة وصفَ المهديّ بـ( المنتظر ) ! فإنّ ذلك باطلٌ من وجهين:

أوّلا: لأنّه ليس في شيء من الأحاديث الثّابتة في المهدي وصفُهُ بذلك.

ثانيا: أنّ المـسـلـم لا يـنـتـظـر، وقد جاءت النّصوص تصف أهل الحقّ والطّائفة المنصورة بأنّهم لا يزالون عاملين، لا منتظرين قاعدين عن واجبهم.

غاية ما في الأمر أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بشّر هذه الأمّة بأنّ الله سيبعث لهذه الأمّة من يجدّد لها أمرها، كسائر المجدّدين الّذين يبعثهم الله عزّ وجلّ، فلا يستلزم ذلك أبداً تركَ السّعي وراء طلب العلم، و العمل به لتجديد الدّين، والعمل لإقامة حكم الله في الأرض.

إنّما شاع هذا الوصف وذاع من أجل طائفتين ضلّتا عن سواء السّبيل:

* الطّائفة الأولى: دينها قائم على الخرافات، وأفكارها كلّها دجل وخزعبلات، ألاّ وهم الرّافضة (الشّيعة) ..

فالمهديّ عندهم أسطورة وخيال، وعقيدة لا تخطر ببال ! فيعتقدون أنّه آخر أئمّتهم الإثني عشر، وهو: محمّد بن الحسن العسكريّ، الّذي دخل سرداب سامرّاء منذ ألف ومئة عام، وكان عمره خمس سنوات، ولم يظهر له أثر بعدها !..

وقالوا عنه: الحاضر في الأمصار الغائب عن الأبصار ! وتراهم ينتظرونه كلّ يوم ! ويقفون على باب السّرداب يصيحون وينادونه ليخرج إليهم: اخرج يا مولانا ! اخرج يا مولانا ! ثمّ يرجعون بالخيبة والحرمان ..

لذلك يسمّونه المهديّ المنتظر، ونحن نسمّيه المهديّ فقط، لأنّنا نعمل ولا ننتظره أبدا.

ولقد أحسن من قال:

ما آن للسِّرداب أن يلد الّذي   ***   كلّمتمـوه بجهلكم ما آنا ؟

فعلى عقولكم العفاء فإنّكـم   ***   ثلّثتـم العنقـاء والغيلانا

* الطّائفة الثّانية: الصّوفيّة، ومن وقع في حبالهم من عوامّ المسلمين.

فقد استقرّ في نفوس كثيرٍ منهم أنّ دولة الإسلام لن تقوم إلا بخروج المهديّ ! بل قعدوا عن الإصلاح والجهاد من أجل تعلّقهم بهذه الخرافة.

هؤلاء وأؤلئك قد أصبحوا عارا على بني آدم عامّة، وعلى المسلمين خاصّة، وضحكة يسخر منها كلّ عاقل.

عقيدتنا في المهديّ.

إنّ من أشراط السّاعة أن يبعث الله تعالى المهديَّ ومعه خيرةٌ من العباد، يجمع على موالاته الحاضرَ والباد، فيملك الأرض حَزَناً وسهلاً، ويملأها قسطاً وعدلاً، وترقص قلوب أهل الحقّ والدّين طرباً، وتخمد نار الشّرك فيولّي أهله هرباً.

به لمحاسن الشّرع انتظـام   ***   به لمفاسد الشّرك انصـرام

ومنه لمن يحالفه احـتـرام   ***   ومنه لمن يخالفه اخـتـرام

تُحلّى من أياديه النّـوادي   ***   ويجلّي من محاسـنه الظّلام

قال ابن كثير رحمه الله:" في زمانه تكون الثّمار كثيرة، والزّروع غزيرة، والمال وافر، والسّلطان قاهر، والدّين قائم، والعدوّ راغم، والخير دائم " اهـ.

فمن هو المهديّ ؟ وما اسمه ؟ وما نسبه ؟ وما ثبت من فضائل في حقّه وزمن خروجه ؟

ثبتت الأحاديث الكثيرة في حقّه حتّى عدّها بعض العلماء من المتواتر كالسّفاريني والشّوكانيّ، وصدّيق حسن خان، ومحمّد بن جعفر الكتّاني وغيرهم رحمهم الله.

فإليك بعضَ ما جاء في شأنه من أحايث وأخبار:

1- روى أبو دواد والتّرمذي وأحمد عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي، واسمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي )).

2- وروى الحاكم - وصحّحه ووافقه الذّهبي والشّيخ الألبانيّ في " الصّحيحة " - عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( يَخْرُجُ فِي آخِرِ أُمَّتِي المَهْدِيُّ يَسْقِيهِ اللهُ الغَيْثَ، وَتُخْرِجُ الأَرْضُ نَبَاتَهَا، وَيُعْطِي المَالَ صِحَاحاً، وَتَكْثُرُ المَاشِيَةُ، وَتَعْظُمُ الأُمَّةُ، يَعِيشُ سَبْعاً أَوْ ثَمَانِياً - يعني حِجَجا -)).

3- وروى الإمام أحمد عن أبي سعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( أُبَشِّرُكُمْ بِالْمَهْدِيِّ، يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَى اخْتِلَافٍ مِنْ النَّاسِ وَزَلَازِلَ، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْضِ، يَقْسِمُ الْمَالَ صِحَاحًا )) فقال لَهُ رَجُلٌ: مَا صِحَاحًا ؟ قالَ: (( بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَ النَّاسِ، قَالَ: وَيَمْلَأُ اللَّهُ قُلُوبَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلّى الله عليه وسلّم غِنًى، وَيَسَعُهُمْ عَدْلُهُ .. فَيَكُونُ كَذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ )).

4- وفي مسند أحمد أيضا عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُهُ اللهُ فِي لَيْلَةٍ )).

قال ابن كثير رحمه الله:" أي: يتوب عليه، ويوفّقه، ويلهمه، ويُرشده بعد أن لم يكن كذلك ".

5- وروى أبو داود عن أُمِّ سلمَةَ قالتْ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يقولُ: (( الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ )).

6- وروى أبو نعيم في " أخبار المهديّ " عن أبِي سعِيدٍ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مِنَّا الَّذِي يُصَلِّي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ )).

7- وفي سنن ابن ماجه عن ثَوْبَانَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( يَقْتَتِلُ عِنْدَ كَنْزِكُمْ ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ابْنُ خَلِيفَةٍ ثُمَّ لَا يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، ثُمَّ تَطْلُعُ الرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ ... فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ اللهِ الْمَهْدِيُّ )).

وغير ذلك من الأحاديث، والّتي يفيد مجموعها:

أنّه رجل صالح يصلحه الله في ليلة، من آل بيت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من ذرّية فاطمة رضي الله عنها من ولد الحسن بن عليّ، اسمه محمّد بن عبد الله، يخرج من المشرق - وهي خراسان بين أفغانستان وإيران الشّرقيّة -، يؤيّد الله به الدّين، ويملك سبع سنين، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، تنعم الأمّة في عهده لم تنعمها قطّ.

هذا هو معتقد أهل السنّة والجماعة لا يزيدون على ذلك ولا ينقصون.

ولا يفوتني أن أنبّه إلى طائفة قابلت الخرافات بالمجازفات ! طائفة يسمّون أنفسهم بالمفكّرين ! وكأنّ لا أحد يفكّر غيرهم ! فأنكروا أحاديث المهديّ الثّابتة بلا دليل، ولكن برأي سقيم عليل، استغلّوا خطأً وقع فيه المؤرّخ ابن خلدون الّذي ضعّف أحاديث المهديّ، وخطأ بعض الفضلاء من أهل السنّة كالشّيخ محمّد رشيد رضا، فبدلا من أن يسلّموا لأهل الاختصاص العلماء بالحديث الشّريف، تراهم راحوا ينفخون في أخطاء من قبلهم، وردّوا أحاديث المهديّ ..

وأرادوا أن يؤيّدوا قولهم ذاك: بأنّنا لو أثبتنا أحاديث المهديّ لادّعى المهدويّة كلّ أحد كما فعلها كثيرون.

فيقال لهؤلاء ما قاله الشّاعر قديما:

أوردها سعد وسعد مشتمل   ***   ما هكذا يا سعد تورَد الإبل

نعم، إنّ هناك كثيرا من النّاس ادّعى أنّه المهديّ، ولكنّ ذلك لا يحملنا على إنكار الحقّ، فالأحاديث صحيحة لا ريب فيها، ولو أخذنا بمذهبهم لأنكرنا نزول عيسى بن مريم عليه السّلام؛ لأنّ هناك من ادّعى أنّه عيسى، كما فعل الهندي القادياني !

بل وأنكرنا النبوّات لأنّ هناك من ادّعى النّبوّة ..! وأنكرنا ألوهيّة الله لأنّ هناك من ادّعى الأولهيّة !

وهذا لا يقال، لأنّه ضرب من المحال.

والله الموفّق لا ربّ سواه.

نصّ السّؤال:

السّلام عليكم ... هل المهديّ المنتظر خرافة أو حقيقة ؟ وما عقيدة أهل السنّة في المهديّ المنتظر ؟

وبارك الله فيكم.

نصّ الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقبل الإجابة عن سؤالك - أخي الكريم - أودّ أن أنبّه على أنّ من الأخطاء الشّائعة وصفَ المهديّ بـ( المنتظر ) ! فإنّ ذلك باطلٌ من وجهين:

أوّلا: لأنّه ليس في شيء من الأحاديث الثّابتة في المهدي وصفُهُ بذلك.

ثانيا: أنّ المـسـلـم لا يـنـتـظـر، وقد جاءت النّصوص تصف أهل الحقّ والطّائفة المنصورة بأنّهم لا يزالون عاملين، لا منتظرين قاعدين عن واجبهم.

غاية ما في الأمر أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بشّر هذه الأمّة بأنّ الله سيبعث لهذه الأمّة من يجدّد لها أمرها، كسائر المجدّدين الّذين يبعثهم الله عزّ وجلّ، فلا يستلزم ذلك أبداً تركَ السّعي وراء طلب العلم، و العمل به لتجديد الدّين، والعمل لإقامة حكم الله في الأرض.

إنّما شاع هذا الوصف وذاع من أجل طائفتين ضلّتا عن سواء السّبيل:

* الطّائفة الأولى: دينها قائم على الخرافات، وأفكارها كلّها دجل وخزعبلات، ألاّ وهم الرّافضة (الشّيعة) ..

فالمهديّ عندهم أسطورة وخيال، وعقيدة لا تخطر ببال ! فيعتقدون أنّه آخر أئمّتهم الإثني عشر، وهو: محمّد بن الحسن العسكريّ، الّذي دخل سرداب سامرّاء منذ ألف ومئة عام، وكان عمره خمس سنوات، ولم يظهر له أثر بعدها !..

وقالوا عنه: الحاضر في الأمصار الغائب عن الأبصار ! وتراهم ينتظرونه كلّ يوم ! ويقفون على باب السّرداب يصيحون وينادونه ليخرج إليهم: اخرج يا مولانا ! اخرج يا مولانا ! ثمّ يرجعون بالخيبة والحرمان ..

لذلك يسمّونه المهديّ المنتظر، ونحن نسمّيه المهديّ فقط، لأنّنا نعمل ولا ننتظره أبدا.

ولقد أحسن من قال:

ما آن للسِّرداب أن يلد الّذي   ***   كلّمتمـوه بجهلكم ما آنا ؟

فعلى عقولكم العفاء فإنّكـم   ***   ثلّثتـم العنقـاء والغيلانا

* الطّائفة الثّانية: الصّوفيّة، ومن وقع في حبالهم من عوامّ المسلمين.

فقد استقرّ في نفوس كثيرٍ منهم أنّ دولة الإسلام لن تقوم إلا بخروج المهديّ ! بل قعدوا عن الإصلاح والجهاد من أجل تعلّقهم بهذه الخرافة.

هؤلاء وأؤلئك قد أصبحوا عارا على بني آدم عامّة، وعلى المسلمين خاصّة، وضحكة يسخر منها كلّ عاقل.

عقيدتنا في المهديّ.

إنّ من أشراط السّاعة أن يبعث الله تعالى المهديَّ ومعه خيرةٌ من العباد، يجمع على موالاته الحاضرَ والباد، فيملك الأرض حَزَناً وسهلاً، ويملأها قسطاً وعدلاً، وترقص قلوب أهل الحقّ والدّين طرباً، وتخمد نار الشّرك فيولّي أهله هرباً.

به لمحاسن الشّرع انتظـام   ***   به لمفاسد الشّرك انصـرام

ومنه لمن يحالفه احـتـرام   ***   ومنه لمن يخالفه اخـتـرام

تُحلّى من أياديه النّـوادي   ***   ويجلّي من محاسـنه الظّلام

قال ابن كثير رحمه الله:" في زمانه تكون الثّمار كثيرة، والزّروع غزيرة، والمال وافر، والسّلطان قاهر، والدّين قائم، والعدوّ راغم، والخير دائم " اهـ.

فمن هو المهديّ ؟ وما اسمه ؟ وما نسبه ؟ وما ثبت من فضائل في حقّه وزمن خروجه ؟

ثبتت الأحاديث الكثيرة في حقّه حتّى عدّها بعض العلماء من المتواتر كالسّفاريني والشّوكانيّ، وصدّيق حسن خان، ومحمّد بن جعفر الكتّاني وغيرهم رحمهم الله.

فإليك بعضَ ما جاء في شأنه من أحايث وأخبار:

1- روى أبو دواد والتّرمذي وأحمد عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي، واسمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي )).

2- وروى الحاكم - وصحّحه ووافقه الذّهبي والشّيخ الألبانيّ في " الصّحيحة " - عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( يَخْرُجُ فِي آخِرِ أُمَّتِي المَهْدِيُّ يَسْقِيهِ اللهُ الغَيْثَ، وَتُخْرِجُ الأَرْضُ نَبَاتَهَا، وَيُعْطِي المَالَ صِحَاحاً، وَتَكْثُرُ المَاشِيَةُ، وَتَعْظُمُ الأُمَّةُ، يَعِيشُ سَبْعاً أَوْ ثَمَانِياً - يعني حِجَجا -)).

3- وروى الإمام أحمد عن أبي سعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( أُبَشِّرُكُمْ بِالْمَهْدِيِّ، يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَى اخْتِلَافٍ مِنْ النَّاسِ وَزَلَازِلَ، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْضِ، يَقْسِمُ الْمَالَ صِحَاحًا )) فقال لَهُ رَجُلٌ: مَا صِحَاحًا ؟ قالَ: (( بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَ النَّاسِ، قَالَ: وَيَمْلَأُ اللَّهُ قُلُوبَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلّى الله عليه وسلّم غِنًى، وَيَسَعُهُمْ عَدْلُهُ .. فَيَكُونُ كَذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ )).

4- وفي مسند أحمد أيضا عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُهُ اللهُ فِي لَيْلَةٍ )).

قال ابن كثير رحمه الله:" أي: يتوب عليه، ويوفّقه، ويلهمه، ويُرشده بعد أن لم يكن كذلك ".

5- وروى أبو داود عن أُمِّ سلمَةَ قالتْ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يقولُ: (( الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ )).

6- وروى أبو نعيم في " أخبار المهديّ " عن أبِي سعِيدٍ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مِنَّا الَّذِي يُصَلِّي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ )).

7- وفي سنن ابن ماجه عن ثَوْبَانَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( يَقْتَتِلُ عِنْدَ كَنْزِكُمْ ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ابْنُ خَلِيفَةٍ ثُمَّ لَا يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، ثُمَّ تَطْلُعُ الرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ ... فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ اللهِ الْمَهْدِيُّ )).

وغير ذلك من الأحاديث، والّتي يفيد مجموعها:

أنّه رجل صالح يصلحه الله في ليلة، من آل بيت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من ذرّية فاطمة رضي الله عنها من ولد الحسن بن عليّ، اسمه محمّد بن عبد الله، يخرج من المشرق - وهي خراسان بين أفغانستان وإيران الشّرقيّة -، يؤيّد الله به الدّين، ويملك سبع سنين، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، تنعم الأمّة في عهده لم تنعمها قطّ.

هذا هو معتقد أهل السنّة والجماعة لا يزيدون على ذلك ولا ينقصون.

ولا يفوتني أن أنبّه إلى طائفة قابلت الخرافات بالمجازفات ! طائفة يسمّون أنفسهم بالمفكّرين ! وكأنّ لا أحد يفكّر غيرهم ! فأنكروا أحاديث المهديّ الثّابتة بلا دليل، ولكن برأي سقيم عليل، استغلّوا خطأً وقع فيه المؤرّخ ابن خلدون الّذي ضعّف أحاديث المهديّ، وخطأ بعض الفضلاء من أهل السنّة كالشّيخ محمّد رشيد رضا، فبدلا من أن يسلّموا لأهل الاختصاص العلماء بالحديث الشّريف، تراهم راحوا ينفخون في أخطاء من قبلهم، وردّوا أحاديث المهديّ ..

وأرادوا أن يؤيّدوا قولهم ذاك: بأنّنا لو أثبتنا أحاديث المهديّ لادّعى المهدويّة كلّ أحد كما فعلها كثيرون.

فيقال لهؤلاء ما قاله الشّاعر قديما:

أوردها سعد وسعد مشتمل   ***   ما هكذا يا سعد تورَد الإبل

نعم، إنّ هناك كثيرا من النّاس ادّعى أنّه المهديّ، ولكنّ ذلك لا يحملنا على إنكار الحقّ، فالأحاديث صحيحة لا ريب فيها، ولو أخذنا بمذهبهم لأنكرنا نزول عيسى بن مريم عليه السّلام؛ لأنّ هناك من ادّعى أنّه عيسى، كما فعل الهندي القادياني !

بل وأنكرنا النبوّات لأنّ هناك من ادّعى النّبوّة ..! وأنكرنا ألوهيّة الله لأنّ هناك من ادّعى الأولهيّة !

وهذا لا يقال، لأنّه ضرب من المحال.

والله الموفّق لا ربّ سواه.

أخر تعديل في الأربعاء 22 ذو الحجة 1433 هـ الموافق لـ: 07 نوفمبر 2012 07:30

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.