أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الثلاثاء 25 ذو القعدة 1431 هـ الموافق لـ: 02 نوفمبر 2010 09:27

- أصول النّحو العربيّ (1) مدخل وتعريف

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ علم " النّحو العربيّ " من بين العلوم الّتي تُعدّ ليس مصحّحا ورقيبا على اللّغة العربيّة فحسب، بل يعدّ مفتاحا لعلوم اللّغة، فلا يفقه أحدٌ علم النّحو العربيّ إلاّ رأيته يرمي إلى معرفة العلوم الأخرى، ففائدته وأهمّيته لم يعُد بها خفاء، إلاّ على أهل الخمول والجفاء.

وفي أيّامنا هذه، لسنا بحاجة إلى من يؤلّف في علم النّحو - في مباحثه ومسائله -، بقدر حاجتنا إلى من يكتب في أصوله ودلائله.

ونحن على قِصَر باعنا، وضآلة علمنا، نضع بين أيدي بني جلدتنا، ومن يتكلّمون بألسنتنا، ما تيسّر من جهد المقلّ، من غير إيجاز مخلّ، ولا تطويل مملّ، نُبذًا من أصول النّحو العربيّ، تكون للعِطاش منهلا، وللرّاغبين في وروده مدخلا، فالله المستعان، وعليه الاعتماد والتُّكلان، فنقول بسم الرّحيم الرّحمن:

* التّعريف بأصول النّحو.

الأصول: جمع أصل وهو: ما يُبنى عليه غيره.

والنّحو: في اللّغة له معان عشرة، أشهرها ثلاثة:

1-بمعنى المثل، كقولك وأنت تمثّل لأمر ما:" نحوُ قوله تعالى ..."، أي: مثل قوله تعالى.

2-بمعنى المقدار، كقول عائشة رضي الله عنها: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسا، فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته نحوٌ من ثلاثين أو أربعين آية قام، فقرأها وهو قائم، ثم يركع ثم سجد " [رواه البخاري].

3-بمعنى الجهة، كقول البراء رضي الله عنه:" صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوَ بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا " [رواه البخاري].

وفي الاصطلاح هو: علم بأصولٍ يُعرف بها أحوال أواخر الكلم العربيّة إعراباً وبناءً وما يتبع ذلك.

- وفائدته:

له فوائد عدّة، أهمّها:

1- صون اللّسان من الغلط واللّحن.

قال ابن جنّي في " الخصائص " (1/34):" هو انتحاء سمْتِ كلام العرب ليلحق مَنْ ليس مِنْ أهل العربية بأهلها في الفصاحة ".

لذلك سمّي هذا العلم نحوا؛ لأنّه الجهة الّتي يقصدها المتكلّم ليصل إلى كلام العرب الفصيح الصّحيح.

2- فهم كلام الله تعالى وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم.

قال ابن فضّال في " شرح عيون الإعراب " (ص123):

" فإنّ النّحو علم يُعرف به حقائق المعاني، و يوقف به على معرفة الأصول و المباني، و يحتاج إليه في معرفة الأحكام، ويستدلّ به على الفرق بين الحلال و الحرام، و يُتوصّل بمعرفته إلى معاني الكتاب، و ما فيه من الحكمة و فصل الخطاب ".

- ونسبة هذا العلم: إلى العلوم العربيّة الاثني عشر وهي:

1-اللّغة ( أي: المفردات).  2- والنّحو.   3- والصّرف  4- والمعاني.   5- والبيان. 6- والبديع.   7- والعروض.  8- والقافية.   9- وقرض الشّعر.   10- والخطّ.  11- والمحاضرات ( تاريخ الأدب ). 12- والرّسائل والخطب.

ذكرها - أو بعضها - غير واحد من أهل العلم كالإمام الأنباريّ (تـ: 557) في " نزهة الألبّاء وطبقات الأدباء "، وأبي الحسن القرطاجنّي (تـ: 684) في " منهاج البلغاء "، والسّيوطي في " المزهر ".

- فما معنى أصول النّحو ؟

قال ابن الأنباريّ رحمه الله تعالى:

" أصول النّحو أدلّة النّحو الّتي تفرّعت منها فروعه وفصوله، كما أنّ أصول الفقه أدلّة الفقه الّتي تنوّعت عنها جملته وتفصيله ".

وعرّفه المتأخّرون بأنّه:

( العلم بالأحكام النّحويّة، وأدلّتها الإجماليّة، وكيفيّة الاستدلال، وحال المستدلّ ).

قال السّيوطيّ في " الاقتراح ": " هو بالنّسبة إلى النّحو، كأصول الفقه بالنّسبة إلى الفقه ".

* وضع علم النّحو وأصوله.

السّبب الرّئيس لظهور علم النّحو هو ظهور اللّحن في كلام العرب، وصار بعضهم يلحن في كتاب الله، وتسرّب الخطل إلى بعض ألسنة الخطباء والبلغاء في عصر بني أميّة.

بل تسرّب اللّحن إلى بعض أهل البادية ! فقد ذكر الجاحظ في " البيان والتبيّن " أنّ أوّل لحن سُمِع بالبادية قولهم: " هذه عصاتي ".

فكان ذلك منذرَ خطرٍ عظيم، فتضافرت جهود العلماء وذوي السّلطان على صيانة العربيّة:

العلماء يدفعهم عِلْمهم وواجبهم.

والسّلاطين تدفعهم عصبيّتهم، فقد كانت الخلافة في أعرق بيوت قريش.

من واضع علم النّحو ؟

اختلف النّاس في أوّل من وضع أسس علم النّحو:

- فقالت طائفة: هو أبو الأسود الدُّؤلي (تـ: 67).

- وقال آخرون: هو نصر بن عاصم (تـ: 89)، وأنّ أبا الأسود كان واضع الحركاتِ والتّنوين لا غير، كما في "صبح الأعشى".

- وقال آخرون: هو عبد الرحمن بن هرمز (تـ: 117).

- وقيل: لم يصل إلينا شيء عن أحدٍ قبل يحيى بن يعمر ( تـ: 129).

والصّواب هو القول الأوّل، أنّه أبو الأسود رحمه الله.

وإنّ الّذي يمعن النّظر في " تاريخ دمشق " مثلا، ثمّ يستحضِر تلك الصّفات الّتي حباه الله بها، من ذكاء نادر، وجواب حاضر، وبديهة نيّرة، ويستحضر أيضا أنّه هو واضع الشّكل المعروف بنقط أبي الأسود الدّؤلي ليخلُص إلى رأي أكثر النّاس، بأنّه أوّل واضع للعلم.

واسمه ظالم بن عمرو بن سليمان، وكان من سكّان البصرة، ونسبته إلى دؤل، وقد يقال ( الدَّيْليّ ).

جاء في " الأعلام " للزّركليّ (3/236):

" كان معدودا من الفقهاء والأعيان والأمراء والشّعراء والفرسان والحاضري الجواب، من التابعين، رسم له عليّ ابن أبي طالب رضي الله عنه شيئا من أصول النّحو، فكتب فيه أبو الأسود، وأخذه عنه جماعة.

سكن البصرة في خلافة عمر رضي الله عنه، وولي إمارتها في أيّام عليّ رضي الله عنه، استخلفه عليها عبد الله بن عبّاس رضي الله عنه لمّا شخص إلى الحجاز، ولم يزل في الإمارة إلى أن قُتِل عليّ رضي الله عنه، وكان قد شهد معه ( صِفِّين ).

ولمّا تمّ الأمر لمعاوية رضي الله عنه قصده فبالغ معاوية رضي الله عنه في إكرامه.

وهو- في أكثر الأقوال - أوّل من نقط المصحف[1]، مات بالبصرة ".

كان رحمه الله محبّا لعليّ رضي الله عنه وولده، وكان نازلاً في بني قشير بالبصرة، وكانوا يرجمونه باللّيل لمحبّته لعليّ رضي الله عنه وولده، فإذا أصبح وذكر رجمهم قالوا: الله يرجمك، فيقول لهم: تكذبون، لو رجمني الله لأصابني، وأنتم ترجمون فلا مصيب.

وربّما نُسِبت إليه أشعار رُمِي من أجلها بالتشيّع، وفي ذلك نظر، فله في صحيح البخاري روايات عن عمر رضي الله عنه، اللّهم إلاّ إن أرادوا التشيّع الّذي عُرِف به بعض السّلف، وهو تفضيلهم عليّا على عثمان لا على الشّيخين.

وقد اختلف الناس في السّبب الّذي دعا أبا الأسود إلى ما رسمه من النّحو، فذكروا روايات عديدة، وليس بالضّرورة أن يكون هناك سببٌ خاصّ، فإنّ بوادر اللّحن الّتي ظهرت في العرب تلكم الأيّام لكافية وكفيلة بأن ينهض من أجلها أبو الأسود وغيره من الأئمّة لوضع النّحو العربيّ.

أمّا ما يذكرونه من أنّ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه هو من ناول أبا الأسود رقعة فيها أصول الكلام العربيّ وبعض تقسيماته، فهو بعيد جدّا، لذلك قال أحمد أمين في " ضحى الإسلام " (2/258): " وأخشى أن يكون ذلك من وضع الشّيعة الّذين يريدون أن ينسبوا كلّ شيء إلى عليّ وأتباعه ".

فكلّ ما يمكننا أن نجزم به أنّ أبا الأسود الدّؤليّ وضع أساسا بنى عليه من بعده علم النّحو، وما هذا الأساس ؟ لا نجدُ جوابا يشفِي العليل، ولا يليق الخوض في ذلك دون نصّ ودليل.

من حمل اللّواء بعد أبي الأسود ؟

أخذ عن أبي الأسود الدّؤلي جمّ غفير من أئمّة اللّغة أشهرهم وأبرزهم:

- يحيى بن يعمر ( تـ: 129)، فكان من أئمّة اللّغة عالما أمينا وقد روى عن ابن عمر وابن عبّاس رضي الله عنهم.

- عنبسة بن معدان وهو عنبسة الفيل، قال الخليل عنه: " أبرع أصحاب أبي الأسود ".

- ميمون الأقرن، وكان رأسا في اللّغة، حتّى إنّ أبا عبيدة لا يذكر غيره في هذه الطّبقة.

- نصر بن عاصم اللّيثي (تـ: 89)، وهو من القرّاء الفصحاء، وهو صاحب النّقط الثّاني الّذي يُعرف اليوم بالإعجام.

ثمّ تخرّج على يد يحيى بن يعمر وميمون الأقرن:

- أبو عمرو بن العلاء (70-154)، من أوثق النّاس رواية وأشدّهم فيها، وهو من القرّاء السّبع، قال عنه الزّهري: إنّه ليفلق بالعربيّة تفليقا بل منهم من قال إنّه واضع علوم اللّغة.

- وابن أبي إسحاق الحضرميّ (تـ: 117)، وكان النّاس يقدّمونه على أبي عمرو في النّحو، ويُذكر أنّه أوّل من علّل النّحو.

ثمّ جاء دور:

- عيسى بن عمر الثّقفي. وبعضهم يعدّه من الطّبقة السّابقة، لأنّه مولى خالد بن الوليد رضي الله عنه، ولكنّه لمّا أخذ عن أبي عمرو والحضرميّ عدّوه من غيرها، وهو من أئمّة اللّغة والنّحو القراءة

- الأخفش (تـ: 177) هو أبو الحسن سعيد بن مسعدة.

قال في " عيون الأخبار ": " وهو أحذق أصحاب سيبويه، وهو أسنّ منه، والطّريق إلى كتاب سيبويه الأخفش، وذلك أنّ كتاب سيبويه لا نعلم أحداً قرأه على سيبويه ولا قرأه عليه سيبويه، ولكنّه لمّا مات سيبويه قرِئ الكتاب على أبي الحسن الأخفش .. وكان أبو العباس ثعلب يفضل الأخفش ويقول: كان أوسع الناس علماً وله كتب كثيرة في النحو والعروض والقوافي ".

- أبو زيد الأنصاري سعيد بن أوس: (تـ: 215) كان معروفا بالعلم والثّقة في الرّواية.

- يونس (تـ: 182) الّذي إذا قال سيبويه:" حدّثني الثّقة " كان هو المقصود.

- أبو جعفر الرّؤاسيّ. محمد بن الحسن بن أبي سارة الرؤاسي أبو جعفر سمّي بذلك لأنّه كان كبير الرّأس، وهو أوّل من وضع من الكوفيّين كتابا في النّحو، وهو أستاذ الكسائي والفراء، وكان رجلاً صالحا.

قالوا: كلّ ما في كتاب " سيبويه ": وقال الكوفيّ كذا فإنّما عني به الرّؤاسي، وكتابه يقال له الفيصل.

- الخليل بن أحمد الفراهيدي (تـ: 175). كان الغاية في استخراج مسائل النحو وتصحيح القياس فيه، وهو أوّل من استخرج العروض وحصر أشعار العرب بها، وعمل " كتاب العين " المعروف المشهور الّذي به يتهيّأ ضبط اللّغة، وعامّة الحكاية في كتاب سيبويه عن الخليل، وكلّ ما قال سيبويه: وسألته، أو قال من غير أن يذكر قائله فهو الخليل.

ثمّ ظهر:

- سيبويه (تـ:180). رائد المدرسة البصريّة.

- الكسائيّ (تـ: 179).

والفرّاء. وهذان رائدا المدرسة الكوفيّة.

وتضمّنت كتب هؤلاء ومصنّفاتهم ومقالاتهم وردود بعضهم على بعض قواعد كانت مبثوثة منثورة، غير مجموعة في كتاب ولا محصورة، ولم يظهر كتاب خاصّ بأصول النّحو حتّى:

  • جاء ابن جِنِّي (تـ: 392) فكانت أوّل محاولة لوضع كتاب في " أصول النّحو "، حيث وضع " الخصائص " فكان زاخرا بالقواعد الأصوليّة كالعلّة والقياس والسّماع وتركيب اللّغات، وغير ذلك.
  • ولكنْ، في القرن السّادس قام ابن الأنباري (تـ: 577) فوضع أوّل كتاب مفردٍ خاصّ بعلم أصول النّحو حيث رسم حدوده، وبيّن مسائله، وكان هذا الوضع على هيئة كتب أصول الفقه.

من أجل ذلك كان ابن الأنباريّ هو مبتكر هذا الفنّ وأضافه إلى علوم اللّغة العربيّة، في كتاب أسماه " لُمع الأدلّة في علم أصول النّحو "، كما ألّف كتابا آخر باسم " الإعراب في جدل الإعراب "، تناول فيه موضوعات أصوليّة كثيرة.

  • ثمّ جاء الإمام السّيوطيّ (تـ: 911) فألّف كتابه " الاقتراح في أصول النّحو وجدلِه ".
  • وجاء الإمام ابن علاّن (تـ: 1075) – وهو صاحب كتاب " دليل الفالحين "-، فشرح كتاب السّيوطيّ في كتاب سمّاه " داعي الفلاح لمُخبّآت الاقتراح "، وهو شرح ممزوج بالمتن.
  • ثمّ جاء الإمام محمّد بن الطيّب الفاسي (تـ: 1170) فشرح كتاب السّيوطيّ وسمّاه " فيض نشر الانشراح من روض طيّ الاقتراح "، وهو حواشٍ على الاقتراح، وهو كتاب نافع جدّا.

[1] انظر: " أخبار النّحويّين البصريّين " للسّيرافيّ (ص16)، و" الفهرست " لابن النّديم (ص60)، و" أخبار النّحوييّن " لأبي طاهر المقرئ.

وقال سعيد الأفغاني رحمه الله في كتابه القيّم " من تاريخ النّحو " (ص 28): " وهو ما أجمعوا عليه قديما ولم يَشكّ فيه حديثا أحدٌ، والشّكل أَعْوَدُ على حفظ النّصوص من حدود النّحو، ولعلّه أعظم خدمة قُدّمت للعربيّة حتّى الآن .."

ولأبي أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلّودي كتاب " أخبار أبي الأسود "، وللدّكتور فتحي عبد الفتّاح الدجني: " أبو الأسود الدّؤلي ونشأة النّحو العربيّ "/ ط: الكويت.

أخر تعديل في الأحد 15 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 21 نوفمبر 2010 22:15

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.