أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- موقف الشّيخ ابن بايس من دعوة الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب رحمهما الله

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فيقول الله سبحانه وتعالى:{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5].

والمريج هو المختلط، ومنه قوله تعالى:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرّحمن: 19].

وسبب الخلط والتخبّط هو ردُّ الحقّ ودفعُه: اتّباعا للشّبهات، أو الرّكض خلف الشّهوات، أو تعصّبا لشيخ أو جماعة أو مشرب، أو بغضا لشخص أو طائفة أو مذهب.

قال ابن القيّم رحمه الله:

" ... فإنّ من ردّ الحقّ مرج عليه أمرُه، واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصّواب، فلم يدرِ أين يذهب " ["أعلام الموقّعين" (2/173)].

- قبساتٌ من حياة الشّيخين ابن باديس والإبراهيمي رحمهما الله-

محاضرة أُلقِيت يوم الثّلاثاء 12 جمادى الآخرة 1434 هـ الموافق لـ: 23 أفريل 2013 م

بمسجد " الإصلاح " ببلديّة الأربعاء.

الحمد لله القائل:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:

23]، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك كلّه وله الحمد وحده، جعل في كلّ زمانِ فترةٍ من الرّسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالِّ تائهِ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على النّاس ! وما أقبح أثر النّاس عليهم !

وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، القائل: (( يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ))، صلّى الله عليه وعلى آله الطّاهرين، وأصحابه الطيّيبين، وعلى كلّ من اتّبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، أمّا بعد:

فحديثنا اليوم إنّما هو قبسات - كما هو في عنوان المحاضرة - من حياة رجلين عظيمين من رجال هذه الأمّة. والقبس هو ما يُؤخذ من النّار، كما قال تعالى عن نبيّه موسى عليه السّلام:{ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه من: 10]، فإنّنا لا يمكننا أن نُحيطَ بأنوار حياة هذين الشّيخين، فلْنقتَصِر على أخذ قبسات تكون لنا نبراسا يُضيء لنا السّبيل.

-" الفـاضي يعمل قاضـي "

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فأستفتح هذه المقالة، بكلمة الشّيخ مبارك الميلي رحمه الله وهو يُعاني في زمانه من المثبّطين، ويتألّم من مواقف بعض المرجفين، الّذين لا يحملون شيئا إلاّ لواء تتبّع العثرات، وإذاعة الزلاّت والسّقطات.

قال رحمه الله:

" وقد تعدّدت وسائل الإرشاد في هذا العصر، وسهُلت طرقه، فلماذا لا ننهض مع تعدّد الحوافز وتكرّر المخازي ؟

وإذا نهض أحدنا فلماذا لا نعاضِدُه ؟

وإذا لم نُعاضِدْه فلماذا نُعارضه ؟

وإذا عارضناه فلماذا نعارضه بالبهتان ؟

وإذا عارضناه بالبهتان لحاجة، فلماذا يُعارضه من لا ناقة له ولا جمل في المعارضة والبهتان ؟"اهـ

- لماذا الحديث عن الثّبات ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ أعظم نعمة يمنّ بها المولى عزّ وجلّ على عباده هي نعمة الهداية إلى الإسلام، ثمّ الاستقامة عليه مدى الأيّام؛ لذلك كان الحديث عن الثّبات حديثاً عن عنوان السّعادة الأبديّة، والفوز برضا ربّ البريّة سبحانه.

وجوابا عن هذا السّؤال الكبير: لماذا الحديث عن الثّبات ؟ فإنّي أقول: إنّ ذلك لأسباب ثلاثة:

السّبب الأوّل: كثرة الانتكاسة ..

- توقـيـر العـلـمـــاء من توقـيـر الله عزّ وجلّ

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اقتفى أثره واتّبع هداه، أمّا بعد:

فإنّ الله تعالى قد أولى العلم منزلة تفوق كلّ المنازل، ومرتبة تعلو على كلّ المراتب، وخصّ أهله بالانتقاء والاصطفاء، ورفع ذكرَهم في الأرض والسّماء، وإنّي على يقين تامّ أنّه ما من مسلم ولا مسلمة إلاّ وهو يقرّ بكلّ ذلك، لا ينكره ولا يجحده إلاّ زائغ هالك ..

ولكنّ هذه الكلمات إنّما هي من أجل الغفلة الّتي سكنت كثيرا من القلوب، ولا عاصم منها إلاّ علاّم الغيوب ..

هذه الكلمات ما هي إلاّ تذكرة للغافل، وتثبيتا للمجدّ العاقل، وقطعا لحجّة كلّ متكاسل ..

فالمفرّط في العلم وأهله صنفان:

Previous
التالي

الثلاثاء 03 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 09 نوفمبر 2010 09:39

- السّيرة النّبويّة (18) خمس وقفات مع فترة الوحـي.

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله وكفى، والصّلاة والسّلام على النبيّ المصطفى، أمّا بعد:

فقد تناولنا في الحلقة السّابقة الأيّام الأولى من بعثة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، حيث قطعنا على أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها حديثها، لنبيّن أثر الوحي في الأرض والسّماء.

فتعالوا بنا نرى تتمّة حديثها رضي الله عنها الطّويل في بدء الوحي، حيث قالت: ( وَفَتَرَ الْوَحْيُ ).

والفترة في اللّغة: هي السّكون والانقطاع؛ وفتر الشّيء: ضعُف وسكن بعد حدّة ولان بعد شدّة.

والمراد من فترة الوحي: احتباسه، وعدم تتابعه وتواليه في النزول.

ولم تبيّن لنا أمّ المؤمنين رضي الله عنها تفاصيل هذه الفترة، ولا المراد من كلامها، فنلجأ إلى الصّحابيّ الجليل جابر بن عبد الله الأنصاريّ يحدّثنا عن ذلك.

قال جَابِر رضي الله عنه - والحديث في صحيح البخاري -: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ:

(( بَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ بَصَرِي، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَرُعِبْتُ مِنْهُ.

فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي ! زَمِّلُونِي ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2)} إِلَى قَوْلِهِ:{ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْفَحَمِيَ الْوَحْيُ وَتَتَابَعَ )).

فلنا مع هذا الحدث وقفات مهمّات:

1- الوقفة الأولى: مدّة انقطاع الوحي.

اختلفوا في مدّة هذه الفترة، وقد تناقلت بعض الكتب القول بأنّها كانت ثلاث سنوات ! أو سنتين ونصف ! وكيف لا ينتشر هذا القول وهو ممّا جزم به الإمام محمّد بن إسحاق رحمه الله ؟

وفي ذلك نظرٌ، لأمور:

أ‌)  ليس هناك ما يدلّ على هذا القول، إلاّ أثرٌ عن الشّعبيّ، وهو مرسلٌ لا يصحّ.

ب‌)  يعارض هذا القول بما نقله الحافظ ابن حجر عن البيهقيّ رحمه الله أنّ مدّة هذه الفترة كانت ستّة أشهر. وهذا القول أيضا لا دليل عليه، وإنّما ذكرناه لنبيّن أنّ القول الأوّل عُورض بمثله.

ت‌)  ثمّ إنّه من المقرّر أنّ القرآن نزل في ثلاث وعشرين سنة، ولو قلنا إنّ فترة الوحي دامت ثلاثة أعوام أو سنتين ونصف للزِم أن ينزل القرآن في أقلّ من ذلك.

ث‌)   جاء ما يبيّن أنّ مدّة هذه الفترة لم تتعدّ شهرا، وهو روايةٌ لمسلم في الفترة عن جابرٍ رضي الله عنه  نفسِه، وفيها:

أُحَدِّثُكُمْ مَا حَدَّثَنَا رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم قال:

(( جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ شَهْرًا، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي نَزَلْتُ، فَاسْتَبْطَنْتُ بَطْنَ الْوَادِي، فَنُودِيتُ، فَنَظَرْتُ أَمَامِي وَخَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي فَلَمْ أَرَ أَحَدًا.

ثُمَّ نُودِيتُ فَنَظَرْتُ، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، ثُمَّ نُودِيتُ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا هُوَ عَلَى الْعَرْشِ فِي الْهَوَاءِ - يَعْنِي جِبْرِيلَ عليه السّلام - فَأَخَذَتْنِي رَجْفَةٌ شَدِيدَةٌ، فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ، فَقُلْتُ: دَثِّرُونِي! فَدَثَّرُونِي، فَصَبُّوا عَلَيَّ مَاءً فأنزل الله عزّ وجلّ:{ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ })).

2- الوقفة الثّانية: الحكمة من وراء هذا الانقطاع.

أعظمها حكَمٌ ثلاث:

أ‌) تسهيل الأمر على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

فإنّ الوحي عن طريق الملائكة ليس من الأمر السّهل الذي يمكن تحمّله، لكونه من عالم الغيب، وأنّ الإنسان يألف ما يراه ويلمسه ويشاهده، وما سمّي الإنسان بالإنسان إلاّ لأنّه يُؤنس به.

فلو تتابع مجيء الملك إليه في الأيّام الأولى لشقّ ذلك على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فناسب أن ينقطع، حتّى يعتاد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على مخاطبة الملك شيئا فشيئا.

وممّا يدلّ على مشقّة مجيء الملك في صورته ما في الصّحيحين عن عائشةَ رضي الله عنها:

أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ رضي الله عنه سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ - وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ - فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي، فَأَعِي مَا يَقُولُ )).

قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا !.

ب‌) إزالة الخوف عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

فإنّ الوحي من الصّعب تصديقه، لأنّه من عالم الغيب كذلك، حتّى جعل الله الإيمان بالغيب ممّا يميّز المؤمن عن الكافر، فقال تعالى واصفا عباده المؤمنين المتّقين:{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة:3].

ورأينا قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول لخديجة: (( أَخْشَى أَنَّ بِي جَنَناً )). ويوم أوحِي إليه قال: (( لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي ..)).

لذلك يصاحب الوحيَ ذلك الرّعب والفزع الذي اختلج نفس النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كما اختلج من قبله:

فالله يقول لموسى عليه السّلام:{يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: من الآية10].

وعن لوط عليه السّلام قال:{وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالُوا لا تَخَفْ} [العنكبوت: من الآية33].

ج) إزالة الشّبهة عن الوحي:

فالسرّ في هذا الانقطاع أيضا: ألاّ تبقى هنالك شبهة لمرضى القلوب أنّ ما يجده من الوحي الإلهي إنّما هو من طول التأمّل والتّفكير والعزلة.

فقد غاب عنه الملك جبريل عليه السّلام مدّةً وعاد إليه بعد طول غياب بالوحي نفسه دون عزلة ولا تأمّل أو تفكير. فهنا تزول عنه وعن غيره كلّ شبهة.

وأوّل من احتاج إلى إزالة هذه الشّبهة عنه هو النبيّ المرسل إليه الموحَى إليه نفسه.

3- الوقفة الثّالثة: بيان ضعف رواية مدرجة.

ممّا أدرجه الإمام الزّهري رحمه الله في إحدى روايات البخاري قوله:

( وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً، حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ، تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ ! إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا ! فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ).

وهذه الزّيادة لا تصحّ من وجوه:

أ‌)  تفرّد بها معمر بن راشد، دون يونس بن يزيد وعُقَيل بن خالد، فهي شاذّة.

ب‌)  أنّها مرسلة بل معضلة، فإنّ الزّهري قال: " فيما بلغنا "، قال الحافظ في " الفتح "(12/302):" وهو من بلاغات الزّهريّ وليس موصولا "، ومن المقرّر لدى أهل العلم بالحديث أنّ بلاغات الزّهري كالرّيح.

ت‌)  أنّ هذه الزّيادة منكرة، فلا يليق أبدا بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم  أن يحاول قتل نفسه ويتردَّى من الجبل، وهو القائل صلّى الله عليه وسلّم:

((مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا )) [رواه البخاري ومسلم].

4- الوقفة الرّابعة: بيان ضعف القول بأنّ سورة الضّحى نزلت بعد هذه الفترة.

اعتمد القائلون بذلك على ما رواه البخاري ومسلم عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

احْتَبَسَ جِبْرِيلُ عليه السّلام عَلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ: أَبْطَأَ عَلَيْهِ شَيْطَانُهُ ! فَنَزَلَتْ: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}.

والصّحيح: أنّ انقطاع وفترة الوحي حدث مرّتين:

ففي المرّة الأولى طالت فترته كما مرّ.

وفي الثانية: نزلت بعدها سورة الضّحى، ولم تطُل كالأولى، ويؤيّد ذلك أنّ هذه الفترة تأخّرت حتّى نزل من القرآن ما شاء الله أن ينزل، وفُرض قيام اللّيل على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

ففي رواية للبخاري عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ ! إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ، لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ عزّ وجلّ: { وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} قال ابن عَبَّاس رضي الله عنه: ( مَا تَرَكَكَ وَمَا أَبْغَضَكَ ).

5- الوقفة الخامسة:أوّل ما نزل من القرآن مطلقا.

حديث عائشة في بدء الوحي نصّ على أنّ أوّل سورة نزلت هي العلق، وأنّ سورة المدّثر نزلت بعد انقطاع الوحي.

فما رواه البخاري عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ ؟ قَالَ:{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} محمول على الأوّلية بالنّظر إلى ما بعد الفترة، لا الأوّلية المطلقة.

عـــودٌ إلى مـكـــّة:

وهكذا يُرسَل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم .. وما كان بالأمس حُلما جميلا، أصبح اليوم حِمْلا ثقيلا ..

وما كان بالأمس القريب مجرّد إشارات وتلميحات، أضحى اليوم حقائق واضحات ..

فدلّه الله تعالى على أنّ قوام الأمر بالعلم بـ{اِقْرَأْ}، ومقتضى هذا العلم:{قُمْ فَأَنْذِرْ} وثمرة الإنذار: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فاَهْجُرْ}، وأنّه محفوف من جميع النّواحي بـ:{وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}..

حتّى كانت آخر سورة نزلت من القرآن:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجاً}..

وعند الله تجتمع الخصوم فكانت آخر آية:{وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [البقرة:281].

وبدأت الدّعوة .. فكيف كانت بدايتها ؟ هذا ما سنسلّط عليه الضّوء في حلقة مقبلة إن شاء الله.

أخر تعديل في الخميس 29 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 03 فيفري 2011 09:29

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.