أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- موقف الشّيخ ابن بايس من دعوة الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب رحمهما الله

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فيقول الله سبحانه وتعالى:{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5].

والمريج هو المختلط، ومنه قوله تعالى:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرّحمن: 19].

وسبب الخلط والتخبّط هو ردُّ الحقّ ودفعُه: اتّباعا للشّبهات، أو الرّكض خلف الشّهوات، أو تعصّبا لشيخ أو جماعة أو مشرب، أو بغضا لشخص أو طائفة أو مذهب.

قال ابن القيّم رحمه الله:

" ... فإنّ من ردّ الحقّ مرج عليه أمرُه، واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصّواب، فلم يدرِ أين يذهب " ["أعلام الموقّعين" (2/173)].

- قبساتٌ من حياة الشّيخين ابن باديس والإبراهيمي رحمهما الله-

محاضرة أُلقِيت يوم الثّلاثاء 12 جمادى الآخرة 1434 هـ الموافق لـ: 23 أفريل 2013 م

بمسجد " الإصلاح " ببلديّة الأربعاء.

الحمد لله القائل:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:

23]، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك كلّه وله الحمد وحده، جعل في كلّ زمانِ فترةٍ من الرّسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالِّ تائهِ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على النّاس ! وما أقبح أثر النّاس عليهم !

وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، القائل: (( يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ))، صلّى الله عليه وعلى آله الطّاهرين، وأصحابه الطيّيبين، وعلى كلّ من اتّبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، أمّا بعد:

فحديثنا اليوم إنّما هو قبسات - كما هو في عنوان المحاضرة - من حياة رجلين عظيمين من رجال هذه الأمّة. والقبس هو ما يُؤخذ من النّار، كما قال تعالى عن نبيّه موسى عليه السّلام:{ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه من: 10]، فإنّنا لا يمكننا أن نُحيطَ بأنوار حياة هذين الشّيخين، فلْنقتَصِر على أخذ قبسات تكون لنا نبراسا يُضيء لنا السّبيل.

-" الفـاضي يعمل قاضـي "

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فأستفتح هذه المقالة، بكلمة الشّيخ مبارك الميلي رحمه الله وهو يُعاني في زمانه من المثبّطين، ويتألّم من مواقف بعض المرجفين، الّذين لا يحملون شيئا إلاّ لواء تتبّع العثرات، وإذاعة الزلاّت والسّقطات.

قال رحمه الله:

" وقد تعدّدت وسائل الإرشاد في هذا العصر، وسهُلت طرقه، فلماذا لا ننهض مع تعدّد الحوافز وتكرّر المخازي ؟

وإذا نهض أحدنا فلماذا لا نعاضِدُه ؟

وإذا لم نُعاضِدْه فلماذا نُعارضه ؟

وإذا عارضناه فلماذا نعارضه بالبهتان ؟

وإذا عارضناه بالبهتان لحاجة، فلماذا يُعارضه من لا ناقة له ولا جمل في المعارضة والبهتان ؟"اهـ

- لماذا الحديث عن الثّبات ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ أعظم نعمة يمنّ بها المولى عزّ وجلّ على عباده هي نعمة الهداية إلى الإسلام، ثمّ الاستقامة عليه مدى الأيّام؛ لذلك كان الحديث عن الثّبات حديثاً عن عنوان السّعادة الأبديّة، والفوز برضا ربّ البريّة سبحانه.

وجوابا عن هذا السّؤال الكبير: لماذا الحديث عن الثّبات ؟ فإنّي أقول: إنّ ذلك لأسباب ثلاثة:

السّبب الأوّل: كثرة الانتكاسة ..

- توقـيـر العـلـمـــاء من توقـيـر الله عزّ وجلّ

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اقتفى أثره واتّبع هداه، أمّا بعد:

فإنّ الله تعالى قد أولى العلم منزلة تفوق كلّ المنازل، ومرتبة تعلو على كلّ المراتب، وخصّ أهله بالانتقاء والاصطفاء، ورفع ذكرَهم في الأرض والسّماء، وإنّي على يقين تامّ أنّه ما من مسلم ولا مسلمة إلاّ وهو يقرّ بكلّ ذلك، لا ينكره ولا يجحده إلاّ زائغ هالك ..

ولكنّ هذه الكلمات إنّما هي من أجل الغفلة الّتي سكنت كثيرا من القلوب، ولا عاصم منها إلاّ علاّم الغيوب ..

هذه الكلمات ما هي إلاّ تذكرة للغافل، وتثبيتا للمجدّ العاقل، وقطعا لحجّة كلّ متكاسل ..

فالمفرّط في العلم وأهله صنفان:

Previous
التالي

الأربعاء 24 رجب 1436 هـ الموافق لـ: 13 ماي 2015 12:29

- رفع الارتياب عن حكم إسبال الثّياب (1).

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فهذا مختصر في بيان مسألةٍ مهمّة من مسائل اللّباس، نزيح عنها بعض الإبهام والإلباس، أسميتها برفع الارتياب عن حكم إسبال الثّياب.

وسنتطرّق فيها إن شاء الله إلى:

- بيان معنى الإسبال.

- وأنواع الإسبال، وحكم كلّ نوع.

- وهل قصدُ الخيلاء شرطٌ في تحريم الإسبال أو لا ؟

- وأين يكون الإسبال: في الإزار خاصّة، أو هو عامّ ؟

- وهل الحكم خاصّ بالرّجال فحسب، أو أنّه يشمل النّساء أيضا ؟

- وما الحكمة في تحريم الإسبال ؟

- ما يُعفى عنه من الإسبال.

- حكم صلاة المسبل.

· معنى الإسبال.

الإسبال: هو إرسال اللّباس وإرخاؤه على الأرض حتَّى يجاوَزَ به الحدُّ المشروع وهو: الكعبان، ثوبا كان، أو إزارا، أو قميصا، أو عباءةً، أو سراويل.

ومنه إسبال السّتار أي: إسدالُه وإرسالُه، ومنه السّنبلة، سمّيت بذلك لاسترسالها.

  • · أنواع الإسبال، وحكم كلّ نوع.

المسبل لا يخلو أمره من حالين:

1- الأوّل: أن يكون الإسبال بلا قصد الخيلاء والبطر.

فالنّصوص كثيرة في تحريمه، والتّرهيب من فعله، وذلك من وجوه:

أ) الوعيد بالنّار:

فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: (( مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ )). [رواه البخاري، والنّسائي].

وفي رواية للنّسائي : (( إِزْرَةُ  المُؤْمِنِ إِلَى عَضَلَةِ سَاقِهِ، ثُمَّ إِلَى نِصْفِ سَاقِهِ، ثُمَّ إِلَى كَعْبِهِ، وَمَا تَحْتَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ )).

وللعلماء في قوله صلّى الله عليه وسلّم: ( فَفِى النَّارِ ): توجيهان:

أنّه على ظاهره، وأنّه يعذّب من كعبيه جزاء وفاقا.

أنّ المراد أنّ صنيعه وفعله هذا من فعل وصنيع أهل النّار.

ب) نفى الخير عن فاعله:

فقد روى الإمام أحمد عن أَنَسٍ رضي الله عنه عن النّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( الإِزَارُ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ )).

فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: (( أَوْ إِلَى الكَعْبَيْنِ، لاَ خَيْرَ فِيمَا فِي أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ )).

ج) جعل الإسبال منافيا لوصف التّقوى:

فروى الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال له: (( إِنْ كُنْتَ عَبْدَ اللهِ فَارْفَعْ إِزَارَكَ )).

فَرَفَعْتُ إِزَارِي إِلَى نِصْفِ السَّاقَيْنِ. فَلَمْ تَزَلْ إِزْرَتُهُ حَتَّى مَاتَ.

د) أنّ الله لا يحبّ المسبلين.

فقد روى ابن ماجه، وابن حبّان في " صحيحه " - واللّفظ له - عنِ المُغِيرةِ بنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قال: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم أَخَذَ بِحُجْزَةِ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي سَهْلٍ فقالَ:

(( يَا سُفْيَانُ، لاَ تُسْبِلْ إِزَارَكَ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُسْبِلِينَ ))[i].

وفي حديث: (( وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الإِزَارِ، فَإِنَّهُ مِنَ المَخِيلَةِ، وَلاَ يُحِبُّهَا اللهُ )).

2- الثّاني: أن يكون مسبلا إزاره وثوبه خيلاء:

فهذا يُعدّ من الكبائر؛ لما ثبت في حقّه من الوعيد الشّديد.

روى مسلم عنْ أبِى ذَرٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ:

(( ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم ثَلاَثَ مِرَارٍ.

قَالَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه: خَابُوا وَخَسِرُوا ! مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ:

(( الْمُسْبِلُ، وَالْمَنَّانُ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ )).

وقد عجّل الله لأقوام بالعقوبة في الدّنيا، فقد روى البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( بَيْنَمَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ مِنْ الْخُيَلَاءِ خُسِفَ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )).

الفرق بين المسألتين:

هما مسألتان وحالتان، خلافا لمن يزعم أنّ الإسبال غير محرّم إلاّ إذا كان فيه خيلاء، والأدلّة على ذلك ما يلي:

الأوّل: الفرق بين الوعيدين، فمجرّد الإسبال عقوبته النّار، وأمّا من جرّه خيلاء فقد ثبت في حقّه أمور أربعة: لا ينظر الله إليه، ولا يكلّمه، ولا يزكّيه، وله عذاب أليم.

الثّاني: روى النّسائي وغيره عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم لَمَّا ذُكِرَ فِي الْإِزَارِ مَا ذُكِرَ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ بِالنِّسَاءِ ؟ قَالَ:

(( يُرْخِينَ شِبْرًا )).

قَالَتْ: إِذًا تَبْدُوَ أَقْدَامُهُنَّ ؟ قَالَ:

(( فَذِرَاعًا لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ )).

فأمّ سلمة رضي الله عنها تسأل عن حالها وحال أخواتها المؤمنات اللاّء ينزل ثوبهنّ أسفل الكعبين، ولا شكّ أنّها والمؤمنات لا يقصِدن الخيلاء أبدا.

الثّالث: ما رواه البخاري عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ في قصّة طعن عمر رضي الله عنه، قال: فَعَلِمُوا أَنَّهُ مَيِّتٌ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَجَاءَ النَّاسُ فَجَعَلُوا يُثْنُونَ عَلَيْهِ وَجَاءَ رَجُلٌ شَابٌّ، فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ لَكَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم وَقَدَمٍ فِي الْإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ وَلِيتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ شَهَادَةٌ. قَالَ رضي الله عنه: ( وَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَفَافٌ، لَا عَلَيَّ وَلَا لِي ) فَلَمَّا أَدْبَرَ، إِذَا إِزَارُهُ يَمَسُّ الْأَرْضَ، قَالَ: ( رُدُّوا عَلَيَّ الْغُلَامَ !) قَالَ: ( يَا ابْنَ أَخِي، ارْفَعْ ثَوْبَكَ، فَإِنَّهُ أَبْقَى لِثَوْبِكَ، وَأَتْقَى لِرَبِّكَ ).

ووجه الدّلالة أنّ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه لا يفرّق بين أن يسبل المرء ثوبه خيلاء أولا، وينهى عنه مطلقا في أحلك وقت يمرّ بابن آدم، وذلك كلّه بحضرة الصّحابة رضي الله عنهم.

الرّابع: ما رواه مسلم عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم وَفِي إِزَارِي اسْتِرْخَاءٌ، فَقَالَ: (( يَا عَبْدَ اللهِ، ارْفَعْ إِزَارَكَ )) فَرَفَعْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: (( زِدْ )) فَزِدْتُ، فَمَا زِلْتُ أَتَحَرَّاهَا بَعْدُ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: إِلَى أَيْنَ ؟ فَقَالَ: أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ.

وهذا يدلّ أيضا على ما ذكرناه، أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ما كان يستفصل، وإنّما كان ينهى عن هذا وذاك.

الخامس: ما رواه الطّبراني عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم إِذْ لَحِقَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ الأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه فِي حُلَّةِ إِزَارٍ وَرِدَاءٍ قَدْ أَسْبَلَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم يَأْخُذُ بِنَاحِيَةِ ثَوْبِهِ وَيَتَوَاضَعُ للهِ وَيَقُولُ: (( اللَّهُمَّ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ )) حَتَّى سَمِعَهَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، فَالْتَفَتَ إِلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ! إِنِّي حَمْشُ السَّاقَيْنِ - أي: دقيقهما - فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( يَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ، يَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ المُسْبِلِينَ )) ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم بِكَفِّهِ تَحْتَ رُكْبَةِ نَفْسِهِ فَقَالَ: (( يَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، هَذَا مَوْضِعُ الِإزَارِ )) ثُمَّ رَفَعَهَا، ثُمَّ وَضَعَهَا تَحْتَ ذَلِكَ فَقَالَ: (( يَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَة، هَذَا مَوْضِعُ الِإزَارِ )) ثُمَّ رَفَعَهَا، ثُمَّ وَضَعَهَا تَحْتَ ذَلِكَ فَقَالَ: (( يَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، هَذَا مَوْضِعُ الِإزَارِ )).

فالظّاهر من سياق هذا الحديث أنّ عمرو بن زرارة رضي الله عنه لم يقصد الخيلاء أبدا بإسباله، وإنّما قصد سَتر حمَشَ ساقيه، ومع ذلك فقد أخبره النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بأنّ الله لا يحبّ المسبلين، وأخذ يبيّن له صفة الثّوب وحدّه.

  • · شبهة والردّ عليها:

كثيرٌ من النّاس يتركون المحكم الصّريح، ويتّبعون المحتمل القابل للتّأويل، فشاع لدى بعضهم أنّه لا بأس بالإسبال من غير خُيلاء ! وراحوا يستدلّون بما رواه البخاري عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ ثَوْبِي يَسْتَرْخِي، إِلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلَاءَ )).

ولا شكّ أنّ ثمّة بونا شاسعا بين حال أبي بكر وحالهم، فإنّ أبا بكر رضي الله عنه يقول:" إنّ أحد شقَّي ثوبي يسترخي "، فدلّ على أنّه كان يلبسه ابتداءً فوق الكعبين، فينزل من غير قصد لنحافته ودقّة خاصريه، وهذا عذر لا يختلف العلماء أنّ العبد لا يؤاخذ به.

ثمّ لو كان قائل ذلك صادقا، لفعل على الأقلّ فِعل أبي بكر رضي الله عنه فيتعاهد ثوبه لئلاّ يقع في النّهي.

قال الإمام الذّهبي رحمه الله في " السّير " (3/234) في ترجمة عبد الله بن عمر رضي الله عنه بعدما ذكر أثرا عن قزعة قال:

" رأيت على ابن عمر رضي الله عنه ثيابا خشنة، فقلت له: إنّي قد أتيتك بثوب ليِّنٍ من خراسان وتقرّ عيني أن أراه عليك. فقال: أرِنِيه، فلمسه، وقال: أحرير هذا ؟ قلت: لا، إنّه من قطن. قال: إنّي أخاف أن ألبسه، أخاف أن أكون مختالا فخورا، والله لا يحبّ كلّ مختال فخور "، قال الذّهبي معلّقا:

" قلت: كلّ لباس أوجد في المرء خيلاء وفخرا فتركُه متعيّن، ولو كان من غير ذهب ولا حرير، فإنّا نرى الشابّ يلبس الفرجية الصّوف بفرو من أثمان أربع مئة درهم ونحوها، والكبر والخيلاء على مشيته ظاهر، فإن نصحته ولمته برِفقٍ كابر وقال: ما فـيّ خيلاء ولا فخر ! وهذا السيّد ابن عمر رضي الله عنه يخاف ذلك على نفسه.

وكذلك ترى الفقيه المترف إذا لِيمَ في تفصيل فرجيّة تحت كعبيه، وقيل له: قد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ )) يقول: إنّما قال هذا فيمن جرّ إزاره خيلاء، وأنا لا أفعل خيلاء ! فتراه يكابر ويبرّىء نفسه الحمقاء، ويعمد إلى نصّ مستقلّ عامّ فيخصّه بحديث آخر مستقلّ بمعنى الخيلاء، ويترخّص بقول الصدّيق رضي الله عنه: ( إنّه يا رسول الله يسترخي إزاري ؟) فقال صلّى الله عليه وسلّم: (( لَسْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ مِمَّنْ يَفْعُلُهُ خُيَلاَءَ )) ! فقلنا: أبو بكر رضي الله عنه لم يكن يشدّ إزاره مسدولا على كعبيه أوّلاً، بل كان يشدّه فوق الكعب، ثمّ فيما بعد يسترخي. ومثل هذا في النّهي لمن فصّل سراويل مغطّيا لكعابه .. وكلّ هذا من خيلاءَ كامنٍ في النّفوس، وقد يُعذَر الواحد منهم بالجهل، والعالِم لا عذر له في تركه الإنكار على الجهلة .. فرضي الله عن ابن عمر وأبيه .. فالله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب ".

  • · هل حكم الإسبال خاصّ بالإزار:

قال الطّبريّ رحمه الله - كما في " فتح الباري "-:

" إنّما ورد الخبر بلفظ الإزار لأنّ أكثر النّاس في عهده صلّى الله عليه وسلّم كانوا يلبسون الإزار والأردية، فلمّا لبس النّاس القميص والدّراريع كان حكمها حكم الإزار في النّهي. قال ابن بطّال: هذا قياس صحيح ".

وقد روى أبو داود عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنه قال: ( مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي الْإِزَارِ فَهُوَ فِي الْقَمِيصِ ).

( يُتبع إن شاء الله )



[i] " صحيح التّرغيب والتّرهيب " (2039).

أخر تعديل في الأربعاء 24 رجب 1436 هـ الموافق لـ: 13 ماي 2015 12:33

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.