أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الأحد 28 رجب 1436 هـ الموافق لـ: 17 ماي 2015 09:55

- رفع الارتياب عن حكم إسبال الثّياب (2).

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فهذا الجزء الثّاني من المباحث المتعلّقة بإسبال الثّياب، وكنّا قد رأينا في المقال الأوّل:

- بيان معنى الإسبال.

- وأنواع الإسبال، وحكم كلّ نوع.

- وهل قصدُ الخيلاء شرطٌ في تحريم الإسبال أو لا ؟

- وأين يكون الإسبال: في الإزار خاصّة، أو هو عامّ ؟

وفي هذه الأسطر بيان ما يلي:

- هل تحريم الإسبال خاصّ بالرّجال فحسب، أو أنّه يشمل النّساء أيضا ؟

- وما الحكمة في تحريم الإسبال ؟

- ما يُعفى عنه من الإسبال.

- حكم صلاة المسبل.

- هل تحريم الإسبال خاصّ بالرّجال أو هو يشمل النّساء أيضا ؟ 

أطلق بعض أهل العلم جواز الإسبال للنّساء، وقالوا: إنّ الخطاب موجّه للرّجال دون النّساء.

قال القاضي عياض رحمه الله - كما في " طرح التّثريب "(8/173) و" الفتح " (10/259)-:" أجمع العلماء على أنّ هذا ممنوعٌ في الرّجال دون النّساء "، وقال النّوويّ رحمه الله في " شرح صحيح مسلم " (5/14):" أجمع العلماء على جواز الإسبال للنّساء ".

ولعلّ مرادهم رحمهم الله بالإسبال الجائز للنّساء ما كان ممنوعا على الرّجال، لكن بشرط ألاّ يزيد على الذّراع، وإلاّ فإنّ الذّيول إذا زادت على الذّراع فإنّه محرّم عليهنّ.

روى النّسائيّ وغيره عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم لَمَّا ذُكِرَ فِي الْإِزَارِ مَا ذُكِرَ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ بِالنِّسَاءِ ؟ قَالَ: (( يُرْخِينَ شِبْرًا )) قَالَتْ: إِذًا تَبْدُوَ أَقْدَامُهُنَّ ؟ قَالَ: (( فَذِرَاعًا لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ )).

فأمّ سلمة فهِمت من قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ )) العموم، ولم ينكر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عليها فهمها، فلمّا سألت قال صلّى الله عليه وسلّم: (( يُرخينه شبراً )) ثمّ قال: (((( فَذِرَاعًا لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ )).

وعليه فإنّ النّساء محرّم عليهنّ الإسبال كالرّجال، غير أنّ ابتداء الإسبال في حقّهنّ يكون ممّا زاد على قدر الذّراع.

وابتداء الذّراع يكون من الكعب, فما جاوزه فهو إسبال في حقّهنّ.

  • · الحكمة من تحريم الإسبال:

أمّا الحكمة من تحريم الإسبال مع الخيلاء فظاهرة جدّا، لأنّ الكبر محرّم بجميع صوره، والخيلاء يبغضها الله إلاّ في موطن النّفقة والجهاد في سبيله، ولقد قال تعالى:{وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18]، وقال:{وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الجِبَالَ طُولاً} [الإسراء: 37]، و(( لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ )).

أمّا الحكمة من تحريم إسبال الثّياب من غير خيلاء، فقد ذكر العلماء حِكما في ذلك:

منها أنّ فيه مخالفةً لأمر الله عزّ وجلّ ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، وكفى بذلك مضرّة على العبد في دنياه ودينه.

فيه تشبّه بالمتكبّرين وقد سبق بيان ذمّ الكبر، والشّريعة تسدّ كلّ الأبواب المفضية إلى المعصية أو التشبّه بالعصاة.

فيه تشبّه بالنّساء وما يورثه من صفات الأنوثة والتخنّث، أمّا صفات الرّجولة فقائمة على التّشمير والنّشاط.

فيه إسراف وزيادة على القدر المحتاج إليه في اللّباس.

فيه تعريض النّفس إلى الأذى من غير عذر شرعيّ، فيعلق بالثّوب من النّجاسات ما لا يدرك، ولا يأمن تمزّق الثّوب وفساده، لذلك قال عمر رضي الله عنه لخالد بن عُبيد-كما في رواية أحمد والتّرمذي في " الشّمائل "-: ( ارفع إزارك فإنّه أبقى وأنقى ).

  • · ما يُعفى عنه في الإسبال:

فلا يؤاخذ المرء بإسباله الثّوب في حالين:

أ) إذا عرض له ذلك كسرعة مشي أو انحناء أو نحر ذلك، كما تشير إله حادثة أبي بكر رضي الله عنه.

ب) إذا أراد دفع الضّرر، كالبرد الشّديد، أو كان بكعبيه جرح يتأذّى من إظهاره ما لم يستره بإزاره، قال الحافظ رحمه الله في " الفتح " (10/ 269): " نبّه على ذلك شيخنا في " شرح التّرمذي "، واستدلّ على ذلك بإذنه لعبد الرّحمن بن عوف رضي الله عنه في لُبس القميص الحرير من أجل الحكّة، والجامع بينهما جواز تعاطي ما نُهِي عنه من أجل الضّرورة، كما يجوز كشف العورة للتّداوي " اهـ.

  • · حكم صلاة المسبل:

اختلف العلماء في حكم صلاة المسبل على قولين:

الأوّل: أنّ الصّلاة صحيحة مع الإثم، وهو ظاهر قول المذاهب الأربعة.

["المبسوط (1/206)"، و"البناية في شرح الهداية" (2/551) لأبي محمّد العيني، و"الكافي" (64)، و"التّاج والإكليل" لابن المواق، و"التّبصرة" (491)، و"المجموع" (1/405)و(3/176)، و"المغني" (2/303)، و"الإنصاف"(1/458)].

مع ملاحظة أنّ أكثرهم يقيّد التّحريم بالخيلاء، والصّواب أنّه محرّم مطلقاً.

الثّاني: أنّها باطلة، وهو قول ابن حزم رحمه الله في "المحلّى" (4/73).

وقد ذكر الصّنعانيّ رحمه الله في كتابه "استيفاء الأقوال في تحريم الإسبال على الرّجال" (ص 38) أنّه لم يُصرّح أحد من العلماء ببطلان صلاة المسبل إلاّ ابن حزم رحمه الله. ووجه قوله هذا ما يلي:

دليل من النّظر، وهو أنّ النّهي يقتضي الفساد.

أدلّة من الأثر، ومنها:

أ) ما رواه أبو داود عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يُصَلِّى مُسْبِلاً إِزَارَهُ إِذْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ )). فَذَهَبَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ جَاءَ، ثُمَّ قَالَ: (( اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ )). فَذَهَبَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَكَ أَمَرْتَهُ أَنَّ يَتَوَضَّأَ ؟ فَقَالَ: ((إِنَّهُ كَانَ يُصَلِّى وَهُوَ مُسْبِلٌ إِزَارَهُ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لاَ يَقْبَلُ صَلاَةَ رَجُلٍ مُسْبِلٍ إِزَارَهُ )).

ووجه الدّلالة نفي قبول صلاة المسبل، وذلك يقتضي عدم صحّتها.

ب) ما رواه أبو داود عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ - وبعضهم يُوقِفُه -: (( مَنْ أَسْبَلَ إِزَارَهُ فِي صَلاَتِهِ خُيَلاَءَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي حِلٍّ وَلاَ حَرَام )).

قالوا: معناه: أنّ الله لا يعبأ به ولا بصلاته، وليس ذلك إلاّ لبطلانها.

ج) ما ذكره ابن حزم رحمه الله في " المحلّى " (4/73،74) عن بعض السّلف من الآثار:

قول ابن مسعود رضي الله عنه: المُسْبِلُ إِزَارَهُ فِي صَلاَتِهِ لَيْسَ مِنَ اللهِ فِي حِلٍّ وَلاَ حَرَام.

قول ابن عبّاس رضي الله عنه: لاَ يَنْظُرُ اللهُ إِلَى مُسْبِلٍ.

قول مجاهد: كان يقال: من مسّ إزارُه كعبه لم يقبل الله له صلاةً. وهذا مجاهد أحد أواسط التّابعين يحكي ذلك عمّن قبله وليسوا إلاّ صحابة.

قول ذرّ بن عبد الله المُرهِبي - وهو أحد كبار التّابعين -: كان يُقال: من جرّ ثيابه لم تُقبل له صلاة.

قال ابن حزم رحمه الله: " ولا نعلم لمن ذكرنا مخالفا من الصّحابة " اهـ.

أمّا جمهور العلماء فأجابوا عن أدلّة ابن حزم بما يلي:

أ) قوله إنّ النّهي أفاد البطلان ليس صحيحا، لأنّ النّهي تعلّق بأمر خارج عن الصّلاة، لا بذاتها، ولا بشرط من شروطها، فأشبه ما لو صلّى وقد لبس ذهبا أو عمامة من حرير ونحو ذلك [قاله الشّيرازي في " المهذّب "، وابن قدامة في " المغني "].

ب) أمّا حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند أبي داود فهو حديث ضعيف، لجهالة أحد رواته، لذلك استغرب العلماء قول الإمام النّووي في " رياض الصّالحين ": " رواه أبو داود بإسنادٍ صحيح على شرط مسلم "! فإنّه ليس من رجال مسلم.

ثمّ لو سلّمنا بصحّته فإنّه لا يدلّ على البطلان، لأنّ القاعدة المقرّرة أنّ نفي القبول إذا اقترن بذكر معصيةٍ فإنّه لا يراد به نفي الصحّة وإنّما يراد به نفي الثّواب، كنفي صلاة العبد الآبق حتّى يرجع، والمرأة النّاشز حتّى تطيع، ومن آتى عرّافا ولم يصدّقه، فإنّه لا يلزم هؤلاء إعادة الصّلوات حال معصيتهم باتّفاق العلماء.

أمّا إن كان نفي القبول غير مقترن بمعصية فإنّه يقتضي نفي الصحّة لأنّ نفي القبول حينها إنّما لفقد شرط من شروطه الصّلاة كصلاة المرأة مكشوفة الرّأس دون خمار.

وصلاة المسبل من النّوع الأول كما هو ظاهر.

ج) أمّا حديث الباب فالأصحّ أنّه موقوف كما يشير إليه كلام أبي داود حيث قال: ورواه جماعة موقوفا على ابن مسعود رضي الله عنه.

فإن قيل: إنّ له حكم الرّفع، فيُجاب أنّه لا يدلّ على بطلان صلاة المسبل، فإنّه قال:" لَيْسَ مِنَ اللهِ فِي حِلٍّ وَلاَ حَرَام " وهذا يحتمل معنيين:

ليس من الله في حلٍّ أي: لا يجعله في حلّ من الذّنوب، ولا في حرام أي: ليس في منع الله وحفظه فلا حرمة له.

أو يكون المعنى: لا يعظّم ولا يؤمن بحلال ولا بحرام.

بدليل أنّنا نجزم أنّه في حرام عاصٍ لله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم.

حتّى لو كان المعنى أنّ الله لا يقبل صلاته، فقد سبق بيان معنى نفي القبول.

د) أمّا الأثار عن السّلف:

فأثر ابن مسعود رضي الله عنه قد أجيب عنه.

وأمّا أثر ابن عبّاس رضي الله عنه فلا يدلّ على المقصود، لأنّه موافق للأحاديث السّابق شرحها أنّ الله لا ينظر إليه يوم القيامة، وهو ليس موضع النّزاع.

أمّا أثر مجاهد وذرّ بن عبد الله المُرهِبيّ فليس فيهما إلاّ نفي القبول، وقد سبق بيان قول أهل العلم في ذلك.

والله تعالى أعلم، وأعزّ وأكرم.

أخر تعديل في الأحد 28 رجب 1436 هـ الموافق لـ: 17 ماي 2015 09:59
المزيد من مواضيع هذا القسم: « - رفع الارتياب عن حكم إسبال الثّياب (1).

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.