أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الثلاثاء 09 رمضان 1437 هـ الموافق لـ: 14 جوان 2016 14:05

قِصَّةُ طَـالُـوتَ: مَعَالِمُ الهَزِيمَة، وأَعْلاَمُ النّصْر

الكاتب:  أمين بن يوسف الأحمدي
أرسل إلى صديق

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على من بُعِث بالشِّرعة العليا والكتابِ المبين، وعلى آله وصحبه ومن اتّبعهم بإحسان إلى يوم الدّين، وبعد:

فقد بَعثَ الإمامُ أشجانَ النّفوس في ليلةٍ رمضانيّةٍ مباركةٍ بقراءةٍ شجيّةٍ ذهب معها الفكرُ في مجاري معاني الكتاب كلَّ مذهب، وكان من حسنِ أدائِه في قراءة قصّة طالوت من سورة البقرة ما كشف الحُجُبَ عن العيان ببصائر القرآن.

وكنت في أيّامٍ خاليات يعجبنِي من قصّة طالوت ما يحرّك النّفوس من صُورِ البلاء الحسن، والشّجاعة والإقدام، ووقائعِ أهل الإيمان، إلاّ أنّ تتابعَ النّظر، وتعاني المحنة في الأمّة، بعثَ النّظرَ إلى ما هو أشرفُ في التدبّر وأعمقُ في التفكّر من النّظر في معالم الهزيمة - وهي ما نتعانى -، وأعلام النّصر - وهو ما ننشُدُ -، فإذا في هذه القصّة من قوانين زوالِ الشّوكة، ثمّ حصولِ التّمكين ما يصلُح لدولة أهلِ الإسلام دستوراً، وللأمّة منهجاً إلى القيام من كبوَتِها بإذن الله ومَنِّه وكرمِه عاجلاً غيرَ آجل.

وهذا ما حضرَ الخاطرَ في ذلك المقام:

1- مَـعَـالِـمُ الْهَـزِيـمَـة:

ابتدأت قصّةُ طالوتَ بذكر أسوأِ أحوالِ بني إسرائيلَ من الذلّة والمهانة، لمّا سلّط الله عليهم عدوَّهم، فهتكَ سِترَهم، واستباح ديارَهم، واسترقّ ضَعَفَتَهم، وما كان من توجُّهِهم إلى نبيِّهم يسألونه لَمَّ الشّتات، والاجتماع على ملِكٍ يقاتلون تحت رايته:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}. فالمطلبُ واحدٌ، وهو رفعُ الذِّلّة، والقتالُ في سبيل الله، إلاّ أنّ نبيَّهم بما آتاه الله من علمٍ، تفرَّسَ فيهم معالِمَ الخِذلان والهزيمة الّتي لا ترتفع أعلامُ النّصر معها، فابتدأهم من الدّاء يتتبّعُ مواضِعَه، لتنْزِل صحّة النّصر على عافية الدّين، كما تنْزِل صحّة الطّعام على عافية البدن، وغير ذلك لا يزيد المرض إلا استشراءً.

* المعلم الأول: الحَمِيَّة الكاذبة.

يقول ربّنا سبحانه وتعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [البقرة: 246].

إنّ أعظمَ معالِمِ الهزيمة في معركة الإيمان والكفر: معلَمُ الحمِيَّة الكاذبة؛ لأنّها ناتجةٌ عن ضَعف المعرفة بالدّاء، وإنّما هي فعلُ ساعة حمل عليها هياج اللّحظة، لا يُسنِدُها إيمانٌ بمبدأٍ ولا استمساكٌ بمنهجٍ، فما هي إلاّ أن تذهبَ في صُراخٍ وعَويلٍ وحَشْدٍ على غير هدى، كانتفاخ الورم يحسبه الجاهل صحّةً وكمالا. ومكمنُ خطر الحميّة الكاذبة أنّها تُكذِّبُ أصحابَها ساعة اللِّقاء ولحظة الحَسْم، فترتدُّ النّفوس على أعقابها إذا عاينت أهوالَ المحنة، فعلمت أنّ ما كانت عليه: جعجعةٌ لا طَحْن فيها، وذلك ما كان من شأن أكثر أصحاب طالوت، فإنّ الله وصفهم بالتولِّي والنُّكُول عن القتال، وقلّةِ الصّبر على مغارم الجهاد:{تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ}، {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ}.

* المعلم الثاني: الخيـانـة.

قال تعالى:{فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}، فمن لم يُوطِّنْ النّفسَ على أداءِ الأمانة والوفاءِ بالعهد، وصِدقِ الوَعْد في مواطن البَأْس، استسْهلَ الخيانةَ والغدْرَ، ولم يَعظُمْ في نفسه ما عاقد عليه من المصابرة والمرابطة، وأمثالُ هؤلاء في ساعة الحسم أعْدَى من العدوّ، كما كان شأنُ عبدِ الله بنِ أُبَيِّ ابنِ سَلُولٍ رأسِ النِّفاق يومَ أُحُدٍ؛ فإنّه لمّا أراد شَقَّ الكلمة ارتدّ عن القتال بمن معه من عُصبة المنافقين، وكان موقفاً شديداً على المسلمين، لولا أن الله تعالى ثبّتَهم على الحقّ، وهَوَّن عليهم نقص العدد.

* المعلم الثالث: التّنـازع.

قال تعالى:{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ} [البقرة من: 247]، فجعلوا مبدأَ أمرِهم هَواناً للقوّة، وفَتًّا في العَضُد؛ إذ تنازعوا الأمر، وتقارعوا على السّلطان، فمن كان قلبُه سليماً من العامّة أُشرِب في ذلك المقام حِسَّ الانقسام، وقد حذّرنا ربّنا سبحانه ذلك فقال:{وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال من:46]، وقال:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران من:103]، وبيّن الله وبيلَ مآلِ التّنازع فقال:{حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}، فكان الحرصُ على شرفِ الملك، وتَقَصُّدُ مقام الرّياسة سبباً في ما كانوا عليه من سوءِ الحال، وضعفِ القوّة قبل اجتماع الكلمة.

* المعلم الرابع: الاعتراض على الشريعة.

قال تعالى:{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ}، فلم يكن تمليكُ طالوتَ عليهم عنْ رأيِ بَشَرٍ، ولا مشورةِ جماعةٍ، فيسوغَ الاعتراضُ عليه بوجهٍ محتمَل، وإنّما كان عن أمرِ الله عزّ وجلّ، فقابلوه بالاعتراض والردّ، وحاجُّوا أمرَ الله بالمعايير المحدثة والآراء الفاسدة، وهي بدعةُ إبليسَ الأولى الّتي منها كان مبدأُ المحنةِ الإنسانيّة؛ إذ اعترض على أمر الله بالسّجود لآدم، فقال:{أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} [الأعراف من:12 وص من:76]، وهؤلاء قالوا:{وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالمُلْكِ مِنْهُ}.

* المعلم الخامس: الكبر والحسد.

قال تعالى:{قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ}، فجزموا بالأحَقِّية من غيرِ علمٍ موثوقٍ، ولا دليلٍ مقبولٍ، بل بمجرّد الكِبْر المتولِّد عن حسدِهم طالوتَ وما سيق إليه، والله تعالى يقول في كتابه:{فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى} [النّجم من:32]، وأقلُّ ما في الحسدِ: الاعتراضُ على حكمةِ الخالق سبحانه في تدبير شؤونِ خلقِه؛ إذ قضَى المعترضُ بأنّ الحقَّ والعدلَ يقتضي أن يُساقَ إليه ما ساقته تدابيرُ الحكمة الربّانيّة إلى غيره. فمن معالم الهزيمة: التّحاسد بين المؤمنين، في قليل العطاء وكثيره، فإنّ فيه فسادَ الدّين وفسادَ الدّنيا.

* المعلم السادس: فساد المعايير.

قال تعالى: (قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ المَالِ}، فقاسُوا المسألةَ بمعيارٍ فاسدٍ يقتضي سياقةَ الشّرف إلى الأغنى ! فكان الغنى عندهم معقِدَ الجاه والسّلطان والتّقديم بإطلاق، فبيّن لهم نبيُّهم أنَّ السّعةَ في المال عونٌ على الحقّ ما كان الحقُّ قائما في النّفوس؛ فإنْ لم يكن، فلا عبرة بها تبعاً ولا استقلالاً؛ ولذلك لمّا ذكر لهم المعيارَ الربّانِيّ في التّقديم لم يَجْرِ فيه للمالِ ذكرٌ بوجه، بل قال تعالى:{قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة من:247].

* المعلم السابع: قلَّةُ الصّبر.

قال تعالى:{فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ}، وذلك لمّا امتحنهم اللهُ بالإمساك عن الشُّرب مع حضور الماء ابتلاءً لصبرِهم عن موادّ الدّنيا وأسبابِ الحسّ، إلاّ بالمقدار المأذون فيه، وإنّما أذن لهم في الغَرفة ليعلم أن من حنكة القائد أن يبني التخطيط على قلّة الموارد؛ لأنّه إن بناه على سعتها فقلَّتْ لسببٍ ما، فسد عليه تدبيرُه، وانتقض عليه أمرُه، وأمّا إن بناها على القلّة فاتّسعت، لَمْ تزِدْه سعتُها إلاّ قوّةً، فلمّا لم يصبروا على العطش مع الأمن، كان أحرى ألاّ يصبروا عليه مع جهد القتال، وكان أحرى بأمثال هؤلاء ألا يزيدوا عصابة الإيمان إلا خبالاً بالانتحاب على الجوع والعطش ساعة الحسم.

فهذه معـالـمٌ للهـزيـمـة جرى التّنبيه عليها في ثنايا القصّة بألطفِ طريقٍ؛ ليتبصّر فيها المسلمون فيجتنبوها في سبيل القيام بالأمة من نكستها، وقرن ربُّنا سبحانه وتعالى بها أسباب النّصر عن طريق المقابلة والمعاوضة، وهذا بيانها:

2- أَعْـلاَمُ النّـصْـرِ.

بيّن ربّنا سبحانه وتعالى في سياق هذه القصّة العظيمة شِرعتَه لأهل طاعته في طريق النّصر، ونصب لها أعلاماً ومناراتٍ يَهتدِي بها سالكو سُبُلِ الجهاد في سبيله، وهذا بيانها:

* العلم الأول: تشخيص الداء.

قال تعالى:{قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا}، فالقائد الحقيقيّ لا يكون مَقُودا بمشاعرِ أتباعه، مغترّا بمظاهرات رعيَّتِه، بل ينبغي عليه أن يكونَ على درايةٍ بحالِ الرّعيَّةِ تحقيقاً للشّرع ظاهرا وباطنا، وقدرتِها على المجابهة المباشِرة للعدوّ، من جهة تحقيقها للعُدّة الإيمانيّة والمادّية، وأمّا خوضُ الحروب المصيريّة من غير تصوُّرٍ صحيحٍ لموازينِ القوّة الدّينيّة والنّفسيّة والمادّيّة، فهو من الإلقاء باليد إلى التّهلُكة، والتّغرير بالمسلمين.

* العلم الثاني: التسليم للأقضية الإلهية الشرعية والقدرية.

قال تعالى:{قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي العِلْمِ وَالجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ}، فالمؤمن مطالَبٌ بأن يسلِّم الأمرَ إلى الله تعالى شرعا وقدراً، وذلك أصل عَقْد توحيده، ومعنى إسلامه، قال تعالى:{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [القصص من 68]، وقال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب من:36]، وقال تعالى:{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف من:54]، وعلى قدر ما يجرى للمسلم من التسلم لأقضية المولى سبحانه، ويرى ربه منه ما يرضيه عنه، تفيض عليه الرحمات والبركات، وتتنزل أسباب النصر، {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران من:126].

* العلم الثالث: تقويم المعايير وتصحيح المفاهيم.

قال تعالى:{قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، فالقائد ينبغي ألاَّ يغفُل عن تصحيح المفاهيم لرعِيَّتِه في كلّ محطّات الطّريق، سواءٌ كانت عَقَديّةً أو منهجِيَّةً أو سياسيّةً أو حَربيّةً؛ لأنّ الوعيَ في الرعيّةِ من أسباب القوّة الجماعيّة؛ ولذلك بادر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى تصحيح عَقْد توحيد أصحابه كما في حديث أبي واقدٍ اللّيثِيّ رضي الله عنه فقال: (( إِنْ كِدْتُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلَ أَصْحَابِ مُوسَى لِمُوسَى: اِجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ !)). وقد بيّن لهم نبيُّهم أنّ أسبابَ التّمليك:

منها ما يرجع إلى الاصطفاء الّذي هو من علْمِ الله تعالى، فربّما بيّن الحكمة فيه وربّما أخفاها، والإيمانُ بها لازمٌ بكلّ حال، ولذلك ختم الآية بقوله:{وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ}.

ومنها ما يرجع إلى الأسباب الصّحيحة الّتي هي العلمُ بالحقّ، والقوّة على الحقّ، وهما معنى البسْطة في العلم والجسم، وقد قال تعالى في شأن ذي القرنين:{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} [الكهف:84] أي: علما، فكان التّمكينُ له في الأرضِ هو القوّة على الحقّ، وما أوتِيَه من الأسباب قسمان:

أ) علمُ الشّريعة الّذي يُميِّز به الخبيثَ من الطيّبِ:{ قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)} [الكهف].

ب) وعلمُ الحديد الّذي يقْوَى به على الحقّ:{آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97)} [الكهف].

* العلم الرّابع: ميراث النبوة.

قال تعالى:{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ} [البقرة من:248]، وكان هذا التّابوتُ - كما جاء في الآثار - قد سُلِبه بنو إسرائيل في حروب بابل، وبه بقايا ألواح التّوراة الّتي أنزلها الله على موسى عليه السّلام، فجعل الله أمارةَ تمليكِ طالوتَ عليهم أن يكون أوّلَ بشاراته وبركاته عليهم، أي: يُرَدَّ عليهم - كرامةً له -تابوتُ العهد الّذي هو ميراثُهم من أنبيائهم الأوّلين، فنبّه الله تعالى هذه الأمّةَ المحمّديّةَ من طريق الإشارة إلى أنّ أُولَى بشائرِ النّصر لهذه الأمّة: الاستمساك بميراث النبوّة المحمّديّة، وهو الكتاب المبين والسنّة المشرّفة، وأنّ العودة إلى هذا الميراث أوّلُ النّصر في الزّمن الآخر كما كان عَلَمُ النّصر في الزّمن الأوّل:{إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمّد من:7]، {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال من:46].

* العلم الخامس: التربية الإيمانية المستمرة.

قال تعالى:{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} [البقرة من:249]، فهذا الاختبار من طالوت للجنود يتضمّن محنتين:

محنةَ الصّبر؛ إذ امتحنهم بالإمساك عن الماء مع العطش والحرّ وطول السفر، وهو امتحان البدن.

ومحنة الانقياد؛ إذ كان ذلك ابتلاءً من الله تعالى:{وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ} [الحديد من:25]، وشواهدُ الامتحان تفضحُ أهل الادّعاء بكلّ حال، وهم الّذين استنكروا الشكّ في هممهم في أوّل القصّة، فقالوا:{وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [البقرة من:246].

* العلم السّادس: إنّ الذِّكرى تنفعُ المؤمنين.

قال تعالى:{فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة من:249]. فهذه نزغة الشيطان في الّذين {آمَنُوا مَعَهُ} وهي حظ الشيطان من ابن آدم، إلاّ أنّ فضلَ المؤمنِ فيها على الكافر أنّها لا تستقرّ بقلبه، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف:201]، وإنّما يصرِفُها العلمُ الصّحيح الّذي به التحقُّقُ بمعالم التّوحيد:{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة من:249]، وفي مثل هذه المقامات تظهر فضيلة العالم على غيره في استحضار ما به تثبت النفوس ويربط على القلوب.

* العلم السّابع: وما النّصرُ إلاّ من عندِ الله.

قال تعالى:{وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة من:250-251].

لمّا بلغت الأقدامُ مواضعَ الحقائق، وكان غيبُ الموت عِياناً في النّفوس، واجتنبَ المؤمنون معالِمَ الهزيمة، وأعدّوا ما استطاعوا من أعلام النّصر - وإن قَلَّت في موازين البشر -، توجّهوا بسلاح أهل الإيمان الّذي لا يُشركهم فيه غيرهم، وهو: الدّعـاء والضّراعة إلى الجبار سبحانه: أن يُثبِّتَ قلوبَهم ويُفرِغَ عليهم صبرا، وينصرَهم، فما كانت إلاّ ساعة المصابرة {وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}، حتّى دارت الدّائرة على عسكر الشِّرك، ورَزَق الله أولياءَه الحُسْنَيَيْن: شهادةً لمن اختاره لجواره، ومدّة لمن أعَدَّ لنحورِ أعدائه، ولا حول ولا قوّة إلاّ به.

هذا، والحمد لله ربّ العالمين، وصلواته على محمّدٍ وآله وصحبه أجمعين.

أخر تعديل في الثلاثاء 09 رمضان 1437 هـ الموافق لـ: 14 جوان 2016 14:10

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.