أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- نشاط أهل الفتور !

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد يبدو عنوان هذه الكلمة لأكثرنا غريبا، ولِم لا، ونحن في زمن الغربة الثّانية ؟

وإن شئت فقل: ( عمل البطّالين ) الّذين لا ينهضون إلاّ للقعود، ولا يستيقظون إلاّ للرّقود، تعطّلت فيهم الحواس إلاّ اللّسان، وسلم منهم جميع النّاس إلاّ الخِلاّن.

وسنّة الله تعالى أنّ النّفس إن لم تشغلها بمحاسن الخلال شغلتك بمساوئ الفِعال، فهو عاطل إلاّ عن الباطل.

إنّهم ضحايا داء الفتور، وما أدراك ما الفتور ؟

- مظاهر التّزكية في التقرّب إلى الله بالأضحية.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّه لا تخلو عبادة من العبادات من الحكم الغالية، والمعاني السّامية، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها. إلاّ أنّ معرفتها تُسبِغُ على القلب ثوب الطّمأنينة واليقين، وتحمل العبدَ إلى تحصيل ثمراتها في كلّ حين.

وإنّ في الأُضحية من الفوائد التّربويّة ما لا يمكن إحصاءه، ولا عدّه أو استقصاءه، ولكن بحسَب العبدِ من القلادة ما أحاط بالعنق.

فمن مظاهر تزكية النّفس من التقرّب إلى الله تعالى بالأضحية:

1- حياة الرّوح والقلب.

فقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [لأنفال:24].

- فضائل وأعمال عشر ذي الحجّة

الخطبة الأولى [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّ الله تبارك وتعالى يقول في محكم تنزيله، وأحسن قيله:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62]. فلا يزال اللّيل والنّهار متعاقبين، يخلف أحدهما الآخر، لأجل صنفين من النّاس:

الصّنف الأوّل: لمن أراد أن يذّكر ويتوب، ويتّعظ ويئوب، فيبسط الله يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل..حتّى تطلُع الشّمس من مغربها.

والصّنف الثّاني: أو أراد شكورا، يريد أن يضيف إلى رصيده الأعمال الصّالحات، لتمحى عنه السّيئات، وينال بها أعلى الدّرجات.

صِنفٌ ذو همّة عالية، إن عجز عن حجّ بيت الله الحرام، فإنّه لا يرضَى إلاّ مزاحمتهم في هذا السّباق إلى ذي الجلال والإكرام .. فيحرصون على جليل الأعمال، ولا يكتفون بالأمانيّ والآمال.

حالهم حال أولئك الفقراء الّذين جاءوا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ؟! قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُتُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ )) .

وخاصّة أنّ الله قد فتح باب السّباق إليه هذه الأيّام على مِصراعيه ..

- وقـفـاتٌ مع أيّـامِ الطّاعـات

الخطبة الأولى: [بعد الخطبة والثّناء]

فقد بدأ نسيم أيّام الله تبارك وتعالى يختلج صدور المؤمنين، ونورها يضيء قلوب الموحّدين .. إنّها أيّام الفضائل والطّاعات، ما أعظمها عند ربّ الأرض والسّموات ! لذلك أهديكم هذه الكلمات، ملؤها العبر والعبرات، أسأل الله العظيم أن تكون خالصة من قلب أحبّكم في الله، لا يرجو إلاّ الاجتماع معكم على عبادة مولاه.

وخلاصة كلامنا اليوم في وقفات ثلاث:

أوّلا: أحوال النّاس هذه الأيّام .. ثانيا: بُشرى للصّادقين. ثالثا: فضل العشر الأُوَل من شهر ذي الحجّة.

-إِلَـى الَّذِيـنَ حَبَسَهُمُ العُـــذْرُ ..

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإلى الّذين حبسهم العُذر ..

إلى الّذين اشتعلت قلوبهم شوقا إلى بيت الله العزيز الغفّار، وحالت بينهم وبينه الصِّعابُ والأعذار ..

فليعلموا أنّهم غير محرومين، حالهم كحال من تعطّش للجهاد في سبيل ربّ العالمين، ولكن حبسهم العذر .. فقال الله تعالى في حقّهم:

- المختصر المفيد في بيان أحكام أضحية العيد

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

فهذه بعض أحكام الأضحية التي ينبغي لكلّ مسلم معرفتها تحقيقا للرّكن الثّاني لقبول العمل، ألا وهو متابعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في عبادة الله وحده.

1- التّعريف بالأضحية.

الأضحية: هي ما يذبح يوم عيد الأضحى من بهيمة الأنعام تقرّبا إلى الله تعالى.

- آدَابُ العِـيـدَيْـن.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ هذين اليومين من أيّام الله تبارك وتعالى، لذلك كان على المسلم أن يعلم الآداب الشّرعيّة، والأحكام العمليّة الّتي تتعلّق بهما. ومن ذلك:

1- وجوب تعظيمهما: وأنّهما يغنيان المسلمين عن كلّ عيد.

جاء في سنن النّسائي وأبي داود عن أَنَسِ بْنِ مَالِك ٍرضي الله عنه قال:

كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ قَالَ: (( كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى )).

Previous
التالي

الثلاثاء 09 رمضان 1437 هـ الموافق لـ: 14 جوان 2016 14:05

قِصَّةُ طَـالُـوتَ: مَعَالِمُ الهَزِيمَة، وأَعْلاَمُ النّصْر

الكاتب:  أمين بن يوسف الأحمدي
أرسل إلى صديق

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على من بُعِث بالشِّرعة العليا والكتابِ المبين، وعلى آله وصحبه ومن اتّبعهم بإحسان إلى يوم الدّين، وبعد:

فقد بَعثَ الإمامُ أشجانَ النّفوس في ليلةٍ رمضانيّةٍ مباركةٍ بقراءةٍ شجيّةٍ ذهب معها الفكرُ في مجاري معاني الكتاب كلَّ مذهب، وكان من حسنِ أدائِه في قراءة قصّة طالوت من سورة البقرة ما كشف الحُجُبَ عن العيان ببصائر القرآن.

وكنت في أيّامٍ خاليات يعجبنِي من قصّة طالوت ما يحرّك النّفوس من صُورِ البلاء الحسن، والشّجاعة والإقدام، ووقائعِ أهل الإيمان، إلاّ أنّ تتابعَ النّظر، وتعاني المحنة في الأمّة، بعثَ النّظرَ إلى ما هو أشرفُ في التدبّر وأعمقُ في التفكّر من النّظر في معالم الهزيمة - وهي ما نتعانى -، وأعلام النّصر - وهو ما ننشُدُ -، فإذا في هذه القصّة من قوانين زوالِ الشّوكة، ثمّ حصولِ التّمكين ما يصلُح لدولة أهلِ الإسلام دستوراً، وللأمّة منهجاً إلى القيام من كبوَتِها بإذن الله ومَنِّه وكرمِه عاجلاً غيرَ آجل.

وهذا ما حضرَ الخاطرَ في ذلك المقام:

1- مَـعَـالِـمُ الْهَـزِيـمَـة:

ابتدأت قصّةُ طالوتَ بذكر أسوأِ أحوالِ بني إسرائيلَ من الذلّة والمهانة، لمّا سلّط الله عليهم عدوَّهم، فهتكَ سِترَهم، واستباح ديارَهم، واسترقّ ضَعَفَتَهم، وما كان من توجُّهِهم إلى نبيِّهم يسألونه لَمَّ الشّتات، والاجتماع على ملِكٍ يقاتلون تحت رايته:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}. فالمطلبُ واحدٌ، وهو رفعُ الذِّلّة، والقتالُ في سبيل الله، إلاّ أنّ نبيَّهم بما آتاه الله من علمٍ، تفرَّسَ فيهم معالِمَ الخِذلان والهزيمة الّتي لا ترتفع أعلامُ النّصر معها، فابتدأهم من الدّاء يتتبّعُ مواضِعَه، لتنْزِل صحّة النّصر على عافية الدّين، كما تنْزِل صحّة الطّعام على عافية البدن، وغير ذلك لا يزيد المرض إلا استشراءً.

* المعلم الأول: الحَمِيَّة الكاذبة.

يقول ربّنا سبحانه وتعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [البقرة: 246].

إنّ أعظمَ معالِمِ الهزيمة في معركة الإيمان والكفر: معلَمُ الحمِيَّة الكاذبة؛ لأنّها ناتجةٌ عن ضَعف المعرفة بالدّاء، وإنّما هي فعلُ ساعة حمل عليها هياج اللّحظة، لا يُسنِدُها إيمانٌ بمبدأٍ ولا استمساكٌ بمنهجٍ، فما هي إلاّ أن تذهبَ في صُراخٍ وعَويلٍ وحَشْدٍ على غير هدى، كانتفاخ الورم يحسبه الجاهل صحّةً وكمالا. ومكمنُ خطر الحميّة الكاذبة أنّها تُكذِّبُ أصحابَها ساعة اللِّقاء ولحظة الحَسْم، فترتدُّ النّفوس على أعقابها إذا عاينت أهوالَ المحنة، فعلمت أنّ ما كانت عليه: جعجعةٌ لا طَحْن فيها، وذلك ما كان من شأن أكثر أصحاب طالوت، فإنّ الله وصفهم بالتولِّي والنُّكُول عن القتال، وقلّةِ الصّبر على مغارم الجهاد:{تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ}، {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ}.

* المعلم الثاني: الخيـانـة.

قال تعالى:{فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}، فمن لم يُوطِّنْ النّفسَ على أداءِ الأمانة والوفاءِ بالعهد، وصِدقِ الوَعْد في مواطن البَأْس، استسْهلَ الخيانةَ والغدْرَ، ولم يَعظُمْ في نفسه ما عاقد عليه من المصابرة والمرابطة، وأمثالُ هؤلاء في ساعة الحسم أعْدَى من العدوّ، كما كان شأنُ عبدِ الله بنِ أُبَيِّ ابنِ سَلُولٍ رأسِ النِّفاق يومَ أُحُدٍ؛ فإنّه لمّا أراد شَقَّ الكلمة ارتدّ عن القتال بمن معه من عُصبة المنافقين، وكان موقفاً شديداً على المسلمين، لولا أن الله تعالى ثبّتَهم على الحقّ، وهَوَّن عليهم نقص العدد.

* المعلم الثالث: التّنـازع.

قال تعالى:{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ} [البقرة من: 247]، فجعلوا مبدأَ أمرِهم هَواناً للقوّة، وفَتًّا في العَضُد؛ إذ تنازعوا الأمر، وتقارعوا على السّلطان، فمن كان قلبُه سليماً من العامّة أُشرِب في ذلك المقام حِسَّ الانقسام، وقد حذّرنا ربّنا سبحانه ذلك فقال:{وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال من:46]، وقال:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران من:103]، وبيّن الله وبيلَ مآلِ التّنازع فقال:{حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}، فكان الحرصُ على شرفِ الملك، وتَقَصُّدُ مقام الرّياسة سبباً في ما كانوا عليه من سوءِ الحال، وضعفِ القوّة قبل اجتماع الكلمة.

* المعلم الرابع: الاعتراض على الشريعة.

قال تعالى:{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ}، فلم يكن تمليكُ طالوتَ عليهم عنْ رأيِ بَشَرٍ، ولا مشورةِ جماعةٍ، فيسوغَ الاعتراضُ عليه بوجهٍ محتمَل، وإنّما كان عن أمرِ الله عزّ وجلّ، فقابلوه بالاعتراض والردّ، وحاجُّوا أمرَ الله بالمعايير المحدثة والآراء الفاسدة، وهي بدعةُ إبليسَ الأولى الّتي منها كان مبدأُ المحنةِ الإنسانيّة؛ إذ اعترض على أمر الله بالسّجود لآدم، فقال:{أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} [الأعراف من:12 وص من:76]، وهؤلاء قالوا:{وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالمُلْكِ مِنْهُ}.

* المعلم الخامس: الكبر والحسد.

قال تعالى:{قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ}، فجزموا بالأحَقِّية من غيرِ علمٍ موثوقٍ، ولا دليلٍ مقبولٍ، بل بمجرّد الكِبْر المتولِّد عن حسدِهم طالوتَ وما سيق إليه، والله تعالى يقول في كتابه:{فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى} [النّجم من:32]، وأقلُّ ما في الحسدِ: الاعتراضُ على حكمةِ الخالق سبحانه في تدبير شؤونِ خلقِه؛ إذ قضَى المعترضُ بأنّ الحقَّ والعدلَ يقتضي أن يُساقَ إليه ما ساقته تدابيرُ الحكمة الربّانيّة إلى غيره. فمن معالم الهزيمة: التّحاسد بين المؤمنين، في قليل العطاء وكثيره، فإنّ فيه فسادَ الدّين وفسادَ الدّنيا.

* المعلم السادس: فساد المعايير.

قال تعالى: (قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ المَالِ}، فقاسُوا المسألةَ بمعيارٍ فاسدٍ يقتضي سياقةَ الشّرف إلى الأغنى ! فكان الغنى عندهم معقِدَ الجاه والسّلطان والتّقديم بإطلاق، فبيّن لهم نبيُّهم أنَّ السّعةَ في المال عونٌ على الحقّ ما كان الحقُّ قائما في النّفوس؛ فإنْ لم يكن، فلا عبرة بها تبعاً ولا استقلالاً؛ ولذلك لمّا ذكر لهم المعيارَ الربّانِيّ في التّقديم لم يَجْرِ فيه للمالِ ذكرٌ بوجه، بل قال تعالى:{قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة من:247].

* المعلم السابع: قلَّةُ الصّبر.

قال تعالى:{فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ}، وذلك لمّا امتحنهم اللهُ بالإمساك عن الشُّرب مع حضور الماء ابتلاءً لصبرِهم عن موادّ الدّنيا وأسبابِ الحسّ، إلاّ بالمقدار المأذون فيه، وإنّما أذن لهم في الغَرفة ليعلم أن من حنكة القائد أن يبني التخطيط على قلّة الموارد؛ لأنّه إن بناه على سعتها فقلَّتْ لسببٍ ما، فسد عليه تدبيرُه، وانتقض عليه أمرُه، وأمّا إن بناها على القلّة فاتّسعت، لَمْ تزِدْه سعتُها إلاّ قوّةً، فلمّا لم يصبروا على العطش مع الأمن، كان أحرى ألاّ يصبروا عليه مع جهد القتال، وكان أحرى بأمثال هؤلاء ألا يزيدوا عصابة الإيمان إلا خبالاً بالانتحاب على الجوع والعطش ساعة الحسم.

فهذه معـالـمٌ للهـزيـمـة جرى التّنبيه عليها في ثنايا القصّة بألطفِ طريقٍ؛ ليتبصّر فيها المسلمون فيجتنبوها في سبيل القيام بالأمة من نكستها، وقرن ربُّنا سبحانه وتعالى بها أسباب النّصر عن طريق المقابلة والمعاوضة، وهذا بيانها:

2- أَعْـلاَمُ النّـصْـرِ.

بيّن ربّنا سبحانه وتعالى في سياق هذه القصّة العظيمة شِرعتَه لأهل طاعته في طريق النّصر، ونصب لها أعلاماً ومناراتٍ يَهتدِي بها سالكو سُبُلِ الجهاد في سبيله، وهذا بيانها:

* العلم الأول: تشخيص الداء.

قال تعالى:{قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا}، فالقائد الحقيقيّ لا يكون مَقُودا بمشاعرِ أتباعه، مغترّا بمظاهرات رعيَّتِه، بل ينبغي عليه أن يكونَ على درايةٍ بحالِ الرّعيَّةِ تحقيقاً للشّرع ظاهرا وباطنا، وقدرتِها على المجابهة المباشِرة للعدوّ، من جهة تحقيقها للعُدّة الإيمانيّة والمادّية، وأمّا خوضُ الحروب المصيريّة من غير تصوُّرٍ صحيحٍ لموازينِ القوّة الدّينيّة والنّفسيّة والمادّيّة، فهو من الإلقاء باليد إلى التّهلُكة، والتّغرير بالمسلمين.

* العلم الثاني: التسليم للأقضية الإلهية الشرعية والقدرية.

قال تعالى:{قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي العِلْمِ وَالجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ}، فالمؤمن مطالَبٌ بأن يسلِّم الأمرَ إلى الله تعالى شرعا وقدراً، وذلك أصل عَقْد توحيده، ومعنى إسلامه، قال تعالى:{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [القصص من 68]، وقال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب من:36]، وقال تعالى:{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف من:54]، وعلى قدر ما يجرى للمسلم من التسلم لأقضية المولى سبحانه، ويرى ربه منه ما يرضيه عنه، تفيض عليه الرحمات والبركات، وتتنزل أسباب النصر، {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران من:126].

* العلم الثالث: تقويم المعايير وتصحيح المفاهيم.

قال تعالى:{قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، فالقائد ينبغي ألاَّ يغفُل عن تصحيح المفاهيم لرعِيَّتِه في كلّ محطّات الطّريق، سواءٌ كانت عَقَديّةً أو منهجِيَّةً أو سياسيّةً أو حَربيّةً؛ لأنّ الوعيَ في الرعيّةِ من أسباب القوّة الجماعيّة؛ ولذلك بادر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى تصحيح عَقْد توحيد أصحابه كما في حديث أبي واقدٍ اللّيثِيّ رضي الله عنه فقال: (( إِنْ كِدْتُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلَ أَصْحَابِ مُوسَى لِمُوسَى: اِجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ !)). وقد بيّن لهم نبيُّهم أنّ أسبابَ التّمليك:

منها ما يرجع إلى الاصطفاء الّذي هو من علْمِ الله تعالى، فربّما بيّن الحكمة فيه وربّما أخفاها، والإيمانُ بها لازمٌ بكلّ حال، ولذلك ختم الآية بقوله:{وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ}.

ومنها ما يرجع إلى الأسباب الصّحيحة الّتي هي العلمُ بالحقّ، والقوّة على الحقّ، وهما معنى البسْطة في العلم والجسم، وقد قال تعالى في شأن ذي القرنين:{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} [الكهف:84] أي: علما، فكان التّمكينُ له في الأرضِ هو القوّة على الحقّ، وما أوتِيَه من الأسباب قسمان:

أ) علمُ الشّريعة الّذي يُميِّز به الخبيثَ من الطيّبِ:{ قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)} [الكهف].

ب) وعلمُ الحديد الّذي يقْوَى به على الحقّ:{آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97)} [الكهف].

* العلم الرّابع: ميراث النبوة.

قال تعالى:{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ} [البقرة من:248]، وكان هذا التّابوتُ - كما جاء في الآثار - قد سُلِبه بنو إسرائيل في حروب بابل، وبه بقايا ألواح التّوراة الّتي أنزلها الله على موسى عليه السّلام، فجعل الله أمارةَ تمليكِ طالوتَ عليهم أن يكون أوّلَ بشاراته وبركاته عليهم، أي: يُرَدَّ عليهم - كرامةً له -تابوتُ العهد الّذي هو ميراثُهم من أنبيائهم الأوّلين، فنبّه الله تعالى هذه الأمّةَ المحمّديّةَ من طريق الإشارة إلى أنّ أُولَى بشائرِ النّصر لهذه الأمّة: الاستمساك بميراث النبوّة المحمّديّة، وهو الكتاب المبين والسنّة المشرّفة، وأنّ العودة إلى هذا الميراث أوّلُ النّصر في الزّمن الآخر كما كان عَلَمُ النّصر في الزّمن الأوّل:{إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمّد من:7]، {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال من:46].

* العلم الخامس: التربية الإيمانية المستمرة.

قال تعالى:{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} [البقرة من:249]، فهذا الاختبار من طالوت للجنود يتضمّن محنتين:

محنةَ الصّبر؛ إذ امتحنهم بالإمساك عن الماء مع العطش والحرّ وطول السفر، وهو امتحان البدن.

ومحنة الانقياد؛ إذ كان ذلك ابتلاءً من الله تعالى:{وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ} [الحديد من:25]، وشواهدُ الامتحان تفضحُ أهل الادّعاء بكلّ حال، وهم الّذين استنكروا الشكّ في هممهم في أوّل القصّة، فقالوا:{وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [البقرة من:246].

* العلم السّادس: إنّ الذِّكرى تنفعُ المؤمنين.

قال تعالى:{فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة من:249]. فهذه نزغة الشيطان في الّذين {آمَنُوا مَعَهُ} وهي حظ الشيطان من ابن آدم، إلاّ أنّ فضلَ المؤمنِ فيها على الكافر أنّها لا تستقرّ بقلبه، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف:201]، وإنّما يصرِفُها العلمُ الصّحيح الّذي به التحقُّقُ بمعالم التّوحيد:{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة من:249]، وفي مثل هذه المقامات تظهر فضيلة العالم على غيره في استحضار ما به تثبت النفوس ويربط على القلوب.

* العلم السّابع: وما النّصرُ إلاّ من عندِ الله.

قال تعالى:{وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة من:250-251].

لمّا بلغت الأقدامُ مواضعَ الحقائق، وكان غيبُ الموت عِياناً في النّفوس، واجتنبَ المؤمنون معالِمَ الهزيمة، وأعدّوا ما استطاعوا من أعلام النّصر - وإن قَلَّت في موازين البشر -، توجّهوا بسلاح أهل الإيمان الّذي لا يُشركهم فيه غيرهم، وهو: الدّعـاء والضّراعة إلى الجبار سبحانه: أن يُثبِّتَ قلوبَهم ويُفرِغَ عليهم صبرا، وينصرَهم، فما كانت إلاّ ساعة المصابرة {وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}، حتّى دارت الدّائرة على عسكر الشِّرك، ورَزَق الله أولياءَه الحُسْنَيَيْن: شهادةً لمن اختاره لجواره، ومدّة لمن أعَدَّ لنحورِ أعدائه، ولا حول ولا قوّة إلاّ به.

هذا، والحمد لله ربّ العالمين، وصلواته على محمّدٍ وآله وصحبه أجمعين.

أخر تعديل في الثلاثاء 09 رمضان 1437 هـ الموافق لـ: 14 جوان 2016 14:10

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.