أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الثلاثاء 11 شعبان 1440 هـ الموافق لـ: 16 أفريل 2019 12:04

السّيرة النّبويّة (103) غزوة أُحُـدٍ: نهاية المعركة.

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

كان المشركون يحاصرون المسلمين وهم على الجبل .. ولكنّهم لا يستطيعون الاقتراب منهم، فقد رأوهم كالقلاع حول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

وإنّه لمن الانتحار البيّن اقتحام الجبل.

فاكتفوا بعضَ الوقت بنضح النّبال فحَسْب .. ولكنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لديه أمهر الرّماة: أبو طلحة، وسعدٌ، وشابٌّ صغير ما أجازه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في أُحُدٍ إلاّ لأجلِ مهارته في الرّمي: رافع بن حديج رضي الله عنه.

كانوا درعاً حصينةً للنّبي صلّى الله عليه وسلّم، فلم تُصِبْه سهامُ المشركين .. لكنّها كتبت الشّهادةَ على صدر ذلك الشّاب.

وكانت هذه المرّة شهادةً غريبةً لا عهدَ لأحد بها !

فهذا الشّهيد لم يمت ذلك اليوم .. ولا في أُحُدٍ .. ولا بعد أُحُدٍ .. ولا حتّى في حياة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم !

رافعُ بنُ خَديجٍ: شهيدٌ يمشي على الأرض، ويعيش مع النّاس، يأكل ويشرب معهم، يصلّي ويصوم ويقاتل معهم.. وهو من شهداء أحد !

روى الطّبراني عن زوجة رافع رضي الله عنه قالت:" إِنَّ رَافِعًا رُمِيَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يَوْمَ أُحُدٍ بِسَهْمٍ فِي ثَنْدُوَتِهِ [والثّندوة: ثدي الرّجل]، فَأَتَى النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم، فقالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اِنْزِعْ السَّهْمَ. قالَ:

(( يَا رَافِعُ، إِنْ شِئْتَ نَزَعْتُ السَّهْمَ وَالقُطْبَةَ جَمِيعًا، وَإِنْ شِئْتَ نَزَعْتُ السَّهْمَ وَتَرَكْتُ القُطْبَةَ، وَشَهِدْتُ لَكَ يَوْمَ القِيَامَةِ إَنَّكَ لَشَهِيدٌ !)).

قَالَتْ: فَنَزَعَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم السَّهْمَ وَتَرَكَ القَطَبَةَ، فَعَاشَ بِهَا حَتَّى كَانَ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه، فَانْتَقَضَ بِهِ الجُرْحُ فَمَاتَ..).

فها هو الآن مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يحمل على صدره شهادته.. ولكنّه الآن هو والصّحابة يحملون على صدورهم رؤوسهم، فهم على موعد جديد مع النّعاس .. أَمْنٌ من جديدٍ يربط الله به على قلوب المؤمنين.

روى ابن إسحاق عن الزّبير بن العوّام رضي الله عنه قال: ( لقد رأيتُنِي مع رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم حين اشتدّ الخوف علينا، أرسل الله علينا النّوم، فما منّا من رجل إلاّ ذقنه في صدره، فوالله إنّي لأسمع قول معتب بن قشير - ما أسمعه إلاّ كالحلم - يقول: لو كان لنا من الأمر شيءٌ ما قتلنا ها هنا ! فحفظتها منه، وفي ذلك أنزل الله تعالى: ...).

يقصد قول الله تعالى:{ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران:154].

نزلت هذه الآيات لتفضح هذا المنافق وبقايا المنافقين الّذين أبقاهم الخوف، وفضحهم الخوف .. وهذا الرّجل وأمثاله بقوا على ما هم عليه {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد: من 16].

أمّا أولئك الّذين لاذوا بالفرار بعد نزول الرّماة، وحدوث الانتكاسة، فقد تابوا فتاب الله عليهم، وعفا عنهم، وأنزل قرآنا يصدع بذلك، فقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران: 155].

وانحاز كلّ جيش إلى معسكره.

ونهض النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعد ذلك ليستند إلى صخرة وحوله جماعة من الصّحابة، لكنّه صلّى الله عليه وسلّم أراد أن يطّلع إلى ما آلت إليه المعركة، فحاول الصّعود على الصّخرة فلم يستطع، فقد كان مرهقا، وجريحا !

وهنا تذكّروا جرحه وعطشه.

فشرب النّبي صلّى الله عليه وسلّم وشرب من معه من الصّحابة..وحان وقت مداواة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

في الصّحيحين  عن سهل رضي الله عنه قَالَ: ( كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم تَغْسِلُ الدَّمَ، وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَسْكُبُ عَلَيْهَا بِالْمِجَنِّ ) تغسله كما غسلته من قبل أيّام مكّة.. قَالَ: ( فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَزِيدُ الدَّمَ إِلَّا كَثْرَةً أَخَذَتْ قِطْعَةَ حَصِيرٍ، فَأَحْرَقَتْهُ، حَتَّى صَارَ رَمَادًا، ثُمَّ أَلْصَقَتْهُ بِالْجُرْحِ فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ ).

أراد بعد ذلك أن يصعد على الصّخرة، وعاوده الإرهاق، ولا ننسى أنّه كان يضع دِرْعَين، فتأمّله طلحة رضي الله عنه وتأمّل يده الّتي فقدت أصابعها، فهانت عليه آلامه ومتاعبه وأسقامه: فأوجب الجنّة.

روى أحمد والتّرمذي وابن إسحاق وابن حبّان والحاكم - واللّفظ مركّب من رواياتهم جميعا - عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضي الله عنه قَالَ:

خَرَجْنَا مَعَ رَسُول الله صلّى الله عليه وسلّم فِي أُحُدٍ، وَكَانَ عَلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم دِرْعَانِ، فَنَهَضَ إِلَى الصَّخْرَةِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَبَرَكَ طَلْحَةُ تَحْتَهُ، فَصَعِدَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم عَلَى ظَهْرِهِ حَتَّى اسْتَوَى عَلَى الصَّخْرَةِ، قَالَ الزُّبَيْرُ رضي الله عنه: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ: (( أَوْجَبَ طَلْحَةُ )). أي وجبت له الجنّة.

وبينما كان صلّى الله عليه وسلّم يتأمّل ما حدث من على الجبل، وارتفع على قمّته، أراد الله تعالى أن يرفعه في أعلى قمم الصّبر والحلم.

ففي الصّحيحين عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: شُجَّ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: (( كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ ؟!)) فَنَزَلَتْ:{لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: من 128].

فمسح قوله، ومسح حزنه، ومسح دمه، وجاء بدعاء كالغيث من السّماء، فقد روى ابن حبّان عن سَهْلٍ رضي الله عنه أنّه قال: (( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ )).

واستمسك الجرح وهدأت السّاحة .. وكانت طائفة من المسلمين قد حال بينها وبين النبيّ صلّى الله عليه وسلّم العدوّ، فهم إلى الآن لا يدرون ما حدث له .. أهو في القتلى أو من أهل النّجاة ؟

روى الإمام أحمد عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه في حديثه الّذي مرّ معنا من قبل، وهو يقصّ الحدث عن بعض الصّحابة قال:

( فَمَا زِلْنَا كَذَلِكَ، مَا نَشُكُّ أَنَّهُ قَدْ قُتِلَ، حَتَّى طَلَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم بَيْنَ السَّعْدَيْنِ - بين الجبلين - نَعْرِفُهُ بِتَكَفُّئِهِ إِذَا مَشَى، قَال:َ فَفَرِحْنَا حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يُصِبْنَا مَا أَصَابَنَا، قَالَ: فَرَقِيَ نَحْوَنَا وَهُوَ يَقُولُ: (( اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَعْلُونَا )) حَتَّى انْتَهَى إِلَيْنَا، فَمَكَثَ سَاعَةً، فَإِذَا أَبُو سُفْيَانَ يَصِيحُ فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ:

اُعْلُ ! هُبَلُ ! مَرَّتَيْنِ- يَعْنِي آلِهَتَهُ -).

أطلق هذه الكلمات مُنْتَشِياً بنصرٍ مشكوكٍ فيه:

فقد هُزِم هو وجيشه في أوّل المعركة حتّى كاد الزّبير يَسْبِي زوجته هندَ ورفيقاتها ..

ولقد قتل من جيشه سبعون.. وقتل من المسلمين سبعون.. فأين النّصر المزعوم ؟!

ولا يزال في أيدي المسلمين أسرى من المشركين لا أحدَ يدري كم عددهم ؟ أمّا المسلمون فلم يؤسر منهم أحدٌ.. فلو كان ما يزعمه نصرا حقيقيّا لخلّص بعض جيشه من الأسر ..

ثمّ لماذا لم يطاردوا المؤمنين إلى المدينة ؟ وما أقربها من أُحُدٍ !

والمسلمون الآن هم الأعلون حِسّا ومعنًى .. وأبو سفيان أسفل الجبل يزعج جبل أحد بصراخه وشركه.

وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهاهم أن يجيبوه .. عندئذ أراد أن يستفزّهم، فنادى:

( أَيْنَ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ ؟ أَيْنَ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ ؟ أَيْنَ ابْنُ الْخَطَّابِ ؟ ). فلم يجبه أحد.. عندها أصبح أكثر تعقّلا وتأدّبا ..

روى البخاري عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه:

فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.. فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم أَنْ يُجِيبُوهُ، ثُمَّ قَالَ:

أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.. ثُمَّ قَالَ:

أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ قُتِلُوا..

فَمَا مَلَكَ عُمَرُ رضي الله عنه نَفْسَهُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ- وَاللهِ - يَا عَدُوَّ اللهِ ! إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لَأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ.

أي: قد بقي لك أنت ومن معك لترى ما فعلناه بكم، وكيف أكثرنا فيكم القتل.

وفي رواية أخرى قال: ( هذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهذا أبو بكر، وها أنا ذا عمر ).

فقَالَ أبو سفيان: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، الأَيَّامُ دُوَلٌ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ..

فَقَال عُمَرُ رضي الله عنه: ( لاَ سَوَاءُ ! قَتْلاَنَا فِي الجَنَّةِ، وَقَتْلاَكُمْ فِي النَّارِ ).

فقال أبو سفيان: إِنّكم لتزعمون ذلك ؟ لقد خِبْنا وخسرنا إذاً.. ثمّ قال:

إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي.

ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ: أُعْلُ ! هُبَلُ ! أُعْلُ ! هُبَلُ !

قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا تُجِيبُوا لَهُ ؟ )) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا نَقُولُ ؟ قَالَ: (( قُولُوا: اللهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ )).

قَالَ أبو سفيان:  إِنَّ لَنَا الْعُزَّى، وَلَا عُزَّى لَكُمْ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا تُجِيبُوا لَهُ ؟)) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا نَقُولُ ؟ قَالَ: (( قُولُوا: اللهُ مَوْلَانَا، وَلَا مَوْلَى لَكُمْ )).

عندئذ خسئت ألفاظ أهل الشّرك، وسقط تمجيد الأصنام أمام هذا التّوحيد النّقيّ الّذي لا تشوبه شائبة.

وانصرف المشركون عن أحد .. وقد يتساءل بعض المشركين في الطّريق .. وبعض المسلمين أيضا: لماذا لم ينتصر المسلمون يومَ أُحُدٍ ؟

والجواب عن ذلك نراه لاحقاً، إن شاء الله

أخر تعديل في الثلاثاء 11 شعبان 1440 هـ الموافق لـ: 16 أفريل 2019 12:31

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.