أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الاثنين 09 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 15 نوفمبر 2010 19:00

- شـرح كتـاب الحـجّ (33) من أحكام رمـي الجـمـار

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

البـاب العــاشــر: ( التّرغـيـب في رَمْـي الـجِمَـار ).

شـرح التّبـويـب: في هذا الباب مسائل عدّة:

· المسألة الأولى: معنى الجمرات.

ثلاثة أقوال في سبب تسميتها بالجمار، فقيل:

1- من الجمع، فالعرب يسمّون القبيلة المجتمعة على من ناوأها (جمرة)، وهذه الأمكنة بمِنًى تجتمع فيها الحصى الّتي تُرمى بها، ومنه تجمّر القوم: إذا اجتمعوا، ومنه جمّرت المرأة شعرها أي: جمعته، والضّفيرة تسمّى الجميرة.

2- عكس الجمع وهو الانفراد، فالجمرة: كلّ قوم لا يحالفون أحدا ولا ينضمّون إلى أحد، وفي الحديث عن عمر أنّه سأل الحطيئة عن عبْسٍ ومقاومتها قبائل قيس فقال: يا أمير المؤمنين ! كنّا ألف فارس كأنّنا ذهبة حمراء لا نستجمر.

أي: لا نحالف ولا نسأل غيرنا أن يجتمعوا إلينا.

3-من الحجارة، فالجمرة: الحصاة، والتّجمير رمي الجمار، ومنه الاستجمار بمعنى: الاستنجاء بالحجارة.

وفي حديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِذَا تَوَضَّأْتَ فَانْثُرْ، وَإِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ )).

قال أبو زيد:" استجمر: استنجى، إذا تمسّح بالجمار، وهي الأحجار الصّغار "، وقال في "لسان العرب": " ومنه سمّيت جمار الحجّ للحصى التي ترمى بها ".

ومنه الجمر: النّار المتّقدة، واحدته جمرة، فإذا برد فهو فحم، ذلك لأنّ النّار توقد بالحجارة. والمِجْمَر والمِجمرة الّتي يوضع فيها الجمر، والّذي يتولّى ذلك مُجْمِرٌ.

وهذا الأقرب، والله أعلم.

ثمّ لا بدّ من طرح السّؤال التّالي:

ما المقصود من قولنا: " رمي الجمار والجمرات " ؟ أهو المرمِيّ، أو المرمِيّ به ؟ أي: هل هي تلك الأعمدة الثّلاث من الحجارة الّتي تُرمى ؟ أو أنّ المقصود هو تلكم الحصيات الّتي يرمى بها ؟

المقصود هو الأوّل، لأنّ غالب من يروي الأحاديث في ذلك فيه:" رَمَى الْجَمْرَةَ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ "، فيجعلون الجمار تلك الأعمدة، والجمرات الّتي يُرمَى بها يطلقون عليها اسم حصيات.

والجمرات كلّها بمِنى، وهي:

أ) جمرة العقبة، وهي الكبرى، تقع على يسار الدّاخل إلى منى من مزدلفة.

ب) والجمرة الوسطى بعدها، وبينهما 77،116 مترا.

ج) والجمرة الصغرى، وهي تلي مسجد الخيف، وبين الصّغرى والوسطى 4،156 أمتار.

· المسألة الثّانية: أصل مشروعيّته وحكمته.

روى ابن خزيمة وغيره عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عن النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( لَمَّا أَتَى إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللهِ عليه السّلام المَنَاسِكَ عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ عِنْدَ جَمْرَةِ العَقَبَةِ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، حَتَّى سَاخَ فِي الأَرْضِ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الجَمْرَةِ الثَّانِيَةِ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، حَتَّى سَاخَ فِي الأَرْضِ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الجَمْرَةِ الثَّالِثَةِ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ فِي الأَرْضِ )). قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: " الشَّيْطَانَ تَرْجُمُونَ، وَمِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ تَتَّبِعُونَ ".

[وسأتي معنا إن شاء الله في شرح الحديث رقم (1156)].

قال العلماء:" وأمّا رمي الجمار، فلْيَقصد الرّامي به الانقياد للأمر، وإظهارا للرقّ والعبوديّة، وانتهاضا لمجرّد الامتثال من غير حظّ للنّفس والعقل في ذلك. وليقصد التشبّه بإبراهيم عليه السّلام، وفي ذلك إحياء لملّته. ومن خطر له وهو يرمي التّساؤل عن الحكمة في هذا الرّمي فليعلم أنّ الشّيطان يرميه بوساوسه، بل عليه أن يطرد عنه ذلك، إذ لا يحصل إرغام أنف الشّيطان إلاّ بامتثال أمر الله ".

· المسألة الثّالثة: حكمه.

ذهب جمهور العلماء إلى أنّ رمي الجمرات واجب لا يحلّ تركه، ولو تركه الحاجّ لزمه دم.

وذهب قلّة منهم إلى أنّه ركن.

أمّا الدّليل على وجوبه فعموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ )).

ولأنّه به يقع التحلّل الأوّل.

( فائدة ) اختلف العلماء في التحلّل الأوّل متى يحصل ؟

القول الأوّل: فالجمهور على أنّه يحصل بأمرين من ثلاثة:

1- الرّمي عند الجمرة وحلق الشّعر أو تقصيره.

2- أو طواف الإفاضة مع الحلق أو التّقصير.

3- أو الرّمي مع طواف الإفاضة.

فإذا فعل اثنين من ثلاثة: حلّ له كلّ شيء، إلاّ النّساء.

ولا يشترط التّرتيب بين هذه، إذ كان شعار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يومئذ (( اِفْعَلْ وَلاَ حَرَجَ )).

فإذا فعل الثّالث تحلّل التحلّل الثّاني، فيباح له كلّ شيء حتّى النّساء.

القول الثّاني: يحصل التحلّل الأوّل بمجرّد الرّمي، وهو الصّحيح إن شاء الله.

واختاره ابن حزم في "المحلّى" (7/139)، وقال:

" وهو قول عائشة، وابن الزّبير، وطاوس، وعلقمة، وخارجة بن زيد بن ثابت ".

والدّليل على ذلك، ما رواه أحمد عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ: (( إِذَا رَمَيْتُمْ الجَمْرَةَ؛ فَقَدْ حَلَّ كُلُّ شَيْءٍ إِلاَّ النِّسَاءَ )) ["الصّحيحة" برقم (239)].

وروى أحمد والنّسائي وابن ماجه عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال: " إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ " قِيلَ: وَالطِّيبُ ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم يَتَضَمَّخُ بِالْمِسْكِ، أَفَطِيبٌ هُوَ ؟.

· المسألة الرّابعة: أحكام الرّمي.

1- مقدار الحصيات:

الواجب على المسلم أن يحمل من الحصى ما يكون مثل حصى الخذف، أي: ما يعدل حبّة الحمّص.

روى مسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم أَنَّهُ قَالَ فِي عَشِيَّةِ عَرَفَةَ وَغَدَاةِ جَمْعٍ لِلنَّاسِ حِينَ دَفَعُوا:

(( عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ ! عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ الَّذِي يُرْمَى بِهِ الْجَمْرَةُ )) وُيُشِيرُ بِيَدِهِ كَمَا يَخْذِفُ الْإِنْسَانُ.

وروى مسلم أيضا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:" رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم رَمَى الْجَمْرَةَ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ ".

وعند النسائي قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم غَدَاةَ الْعَقَبَةِ-وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ-: (( هَاتِ الْقُطْ لِي !)) فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ، فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِي يَدِهِ قَالَ: (( بِأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ )).

2- والجمهور على أنّ هذا القدر مستحبّ لا واجب، فلو رمى بأكبر منهنّ أو أصغر أجزأه مع الكراهة، ويرى الإمام أحمد عدم الإجزاء. كيف لا وهو مخالف لأمره صلّى الله عليه وسلّم، وسمّى الزّيادة غلوّا في الدّين؟

3- من أين تؤخذ الحصيات ؟

السنّة أن تؤخذ وتلتقط الحصيات من مِنًى لا قبلها، وحديث ابن عبّاس رضي الله عنه صريح في ذلك، لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إنّما أمرهم به حين هبط مُحسراً، وهو من مِنى.

وكذلك قوله: ( غَداة العَـقَبة ) فإنه يعني غداة رمي جمرة العقبة الكبرى، وظاهره أن الأمر بالالتقاط كان في مِنى قريباً من الجمرة، فما يفعله الناس اليوم من التقاط الحَصَيَات في المزدلفة تركٌ للأفضل، لأنّه مخالف لهذين الحديثين.

4- عدد الحصيات: هي سبعون حصاةً، أو تسع وأربعون.

يرمي جمرة العقبة بسبع يوم النّحر.

ثمّ يرمي الجمرات الثّلاث سبعا لكلّ جمرة، في أيّام التّشريق الثّلاثة، ففي كلّ يوم إحدى وعشرون حصاة.

فتلك سبعون حصاةً، لمن تأخّر إلى اليوم الثّالث من أيّام التّشريق.

أمّا من تعجّل ونفر من مِنًى ولم يرمِ اليوم الثّالث، فيكون قد رمى تسعا وأربعين.

5- حكم من رمى بأقلّ من سبع أو أكثر:

روى أحمد والنّسائي عن مجاهد عن سَعْدِ بْنِ أبي وقّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: ( رَمَيْنَا الْجِمَارَ أَوْ الْجَمْرَةَ فِي حَجَّتِنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم ثُمَّ جَلَسْنَا نَتَذَاكَرُ فَمِنَّا مَنْ قَالَ: رَمَيْتُ بِسِتٍّ، وَمِنَّا مَنْ قَالَ: رَمَيْتُ بِسَبْعٍ، وَمِنَّا مَنْ قَالَ: رَمَيْتُ بِثَمَانٍ، وَمِنَّا مَنْ قَالَ: رَمَيْتُ بِتِسْعٍ، فَلَمْ يَرَوْا بِذَلِكَ بَأْسًا ).

وفي رواية للنّسائي قَالَ مُجَاهِدٌ: قَالَ سَعْدٌ رضي الله عنه: ( رَجَعْنَا فِي الْحَجَّةِ مَعَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم وَبَعْضُنَا يَقُولُ: رَمَيْتُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَبَعْضُنَا يَقُولُ: رَمَيْتُ بِسِتٍّ، فَلَمْ يَعِبْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ).

قال الإمام أحمد: إن رمى بستّ ناسيا فلا شيء عليه، ولا ينبغي أن يتعمدّ، فإن تعمدّه تصدّق بشيء.

6- وقت الرّمي: يختلف الرّمي يوم النّحر عن أيّام التّشريق.

أوّلا: الرّمي يوم النّحر: هو خاصّ برمي جمرة العقبة.

- والوقت المختار للرّمي هو الضّحى أي: بعد طلوع الشّمس، وذلك هو فعله صلّى الله عليه وسلّم كما في صحيح مسلم.

- ولا يحلّ لأحد أن يرمِي قبل ذلك، إلاّ أهل الأعذار، فيحلّ لهم أن يرموا قبل الفجر.

روى البخاري عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ عِنْدَ الْمُزْدَلِفَةِ، فَقَامَتْ تُصَلِّي، فَصَلَّتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ:" يَا بُنَيَّ، هَلْ غَابَ الْقَمَرُ ؟ " قُلْتُ – القائل هو عبد الله مولاها –: لَا. فَصَلَّتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، هَلْ غَابَ الْقَمَرُ ؟ قُلْت: نَعَمْ. قَالَتْ: فَارْتَحِلُوا ! فَارْتَحَلْنَا، وَمَضَيْنَا، حَتَّى رَمَتْ الْجَمْرَةَ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَصَلَّتْ الصُّبْحَ فِي مَنْزِلِهَا. فَقُلْتُ لَهَا: يَا هَنْتَاهُ ! مَا أُرَانَا إِلَّا قَدْ غَلَّسْنَا ؟! قَالَتْ: يَا بُنَيَّ ! إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم أَذِنَ لِلظُّعْنِ. وفي رواية قالت: لَقَدْ فَعَلْنَا هَذَا مَعَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكُمْ.

- ويمتدّ إلى الغروب، قال ابن عبد البرّ رحمه الله:

" أجمع أهل العلم أن من رماها يوم النّحر قبل المغيب فقد رماها في وقت لها، وإن لم يكن ذلك مستحبّا ".

روى البخاري ومسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ رَجُلٌ: رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ ؟ فَقَالَ: (( لَا حَرَجَ )).

- ولا يجوز الرّمي ليلا إلاّ لأهل الأعذار، كالضّعفة والمرضى.

ثانيا: أمّا رمي الجمرات أيّام التّشريق:

- فوقتها من الزّوال، ولا يصحّ قبل ذلك.

فقد روى التّرمذي وابن ماجه وأحمد عن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنه أنّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم رَمَى الجِمَارَ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ.

وروى البيهقيّ عن ابن عمر رضي الله عنه قَالَ:" لاَ نَرْمِي فِي الأَيَّامِ الثَّلاَثَةِ حَتّى تَزُولَ الشَّمْسُ ".

- ويمتدّ إلى الغروب، فإن أخّر الرّمي إلى ما بعد الغروب كُرِهَ له ذلك. وهذا متّفق عليه بين المذاهب.

· المسألة الخامسة: الذّكر والّدعاء أثناء الرّمي.

- يستحبّ التّكبير مع كلّ حصاة.

- ثمّ الوقوف بعد الرّمي مستقبلا القبلة داعيا الله وحامدا له، ومستغفرا لنفسه وإخوانه المؤمنين، يفعل ذلك مع الجمرتين الأوليين، ولا يقف عند الثّالثة.

قال البخاري:" بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ "، ثمّ ساق الحديث عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

" كَانَ إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى يَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ تَقَدَّمَ أَمَامَهَا فَوَقَفَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو، وَكَانَ يُطِيلُ الْوُقُوفَ، ثُمَّ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الثَّانِيَةَ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، فَيَقِفُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو، ثُمَّ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الْعَقَبَةِ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ عِنْدَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا ".

· المسألة السّادسة: النّيابة في الرّمي.

من كان لديه عذرٌ يمنعه من مباشرة الرّمي كمرض ونحوه، استناب من يرمي عنه، أخذا بأصل من أصول هذا الدّين، أنّه لا يكلّف الله نفسا إلاّ وسعها. وعلى هذا فتاوى أهل العلم قديما وحديثا، كما بسطه الشّنقيطي في "أضواء البيان" (5/308).

أمّا ما رواه التّرمذي وابن ماجه عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: " حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم وَمَعَنَا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَلَبَّيْنَا عَنْ الصِّبْيَانِ وَرَمَيْنَا عَنْهُمْ ". فإنّه ضعيف.

· المسألة السّابعة: فضله وثوابه:

وهذا ما ساق له المصنّف عددا من الأحاديث، وسنراه لاحقا إن شاء الله.

أخر تعديل في الاثنين 09 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 15 نوفمبر 2010 16:55

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.