أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الأربعاء 13 شوال 1431 هـ الموافق لـ: 22 سبتمبر 2010 09:09

- العفاف: فضله والسّبيل إليه (1)

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

فَـضْـلُ العَـــفَـــافِ.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإنّ من أجلّ وأعظم الأخلاق الّتي دعا إليها الإسلام: خلق العفاف، لا سيّما في هذا الزّمان الّذي كثرت فيه الفتن، وعظمت فيه الإحن، وعاد القابض على دينه كالقابض على الجمر.

فنسأل الله تعالى أن تكون هذه الأسطر في بيان فضل العفاف تثبيتا للطّائعين، ودعوةً للغافلين.

أوّلاً: تعريف العفة والعفاف:

جاء في " لسان العرب ": " العِفّة: الكَفُّ عما لا يَحِلّ ... والاسْتِعْفاف: طلَبُ العَفافِ وهو الكَفُّ عن الـحرام ".

أمّا في الاصطلاح الشّرعيّ الّذي جاء في الكتاب والسنّة فإنّ العفاف نوعان:

1-      العفّة عن الأطماع وسؤال النّاس، ومنه قوله تعالى:{يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافاً} [البقرة: من الآية273]، ومنه حديث الطّبراني عن كعب بن عُجرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (( وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يَعُفُّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ ))، وحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَا اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الْمُتَعَفِّفُ )).

2-               العفّة عن الزّنا: ومنه قوله تعالى:{وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: من الآية33].

لذلك سئل ابن عبّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عن العفيف من هو؟ فقال: ( التَقِيُّ الَّذِي إِذَا خَلاَ بِالحَسْنَاءِ خَافَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَحَصَّنَ فَرْجَهُ ).

وقال ابن حزم في " الأخلاق والسّير " (1/ 33):

" حدّ العفّة أن تغضّ بصرك وجميع جوارحك عن الأجسام الّتي لا تحلّ لك، فما عدا هذا فهو عُهر وما نقص حتى يمسك عمّا أحل الله تعالى فهو ضعف وعجز ". وهذا المعنى هو المراد من مقالنا هذا.

ثانيا: فضل العفّة:

أجمع العقلاء واتّفق الحكماء أنّ العفّة من أعظم الخصال الّتي يتّصف بها الإنسان، حتّى إنّ فاقدها ليجد أنّ العفّة هي أعظم ما حُرِم منها، ويطمع أن يتحلّى بها.

ويظهر لنا فضل العفّة من وجوه:

1 أنّها من خصال أصحاب الشّرف والمروءة: جاء في " الآداب الشّرعيّة " لابن مفلح رحمه الله:

" وسئل عبد الله بن عمر عن السّؤدد فقال: " نَحْنُ مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَعُدُّ الحِلْمَ وَالجُودَ السُّؤْدُدَ، وَنَعُدُّ العَفَافَ وَإِصْلاَحَ المَالِ المُرُوءَةَ ".

وقال أبو عمرو بن العلاء:" كان أهل الجاهليّة لا يسوِّدون إلاّ من كانت فيه ستّ خصال وتمامها في الإسلام سابعة: السّخاء، والنّجدة، والصّبر والحلم، والبيان، والحسب، وفي الإسلام: زيادة العفاف " اهـ.

لذلك ترى حكماء العرب وأدباءهم يُعظّمون أمر العفاف، ويجعلونه من المكاسب الّتي يُمدح بها المرء، وهذا شعرهم طافح بذكر مناقب الأعفّاء، وحكى ابن عبد البرّ عن أبي حازم بن دينار قال: كان أهل الجاهليّة أبرّ منكم بالجار، هذا قائلهم قال:

نــاري  ونار الجــــار واحدة        وإليه قبـلـي ينــزل القـدر

ما ضــرّ جــــاري إذ أجاوره         أن لا يكــون لبـابـه سـتـر

أَعْمَى إذَا مَا جَارَتِي بَرَزَتْ حتى يواري جارتي الخدر

وقال آخر:

أغضّ طرفي ما بدت لي جارتي       حتّى يواري جارتي مأواها.

2-   أنّها من خصال أهل الإيمان:

بل إنّ الله جعل العفّة رابع خصالهم، قال تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)}.

وكيف لا والعفّة هي على قمّة الحياء، والحياء هو الإيمان ؟ روى الطّبرانيّ عَنْ قُرَّةَ بْنِ إِيَاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذُكِرَ عِنْدَهُ الحَيَاءُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ! الحَيَاءُ مِنَ الدِّينِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( بَلْ هُوَ الدِّينُ كُلُّهُ )) ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِنَّ الحَيَاءَ وَالعَفَافَ وَالعَيَّ مِنَ الإِيمَانِ، وَإِنَّهُنَّ يَزِدْنَ فِي الآخِرَةِ وَيَنْقُصْنَ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَا يَزِدْنَ فِي الآخِرَةِ أَكْثَرُ مِمَّا يَنْقُصْنَ مِنَ الدُّنْيَا )).

وروى ابن أبي الدّنيا في " مكارم الأخلاق " (41) عن وهب بن منبه أنّه قال:" الإيمان عريان ولباسه التقوى، وزينته الحياء، وماله العفّة ".

3-   أنّها من أسباب الفوز بظلّ الله يوم القيامة:

وحديث الصّحيحين مشهور عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ )).

4-   أنّها من أعظم مقامات الصّبر:

فما من فضل وعد الله به الصّابرين إلاّ والعفيف في مقدّمة هؤلاء، لأنّ العفّة هي الكفّ، وذاك هو عين الصّبر، وكلّما كثر الدّاعي للفاحشة وسهل اقترافها كان العفيف أكثر أجرا وأعظم ذخرا، ولهذا جاء في " المسند " وغيره عن النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( عَجِبَ رَبُّكَ مِنْ شَابٍّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ )) [" صحيح التّرغيب والتّرهيب " (3581)].

واستحقّ السّبعة المذكورون في الحديث الّذين يظلّهم الله في ظلّ عرشه لكمال صبرهم ومشقّته.

ويؤيّد ذلك أنّ الله جعل حدّ الزّاني المُحصَن أشدّ وأغلظ من غيره، لقلّة الدّاعي في حقّه.

5-   أنّ أهل العفّة ينالون عون الله:

ففي سنن التّرمذي وغيره عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ )).

6-   أنّ الشّرع اعتبر العفّة حصنا:

فلا شكّ أنّ الزّواج من الحصون المنيعة ضدّ الرّذيلة والأفعال الخليعة، ولكنّ الله جعل العفّة بذاتها حصنا لغير المتزوّج، وتأمّل كيف سمّى الله العفيفات في قوله:{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ الغَافِلاَتِ} أي: العفيفات. فصوّر لك التحلّي بهذا الخلق الرّفيع كأنّه حصن حصين وحرز متين.

7-   أنّها من أسباب سعادة المرء:

كما قال بعض السّلف:" والله للذّة العفّة أعظم من لذّة الذّنب "، وقال الغزالي في " إحياء علوم الدّين " ( 3/55):

" ولا معيشة أهنأ من العفّة، ولا عبادة أحسن من الخشوع، ولا زهد خير من القنوع، ولا حارس أحفظ من الصمت، ولا غائب أقرب من الموت ".

وقال في موضع آخر:" وأمّا خلق العفّة فيصدر منه السّخاء والحياء والصبر والمسامحة والقناعة والورع واللطافة والمساعدة والظرف وقلةّ الطمع ".

وكلّ ذلك لوعد الله تعالى على لسان نبيّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما رواه الإمام أحمد قَالَ: (( إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَّا آتَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ )).

قال ابن القيّم - وهو يعدّد آفات الزّنا ومقدّماته -:

" ومنها: ضيق الصّدر وحرجه، فإنّ الزّناة يعاملون بضدّ قصودهم، فإنّ من طلب لذّة العيش وطيبَه بما حرّمه الله عليه عاقبه بنقيض قصده، فإنّ ما عند الله لا يُنال إلاَّ بطاعته، ولم يجعل الله معصيته سببا إلى خير قط، ولو علم الفاجر ما في العفاف من اللذّة والسّرور وانشراح الصّدر، وطيب العيش، لرأى أنّ الّذي فاته من اللذّة أضعاف أضعاف ما حصل له، دع ربحَ العاقبة والفوز بثواب الله وكرامته.

ومنها: الوحشة التي يضعها الله سبحانه وتعالى في قلب الزّاني، وهي نظير الوحشة الّتي تعلو وجهه، فالعفيف على وجهه حلاوة وفي قلبه أُنْسٌ، ومن جالسه استأنس به، والزّاني تعلو وجهه الوحشة، ومن جالسه استوحش به.

8-   أنّ العفاف مفتاح كلّ خير، وغيره باب لكلّ شرّ:

قال في روضة المحبين (1/360):

" ( فصل ) والزّنا يجمع خلال الشرّ كلّها من قلّة الدّين، وذهاب الورع، وفساد المروءة، وقلّة الغيرة، فلا تجد زانيا معه ورع، ولا وفاء بعهد، ولا صدق في حديث، ولا محافظة على صديق، ولا غيرة تامّة على أهله، فالغدر والكذب والخيانة وقلّة الحياء وعدم المراقبة وعدم الأنفة للحرم وذهاب الغيرة من القلب من شعبه وموجباته، ومن موجباته:

- غضب الربّ بإفساد حرمه وعياله، ولو تعرض رجل إلى ملك من الملوك بذلك لقابله أسوأ مقابلة.

-        ومنها سواد الوجه وظلمته، وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو عليه للناظرين.

-        ومنها ظلمة القلب وطمس نوره، وهو الذي أوجب طمس نور الوجه وغشيان الظلمة له.

-        ومنها الفقر اللاّزم، وفي أثر يقول الله تعالى: أنا الله مهلك الطغاة ومفقر الزناة.

-        ومنها أنه يذهب حرمة فاعله ويسقطه من عين ربّه ومن أعين عباده.

-        ومنها أنه يسلبه أحسن الأسماء وهو اسم العفّة والبرّ والعدالة، ويعطيه أضدادها كاسم الفاجر والفاسق والزّاني والخائن.

-        ومنها أنّه يسلبه اسم المؤمن كما في الصّحيحين عن النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّهُ قَالَ: (( لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ )) فسلبه اسم الإيمان المطلق وإن لم يسلب عنه مطلق الإيمان ..

-        ومنها أن يعرض نفسه لسكنى التنّور الذي رأى النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه الزّناة والزّواني.

-       ومنها أنه يفارقه الطيب الّذي وصف الله به أهل العفاف ويستبدل به الخبيث الّذي وصف الله به الزّناة، كما قال الله تعالى:{الخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ}.

وقد حرّم الله الجنّة على كل خبيث، بل جعلها مأوى الطّيّبين، ولا يدخلها إلاّ طيّب، قال الله تعالى:{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل:32]، وقال تعالى:{وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزّمر: من الآية73]. فإنّما استحقّوا سلام الملائكة ودخولَ الجنّة بطيبهم، والزّناة من أخبث الخلق، وقد جعل الله سبحانه جهنّم دار الخبيث وأهله، فإذا كان يوم القيامة مُيِّز الخبيث من الطيّب، وجُعِل الخبيث بعضه على بعض، ثمّ ألقاه وألقى أهله في جهنّم، فلا يدخل النّار طيّب، ولا يدخل الجنّة خبيث.

-       ومنها: قلّة الهيبة الّتي تنزع من صدور أهله وأصحابه وغيرهم له، وهو أحقر شيء في نفوسهم وعيونهم، بخلاف العفيف فإنّه يرزق المهابة والحلاوة.

-        ومنها: أنّ النّاس ينظرونه بعين الخيانة ولا يأمنه أحد على حرمته ولا على ولده، ومنها الرائحة التي تفوح عليه يشمّها كلّ ذي قلب سليم.

-       ومنها أنه يعرض نفسه لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيّبة في جنّات عدن، وقد تقدّم أنّ الله سبحانه وتعالى إذا كان قد عاقب لابسَ الحرير في الدّنيا بحرمانه لبسه يوم القيامة، وشارب الخمر في الدّنيا بحرمانه إيّاها يوم القيامة، فكذلك من تمتّع بالصّور المحرّمة في الدّنيا، بل كلّ ما ناله العبد في الدنيا فإن توسّع في حلاله ضُيِّق من حظّه يوم القيامة بقدر ما توسّع فيه، وإن ناله من حرام فاته نظيره يوم القيامة.

-       ومنها: أنّ الزنا يجرّئه على قطيعة الرّحم وعقوق الوالدين وكسب الحرام وظلم الخلق وإضاعة أهله وعياله، وربّما قاده قسرا إلى سفك الدم الحرام، وربّما استعان عليه بالسّحر وبالشّرك وهو يدري أو لا يدري، فهذه المعصية لا تتم إلاّ بأنواع من المعاصي قبْلَها ومعها، ويتولّد عنها أنواع أخر من المعاصي بعدها، فهي محفوفة بجند من المعاصي قبلها وجند بعدها، وهي أجلب شيء لشرّ الدّنيا والآخرة، وأمنع شيء لخير الدّنيا والآخرة، وإذا علقت بالعبد فوقع في حبائلها وأشراكها عزّ على النّاصحين استنقاذه، وأعيى الأطبّاءَ دواؤه، فأسيرها لا يُفدى، وقتيلها لا يُودَى ..قال تعالى:{وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [الرّعد: من الآية11]، فهذا بعض ما في هذه السبيل من الضرر "اهـ.

وقد تتساءل – أخي القارئ – كيف السّبيل على هذا النّعيم، وهذا الخير العميم ؟

فهذا ما سنراه في مقال آخر إن شاء الله، نسأل الله التّوفيق والسّداد، والهدى والرّشاد.

أخر تعديل في السبت 14 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 20 نوفمبر 2010 22:43
المزيد من مواضيع هذا القسم: - العفاف: فضله والسّبيل إليه (2) »

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.