أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- موقف الشّيخ ابن بايس من دعوة الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب رحمهما الله

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فيقول الله سبحانه وتعالى:{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5].

والمريج هو المختلط، ومنه قوله تعالى:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرّحمن: 19].

وسبب الخلط والتخبّط هو ردُّ الحقّ ودفعُه: اتّباعا للشّبهات، أو الرّكض خلف الشّهوات، أو تعصّبا لشيخ أو جماعة أو مشرب، أو بغضا لشخص أو طائفة أو مذهب.

قال ابن القيّم رحمه الله:

" ... فإنّ من ردّ الحقّ مرج عليه أمرُه، واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصّواب، فلم يدرِ أين يذهب " ["أعلام الموقّعين" (2/173)].

- قبساتٌ من حياة الشّيخين ابن باديس والإبراهيمي رحمهما الله-

محاضرة أُلقِيت يوم الثّلاثاء 12 جمادى الآخرة 1434 هـ الموافق لـ: 23 أفريل 2013 م

بمسجد " الإصلاح " ببلديّة الأربعاء.

الحمد لله القائل:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:

23]، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك كلّه وله الحمد وحده، جعل في كلّ زمانِ فترةٍ من الرّسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالِّ تائهِ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على النّاس ! وما أقبح أثر النّاس عليهم !

وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، القائل: (( يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ))، صلّى الله عليه وعلى آله الطّاهرين، وأصحابه الطيّيبين، وعلى كلّ من اتّبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، أمّا بعد:

فحديثنا اليوم إنّما هو قبسات - كما هو في عنوان المحاضرة - من حياة رجلين عظيمين من رجال هذه الأمّة. والقبس هو ما يُؤخذ من النّار، كما قال تعالى عن نبيّه موسى عليه السّلام:{ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه من: 10]، فإنّنا لا يمكننا أن نُحيطَ بأنوار حياة هذين الشّيخين، فلْنقتَصِر على أخذ قبسات تكون لنا نبراسا يُضيء لنا السّبيل.

-" الفـاضي يعمل قاضـي "

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فأستفتح هذه المقالة، بكلمة الشّيخ مبارك الميلي رحمه الله وهو يُعاني في زمانه من المثبّطين، ويتألّم من مواقف بعض المرجفين، الّذين لا يحملون شيئا إلاّ لواء تتبّع العثرات، وإذاعة الزلاّت والسّقطات.

قال رحمه الله:

" وقد تعدّدت وسائل الإرشاد في هذا العصر، وسهُلت طرقه، فلماذا لا ننهض مع تعدّد الحوافز وتكرّر المخازي ؟

وإذا نهض أحدنا فلماذا لا نعاضِدُه ؟

وإذا لم نُعاضِدْه فلماذا نُعارضه ؟

وإذا عارضناه فلماذا نعارضه بالبهتان ؟

وإذا عارضناه بالبهتان لحاجة، فلماذا يُعارضه من لا ناقة له ولا جمل في المعارضة والبهتان ؟"اهـ

- لماذا الحديث عن الثّبات ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ أعظم نعمة يمنّ بها المولى عزّ وجلّ على عباده هي نعمة الهداية إلى الإسلام، ثمّ الاستقامة عليه مدى الأيّام؛ لذلك كان الحديث عن الثّبات حديثاً عن عنوان السّعادة الأبديّة، والفوز برضا ربّ البريّة سبحانه.

وجوابا عن هذا السّؤال الكبير: لماذا الحديث عن الثّبات ؟ فإنّي أقول: إنّ ذلك لأسباب ثلاثة:

السّبب الأوّل: كثرة الانتكاسة ..

- توقـيـر العـلـمـــاء من توقـيـر الله عزّ وجلّ

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اقتفى أثره واتّبع هداه، أمّا بعد:

فإنّ الله تعالى قد أولى العلم منزلة تفوق كلّ المنازل، ومرتبة تعلو على كلّ المراتب، وخصّ أهله بالانتقاء والاصطفاء، ورفع ذكرَهم في الأرض والسّماء، وإنّي على يقين تامّ أنّه ما من مسلم ولا مسلمة إلاّ وهو يقرّ بكلّ ذلك، لا ينكره ولا يجحده إلاّ زائغ هالك ..

ولكنّ هذه الكلمات إنّما هي من أجل الغفلة الّتي سكنت كثيرا من القلوب، ولا عاصم منها إلاّ علاّم الغيوب ..

هذه الكلمات ما هي إلاّ تذكرة للغافل، وتثبيتا للمجدّ العاقل، وقطعا لحجّة كلّ متكاسل ..

فالمفرّط في العلم وأهله صنفان:

Previous
التالي

الأربعاء 09 محرم 1432 هـ الموافق لـ: 15 ديسمبر 2010 03:47

- شرح الأسماء الحُسنى (21) الوهّـاب عزّ وجلّ.

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد وقفنا مليّا مع اسمين عظيمين من أسماء الله عزّ وجلّ، وهما ( الرزّاق، والرّازق )، ورأينا الثّمرات الّتي يجنيها المسلم من معرفتها، والإيمان بها.

ومن أسماء الله عزّ وجلّ القريبة من معناهما اسم:

27- الوهّــاب عزّ وجلّ.

المبحث الأوّل: أدلّة ثبوت هذا الاسم والصّفة.

هذا الاسم ورد ذكره ثلاث مرّات في القرآن الكريم، منها قوله تعالى:{إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: من الآية8].

 

ولم يأت في السنّة إلاّ حديث واحد فيه مقال، وهو ما رواه أبو داود عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم كَانَ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ اللَّيْلِ قَالَ: (( لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ، اللَّهُمَّ أَسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِي، وَأَسْأَلُكَ رَحْمَتَكَ، اللَّهُمَّ زِدْنِي عِلْمًا، وَلَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي، وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ )).

ولمجيئه في القرآن الكريم لم يختلف العلماء في أنّه اسم من أسمائه عزّ وجلّ، فكلّ من تكلّم في أسمائه عزّ وجلّ ذكره.

المبحث الثّاني: المعنى اللّغوي لهذا الاسم.

ملخّص ما جاء في "النّهاية" (5/231)، و"اللّسان" (6/4929): أنّ الوهّاب بمعنى كثير العطاء، فهو صيغة مبالغة من " وهب الشّيء إذا أعطاه، ومصدره: الوهْب والوهَب والهبة.

وفي أصل اشتقاق الهبة قولان:

الأوّل: أنّه من هبّ الشّيء إذا مرّ، ومنه هبوب الرّيح، فالعطيّة تمرّ من يد إلى أخرى.

الثّاني: من هبّ بمعنى تيقّظ، لأنّ فاعلها تيقّظ لفعل الخير.

ويقال في المبالغة: وَهُوب ووهّابة أيضا، وهو متصرّف له ماضٍ ومضارع وأمر فيقال: وهب يهبُ وهبْ.

أمّا ( هَبْ ) الدالّة على الاعتقاد والظنّ، فإنّه فعل جامد لا مصدر له ولا مضارع ولا ماضٍ.

والهـبـة: في اللّغة هي العطيّة الخالية عن العوض، فتدخل فيها الصّدقة والهديّة والوصيّة[1].

فإن قيل: كيف يمكننا التّفريق بين الهديّة والهبة ؟

فالجواب: أنّ كلّ هديّة هبة، وليس كلّ هبة هديّة، فقد تطلق الهبة على الصّدقة، والنبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يوهب أشياء على سبيل الهديّة لا الصّدقة.

المبحث الثالث: معنى الاسم في حقّ الله سبحانه وتعالى:

قال الطّبري رحمه الله: " الوهاب لمن يشاء من خلقه، ما يشاء من ملك وسلطان ونبوّة ".

وقال الخطّابي رحمه الله في "شأن الدّعاء" (ص 53)، ونقله البيهقيّ في "الاعتقاد" (ص 57): " هو الّذي يجود بالعطاء من غير استثابة " أي: من غير طلب للثّواب من أحد.

وقال الحليمي رحمه الله في "المنهاج" (1/206): " هو المتفضّل بالعطايا المنعم بها لا عن استحقاق عليه ".

قال ابن القيّم رحمه الله تعالى في "النّونيّة" (2/234):

وكذلك الوهّـاب من أسمـائـه *** فانظـر مواهـبـه مدى الأزمـان

أهل السّموات العلى والأرض عن *** تلك المـواهـبِ ليـس ينـفكّـان

وبهذا يظهر الفرق الدّقيق بين الرزّاق والوهّاب، وهو:

أنّ الرزّاق من الرّزق وهو أعمّ من الهبة، لأنّ من يرزق قد يرقب ثوابا وعوضا كما قال تعالى:{وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} [النّساء: من الآية5]، وقال:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ} [البقرة: من الآية233]، بخلاف الهبة.

المبحث الرّابع: آثار الإيمان بهذا الاسم

1- لا شكّ أنّه لمّا كان الوهّاب بمعنى الرزّاق فآثار الإيمان به هي نفسها، وكما سبق ذكره أنّ هذا الاسم ورد ذكره ثلاث مرّات في القرآن الكريم:

مرّة بمعنى الرزّق العامّ الّذي يعمّ جميع الخلق، قال تعالى:{أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ} [ص:9].

ومرّة بمعنى الرّزق الخاصّ بالأبدان والأعيان، كقوله تعالى:{قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص:35].

ومرّة بمعنى الرّزق الخاصّ بالقلوب وهو الهداية:{رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران:8].

لذلك قال الطّبري رحمه الله في تفسيره لهذه الآية:" يعني إنّك أنت المعطي عبادك التّوفيق والسّداد للثّبات على دينك وتصديق كتابك ورسلك ".

2- أعظم هبة وهبها الله العبد هي الاستقامة على دينه، لذلك وصف الدّاعين بهذا الدّعاء بأنّهم أولو الألباب، فقال:{وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8)} [آل عران].

ولذلك كانت النبوّة أعظم هبة، قال تعالى عن موسى عليه السّلام:{فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: من الآية21]، وكذا العلم الّذي هو ميراث النبوّة.

3-الفرق بين هبة الخالق والمخلوق: وذلك من أوجه:

- الوجه الأوّل: من حيث الدّوام والاتّصال، ذكره الخطّابي رحمه الله تعالى في "شأن الدّعاء" (ص53) فقال:

" فكلّ من وهب شيئا من عرض الدّنيا لصاحبه فهو واهب، ولا يستحقّ أن يسمّى وهّابا إلاّ من تصرّفت مواهبه في أنواع العطايا، فكثرت نوافله ودامت.

والمخلوقون إنّما يملكون أن يهبوا مالا أو نوالا في حال دون حال، ولا يملكون أن يهبوا شفاءً لسقيم، ولا ولدا لعقيم، ولا هُدىً لضالّ، وعافية لذي بلاء، والله الوهّاب سبحانه يملك جميع ذلك، وسع الخلقَ جودُه، فدامت مواهبه، واتّصلت مننُه وعوائده "اهـ.

- الوجه الثّاني: من حيث العوض، ذكره الرّازي في "شرح الأسماء"، وهو يُفهم مّما مضى بيانه، فأكثر الخلق إنّما يهبون من أجل عوض ينالونه، كمقابل لذلك، أو ثناء بين النّاس، وأحسنهم من يهب طمعا في الأجر من الله تعالى.

- الوجه الثّالث: أنّ هبة الله تعالى لا حصر لها، ولا عجز فيها، فهو كما مضى في شرح اسم "الرزّاق" أنّه المعطي بلا كلفة الرّازق بلا مؤنة.

- الوجه الرّابع: أنّ هبة الله تعالى ليست عن ضعف أو ذلّ، ولكنّها عن مشيئة وقدرة وعزّة، لذلك قال تعالى:{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} [الشّورى:49]، بخلاف عطيّة العبد، فتكون أحيانا ناتجة عن ضعف.

- الوجه الخامس: أنّ هبة الله تعالى عن حكمة بالغة، لذلك ختم آية الهبة بقوله:{أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى:50].

فهبته إمّا شكر لعمل العبد، أو استدراج له، فكلّ عطاء منه أصاب موضعه، بخلاف عطيّة العبد فإنّها ربّما لم تُصِب موضعها.

من ذلك حديث البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( قَالَ رَجُلٌ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ ! فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ.

فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ زَانِيَةٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ ! فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ، لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ.

فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ غَنِيٍّ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ ! فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى سَارِقٍ وَعَلَى زَانِيَةٍ وَعَلَى غَنِيٍّ.

فَأُتِيَ، فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ، وَأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ زِنَاهَا، وَأَمَّا الْغَنِيُّ فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ )).

ومن ثمرات الإيمان بهذا السم الكريم:

4- إذا علم العبد أنّ الهبة من الله تابعة لحكمته ومشيئته، فينبغي له الرّضا بما قسم الله له:

- فالذرّية هبة من الله تعالى، وقد ذكر الله أنبياء بذرّية ذكور كنوح، ويعقوب عليهم السّلام، وذكر أنبياء لهم ذرّية إناث كنبيّ الله لوط عليه السّلام، وذكر أنبياء وليس لهم ذرّية كعيسى ويحيى ويوسف عليه السّلام، وذكر أنبياء وهبهم الله ذرّية بعد كبر في السنّ ووهن في العظم كنبي الله إبراهيم وخليله القائل:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [إبراهيم:39]، ونبيّ الله زكريّا عليه السّلام القائل:{رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران: من الآية38].

بل ذكر أنّ نبيّا آتاه الله ملكا لا ينبغي لأحد بعده، ووهب له الرّياح تجري بأمره رخاء حيث أصاب، أي حيث شاء، وسخّر له الشّياطين تعمل له ما يشاء من تماثيل ومحاريب وقصور وقدور وجفان، ويغوصون في البحر يستخرجون منه اللّآلئ، وقال الله له:{هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [ص:39].

ومع ذلك لم يهب له إلاّ شقّ ولد، روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عليهما السلام: " لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ كُلُّهُنَّ يَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ )).

- وليعلم أنّ الله سمّى الولد هبة، فينبغي له أن يرضى بهبة الله تعالى له، سواء أكان ذكرا أو أنثى، سواء أكان صحيحا أم سقيما، وما أقبح أن لا يرضى العبد بعطيّة الله له.

5- وممّا ينبغي لنا معرفته: أنّ هناك اسمين يُذكران عادة بهذا المعنى، وهما: ( المعطي والمانع ).

نراهما إن شاء الله لاحقا.



[1] أمّا في الفقه فهي: " تمليك شيء بلا عوض على سبيل التبرّع حال الحياة ".

فقولهم: " تمليك شيء" عامّ، واستثنيت منه المرأة، فإنّها لا تهب نفسها دون صداق، إلاّ للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم لقوله تعالى:{وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: من الآية50].

وقولهم: " بلا عوض " قيد خرج به البيع والإجارة، فإنّها هبة مقابل شيء أو منفعة.

وقولهم:" على سبيل التبرّع " قيد خرجت به النّفقة الواجبة، كالزّكاة والنّفقة على الأهل.

وقولهم: " حال الحياة " قيد خرجت به الوصيّة، لأنّها تمليك شيء على سبيل التبرّع بعد الموت. وللهبة أحكام كثيرة في الفقه.

أخر تعديل في الأحد 27 جمادى الأولى 1432 هـ الموافق لـ: 01 ماي 2011 21:51

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.