أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الأحد 27 محرم 1432 هـ الموافق لـ: 02 جانفي 2011 10:59

- السّيرة النّبويّة (25) من الآلام تبـزغ الآمـال

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد رأينا في المرّة السّابقة الحبيبَ صلّى الله عليه وسلّم يودّع كثيرا من أصحابه وأحبابه وهم منطلقون إلى الحبشة، الّذين ما شقّ عليهم رضي الله عنهم فراق الأهل والأوطان كما شقّ عليهم وآلمهم فراق النبيّ العدنان صلّى الله عليه وسلّم.

النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وبقيّة أصحابه الّذين مكثوا في مكّة يمشون على الأشواك، ويُحثى عليهم التّراب .. ويُبصق في وجوههم ويُداس على رؤوسهم ..

روى ابن إسحاق بسند صحيح ومن طريقه البيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه سُئل: ما أكثر ما رأيت قريشا أصابت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيما كانت تظهر من عداوته ؟ فقال:

" لقد رأيتهم وقد اجتمع أشرافهم يوما في الحجر، فذكروا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرّجل قط ! سفّه أحلامنا، وشتم آباءنا، وعاب ديننا، وفرّق جماعتنا، وسبّ آلهتنا، وصبرنا منه على أمر عظيم..

فبينا هم في ذلك، إذ طلع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأقبل يمشي حتّى استلم الرّكن، ثمّ مرّ بهم طائفا بالبيت، فغمزوه ببعضِ القول، فعرفت ذلك في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

فمضى، فلمّا مرّ بهم الثّانية غمزوه بمثلها، فعرفتها في وجهه، فمضى ثمّ مرّ الثالثة، فغمزوه بمثلها، فوقف، ثمّ قال:

(( أَتَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ؟ أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ !))..

فأخذت القومَ كلمتُه، حتّى ما منهم من رجل إلاّ ولكأنمّا على رأسه طائر واقع، وحتّى إنّ أشدّهم فيه قَبْل ذلك تلقّاه بأحسن ما يجد من القول، حتّى إنّه ليقول: انصرف يا أبا القاسم راشدا ! فوالله ما أنت بجهول ..

فانصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى إذا كان من الغد، اجتمعوا في الحجر، وأنا معهم، فقال بعضهم لبعض: ذكرتم ما بلغ منكم وما بلغكم عنه حتّى إذا باداكم بما تكرهون تركتموه ؟!

فبينا هم على ذلك، طلع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فوثبوا إليه وثبة رجل، فأحاطوا به يقولون: أنت الذي تقول كذا وكذا لما يبلغهم من عيب آلهتهم ودينهم، فيقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

(( نَعَمْ أَنَا الَّذِي أَقُولُ ذَلِكَ )).

فلقد رأيت رجلا منهم أَخَذَ بمجامع ردائه وهو عقبة بن أبي معيط والنبيّ يُصلِّي عند الكعبة، فلوى ثوبه في عنقه، فخنقه خنقا شديدا، فأقبل أبو بكر رضي الله عنه دونه يبكي، ويقول: ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربِّيَ الله ؟!!

وهذا الشّطر الأخير رواه البخاري.

ثم انصرفوا عنه. قال عبد الله بن عمرو: فإنّ ذلك لأكثر ما رأيت قريشا بلغت منه قط ..

وفي صحيح مسلم عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال:

بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ، وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بِالْأَمْسِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ:

أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى سَلَا جَزُورِ[1] بَنِي فُلَانٍ فَيَأْخُذُهُ فَيَضَعُهُ فِي كَتِفَيْ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ ؟

فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ، فَأَخَذَهُ، فَلَمَّا سَجَدَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، قَالَ: فَاسْتَضْحَكُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَمِيلُ عَلَى بَعْضٍ، وَأَنَا قَائِمٌ أَنْظُرُ: لَوْ كَانَتْ لِي مَنَعَةٌ طَرَحْتُهُ عَنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، وَالنَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم سَاجِدٌ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ [لأنّه لو رفع رأسه لسقطت النّجاسة وانتشرت على جسده الطّاهر].

حَتَّى انْطَلَقَ إِنْسَانٌ فَأَخْبَرَ فَاطِمَةَ فَجَاءَتْ وَهِيَ جُوَيْرِيَةٌ، فَطَرَحَتْهُ عَنْهُ، ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَشْتِمُهُمْ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم صَلَاتَهُ رَفَعَ صَوْتَهُ، ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِمْ، وَكَانَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا، وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ:

(( اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ )).

فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَهُ ذَهَبَ عَنْهُمْ الضِّحْكُ، وَخَافُوا دَعْوَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: (( اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ )).

فَوَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا صلّى الله عليه وسلّم بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ سَمَّى صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ.

كلّ هذا والنّبي صلّى الله عليه وسلّم صابر يتجرّع كؤوس العذاب، وألوان العقاب، وصدق من قال: إنّ من تحمّل عبء الدّعوة إلى الله، يسهل عليه حمل كلّ شيء .. فلا بدّ من المعاناة، وقد بُعِث النّبي صلّى الله عليه وسلّم ليبعث في النّاس الحياة، في نفوس مريضة، يلتقط أشلاءها الممزّقة، وأوصالها المبعثرة ..

تلكم الآلام كان من ورائها تحقّق الآمال ..كانت بمثابة آلام المرأة حال المخاض، يولد بعدها نصر من الله وفتح قريب وبشّر المؤمنين..

قال عزّ وجلّ: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف:110]..

وبدأت هذه الحقيقة تتجلّى أمام المؤمنين، قال تعالى:{اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الحديد:17]..

وأكرم الله عباده المؤمنين بإسلام حمزة بن عبد المطّلب[2]..

فكان إسلامه نصرا هزّ مكّة من شرقها إلى غربها؛ فإنّ حمزة كان في منعة من نفسه ومن قومه، وكان يضرب به المثل في البأس والشدّة، وقد كسر حمزة جدارا طالما حجب نور الحقّ عن النّاس، وهو أنّ أتباع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إنّما هم الضّعفاء والفقراء الّذين ليس لهم ما يخسرونه إن هم أسلموا..

ولنا وقفات للاعتبار مع هذه الحادثة:

الوقفة الأولى: مع قول عدوّ الله عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:" وسبّ آلهتنا ":

هذه مغالطة مكشوفة، فإنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ما كان يسبّ آلهتهم امتثالا لأمر الله تعالى:{وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: من الآية108].

وإنّما اعتبروا قول الله تعالى فيها أنّها لا تضرّ ولا تنفع، وأنّها لا تملك لهم من الله شيئا، وأنّها لا تعقل ولا تسمع ولا تبصر ممّا هو واقع فِعْلاً اعتبروه سبّا.

ولا شكّ أنّ بيان الحقّ من الضّلال ليس سبّا، إنّما السبّ أن يأتي المتكلّم بالألفاظ النّابية التي من شأنها أن تنفّر من الشّيء.

وهذه المغالطة سلاح كلّ من فرّ من الحقّ منتصرا للباطل، فلا نزال نستمع إلى:

- أصحاب الطّرق الصّوفيّة يوجّهون سهام الاتّهام إلى الدّعاة إلى التّوحيد ويلمزونهم ببُغض الأولياء، بل وبالجفاء في حقّ الأنبياء ! لا لشيء، إلاّ لأنّهم نَفَوا عن الصّالحين صفات ربّ العالمين !

- وترى المنافقين من العلمانيّين يرفعون لواء الوطنيّة والقوميّة كلّما قام الدّعاة إلى الحقّ ببيان منزلة الولاء والبراء من الإيمان، ويتّهمونهم ببغض الأوطان !

وهكذا لهم في كلّ يومٍ تُهمة وفرية، وصدق الله عزّ وجلّ القائل:{مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} [فصّلت: 43].

الوقفة الثّانية: في الوقت نفسه، ندرك من قول عدوّ الله:" وسبّ آلهتنا " أنّ النّفوس جُبلت على رفض الدّعوة القائمة على السبّ والطّعن، لذلك اعتمده عدوّ الله واتّهم بذلك رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم وهو منه براء .

الوقفة الثّالثة: في هذه الحادثة بيان فضل الدّعاء، والتضرّع إلى ربّ الأرض والسّماء، فأكرم الله عزّ وجلّ نبيّه صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين بنصرين:

أوّلهما: نصر عاجل، وهو إسلام حمزة رضي الله عنه.

الثّاني: نصر آجل، وهو هلاك طواغيت قريش يوم بدر.

عودٌ إلى مكّة ..

لم يُصدّق عتبة بن ربيعة أنّ حمزة أصبح مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم .. إنّه بمثابة الدّرع الحامي، فيصعب الوصول إليه ..

وإذا فشلت سياسة التّجهيل والتّكذيب، ولم تنجح سياسة القمع والتّعذيب، فلم يبق أمامهم إلاّ سياسة الإغراء والتّرغيب..

وهذا ما سوف نسلّط عليه الضّوء إن شاء الله تعالى في حلقة قابلة.



[1] ( السَّلاَ ): هو اللفافة التي يكون فيها الولد في بطن الناقة وسائر الحيوان، وهي من الآدمية: المشيمة.

والجَزور: كلّ ما يُجزَر أي: يذبح كالنّاقة والشّاة.

[2] قصّة إسلام حمزة رضي الله عنه، وأنّه ضرب أبا جهل، لا تصحّ، فقد رواها الطّبراني مرسلة، ورواها ابن إسحاق وابن أبي حاتم معضلة كما في "مجمع الزّوائد" (9/267).

أخر تعديل في الخميس 29 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 03 فيفري 2011 09:27

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.