أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

السبت 11 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 15 جانفي 2011 17:48

- تفسير سورة البقرة (13) معنى النّفاق وأنواعه.

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فيقول الله عزّ وجلّ:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)}

وفي هذه الآيات مسائل:

المسألة الأولى: مناسبة الآيات لما قبلها.

فقد ذكر الله سبحانه صفات المؤمنين في صدر السّورة في أربع آيات، ثم عرّف حال الكافرين بآيتين، ثمّ بدأ المولى تبارك وتعالى في بيان حال المنافقين، الّذين يُظهِرون الإيمان ويُبطنون الكفر.

ومن الجدير بالتّنبيه عليه أنّ المنافقين لهم في كلّ زمان ومكان لقبٌ يلبّسون به على النّاس، ويتخلّلون به وسط الأجناس، وفي هذا الزّمان تراهم يتسّمون بـ"العلمانيّين "، وما هم في الحقيقة إلاّ من جنس المنافقين.

 

وقد أطنب الله عزّ وجلّ في ذكرهم في ثلاثَ عشْرَةَ آيةً؛ لشدّة ضررهم، وعظيم خطرهم؛ لأنّ أمرهم يشتبه على كثير من النّاس.

قال ابن القيّم رحمه الله في "طريق الهجرتين" (596):

" فالكفّار والمجاهرون بكفرهم أخفّ، وهم فوق المنافقين في دركات النّار؛ لأنّ الطّائفتين اشتركتا في الكفر ومعاداة الله ورسله، وزاد المنافقون عليهم بالكذب والنّفاق، وبليّة المسلمين بهم أعظم من بليّتهم بالكفّار المجاهرين، ولهذا قال تعالى في حقّهم:{هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ}"اهـ، ووجه الدّلالة من الآية الّتي ذكرها رحمه الله أنّ هذا الأسلوب هو أسلوب الحصر، وكأنّه قال: لا عدوّ غيرهم فاحذرهم.

المسألة الثّانية: معنى النّفاق وزمان ظهوره.

النّفاق في اللّغة مأخوذ من الإنفاق ومعناه الخروج، فسمّي المنافق منافقا لإظهاره غير ما يضمر، تشبيها له باليربوع، فإنّ له جحرا يقال له: النّافقاء، وآخر يقال له: القاصعاء، فتراه يخرق الأرض حتّى إذا كاد يبلغ ظاهر الأرض توقّف وترك التّراب، فإذا رابه شيء دفع ذلك التّراب برأسه فخرج، فظاهر جحره تراب، وباطنه حفر، وكذلك المنافق ظاهره إيمان، وباطنه كفر.

واسم النّفاق لم يكن معروفا لدى العرب بالمعنى الخاصّ الّذي جاء ذكره في الكتاب والسنّة.

والنّفاق في الشّرع نوعان:

1- نفاق أكبر: وهو - والعياذ بالله - إبطان الكفر وإظهار الإسلام.

ولقد اعتنت السّور المدنيّة بذكر صفات المنافقين، وخصّت السّور المدنيّة بذلك دون المكّية لأنّه لم يكن للنّفاق وجود في مكّة، بل كان الأمر في مكّة على خلاف النّفاق، فكان كثير من أهل الإسلام بمكّة يُخفُون إسلامهم ويُسرّون إيمانهم خوفا من المشركين.

ولم يظهر النّفاق حتّى قَوِِيَت شوكة المسلمين بالمدينة وذلك بعد غزوة بدر، فهناك خَرِست ألسنتُهم، وجحظت أبصارهم، وتفطّرت قلوبهم، فخافوا على أنفسهم، وأعراضهم وأموالهم، فما كان منهم إلاّ أن أعلنوا إسلامهم في الظّاهر .. وظهر النّفاق والمنافقون ..

روى البخاري ومسلم عن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا أَمَرَهُمْ اللهُ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الْأَذَى، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} الْآيَةَ..وَقَالَ اللَّهُ:{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم يَتَأَوَّلُ الْعَفْوَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ، حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم بَدْرًا، فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ صَنَادِيدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ:" هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ "، فَبَايَعُوا الرَّسُولَ صلّى الله عليه وسلّم عَلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا.

2- نفاق أصغر: وضابطه من تشبّه ببعض صفات المنافقين:

· كمن يضمر الشرّ ويظهر الخير.

· والمرائيّ الّذي يُظهر للملأ خلاف ما هو عليه في الواقع.

· ذو الوجهين، ففي الصّحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ: (( إِنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ: الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ )).

قال النّوويّ رحمه الله:" هو الّذي يأتي كلّ طائفة بما يُرضِيها، فيُظهر لها أنَّه منها ومخالفٌ لضدِّها، وصنيعُه نفاقٌ ومحضُ كذبٍ وخداع، وتحيُّل على الاطِّلاع على أسرار الطّائفتين، وهي مداهنة محرّمة.

· أعمال حكم الله عليها بأنّ أصحابها قد شابهوا المنافقين، ومنه ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرةَ رضي الله عنه: (( آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ))[1].

وقد عدّ جماعة من العلماء هذا الحديث مشكلا؛ حيث إنّ هذه الخصال قد تكون في المسلم المجمع على عدم الحكم بكفره، وأجوبتهم عن ذلك كثيرة قريب بعضها من بعض:

أ) فمنهم من قال: إنّ صاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال، ومتخلّق بأخلاقهم.

ب) ومنهم من قال: إنّ المراد بالنّفاق نفاق العمل، وهذا ارتضاه القرطبيّ وابن القيّم رحمهما الله، حيث قال في " حكم تارك الصّلاة " (ص 77) بعد ما بيّن أنّ الكفر منه أكبر ومنه أصغر:

" وكذا النّفاق نفاقان: نفاق اعتقاد، ونفاق عمل.

فنفاق الاعتقاد: هو الّذي أنكره الله على المنافقين في القرآن، وأوجب لهم الدّرك الأسفل من النّار.

ونفاق العمل: كقوله في الحديث الصّحيح: (( آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ )).

وفي الصّحيح أيضا: (( أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ، حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ )).

فهذا نفاق عمل، قد يجتمع مع أصل الإيمان، ولكن إذا استحكم وكمل، فقد ينسلخ صاحبه عن الإسلام بالكلّية، وإن صلّى وصام وزعم أنّه مسلم، فإنّ الإيمان ينهى المؤمن عن هذه الخلال، فإذا كملت في العبد، ولم يكن له ما ينهاه عن شيء منها، فهذا لا يكون إلاّ منافقا خالصا "اهـ.

واستدلّ القرطبي رحمه الله له بقول عمر رضي الله عنه لحذيفة رضي الله عنه: ( هَلْ تَعْلَمُ فِـيَّ شَيْئًا مِنَ النِّفَاقِ ؟ ) فإنّه لم يرد بذلك نفاق الكفر، وإنّما أراد نفاق العمل.

ويؤيّد ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( كَانَ مُنَافِقاً خَالِصاً ))، فيفهم منه أنّ هناك نفاق عمل غير خالص.

ج) ومنهم من قال: المراد بإطلاق النّفاق: الإنذار والتّحذير عن ارتكاب هذه الخصال، وأنّ الظّاهر غير مراد، وهذا ارتضاه الخطّابي.

لذلك قال البخاري رحمه الله: بَاب خَوْفِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ:" أَدْرَكْتُ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ ".

د) وذكر الخطّابيّ أيضا قولا آخر وهو: أنّه يحتمل أنّ المتّصف بذلك هو من اعتاد ذلك وصار له ديدنا، قال: ويدلّ عليه التّعبير بـ( إذا ) فإنّها تدلّ على تكرار الفعل.

والحاصل أن يقال: إنّ النفاق شعب، وإذا ارتكب المؤمن بعض شعبه لم يحكم عليه بالنّفاق المخرج من الملّة، كما أنّ الإيمان شعب، ولن يستكمل الإيمان من قام ببعض شعبه، وقد روى التّرمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا ))، ومع ذلك لا يستكمل الإيمان بالأخلاق.

المسألة الثّالثة: شرح بعض ألفاظ الآيات.

-( وَمِنَ النَّاسِ ): النّاس: جمع إنسان، و( الأناس ) لغة في النّاس، قال سيبويه رحمه الله:" والأصل في النّاس الأناس مخفّفا، فجعلوا الألف واللاّم عوضا من الهمزة، وقد قالوا الأناس "اهـ. ويقال أيضا الإنس.

ولا يقال للمرأة " إنسانة " ولكن " إنسان "، خلافا لما راج لدى العامّة.

والإنس والإنسان مأخوذ إمّا:

أ) من الأُنس، وهو خلاف الوحشة، تقول: أنِست به بالكسر أُنْسا، أي: زالت وحشتي منه.

ومن كلام العرب: إذا جاء اللّيل استأنس كلّ وحشيّ، واستوحش كلّ إنسيّ، وفي الحديث: (( أَنَّهُ صلّى الله عليه وسلّم نَهَى عَنِ الحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ )) يعني: الّتي تُألف.

ثمّ كثر استعمال هذه الكلمة حتّى استعملوها بمعنى الأشخاص، فقالوا: ناس من الجنّ.

ب) أو من استأنست وآنست بمعنى أبصرت، وآنس الشيءَ أحسّه، وفي التّنزيل العزيز:{فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً} [القصص:من الآية29]، يعني أبصر نارا. وآنس الشّيء علمه، يقال: آنست منه رشدا أي علمته، كما في قوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النّساء: من الآية6]، وآنست الصّوت سمعته، وقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} [النّور: من الآية27]، أي: تعلموا، ومن كلام العرب: " اذهب فاستأنس هل ترى من أحد ؟"، أي: انظر من ترى في الدار.

فمن أجل ذلك قيل للإنس إنس لأنّهم يؤنَسون، أي: يُبصرون، كما قيل للجنّ ( جنّ ) لأنّهم لا يؤنسون، أي لا يبصرون.

-( مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِاليَوْمِ الآخِرِ ): أي: هذا مجرّد قول ليس وراءه شيء آخر.

وقولهم: ( آمنّا ) جملة فعليّة تفيد التجدّد، فصفة الإيمان فيهم غير ثابتة.

( وباليوم الآخر ): أعادوا الباء فأدخلوها مرّة أخرى على المعطوف ليؤكّدوا إيمانهم، فكذّبهم الله وأبطل زعمهم على طريقة التوكيد أيضا فقال:

-( وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ): وأتى بالجملة الاسمية ليبين أن صفة الإيمان غير ثابتة فيهم.

ونظير هذه الآية قوله تعالى:{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون:1].

والله الموفّق لا ربّ سواه



[1] قال الحافظ رحمه الله في " فتح الباري ": ( ووجه الاقتصار على هذه العلامات الثّلاث أنّها منبّهة على ما عداها؛ إذ أصل الدّيانة منحصر في ثلاث: القول، والفعل، والنيّة.

فنبّه على فساد القول بالكذب، وعلى فساد الفعل بالخيانة، وعلى فساد النيّة بالخلف، لأنّ خلف الوعد لا يقدح إلاّ إذا كان العزم عليه مقارنا للوعد، أمّا لو كان عازما ثمّ عرض له مانع أو بدا له رأي فهذا لم توجد منه صورة النّفاق، قاله الغزالي في "الإحياء" ) اهـ.

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.