أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الاثنين 13 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 17 جانفي 2011 10:24

- السّيرة النّبويّة (28) ثبات المسلمين بأرض الحبشة.

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد رأينا في الحلقة السّابقة أنّ كلّ الوسائل وجميع السّبل لصدّ رسالة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ودعوته قد باءت بالفشل الذّريع.

وأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم تألّق في سماء دعوته بشعارات الصّدق والأمانة والتّبليغ والفطانة .. بل إنّه صلّى الله عليه وسلّم كاد بتلك المبادئ السّامية والقيم الغالية أن يلج إلى قلوب أعتى المشركين والمعاندين ..

فهنالك قام الشّيطان الرّجيم يثير في نفوس المشركين الرّعب والخوف من المستقبل المجهول .. فذكرّ أولياءه بمصيرهم: إنّ المسلمين في طريقهم إلى السّيطرة على مكّة ! بل وعلى الحبشة ! فلا بدّ من إيقاف هذا الزّحف ..

الابتلاء الأوّل: تقصّ علينا أمّ سلمة رضي الله عنها بقيّة حديث الهجرة إلى الحبشة قائلة:

فلمّا رأت قريشٌ أنّ أصحاب النبيّ قد أصابوا دارا وأمنا، أجمعوا على أن يبعثوا إلى النجاشيّ فيهم ليخرجهم من بلاده، وليردّهم عليهم.

فبعثوا عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، فجمعوا له هدايا ولبطارقته، فلم يدعوا منهم رجلا إلاّ هيئوا له هديّة على حدة.

وقالوا لهما: ادفعا إلى كلّ بطريق هديّته قبل أن تكلّموا فيهم، ثم ادفعوا إليه هداياه، وإن استطعتم أن يردّهم عليكما قبل أن يكلّمهم فافعلا.

فقدما عليه، فلم يبق بطريق من بطارقته إلاّ قدّموا إليه هديّته وكلّموه. وقالوا له:

إنّا قدمنا على هذا الملك في سفهاء من سفهائنا، فارقوا أقوامهم في دينهم ! ولم يدخلوا في دينكم ! فبعثنا قومُهم فيهم ليردّهم الملك عليهم، فإذا نحن كلّمناه فأشيروا عليه بأن يفعل. فقالوا: نفعل.

ثمّ قدّما إلى النّجاشيّ هداياه، وكان أحبّ ما يُهدَى إليه من مكّة الأدم، فلمّا أدخلوا عليه هداياه قالوا له:

أيّها الملك ! إنّ فتيةً منّا سفهاء فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين مبتدَع لا نعرفه، وقد لجئوا إلى بلادك، فبعثنا إليك فيهم عشائرهم: آباؤهم وأعمامهم وقومهم لتردّهم عليهم.

فقالت بطارقته: صدقوا أيّها الملك ! لو رددتهم عليهم كانوا هم أعلى بهم عينا، فإنهم لم يدخلوا في دينك فتمنعَهم بذلك.

فغضب، ثمّ قال: لا لعمر الله ! لا أردّهم عليهم حتّى أدعُوَهم وأكلّمهم وأنظر ما أمرهم ؟ قومٌ لجئوا إلى بلادي، واختاروا جواري على جوار غيري، فإن كانوا كما يقولون رددتهم عليهم، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم، ولم أخلّ بينهم وبينهم، ولم أُنعِمْهم عينا.

فأرسل إليهم النّجاشيّ، فجمعهم، ولم يكن شيء أبغضَ إلى عمرو بن العاص وعبد الله ابن أبي ربيعة من أن يسمع كلامَهم !

فلمّا جاءهم رسول النّجاشي، اجتمع القوم فقالوا: ماذا تقولون ؟ فقالوا: وماذا نقول ؟ نقول- والله - ما نعرفه، وما نحن عليه من أمر ديننا، وما جاء به نبيّنا كائنٌ في ذلك ما كان.

فلمّا دخلوا عليه كان الّذي تكلّم منهم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه.

فقال له النّجاشي: ما هذا الدّين الّذي أنتم عليه ؟ فارقتم دين قومكم ولم تدخلوا في يهوديّة ولا نصرانيّة، فما هذا الدّين ؟

فقال جعفر: أيّها الملك، كنّا قوما على الشّرك، نعبد الأوثان، ونأكل الميتة، ونسيء الجوار، ونستحلّ المحارم بعضنا من بعض في سفك الدماء وغيرها، لا نحلّ شيئا ولا نحرّمه، فبعث الله إلينا نبيّا من أنفسنا نعرف وفاءه وصدقه وأمانته، فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له، ونصلَ الرّحم، ونحسنَ الجوار، ونصلّي لله، ونصومَ له، ولا نعبد غيره.

فقال: هل معك شيء ممّا جاء به ؟ - وقد دعا أساقفتة فأمرهم فنشروا المصاحف حوله -.

فقال له جعفر: نعم.

فقال: هلُمّ فاتْلُ عليّ ما جاء به.

فقرأ عليه صدرا من {كهيعص}، فبكى والله النّجاشيّ حتّى اخضلّت لحيتُه، وبكت أساقفته حتّى اخضلّت مصاحفهم ! ثمّ قال:

إنّ هذا الكلام ليخرُج من المشكاة الّتي جاء بها موسى وعيسى عليهما السّلام، انطلقوا راشدين، لا والله لا أردّهم عليكم، ولا أنعمكم عينا.

فخرجا من عنده، فقال عمرو بن العاص: والله لآتينّه غدا بما استأصل به خضراءهم، لأخبرنّه أنّهم يزعمون أنّ إلهه الّذي يعبد عيسى بن مريم عبد.

فقال له عبد الله بن أبي ربيعة - وكان أتقى الرّجلين -: لا تفعل، فإنّهم وإن كانوا خالفونا، فإنّ لهم رحما ولهم حقّا.

فقال: والله لأفعلنّ.

فلمّا كان الغد، دخل عليه فقال: أيّها الملك ! إنّهم يقولون في عيسى قولا عظيما ! فأرسل إليهم فسلهم عنه.

فبعث إليهم - ولم ينزل بنا مثلها - فقال بعضنا لبعض: ماذا تقولون له في عيسى إن هو سألكم عنه ؟ فقالوا: نقول والله - الّذي قاله الله تعالى فيه، والّذي أمرنا نبيّنا أن نقوله فيه.

فدخلوا عليه وعنده بطارقته، فقال: ما تقولون في عيسى بن مريم ؟

فقال له جعفر: نقول هو عبد الله ورسوله، وكلمته وروحه ألقاها إلى مريم العذراء البتول.

فدلّى النجاشي يده إلى الأرض، فأخذ عويدا بين أصبعيه، فقال: ما عدا عيسى بن مريم ممّا قلت هذا العود.

فتناخرت بطارقته.

فقال: وإن تناخرتم والله اذهبوا، فأنتم سيوم بأرضي - والسيوم الآمنون -، ومن سبّكم غرم، ومن سبّكم غرم، ومن سبّكم غرم ثلاثا ما أحبّ أنّ لي دَبيرا وأنّي آذيت رجلا منكم، [والدّبير بلسانهم: الذّهب] رٌدٌّوا عليهما هداياهما، فلا حاجة لنا بها، واخرجا من بلادي.

فخرجا مقبوحَيْن مردود عليهما ما جاءا به، فأقمنا مع خير جار في خير دار.

الابتلاء الثّاني: قالت رضي الله عنها:

فلم ينشُب، أن خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه، فو الله ما علمنا حزنا قط كان أشدّ منه، فَرَقاً أن يظهر ذلك الملك عليه، فيأتي ملك لا يعرف مِن حقّنا ما كان يعرف، فجعلنا ندعو الله ونستنصره للنّجاشيّ.

فخرج إليه سائرا، فقال أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعضهم لبعض:

من رجلٌ يخرج فيحضر الوقعة حتّى ينظر على من تكون ؟

فقال الزّبير - وكان من أحدثهم سنّا -: أنا.

فنفخوا له قِرْبَة فجعلها في صدره، ثمّ خرج يسبح عليها في النّيل حتّى خرج من شقّه الآخر إلى جنب التقاء النّاس، فحضر الوقعة، فهزم الله ذلك الملك وقتله، وظهر النّجاشيّ عليه.

فجاءنا الزّبير رضي الله عنه، فجعل يلمح إلينا بردائه ويقول: ألا أبشروا ! فقد أظهر الله النّجاشيّ !

فوالله ما علمنا فرحنا بشيء قط فرحنا بظهور النّجاشيّ. ثمّ أقمنا عنده حتّى خرج من خرج منّا راجعا إلى مكّة، وأقام من أقام.

فتن أحاطت بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه رضي الله عنهم ..

النبيّ صلّى الله عليه وسلّم تُعرض عليه بمكّة الدّنيا وزينتها ويأبى إلاّ الرّسالة ..

وأصحابه بالحبشة يُهدّدون بالطّرد من أرض أمن وأمانٍ، فأبوا إلاّ أن يكون صادقين، وبالحقّ صادعين ..

فقارِن بين حالهم وحال من يُقيم بين أظهر الكافرين بحجّة الفرار من الظّلم والقهر كيف ماعَ أكثرهم وذاب في مجتمعاتهم !

وإن عرض دينه تراه لا يصدع بالحقّ الّذي أنزله الله تعالى على نبيّه صلّى الله عليه وسلّم، ونسِي أنّ الفرج مع الصّدق:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}.

ولمّا كان الرّجال أفضل من المال والجاه والملك الّذي رفضه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، عوّض الله نبيّه صلّى الله عليه وسلّم خيرا ممّا ترك، وجاء الفرج ..

إنّه: إسلام أحد صناديد قريش وساداتها .. إنّه عمر بن الخطّاب رضي الله عنه.

وهذا ما نسلّط عليه الضّوء لاحقا إن شاء الله.

أخر تعديل في الخميس 29 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 03 فيفري 2011 09:25

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.