أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الخميس 02 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 06 جانفي 2011 12:36

- مشكلة الرّشـوة وعلاجها

الكاتب:  محمّد حاج عيسى الجزائريّ
أرسل إلى صديق

بقلم: أبي عبد الله محمد حاج عيسى الجزائري حفظه الله

الحمد الله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ من الظّواهر الخطيرة الّتي تنخر جسد أمّتنا في هذه الأيّام: ظاهرة الرّشـوة.

ظاهرة الرشوة الّتي تعد من أسباب ضياع الأمن، وفشوّ الفساد، وسقوط الدّول، وتسلّط الأعداء، وعودة الاستعمار. تلك الظاهرة الّتي يعلم المسلمون كلّهم تحريمَها، وأنّها من كبائر الذّنوب، حيث يحفظ صغارهم - فضلا عن كبارهم – حديث: (( لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الرَّاشِيَ وَالمُرْتَشِي )).

لكنّ حبّ المال والرّكون إلى الدّنيا، واستعجال الرّبح أعمى بصائر كثير منهم، فتجرّؤوا على قبولها واستباحتها، وصار كثير منهم يسمّيها بغير اسمها، يسمّيها: قهوة وهديّة وغيرها من الأسماء المعروفة عند العامّة، ففعلوا مع الرّشوة ما أخبر به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّ طوائف من أمّته تفعله مع الخمر في آخر الزّمان.

وإنّي لا أريد أن أكتب هذا المقال لبيان حكم الرشوة، أو لمناقشة حقيقتها الشّرعية وما يدخل فيها وما لا يدخل، ولكن للحديث عن طغيانها وانتشارها، وعن سبيل مكافحتها.

إنّ الرشوة قد أصبحت سببا ظاهرا من أسباب الرفاه والغنى في مجتمعنا، وأصبح أربابها يجاهرون بها ولا يستحيون، ويفتخرون بها ويعدُّون عملهم نباهة " وشطارة "[1]، الأمر الّذي جعل كثيرا من ضعفاء الإيمان يتأثّرون بهم ويحسدونهم على ما ينالونه، ويشعرون بالسّفه وضعف التّدبير إن هم لم يستغلّوا مناصبهم للحصول على الرّشاوي، الّتي يضمنون بها زعموا مستقبلهم ومستقبل أولادهم وأحفادهم، طبعا مستقبلهم المحدود في الدنيا دون مستقبلهم الأبدي في الآخرة.

ولقد أصبح الآن الموظفون في الإدارات الحكومية إلاّ من رحم ربّك في غنى تام عن مرتّباتهم، وخاصّة هؤلاء الّذين يشغلون مناصب حساسة تؤهلهم لفرض شروطهم على المواطنين (العُزَّل)، إذا ما سعوا لنيل حقوقهم الثابتة لهم أو الحقوق المشاعة.

وإنّ من مصادر رصد أنواع الرشاوي ومظانّها الأئمّة والدعاة الّذين ترد عليهم أسئلة المواطنين يوميا حول مشروعية دفع هذه الرشاوي والعمولات لهؤلاء الموظفين والمسؤولين: مواطنون مظلومون مُنِعوا من حقوق أو أُخِذت منهم حقوق ! وآخرون متطلّعون إلى نيل امتيازات، لكن حاك في أنفسهم طريقة الحصول عليها ! وغير ذلك من القضايا الّتي لا تنحصر.

لذلك أردت أن أكتب هذه الكلمات في القضية الّتي أكاد أُسأل عنها يوميا، وربّما أسأل عنها في اليوم أكثر من مرّة، أسئلة مباشرة أو عبر الهاتف.

وهذا منتخب من المسائل الّتي علِقت في ذهني وحفظتها لتكررها أو غرابتها، وهي كما يلاحظ القارئ موزعة على أكثر القطاعات والإدارات الّتي يتعامل معها المواطن.

1- يقول السائل: ما حكم ما أدفعه لموظّف في البلديّة، أو مسؤول، نظيرَ إدراجي ضمن قائمة السّكن الاجتماعي أو السّكن التساهمي ؟ وبعضهم يقول: لن آخذ حقّ أحد لأنهّم وضعوا في القوائم المعلن عنها أسماء لأشخاص وهميّين أو أشخاص لا حاجة لهم في السكن ؟

2- ويقول آخر: ما حكم ما أدفعه لموظّف في البلدية أو مسؤول حتّى أحصل على مشروع بناء، بإنجازه أنال شهادتي في الهندسة المعمارية ؟

3- يا شيخ: المقاولون لا ينالون المشاريع إلاّ بالرشوة وأنا إذا لم أدفع رشوة فسأبقى دون عمل ؟

4- ويقول كثير من المقاولين: ما حكم ما أدفعه من مال مقابل تسهيل عملية صرف مستحقاتي ؟ أنا أنتظر صرفها منذ سنتين أو ثلاث، وقد صرّحوا لي بأنّي لن آخذ حقّي إلاّ إذا دفعت لهم " قهوة ".

5- ويسأل المستوردون: ما حكم ما ندفعه للجمارك نظير تسريح سلعنا المحجوزة ظلما وعدوانا ؟ وما حكم ما ندفعه لهم نظير تسهيل عملية إخراج السلعة من الميناء وهم يتعمدون التطويل حتّى تزيد التكاليف ؟

6- ويقول آخرون: ما حكم ما ندفعه لمفتّش الجمارك مقابل عدم رفع قيمة الضّريبة ومضاعفتها ( لأنّنا لا نصرح بالقيمة الحقيقية للسّلعة المستوردة )؟.

7- ويسأل بعضهم: أنا أتعامل مع أناس يهرِّبون سلعا من البلدان المجاورة، وهم مضطّرون في أكثر الأحيان إلى دفع رشاوى إلى حرّاس الحدود ليَسْلموا من حجز السّلع والمحاكمة لأنّ التهريب مخالفة، فهل التّعامل مع هؤلاء النّاس جائز ؟

8- ويسأل أصحاب الشاحنات عن حكم ما يدفعونه لحرّاس الميناء ليتمكّنوا من الدخول، وهم يقولون: من غير دفع للمال لا يمكن لأحد أن يعمل ؟

9- إنسان سيحكم عليه في القضاء بكذا لأجل كذا، وهو نادم على فعله ؟ ويقول آخر: هو مظلوم فيما نسب إليه، وإن دفع مالا فسيبرأ من التّهمة، فما حكم مساعدته على ذلك ؟

10- ويتكرّر كثيرا هذا السؤال كما تتكرر الحوادث المرور: ما حكم تحصيل رخصة السّياقة بالطريقة المضمونة !؟ ومعناه: أنّ يكون المبلغ المدفوع فيه زيادة يأخذها المهندس ليجيز المتعلّم ولا يسبب له عراقيل ولا يرسبه في كلّ مرّة ؟

11- ويسأل بعضهم: أريد الحصول على صناديق النّحل لإنتاج العسل، وأنا من المستحِقّين لذلك، لكنّ المسؤولين يشترطون مالا لتمكيني من الحصول عليها، ومن غير دفع المال محال أن أحصل عليها.

12- ويقول آخرون: عملت مدّة عند بعض المقاولين الخواصّ، فلمّا طلبت منه شهادة عمل من أجل التوظّف في قطاع عمومي؛ طلب مبلغا من المال، مع العلم أنّ هذا أمر معمول به حتّى صار لهذه الشّهادة سعر معلوم !

13- طلب من أحدهم في مستشفى عمومي دفع مال من أجل إجراء عملية جراحيّة لقريبه المريض مرضا خطيرا في "الكلى"، وإن لم تجرَ له فسيبقى طول حياته مرتبطا بمصلحة تصفية الدم " الدياليز "، هو يسأل هل يأثم على دفعه المال لأنّه لم يكن له الخيار ؟

14- ويشتكي غير واحد بقوله: لكي أجري كشفا بالأشعّة في المستشفى العمومي طلبوا منّي رشوة ؟ ومنهم من يقال له: ادفع وإلاّ اذهب إلى الخواصّ وادفع أضعاف ما نطلبه منك.

15- وأسئلة من يشتكي من مصلحة الضرائب كثيرة، ومنها قول بعضهم: لقد ضخّموا فواتير الضّرائب، ومن أجل تخفيضها طلبوا مالا، فهل يجوز أن أدفع لهم هذا المال ؟

16- يسأل كثير من النّاس عن شراء تأشيرات السفر إلى البلاد الشّرقيّة والغربيّة - وهي تمنح مجّانا -؟

و في مدّة ما قبل الحجّ يكثر السؤال عن شراء جواز سفر الحجّ !؟

17- وبعضهم كي تُسَوَّى لهم وضعيّة الأراضي الّتي يستغلونها وتحويلها إلى ملكيّة خاصّة عن طريق الشّراء، يُطلَب منهم دفعُ رشاوي إلى جميع المسؤولين، وإلاّ بقِي ملفُّه حبيسَ الأدراج.

18- ويقول بعضهم: وعدني أحدهم بمنصب شغل في مؤسسة عمومية واشترط عليّ مالا، وأنا لا عمل لي، فما حكم المال الّذي أعطيه له ؟، ويقول آخرون: إنّ مسابقات التّوظيف الّتي يُعلَنُ عنها شكليّة، فإنّ المناصب توزّع بـ" المعارف " والرّشوة، فهل يجوز لنا دفع الرشوة ؟

19- وأختم بأغرب وأعجب سؤال سمعته في هذا الباب، قال السائل:" عرض عليّ أحدهم عملا مُهِمّا في مؤسسة عموميّة يشتغل فيها نظيرَ نسبة مئوية في راتبي الشّهري "!؟.

ولقد كانت إجابتي في أكثر الأحيان لا تدفع .. وبلِّغ الشرطة والدرك ... واكتب في الجريدة ... ولو كان صاحب الاستفتاء مضطّرا مظلوما؛ لأنّه لا يُصلح الوضعَ إلاّ ذاك.

وإنّ ممّا فتح الباب لكثير من النّاس أن يدفعوا هذه الرشاوي ويُعوِّدوا عليها هؤلاء الموظّفين: دعوى الضّرورة ! وأنّه يأثم الآخذ دون المعطي إذا كان مظلوما !

نعم المظلوم الّذي يدفع شرّا بشرٍّ أقلّ منه لا يأثم، لكن في كثير من الأحيان يكون الشرّ المدفوع متوهَّماً، أو يكون السّائل هو من تسبّب في وقوع الشرّ الّذي يدفعه، كأن يكون عقوبةً يستحقّها لمخالفته للإجراءات الإدارية.

وبعض النّاس يتوهّم أنّه مستحقّ لما يطلبه كمنصب الشغل أو السكن أو المشروع، وأنّ منعه ظلم وقع عليه، وهو في الواقع أهل لهذا الحق ولم يستحق عين هذا المنصب أو السكن أو المشروع؛ لأنّ المؤهلين له كثيرون، والّذين يستحقونه هم من يتم تعيينهم بالطرق الشرعية الرسمية.

ولا بدّ أن ننتبه إلى أنّ هذه النماذج إنّما هي أسئلة بعض من يخاف الله تعالى واشتبهت عليه الأمور، وإلاّ فالنّاس الّذين يخوضون في الحرام البيّن، ويستولون على حقوق النّاس بالرشاوى وتبادل الخدمات والمصالح أكثر بكثير من هؤلاء الضّعفاء الّذين يسألون تلك الأسئلة، وهذا يدلّنا على أنّ هذا المرض قد أصبح ظاهرة فعلا، ولا بدّ من التعاون والتآزر من أجل مكافحتها واستئصالها ، ومهما كان ذلك صعبا فهو ممكن بإذن الله تعالى، وهذه خطوات وأعمال في طريق العلاج يمكن للنّاظر المجتهد أن يزيد فيها لا أن ينقص:

1- لا بدّ أن يجتمع النّاس على مقاطعة هؤلاء المرتشين في جميع الميادين، لأنّ أهم أسباب وجود الآخذين للرشوة والقابلين لها وجود الدافعين لها.

2- أن ننبذ حبّ الذات " الأنانيّة " ونستشعر الأخوّة الإيمانيّة، فمن رأى نفسه مضطّرا فليعلم أنّ له إخوانا كثيرين في مثل حاله أو أسوأ، وإذا كان هو قادرا على دفع الرّشاوي، فغيره سيبقى محروما لأنّه غبر قادر عليها أو لا يستجيز دفعها.

3- أن نقوم بواجب تغيير المنكر باليد واللّسان عند الإمكان، والتّعاون مع الهيئات المؤهّلة لذلك من شرطة ودَرَكٍ وهيئات التفتيش ومكافحة الفساد، وإنّ الله يزع بالسّلطان ما لا يزع بالقرآن، وهذا الواجب يقع على كلّ من ابتلي بهؤلاء المرتشين، كما يقع على الموظّفين النّزهاء فهم مأمورون بالنّصح لزملائهم وتكرير النصح لهم، ثمّ التبليغ عنهم إن تمادوا في استغلال مناصبهم لمثل هذا العمل الدنيء.

4- وعلى وسائل الإعلام المختلفة أن تشيد بالهيئات المكافحة للفساد، وأن تتابع قضايا الرشوة في المحاكم وتُشَهّر بها ترهيبا للنّاس من هذه الظّاهرة، وأن تكشف للرّأي العام عن الإدارات والأماكن الّتي توجد فيها هذا المرض لتتحرك الجهات المسؤولة ولإحراج المتكاسلين عن أداء واجبهم أو الخائفين المتخاذلين.

5- على ولاة الأمور أن يسلّطوا العقوبات القاسية ضدّ كلّ من يثبت عنه بالدلائل القاطعة استغلال منصبه في المؤسسات الرسمية وأجهزة الدولة لحسابه الخاص، وأوّل هذه العقوبات الفصل النهائي من عمله، ومُصادرة الأموال الّتي اكتسبها من الرشوة والنماء الناتج عنها ليكون عبرة لغيره.

6- وكذا على الأئمّة والوعّاظ أن يكثروا من تذكير النّاس بفناء الدنيا وما فيها من أموال وبيوم الحساب، وسرد الوعيد الوارد في أكل المال الحرام والظلم عموما، والوارد في الرّشوة خصوصا من فوق المنابر، وعلى صفحات الجرائد، والمواقع الإلكترونية، وكلّ ما هو متاح لهم من وسائل الإعلام.

7- علينا أن نجعل في البرامج التعليميّة في مختلف المستويات دروسا تشرح فيها مفاسد الرشوة على الفرد والمجتمع وعاقبة أهلها في الدنيا والآخرة، وأخرى لبيان خطر أكل المال الحرام، ودروسا في العقيدة يعرف فيها النشء بأنّ رزقه مقدّر له قبل أن يولد وأنّ السرقة والرشوة وأكل أموال النّاس بالباطل لن يزيد في ماله ورزقه شيئا.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



[1]/ وهي فعلا شطارة، لأنّ الشّاطر في اللّغة هو قاطع الطّريق ! [هذا تعليق قارئ].

أخر تعديل في الأربعاء 28 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 02 فيفري 2011 19:31

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.