أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- نشاط أهل الفتور !

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد يبدو عنوان هذه الكلمة لأكثرنا غريبا، ولِم لا، ونحن في زمن الغربة الثّانية ؟

وإن شئت فقل: ( عمل البطّالين ) الّذين لا ينهضون إلاّ للقعود، ولا يستيقظون إلاّ للرّقود، تعطّلت فيهم الحواس إلاّ اللّسان، وسلم منهم جميع النّاس إلاّ الخِلاّن.

وسنّة الله تعالى أنّ النّفس إن لم تشغلها بمحاسن الخلال شغلتك بمساوئ الفِعال، فهو عاطل إلاّ عن الباطل.

إنّهم ضحايا داء الفتور، وما أدراك ما الفتور ؟

- مظاهر التّزكية في التقرّب إلى الله بالأضحية.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّه لا تخلو عبادة من العبادات من الحكم الغالية، والمعاني السّامية، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها. إلاّ أنّ معرفتها تُسبِغُ على القلب ثوب الطّمأنينة واليقين، وتحمل العبدَ إلى تحصيل ثمراتها في كلّ حين.

وإنّ في الأُضحية من الفوائد التّربويّة ما لا يمكن إحصاءه، ولا عدّه أو استقصاءه، ولكن بحسَب العبدِ من القلادة ما أحاط بالعنق.

فمن مظاهر تزكية النّفس من التقرّب إلى الله تعالى بالأضحية:

1- حياة الرّوح والقلب.

فقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [لأنفال:24].

- فضائل وأعمال عشر ذي الحجّة

الخطبة الأولى [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّ الله تبارك وتعالى يقول في محكم تنزيله، وأحسن قيله:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62]. فلا يزال اللّيل والنّهار متعاقبين، يخلف أحدهما الآخر، لأجل صنفين من النّاس:

الصّنف الأوّل: لمن أراد أن يذّكر ويتوب، ويتّعظ ويئوب، فيبسط الله يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل..حتّى تطلُع الشّمس من مغربها.

والصّنف الثّاني: أو أراد شكورا، يريد أن يضيف إلى رصيده الأعمال الصّالحات، لتمحى عنه السّيئات، وينال بها أعلى الدّرجات.

صِنفٌ ذو همّة عالية، إن عجز عن حجّ بيت الله الحرام، فإنّه لا يرضَى إلاّ مزاحمتهم في هذا السّباق إلى ذي الجلال والإكرام .. فيحرصون على جليل الأعمال، ولا يكتفون بالأمانيّ والآمال.

حالهم حال أولئك الفقراء الّذين جاءوا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ؟! قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُتُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ )) .

وخاصّة أنّ الله قد فتح باب السّباق إليه هذه الأيّام على مِصراعيه ..

- وقـفـاتٌ مع أيّـامِ الطّاعـات

الخطبة الأولى: [بعد الخطبة والثّناء]

فقد بدأ نسيم أيّام الله تبارك وتعالى يختلج صدور المؤمنين، ونورها يضيء قلوب الموحّدين .. إنّها أيّام الفضائل والطّاعات، ما أعظمها عند ربّ الأرض والسّموات ! لذلك أهديكم هذه الكلمات، ملؤها العبر والعبرات، أسأل الله العظيم أن تكون خالصة من قلب أحبّكم في الله، لا يرجو إلاّ الاجتماع معكم على عبادة مولاه.

وخلاصة كلامنا اليوم في وقفات ثلاث:

أوّلا: أحوال النّاس هذه الأيّام .. ثانيا: بُشرى للصّادقين. ثالثا: فضل العشر الأُوَل من شهر ذي الحجّة.

-إِلَـى الَّذِيـنَ حَبَسَهُمُ العُـــذْرُ ..

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإلى الّذين حبسهم العُذر ..

إلى الّذين اشتعلت قلوبهم شوقا إلى بيت الله العزيز الغفّار، وحالت بينهم وبينه الصِّعابُ والأعذار ..

فليعلموا أنّهم غير محرومين، حالهم كحال من تعطّش للجهاد في سبيل ربّ العالمين، ولكن حبسهم العذر .. فقال الله تعالى في حقّهم:

- المختصر المفيد في بيان أحكام أضحية العيد

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

فهذه بعض أحكام الأضحية التي ينبغي لكلّ مسلم معرفتها تحقيقا للرّكن الثّاني لقبول العمل، ألا وهو متابعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في عبادة الله وحده.

1- التّعريف بالأضحية.

الأضحية: هي ما يذبح يوم عيد الأضحى من بهيمة الأنعام تقرّبا إلى الله تعالى.

- آدَابُ العِـيـدَيْـن.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ هذين اليومين من أيّام الله تبارك وتعالى، لذلك كان على المسلم أن يعلم الآداب الشّرعيّة، والأحكام العمليّة الّتي تتعلّق بهما. ومن ذلك:

1- وجوب تعظيمهما: وأنّهما يغنيان المسلمين عن كلّ عيد.

جاء في سنن النّسائي وأبي داود عن أَنَسِ بْنِ مَالِك ٍرضي الله عنه قال:

كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ قَالَ: (( كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى )).

Previous
التالي

الأحد 26 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 30 جانفي 2011 14:35

- موقف المسلم من الفتن.

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ حديثنا في هذه العجالة عن موضوع تتناوله ألسنة النّاس أجمعين .. حديث يخوضه الحُكماء وهم وجلون، ويخوضه السّفهاء وهم في نشوة ساهون .. ذلكم هو الحديث عن ( انتشار الفتن، وكثرة المحن هذه الأيّام ).

ونخصّ بالخطاب الصّالح الملهوف، لأنّ الأقربين أولى بالمعروف .. فلن نأتِي على هذا الموضوع بتحليلات السّياسيّين ! ولا بتحريض الإعلاميّين ! ولا بتهويل الصّحفيّين ! ولكن بذكر أحاديث النبيّ الصّادق الأمين صلّى الله عليه وسلّم.

فتعال أخي القارئ لنرى حالنا، ونضع رحالنا، للحديث عن فتنٍ طالما كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يحذّر منها أصحابه، وهم خير النّاس، فكيف بغيرهم من سائر الأجناس ؟!..

وقد كان سلف هذه الأمّة يعلّمون أولادهم أحاديث الفتن، كما يعلّمونهم السّورة من القرآن، فالعالم لا تضرّه فتنة، ولا تغمّه محنة، ومتى نقص العلم بالفتن، نقص الاستعداد لها، والثّبات أمامها.

والأحاديث في ذكر الفتن أكثر من أن يحصيَها أمثالي، وأعظم من أن توضّحها أقوالي، ولكن نكتفي بذكر بعض ما ورد في بابها:

* مقدار الفِتن في هذه الأمّة:

- روى مسلم أيضا عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنّ رسول اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم قال:

(( بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا )).

( قطع اللّيل المظلم ) ! عبارة بليغة، تدلّ على انتشار الفتن وذيوعها، وأنّها لا تدعُ مكانا إلاّ دخلته، كما يغشَى الظّلام إذا ما جنّ اللّيل كلّ مكان.

( يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا ) ! دلالة على تغيّر القلوب، لغليانها كغليان القدر ..

- وشبّهها أحيانا بالماء النّازل من السّماء، إذا تخلّل البيوت من فوقها، وفاض عليها من أسفلها: روى البخاري ومسلم عن أسامةَ بنِ زيدٍ رضي الله عنه قال: أَشْرَفَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ قَالَ:

(( هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى ؟ إِنِّي أَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ )).

- وتراه صلّى الله عليه وسلّم يوما ينهض فزِعًا ممّا علمه من الفتن الّتي تصيب أمّته صلّى الله عليه وسلّم ! فقد روى البخاري عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقَالَ:

(( سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنْ الْفِتَنِوَمَاذَا فُتِحَ مِنْ الْخَزَائِنِ ؟! أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الْحُجَرِ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الْآخِرَةِ )).

- وترى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يخصّ يوما كاملا للحديث عن الفتن، وما أكثر الفتن هذا الزّمان ! وما أقلّ الحديث عنها والتّتفير منها !

روى مسلم عن أبي زيد الأنصاري عَمْرِو بْنِ أَخْطَبَ رضي الله عنه قَالَ:

صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم الْفَجْرَ، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتْ الظُّهْرُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتْ الْعَصْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ، فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا.

- ومن أعظم الأحاديث في الباب: ما رواه مسلم عن عبدِ اللهِ بنِ عمْرِو بن العاصِ رضي الله عنه أنّ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:

- (( إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا ! وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا: وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ مُهْلِكَتِي ! ثُمَّ تَنْكَشِفُ، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ ! فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ )) .

إذن فالفتن كالأمواج المتلاطمة، تذهب الواحدة وتخلفها الأخرى ... كلمّا اضمحلّت فتنة جاءت أختها ... بل أعظم منها !

حتّى إنّك ترى الفتنة العظيمة هيّنةً إذا تلَتها أختها !

- وروى الإمام أحمد عَن أبي موسى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ الْهَرْجَ ))، قَالُوا: وَمَا الْهَرْجُ ؟

قَالَ: (( الْقَتْلُ ))، قَالُوا: أَكْثَرُ مِمَّا نَقْتُلُ ؟

قَالَ: (( إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمْ الْمُشْرِكِينَ، وَلَكِنْ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا )) قَالُوا: وَمَعَنَا عُقُولُنَا يَوْمَئِذٍ ؟

قال: (( إِنَّهُ لَتُنْزَعُ عُقُولُ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَيُخَلَّفُ لَهُ هَبَاءٌ مِنْ النَّاسِ، يَحْسِبُ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ، وَلَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ )).

* موقف المسلم من الفتن:

كما سبق أن ذكرنا أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يذكر لنا الفتن وبالغ في توضيحها، وتعظيم شأنها، لنكون جبريّين مكتوفي الأيدي، أو ليقول كلّ منّا: الله غالب !..

إنّما ذكر لنا ذلك كلّه لتكون لنا قوّةٌ واستعدادٌ من قبل حصولها، حتى ندفعَها بكلتا اليدين، وإن وقعنا وقعنا على الرّجلين؛ لأنّ ضغط هذه الفتن كضغط الأمواج، لا بدّ على المسلم الاستعداد له، فيسلم له دينه في حاله ومآله، فهو كنزه ورأس ماله.

فمن الواجب على المسلم أمام هذه الفتن الهوجاء بعد دعاء الله السّلامة منها، وسؤاله سبحانه العفو والعافية:

1- مواصلة الدّعوة إلى الله عزّ وجلّ:

فإنّك إذا نظرت حولك وجدت النّاس أحد ثلاثة رجال:

- رجل لم يزوّد نفسه لا بالعلم النّافع، ولا بالعمل الصّالح، فجاءت أمواج الفتن فأخذته .. إلى أين في هذا الميدان الفسيح ؟ لماذا يصرخ ويصيح ؟ لماذا يجادل وعلام يناضل ؟ ولن تجد له جوابا أكثر من جواب أيّ ثائر على وجه هذه البسيطة.

- ورجل لا يزال صابرا أمام عواصفها، لكنّه يبكي لحاله، لا يعلم أين المفرّ للحفاظ على رأس ماله ؟

- ورجل لا يهتزّ لما يرى إلاّ للتّغيير، والدّعوة إلى صراط العليّ القدير، يدرك أنّ ما يراه هو وعد الله ورسوله وصدق الله ورسوله، فيسارع إلى الأخذ بأسباب النّجاة من الفتن.

إنّه على يقين بقول ربّ العالمين:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [الرّعد: 11].

2- الإحالة على أهل العلم [وبخاصّة علماء البلد الّذي تحدُث فيه الفتن]:

فـ( إنّ المسائل الكبار للعلماء الكبار ).. وعجبا لأمّة أعطت العلماء مقاليد بيان عقيدتها، وأمور عباداتها، ثمّ لا تأخذ عنهم المنهج لحلّ مشكلاتها، وفكّ معضلاتها !

وقد روى البخاري عن الزّبَيرِ بنِ عَدِيٍّ قال:أتينَا أنسَ بنَ مالكٍ رضي الله عنه فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنْ الْحَجَّاجِ ؟ فقال: ( اصْبِرُوا، فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ، سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صلّى الله عليه وسلّم".

والمقصود بهذا الحديث هو ذهاب العلم والعلماء، فلا يأتي زمان إلاّ والّذي بعده أقلّ علما وأكثر جهلا. وبهذا فسّر ابن مسعودٍ هذا الحديث: فقد روى الطّبراني بسند جيّد عن ابن مسعود رضي الله عنه أنّه سأل زوجته يوما فقال:

( أيّهما أفضل، اليوم أو أمس ؟) فقالت: لا أدري.

قال: أمّا أنا فأدري، أمسِ أفضل من اليوم، واليوم أفضل من غد، قال:لا يأتي عليكم يوم إلاّ وهو شرّ من الذي قبله حتّى تقوم السّاعة، لست أعني رخاء العيش يصيبه، ولا مالاً يفيده، ولكن لا يأتي عليكم يوم إلاّ وهو أقلّ علما من اليوم الذي مضى قبله، فإذا ذهب العلماء استوى النّاس فلا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن المنكر، فعند ذلك يهلكون ).

وقال رضي الله عنه في رواية: ( أما إنّي لا أعني أميرا خيرا من أمير، ولا عاما خيرا من عام، ولكن علماؤكم وفقهاؤكم يذهبون، ثمّ لا تجدون منهم خلفاء، ويجيء قوم يُفتنون برأيهم ).

وفي رواية أخرى قال رضي الله عنه: ( ليس ذلك أعني، إنّما أعني ذهابَ العلماء ).

وروى الدّارمي عن هلالِ بنِ خبّابٍ قال: سألت سعيدَ بن جبيرٍ: يا أبا عبدِ اللهِ ! ما علامةُ هلاكِ النّاسِ ؟ قال: (( إِذَا هَلَكَ عُلَمَاؤُهُمْ )).

3- الصّمت إلاّ عن التّواصي بالحقّ والصّبر:

- فيجب على المسلم عند الفتن أن يلزم جماعة المسلمين، وعلى رأسها ما عليه أئمّتهم وعلماؤهم على تقصيرهم وتفريطهم -، ويعتزل كلّ من دعا إلى الاختلاف والافتراق، والفتن والشّقاق.

- وعليه أن يدعُو إلى الصّبر، وإصلاح النّفس، فإن لم يكن قادرا على ذلك، فليلزَم الصّمت ويهجر القال والقيل، وما عليه من سبيل، فإنّ الله لن يسأله إلاّ عن نفسه وأهله {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}.

- وليضع نُصب عينيه وصيّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقد روى الترمذي عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! مَا النَّجَاةُ ؟ قَالَ: (( أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ )).

- وليحذر من أن يكون من الّذين يمشون في الفتنة ولو بالكلام، فإنّه سيزيد النّار نارا، والأمر خسارا، ولا يمكن أن ينجُوَ من حبائلها: فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( سَتَكُونُ فِتَنٌ: الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ )).

وروى أبو داود وأحمد عن أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ: يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي )).

كن حلس بيتك إن سـمعت بفتنة *** وتـوقّ كـلّ منـافـق فـتّان

جَـمِّـل زمانك بالسّكوت فإنّـه *** زيـن الـحـليم وسترة الحيران

لا تشغلنّ بعـيب غـيرك غافـلا *** عـن عـيـب نفسك إنّه عيبان

والله نسأل أن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنّه أكرم مسئول، وأعظم مأمول، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

أخر تعديل في الأربعاء 28 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 02 فيفري 2011 19:23

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.