أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- نشاط أهل الفتور !

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد يبدو عنوان هذه الكلمة لأكثرنا غريبا، ولِم لا، ونحن في زمن الغربة الثّانية ؟

وإن شئت فقل: ( عمل البطّالين ) الّذين لا ينهضون إلاّ للقعود، ولا يستيقظون إلاّ للرّقود، تعطّلت فيهم الحواس إلاّ اللّسان، وسلم منهم جميع النّاس إلاّ الخِلاّن.

وسنّة الله تعالى أنّ النّفس إن لم تشغلها بمحاسن الخلال شغلتك بمساوئ الفِعال، فهو عاطل إلاّ عن الباطل.

إنّهم ضحايا داء الفتور، وما أدراك ما الفتور ؟

- مظاهر التّزكية في التقرّب إلى الله بالأضحية.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّه لا تخلو عبادة من العبادات من الحكم الغالية، والمعاني السّامية، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها. إلاّ أنّ معرفتها تُسبِغُ على القلب ثوب الطّمأنينة واليقين، وتحمل العبدَ إلى تحصيل ثمراتها في كلّ حين.

وإنّ في الأُضحية من الفوائد التّربويّة ما لا يمكن إحصاءه، ولا عدّه أو استقصاءه، ولكن بحسَب العبدِ من القلادة ما أحاط بالعنق.

فمن مظاهر تزكية النّفس من التقرّب إلى الله تعالى بالأضحية:

1- حياة الرّوح والقلب.

فقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [لأنفال:24].

- فضائل وأعمال عشر ذي الحجّة

الخطبة الأولى [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّ الله تبارك وتعالى يقول في محكم تنزيله، وأحسن قيله:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62]. فلا يزال اللّيل والنّهار متعاقبين، يخلف أحدهما الآخر، لأجل صنفين من النّاس:

الصّنف الأوّل: لمن أراد أن يذّكر ويتوب، ويتّعظ ويئوب، فيبسط الله يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل..حتّى تطلُع الشّمس من مغربها.

والصّنف الثّاني: أو أراد شكورا، يريد أن يضيف إلى رصيده الأعمال الصّالحات، لتمحى عنه السّيئات، وينال بها أعلى الدّرجات.

صِنفٌ ذو همّة عالية، إن عجز عن حجّ بيت الله الحرام، فإنّه لا يرضَى إلاّ مزاحمتهم في هذا السّباق إلى ذي الجلال والإكرام .. فيحرصون على جليل الأعمال، ولا يكتفون بالأمانيّ والآمال.

حالهم حال أولئك الفقراء الّذين جاءوا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ؟! قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُتُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ )) .

وخاصّة أنّ الله قد فتح باب السّباق إليه هذه الأيّام على مِصراعيه ..

- وقـفـاتٌ مع أيّـامِ الطّاعـات

الخطبة الأولى: [بعد الخطبة والثّناء]

فقد بدأ نسيم أيّام الله تبارك وتعالى يختلج صدور المؤمنين، ونورها يضيء قلوب الموحّدين .. إنّها أيّام الفضائل والطّاعات، ما أعظمها عند ربّ الأرض والسّموات ! لذلك أهديكم هذه الكلمات، ملؤها العبر والعبرات، أسأل الله العظيم أن تكون خالصة من قلب أحبّكم في الله، لا يرجو إلاّ الاجتماع معكم على عبادة مولاه.

وخلاصة كلامنا اليوم في وقفات ثلاث:

أوّلا: أحوال النّاس هذه الأيّام .. ثانيا: بُشرى للصّادقين. ثالثا: فضل العشر الأُوَل من شهر ذي الحجّة.

-إِلَـى الَّذِيـنَ حَبَسَهُمُ العُـــذْرُ ..

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإلى الّذين حبسهم العُذر ..

إلى الّذين اشتعلت قلوبهم شوقا إلى بيت الله العزيز الغفّار، وحالت بينهم وبينه الصِّعابُ والأعذار ..

فليعلموا أنّهم غير محرومين، حالهم كحال من تعطّش للجهاد في سبيل ربّ العالمين، ولكن حبسهم العذر .. فقال الله تعالى في حقّهم:

- المختصر المفيد في بيان أحكام أضحية العيد

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

فهذه بعض أحكام الأضحية التي ينبغي لكلّ مسلم معرفتها تحقيقا للرّكن الثّاني لقبول العمل، ألا وهو متابعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في عبادة الله وحده.

1- التّعريف بالأضحية.

الأضحية: هي ما يذبح يوم عيد الأضحى من بهيمة الأنعام تقرّبا إلى الله تعالى.

- آدَابُ العِـيـدَيْـن.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ هذين اليومين من أيّام الله تبارك وتعالى، لذلك كان على المسلم أن يعلم الآداب الشّرعيّة، والأحكام العمليّة الّتي تتعلّق بهما. ومن ذلك:

1- وجوب تعظيمهما: وأنّهما يغنيان المسلمين عن كلّ عيد.

جاء في سنن النّسائي وأبي داود عن أَنَسِ بْنِ مَالِك ٍرضي الله عنه قال:

كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ قَالَ: (( كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى )).

Previous
التالي

الثلاثاء 12 رجب 1432 هـ الموافق لـ: 14 جوان 2011 05:00

هل أتاك نبأ الصائفة ؟

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، ربّ العالمين، وأفضل الصّلاة والتّسليم، على محمّد وآله وصحبه أجمعين، وعلى من تبِعهم بإحسان إلى يوم الدّين، أمّا بعد:

الصّـائـفـة .. مصطلح كان ينتشر قديما في مثل هذه الأيّام، بين خير البشر والأنام.

كان السّلف الصّالح لا يكاد الصّيف يأتي عليهم من كلّ عام إلاّ رأيتهم يستعدّون للعمل الجادّ، والبذل والجهاد ..

( الصّـائـفـة ) هي: الغزوة السّنوية التي كان يعقد ألويتها خليفة المسلمين، ويؤمِّر عليها أشهرَ القادة، ويبعث بها إلى ثغر من الثّغور، لتقوم بواجب الجهاد في تلك السّنة، وهي الحدّ الأدنى المطلوب من الجهاد في كلّ عام.

فكان المسلمون يخرجون في كلّ صيف إلى بلاد الكفّار، للقيام بواجب الدّعوة إلى الله، فيعرضون عليهم الإسلام، أو الدّخول تحت حكم أهل الإيمان، أو القتال إعلاءً لكلمة الواحد الديّان .. 

كانت تلك هي سياحةَ الأمّة، وتلك هي برامج التّنشيط السّياحي المليئة عزيمة وهمّة ..

برامج مكثّفة ليس فيها لغو ولا لهو، ولا بطالة ولا عطالة، ولا تضييع للأوقات، أو تهميش للصّلوات، ولا متابعة للمباريات، ولا ارتكاب للمحرّمات، ولا تسكّع على الأرصفة للمعاكسات، وإيذاء المارّين والمارات، ولا تهافت على الأسواق ..

ولكن نشاط وقوّة، وجهاد وفتوّة، وعبادة وعزّة، وسموّ ورفعة، وتعالٍ عن حطام الدنيا، وإقبال على عمارة الآخرة.

واختاروا فصل الصّيف لأنّ الحرّ ابتلاء يميّز الصّالحين، وعقوبة للمنافقين، فليس الحرّ عائقا عن طاعة الله، ومن عاقه الحرّ عن الطّاعة ففيه شبه بالمنافقين، كما حدث في غزوة تبوك:{فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} [التوبة:81].

والحقّ أنّ ابن آدم ملول، لا يستقيم على طريقة:

يتمنى المرء في الصّيف الشتاء ***      فإذا جــاء الشتــاء أنكـــــره

فهو لا يرضـــــى بحــــال واحــــد ***      قتل الإنسان مـــا أكفــــره !

أمّا الصّفوة من عباد الله يرون أنّ في الحرّ غنيمة لا يليق تفويتها ..

  • - معاذ بن جبل رضي الله عنه: حين حضرته الوفاة، لم يتأسّف على مال ولا ولد، ولم يبك على فراق نعيم الدّنيا، ولكنّه حزن على مفارقة قيام اللّيل، ومزاحمة العلماء بالرّكب، وعلى ظمأ الهواجر بالصّيام في أيّام الحرّ الشّديد.
  • - وخرج ابن عمر رضي الله عنه في سفر معه أصحابه، فوضعوا سفرة لهم، فمرّ بهم راع فدعوه إلى أن يأكل معهم فقال: إنّي صائم، فقال ابن عمر رضي الله عنه: في مثل هذا اليوم الشّديد حرّه وأنت بين هذه الشّعاب في آثار هذه الغنم وأنت صائم ؟! فقال: أُبَادِر أيّامي هذه الخالية.
  • - ويقول أبو الدّرداء رضي الله عنه موصياً أحبابه: صوموا يوماً شديداً حرّه لحرّ يوم النّشور، وصلّوا ركعتين في ظلمة اللّيل لظلمة القبور.

- وقد روى البزّار بإسناد حسن – كما في "صحيح التّرغيب والتّرهيب" – عن ابن عبّاس رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم بَعَثَ أَبَا مُوسَى عَلَى سَرِيَّةٍ فِي البَحْرِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ قَدْ رَفَعُوا الشِّرَاعَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، إِذَا هَاتِفٌ فَوْقَهُمْ يَهْتِفُ: يَا أَهْلَ السَّفِينَةِ ! قِفُوا أُخْبِرْكُمْ بِقَضَاءٍ قَضَاهُ اللهُ عَلَى نَفْسِهِ !

فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَخْبِرْنَا إِنْ كُنْتَ مُخْبِراً.

قال: إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَضَى عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ مَنْ أَعْطَشَ نَفْسَهُ لَهُ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ سَقَاهُ اللهُ يَوْمَ العَطَشِ ..

الشّاهد أنّ فصل الصّيف فصل عمل واجتهاد، وبذل وجهاد.

الصّـائـفـة هذه الأيّام ..

إنّ أهمّ معالم الصّـائـفـة هذه الأيّام – أيّها القرّاء الكرام – مَعْلَمان عظيمان: طلب العلم، والدّعوة إلى الله تعالى.

أوّلا: طلب العلم:

فإنّ طلب العلمِ ونشره بين النّاس في كلّ حين وأوان، وخاصّة هذه الأيّام من الجهاد في سبيل الله تعالى.

والجهاد كما شُرع بالسّيف والسِّنان، فقد شُرع باللّسان والعلم والبيان.

ففي صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ، يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ )).

ومن ذلك ما رواه أبو داود عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ )).

وإليك كلاما طيبا لابن القيّم الجوزية رحمه الله حيث قال:

"كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الذّروة العليا منه، فاستولى على أنواعه كلّها:

فجاهد في الله حقّ جهاده بالقلب والجنان، والدّعوة والبيان، والسّيف والسّنان ... أمره الله تعالى بالجهاد من حين بعثه وقال:{ فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً } فهذه سورة مكّية، أمر فيها بجهاد الكفّار بالحجّة والبيان وتبليغ القرآن، وكذلك جهاد المنافقين إنّما هو بتبليغ الحجّة، وإلاّ فهم تحت قهر أهل الإسلام، قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } [التوبة:73].

فجهاد المنافقين أصعب من جهاد الكفّار وهو جهاد خواصّ الأمّة وورثة الرّسل، والقائمون به أفراد في العالم، والمشاركون فيه والمعاونون عليه وإن كانوا هم الأقلّين عدداً فهم الأعظمون عند الله قدراً.

ولمّا كان من أفضل الجهاد قول الحقّ مع شدّة المعارض مثل أن تتكلّم عند من تخاف سطوته وأذاه، كان للرّسل من ذلك الحظّ الأوفر، وكان لنبيّنا صلّى الله عليه وسلّم من ذلك أكمل الجهاد وأتمّه،[يقصد بذلك ما بشّر به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من اقتدى به في ذلك قائلا: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ )) رواه التّرمذي وغيره]". اهـ ["زاد المعاد"(3/6)].

ويؤيّد كلام ابن القيّم أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نُهِي عن قتل المنافقين، فهذا يدلّ على أنّ معنى ( وجاهد الكفّار والمنافقين ) إنّما المقصود منه الجهاد بالحجّة والبيان.

ويؤيّده أيضا رواية مسلم عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ: (( لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )).

فقد فسّر العلماء القتال هنا بما هو أعمّ من القتال بالسّيف، فقد قال البخاري في "صحيحه": " بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ يُقَاتِلُونَ )) وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ ".

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

" وأخرج التّرمذي حديث الباب ثمّ قال: سمعت محمّد ابن إسماعيل – هو البخاريّ – يقول: سمعت عليّ بنَ المدِيني يقول: هم أصحاب الحديث .. وجاء نحوه عن أبي هريرة ومعاوية وجابر رضي الله عنهم، وسلمة بن نفيل، وقرّة ابن إياس " اهـ.

وأخرج الحاكم في " علوم الحديث " بسند صحيح عن أحمد رحمه الله قال: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم !

ومن طريق يزيد بن هارون مثله.

ومن لم يكن عالما يبيّن الحقّ ويردّ الباطل وكان يحسِن الكلام فليستغلّه في نصرة الحقّ، ولا يخفى على أحد ما كان يفعل شعر حسّان بن ثابت وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهما في المشركين ..

روى التّرمذي والنّسائيّ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم دَخَلَ مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ يَمْشِي وَهُوَ يَقُولُ:

خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ ***   الْيَوْمَ نَضْرِبْكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ

ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَـــنْ مَقِيلِهِ ***   وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ

فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه: يَا ابْنَ رَوَاحَةَ ! بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم وَفِي حَرَمِ اللَّهِ تَقُولُ الشِّعْرَ ؟!

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( خَلِّ عَنْهُ يَا عُمَرُ ! فَلَهِيَ أَسْرَعُ فِيهِمْ مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ )).

ثانيا: الدّعوة إلى الله.

شاع لدى أكثرنا اليوم أنّ خدمة هذا الدّين، والدّعوة لربّ العالمين، هي مهمّة الدّعاة والعلماء ، والأئمّة والخطباء ..

وإنّها لإحدى الكُبَر ..

ولتصحيح هذا المفهوم الخاطئ فإنّي أدعوك إلى تأمل نقاط ثلاث في إيجاز:

  • الأولى: إنّنا ركّاب سفينة واحدة، إن هلكت هلكنا، وإن نجت نجونا، ففي الصّحيحين عن النُّعْمَانَ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا، وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا ! فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا )).

  • الثّانية: هذا مؤمن ( يس ) يُضحِّي بحياته .. بمجرّد أن علم الحقّ في طياته ..{ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (24)}..

جاء من أقصى المدينة .. مع أنّ بالقرية الّتي قصدها ثلاثة من المرسلين ..

لم يمنعه وجود الرّسل في تلك البلاد، بأن يُسهِم في الدّعوة إلى ربّ العباد .. فهل من مدّكر ؟

  • الثّالثة: قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً ))، فهو خطاب عامّ لا يُستَثْنى منه أحد.

فـ( بلِّغوا ) تكليف .. و( عنّي ) تشريف .. ( ولو آية ) تخفيف ..

فالواقع الّذي يعيشه المسلمون اليوم – والله – كافٍ في أن ينفُض كلّنا الغبار عن رأسه، ويفدي هذا الدّين بنفسه، فمن آلامنا تبزغ آمالنا ..

يقولون: مع أيّ الفريقين تضلــــع ***   فلم يبق للإحجام والصّبر موضع

فقلت: أما والله ما فـــي قلوبـنـــا ***   لغير جلال الله والحــــقّ مــوضـع

فقد تصبح الدّنيا لإبليس شيعـــة ***   ونحن لغـيـــر الحــقّ لا نتشـيّـع

أنعــدِل بالله العظــيــم وشــرعـــه ***   أباطيل يجلوها الخـداع فتلمـــع

فأيـن إذن عهـــد قطعنـــاه لربّـــنا ***  بأنّا لـه دون الخليــقـــة خُــضَّـــعُ

بلى نحن جند الله بعناه واشترى ***   فلا هــو يعفينا، ولا نــحن نرجـع

وسبحانك الله وبحمدك، أشهد أن لا إله إلاّ أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

أخر تعديل في الثلاثاء 12 رجب 1432 هـ الموافق لـ: 14 جوان 2011 07:16

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.