أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- نشاط أهل الفتور !

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد يبدو عنوان هذه الكلمة لأكثرنا غريبا، ولِم لا، ونحن في زمن الغربة الثّانية ؟

وإن شئت فقل: ( عمل البطّالين ) الّذين لا ينهضون إلاّ للقعود، ولا يستيقظون إلاّ للرّقود، تعطّلت فيهم الحواس إلاّ اللّسان، وسلم منهم جميع النّاس إلاّ الخِلاّن.

وسنّة الله تعالى أنّ النّفس إن لم تشغلها بمحاسن الخلال شغلتك بمساوئ الفِعال، فهو عاطل إلاّ عن الباطل.

إنّهم ضحايا داء الفتور، وما أدراك ما الفتور ؟

- مظاهر التّزكية في التقرّب إلى الله بالأضحية.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّه لا تخلو عبادة من العبادات من الحكم الغالية، والمعاني السّامية، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها. إلاّ أنّ معرفتها تُسبِغُ على القلب ثوب الطّمأنينة واليقين، وتحمل العبدَ إلى تحصيل ثمراتها في كلّ حين.

وإنّ في الأُضحية من الفوائد التّربويّة ما لا يمكن إحصاءه، ولا عدّه أو استقصاءه، ولكن بحسَب العبدِ من القلادة ما أحاط بالعنق.

فمن مظاهر تزكية النّفس من التقرّب إلى الله تعالى بالأضحية:

1- حياة الرّوح والقلب.

فقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [لأنفال:24].

- فضائل وأعمال عشر ذي الحجّة

الخطبة الأولى [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّ الله تبارك وتعالى يقول في محكم تنزيله، وأحسن قيله:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62]. فلا يزال اللّيل والنّهار متعاقبين، يخلف أحدهما الآخر، لأجل صنفين من النّاس:

الصّنف الأوّل: لمن أراد أن يذّكر ويتوب، ويتّعظ ويئوب، فيبسط الله يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل..حتّى تطلُع الشّمس من مغربها.

والصّنف الثّاني: أو أراد شكورا، يريد أن يضيف إلى رصيده الأعمال الصّالحات، لتمحى عنه السّيئات، وينال بها أعلى الدّرجات.

صِنفٌ ذو همّة عالية، إن عجز عن حجّ بيت الله الحرام، فإنّه لا يرضَى إلاّ مزاحمتهم في هذا السّباق إلى ذي الجلال والإكرام .. فيحرصون على جليل الأعمال، ولا يكتفون بالأمانيّ والآمال.

حالهم حال أولئك الفقراء الّذين جاءوا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ؟! قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُتُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ )) .

وخاصّة أنّ الله قد فتح باب السّباق إليه هذه الأيّام على مِصراعيه ..

- وقـفـاتٌ مع أيّـامِ الطّاعـات

الخطبة الأولى: [بعد الخطبة والثّناء]

فقد بدأ نسيم أيّام الله تبارك وتعالى يختلج صدور المؤمنين، ونورها يضيء قلوب الموحّدين .. إنّها أيّام الفضائل والطّاعات، ما أعظمها عند ربّ الأرض والسّموات ! لذلك أهديكم هذه الكلمات، ملؤها العبر والعبرات، أسأل الله العظيم أن تكون خالصة من قلب أحبّكم في الله، لا يرجو إلاّ الاجتماع معكم على عبادة مولاه.

وخلاصة كلامنا اليوم في وقفات ثلاث:

أوّلا: أحوال النّاس هذه الأيّام .. ثانيا: بُشرى للصّادقين. ثالثا: فضل العشر الأُوَل من شهر ذي الحجّة.

-إِلَـى الَّذِيـنَ حَبَسَهُمُ العُـــذْرُ ..

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإلى الّذين حبسهم العُذر ..

إلى الّذين اشتعلت قلوبهم شوقا إلى بيت الله العزيز الغفّار، وحالت بينهم وبينه الصِّعابُ والأعذار ..

فليعلموا أنّهم غير محرومين، حالهم كحال من تعطّش للجهاد في سبيل ربّ العالمين، ولكن حبسهم العذر .. فقال الله تعالى في حقّهم:

- المختصر المفيد في بيان أحكام أضحية العيد

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

فهذه بعض أحكام الأضحية التي ينبغي لكلّ مسلم معرفتها تحقيقا للرّكن الثّاني لقبول العمل، ألا وهو متابعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في عبادة الله وحده.

1- التّعريف بالأضحية.

الأضحية: هي ما يذبح يوم عيد الأضحى من بهيمة الأنعام تقرّبا إلى الله تعالى.

- آدَابُ العِـيـدَيْـن.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ هذين اليومين من أيّام الله تبارك وتعالى، لذلك كان على المسلم أن يعلم الآداب الشّرعيّة، والأحكام العمليّة الّتي تتعلّق بهما. ومن ذلك:

1- وجوب تعظيمهما: وأنّهما يغنيان المسلمين عن كلّ عيد.

جاء في سنن النّسائي وأبي داود عن أَنَسِ بْنِ مَالِك ٍرضي الله عنه قال:

كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ قَالَ: (( كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى )).

Previous
التالي

الأربعاء 16 جمادى الأولى 1432 هـ الموافق لـ: 20 أفريل 2011 15:16

- تفسير سورة البقرة (23) ثواب الإيمان والعمل الصّالح

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فيقول الله تبارك وتعالى:{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)}.

ولنا في هذه الآية مسائل:

المسألة الأولى: بيان المناسبة.

 

إنّه تبارك وتعالى لمّا ذكر ما أعدّه للكافرين به، المكذّبين لرسله، ذكر جزاء المؤمنين أهل الأعمال الصّالحة، وهي طريقة القرآن الكريم في الجمع بين التّرغيب والتّرهيب تنشيطا لاكتساب ما يزلف، وتثبيطا عن اقتراف ما يتلف.

وهذا معنى تسمية القرآن الكريم كلّه ( مثانـي ) في أصحّ أقوال العلماء، لأنّ الثّني هو العطف، فهو يعطف ذكر أخبار أهل السّعادة على أخبار أهل الشّقاوة، والعكس.

المسألة الثّانية: بيان معاني المفردات.

- ( وَبَشِّرْ ): التبشير هو الإخبار بما يسرّ، سمّي بذلك لأنّ بشرة الوجه تستنير من أثر الخبر.

ولا يستعمل إلاّ في الإخبار بالخير، وقد يستعمل في الإخبار بالشرّ للتهكّم، كقوله تعالى:{فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.

وكثير من المفسّرين يقف عند حدّ التهكّم، لا يجاوزه إلى الحكمة منه.

والصّواب أنّ من وراء ذلك حكمةً بالغةً، قد نبّه عليها الشّيخ الطّاهر بن عاشور رحمه الله في تفسيره لسورة الأنعام، وهو: مضاعفة الحسرة على قلوب الكافرين.

فإنّ هناك ما يُعرف بـ( الانبساط والانقباض ): فالشّيء الذي يسرّ الإنسان تنبسط له النّفس، والشيء الّذي يحزن الإنسان تنقبض له النّفس.

فلو أنّ الخبر المحزِن جاء بداية لانقبضت النفس في المسار الطبيعي، لكنّ المولى تبارك وتعالى شاء أن يأتي أوّلاً بكلمة إذا سمعها السّامع سُرّ لها وهي كلمة " بشّر "، ثمّ يأتي بعد ذلك بما يقبض النّفس، وهو ذكر العذاب، ليكون الألم ألمين: ألم زوال السّرور، وألم مجيء الحزن.

ونظيره قوله تعالى:{وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوجُوهَ...} [الكهف: 29]، فإنّ النّفس تنبسط حين تسمع الجزء الأوّل وهو:{وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ}، لكنّها سرعان ما تنقبض فور سماعها:{بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوجُوهَ }.

وهذه سنة من سنن الله في العقاب، كما في قوله تعالى:{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىا إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُواْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} [الأنعام: 44]، فإنّه سبحانه لا ينتقم منه وهو على حاله الطبيعي، إنّما يرفع الله سبحانه هذا الظالم إلى درجات عالية ثم يخسف به الأرض، ليكون عذابه أشدّ.

- ( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ): أي الذين جمعوا بين الإيمان بقلوبهم، والأعمال الصّالحة بجوارحهم.

والعطف في هذه الآية لا يفيد المغايرة كما ذهب إليه الأشاعرة الّذين لا يجعلون العمل من الإيمان، ولكنّه من باب عطف الخاصّ على العامّ تنويها بشأن العمل الصّالح، ونظيره عطف الإسلام على الإيمان: فإذا افترقا اجتمعا، وإذا اجتمعا افترقا.

- ( أَنََ لَهُمْ جَنَّاتٍ ): مادّة (ج ن ن) تفيد السّتر والتّغطية، ومنه: جنّ اللّيل، والمِجنّ للدّرع الواقي، والجنين لاستتاره، والمجنون لذهاب عقله.

والجنّات: جمع جنّة، وهي البستان، سمّي بذلك لأنّ أرضه مغطّاة بالأشجار والزّروع والثّمار.

روى البخاري ومسلم عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا )).

فمن أراد أن يُكثِر الله تعالى له هذه الأشجار فعليه من الإكثار من ذكر الله عزّ وجلّ، فيقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ، عَذْبَةُ الْمَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ )) [رواه الترمذي بسند صحيح].

- ( تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ): أي تجري من تحت غرفها ومساكنها أنهارٌ من الماء، واللّبن، والعسل، والخمر، وما لا يُحصِيه إلاّ الله عزّ وجلّ.

ومن عجيب أنهار الجنّة أنّها تجري في غير أخدود، فقد روى الإمام أحمد عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( أُعْطِيتُ الْكَوْثَرَ، فَإِذَا هُوَ نَهَرٌ يَجْرِي كَذَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، حَافَّتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ، لَيْسَ مَشْقُوقاً ...))[1].

وكان أنسٌ رضي الله عنه يقول:" أظنّكم تظنّون أنّ أنهار الجنة أخدود في الأرض ! لا والله، إنّها لسائحة على وجه الأرض، إحدى حافّتيها اللّؤلؤ، والأخرى الياقوت ".

وبذلك فسّر مسروق رحمه الله قوله تعالى:{وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ}، قال:" إنّها تجري في غير أخدود ".

- ( كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً ): أي يُعطَوْن من أنواع الثّمرات ما لا يُحْصَى عدده، أسماؤها كأسماء ثمار الأرض، ولكنّ طعمها، وحجمها، وحسنها يفوق كلّ وصف، ويعجز عن بيانه كلّ نعت.

روى الطّبريّ عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: لا يشبه شيءٌ ممّا في الجنّة ما في الدّنيا إلاّ الأسماء.

وإنّ من إكرام الله عزّ وجلّ لأهل الجنّة أنّ ثمار الجنّة:

قريبة منهم، فقال:{قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ}، وقال:{وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا}.

وغير منقطعة، فليست كثمار الدّنيا تكون في موسم دون آخر، قال عزّ وجلّ:{ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ}، وقال: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا}؛ فهم يتناولونها في كلّ وقت وعلى كلّ حال قياما، وقعودا، ومضطجعين.

- ( قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ ): اختلف المفسّرون في المراد من قول أهل الجنّة ( من قبل ):

أ) هل المراد: في الدّنيا ؟ وهذا يُروَى عن ابن عبّاس وابن مسعود رضي الله عنهما، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد، وغيرهم، ورجّحه الطّبريّ رحمه الله.

ب) أو أنّ المراد: أنّهم أُعْطُوه في الجنّة من قبل ؟ فإن قدّم لهم مرّة ثانية قالوا: هذا الّذي رُزِقْنا أتَيتُمونا به من قبل ! فيقال لهم: كُلْ يا عبد الله، فإنّ اللّون واحد، والطّعم مختلف. وهذا قول ابن أبي كثير رحمه الله.

وكلّ قد أدْلَى بحجّته، والأقرب إلى قواعد التّفسير هو الأوّل؛ لأنّه قول الصّحابة رضي الله عنه.

وعلى كلّ حال، فقد اتّفقوا على أنّ ثمار الجنّة لا تشبه بوجه من الوجوه ثمارَ الدّنيا.

- ( وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً ): أي ثمارها متشابهة في الشّكل والمنظر، لا في الطّعم والمخبر، ومتشابهة في الجودة والحسن، فلا اختيار بينها، بخلاف ثمار الدّنيا، فإنّ كلّ نوع يحطّ من الآخر.

ثم لما ذكر مسكنهم وأقواتهم، ذكر أزواجهنّ، فوصفهنّ بأكمل وصف وأوجزه، فقال عزّ وجلّ:

- ( وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ ): ولم يقل: مطهّرة من العيب الفلاني؛ ليشمل جميع أنواع التطهير، فهنّ مطهَّرات الخُلُقِ والخَلْقِ:

مطهّرات من الحيض، والنّفاس، والبول، والغائط، والمخاط، وغير ذلك ممّا يزهّد فيهنّ.

وهنّ متحبّبات إلى أزواجهنّ بالخلق الحسن، كما قال تبارك وتعالى:{ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا}، والعُرُب جمع عروب، وهي الحسنة العشرة والخلقة، المتحبّبة العاشقة لزوجها.

ولمّا كانت النّفس تحزن إذا ذكرت انقطاع النّعيم، وزوال الخير العميم، أراد الله سبحانه أن يُذهب عنهم الحزن، فقال:

- ( وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ): أي دائمون، وهذا هو تمام السّعادة.

ويقترن دخول الجنّة بذكر الخلود فيها، لأنّ ذلك هو ما يتطلّع إليه كلّ أحد، ولأنّ الإنسان إذا نزل وطنا انصرف عنه لحاجة، ولكنّ الجنّة أعظم من كلّ وطن، كما وصفها ربّها:{خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} [الكهف:108].

نسأل الله تعالى من فضله العظيم، وعطائه الكريم.



[1] " السّلسلة الصّحيحة " (2513).

أخر تعديل في الأحد 02 جمادى الثانية 1439 هـ الموافق لـ: 18 فيفري 2018 11:43

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.