أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- موقف الشّيخ ابن بايس من دعوة الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب رحمهما الله

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فيقول الله سبحانه وتعالى:{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5].

والمريج هو المختلط، ومنه قوله تعالى:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرّحمن: 19].

وسبب الخلط والتخبّط هو ردُّ الحقّ ودفعُه: اتّباعا للشّبهات، أو الرّكض خلف الشّهوات، أو تعصّبا لشيخ أو جماعة أو مشرب، أو بغضا لشخص أو طائفة أو مذهب.

قال ابن القيّم رحمه الله:

" ... فإنّ من ردّ الحقّ مرج عليه أمرُه، واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصّواب، فلم يدرِ أين يذهب " ["أعلام الموقّعين" (2/173)].

- قبساتٌ من حياة الشّيخين ابن باديس والإبراهيمي رحمهما الله-

محاضرة أُلقِيت يوم الثّلاثاء 12 جمادى الآخرة 1434 هـ الموافق لـ: 23 أفريل 2013 م

بمسجد " الإصلاح " ببلديّة الأربعاء.

الحمد لله القائل:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:

23]، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك كلّه وله الحمد وحده، جعل في كلّ زمانِ فترةٍ من الرّسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالِّ تائهِ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على النّاس ! وما أقبح أثر النّاس عليهم !

وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، القائل: (( يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ))، صلّى الله عليه وعلى آله الطّاهرين، وأصحابه الطيّيبين، وعلى كلّ من اتّبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، أمّا بعد:

فحديثنا اليوم إنّما هو قبسات - كما هو في عنوان المحاضرة - من حياة رجلين عظيمين من رجال هذه الأمّة. والقبس هو ما يُؤخذ من النّار، كما قال تعالى عن نبيّه موسى عليه السّلام:{ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه من: 10]، فإنّنا لا يمكننا أن نُحيطَ بأنوار حياة هذين الشّيخين، فلْنقتَصِر على أخذ قبسات تكون لنا نبراسا يُضيء لنا السّبيل.

-" الفـاضي يعمل قاضـي "

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فأستفتح هذه المقالة، بكلمة الشّيخ مبارك الميلي رحمه الله وهو يُعاني في زمانه من المثبّطين، ويتألّم من مواقف بعض المرجفين، الّذين لا يحملون شيئا إلاّ لواء تتبّع العثرات، وإذاعة الزلاّت والسّقطات.

قال رحمه الله:

" وقد تعدّدت وسائل الإرشاد في هذا العصر، وسهُلت طرقه، فلماذا لا ننهض مع تعدّد الحوافز وتكرّر المخازي ؟

وإذا نهض أحدنا فلماذا لا نعاضِدُه ؟

وإذا لم نُعاضِدْه فلماذا نُعارضه ؟

وإذا عارضناه فلماذا نعارضه بالبهتان ؟

وإذا عارضناه بالبهتان لحاجة، فلماذا يُعارضه من لا ناقة له ولا جمل في المعارضة والبهتان ؟"اهـ

- لماذا الحديث عن الثّبات ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ أعظم نعمة يمنّ بها المولى عزّ وجلّ على عباده هي نعمة الهداية إلى الإسلام، ثمّ الاستقامة عليه مدى الأيّام؛ لذلك كان الحديث عن الثّبات حديثاً عن عنوان السّعادة الأبديّة، والفوز برضا ربّ البريّة سبحانه.

وجوابا عن هذا السّؤال الكبير: لماذا الحديث عن الثّبات ؟ فإنّي أقول: إنّ ذلك لأسباب ثلاثة:

السّبب الأوّل: كثرة الانتكاسة ..

- توقـيـر العـلـمـــاء من توقـيـر الله عزّ وجلّ

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اقتفى أثره واتّبع هداه، أمّا بعد:

فإنّ الله تعالى قد أولى العلم منزلة تفوق كلّ المنازل، ومرتبة تعلو على كلّ المراتب، وخصّ أهله بالانتقاء والاصطفاء، ورفع ذكرَهم في الأرض والسّماء، وإنّي على يقين تامّ أنّه ما من مسلم ولا مسلمة إلاّ وهو يقرّ بكلّ ذلك، لا ينكره ولا يجحده إلاّ زائغ هالك ..

ولكنّ هذه الكلمات إنّما هي من أجل الغفلة الّتي سكنت كثيرا من القلوب، ولا عاصم منها إلاّ علاّم الغيوب ..

هذه الكلمات ما هي إلاّ تذكرة للغافل، وتثبيتا للمجدّ العاقل، وقطعا لحجّة كلّ متكاسل ..

فالمفرّط في العلم وأهله صنفان:

Previous
التالي

الخميس 17 جمادى الأولى 1432 هـ الموافق لـ: 21 أفريل 2011 06:12

- شرح كتاب الذّكر (2) أفضل العبادات: ذكر الله عزّ وجلّ

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

-الباب الأوّل: ( التّرغيب في الإكثار من ذكر الله تعالى سرّا وجهرا والمداومة عليه،

وما جاء فيمن لم يُكثر من ذكر الله تعالى ).

الشّرح:

أمّا فضائل الذّكر مطلقا، فهي أكثر من أن تُحصى، وقد جاء في القرآن الكريم الأمر به والتّرغيب فيه في مواضع كثيرة، ومن هذه الفضائل:

الفضل الأوّل: أنّه أعظم عبادة على الإطلاق:

وهذا سيأتي تأكيده وتقريره بعد ستّة أحاديث إن شاء الله. فإن قيل: أليس الصّلاة أعظم ؟

 

فالجواب: أنّ الصّلاة ما عُظّمت إلاّ لأنّها ذكرٌ لله تعالى، قال سبحانه:{وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: من الآية45]، وهي الدّليل على ذكر الله، حيث قال تعالى:{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى:15]، وحين حرّم الخمر وبيّن ما تصدُّ عنه قدّم الذّكر على الصّلاة، فقال:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة:91].

الفضل الثّاني: أنّه العبادة الّتي أمر الله تعالى بالإكثار منها:

ولذلك ذمّ الله تعالى المنافقين لأجل أنّهم لا يذكرون الله إلاّ قليلا، وكأنّ في هذا وعيدا للمسلم، وتنبيها له على أن لا يكتفي بمجرّد الذّكر القليل.

وقد جاءت أكثر النّصوص الآمرة بالذّكر واصفةً له بالكثرة، ومن ذلك في القرآن الكريم:

قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال:45]، وقوله سبحانه:{وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً} [الحجّ: من الآية40]، وقوله عزّ وجلّ:{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً} [الشّعراء: من الآية227]، وقوله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب:21]، وقوله جلّ جلاله:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ...} فذكر مقامات العابدين دون أن يصفها بالكثرة، حتّى قال:{وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الأحزاب:35]، وغيرها ممّا يطول ذكره.

ومن السنّة: ما رواه مسلم عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (( سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ )) قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: (( الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ )).

وفي سنن التّرمذي ومسند أحمد عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه أنّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم سُئِلَ: أَيُّ الْعِبَادِ أَفْضَلُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ: (( الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ )).

وما أقبح حال من وصفهم الزّمخشريّ رحمه الله بقوله:" وهكذا نرى كثيرا من المتظاهرين بالإسلام، ولو صحبته الأيّام واللّيالي لم تسمع منه تهليلة ولا تسبيحة، ولكن حديث الدّنيا يستغرق به أيّامه وأوقاته لا يفتر عنه ".

الفضل الثّالث: أنّ الذّكر سببٌ لمعيّة الله تعالى:

لذلك يُسمّى من أطاع الله مطلقا ذاكرا، قال تعالى:{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} [البقرة:152]، قال سعيد بن جبير رحمه الله:" اذكروني بالطّاعة أذكركم بالثّواب والمغفرة "، وقال أيضا:" الذّكر طاعة الله، فمن لم يطعه لم يذكره، وإن أكثر التّسبيح والتّهليل وقراءة القرآن ".

وقال بعضهم:" فاذكروني بالمعذرة أذكركم بالمغفرة، واذكروني بالثّناء أذكركم بالعطاء، واذكروني بالسّؤال أذكركم بالنّوال، واذكروني بالتّوبة أذكركم بعفو الحوبة، واذكروني بالإخلاص أذكركم بالخلاص، واذكروني بالمناجاة أذكركم بالنّجاة ".

وهذا الفضل يدلّ عليه الحديث الأوّل الّذي ذكره المصنّف في الباب الأوّل.

الحديث الأوّل:

(1)- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم:

(( يَقُولُ اللهُ تعالى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً )).

[رواه البخاري ومسلم والتّرمذي والنّسائي وابن ماجه].

شـرح:

- قوله تعالى: ( أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ) أي: قادر على أن أعمل به ما ظنّ أنّي عامل به، وفيه بيان فضل الرّجاء في رحمة الله، وبه استدلّ من رجّح جانب الرّجاء على الخوف كالإمام الكرماني رحمه الله.

ومنهم من قيّد الحديث بالمحتضر؛ لما رواه مسلم عن جابرٍ رضي الله عنه قال: سمعت النبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قبل وفاته بثلاثٍ يقول: (( لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ )). وعزا الحافظ هذا القول لأهل التّحقيق، وكأنّه رجّحه.

والصّواب والله أعلم - أنّ الحديث يشمل كلّ عاملٍ في مرضاة الله تعالى، كالدّاعي والتّائب، وليس يعمّ المقصّر في جنب الله.

قال القرطبي في "المفهم":

" قيل معنى ( ظَنِّ عَبْدِي بِي ): ظنّ الإجابة عند الدّعاء، وظنّ القبول عند التوبة، وظنّ المغفرة عند الاستغفار، وظنّ المجازاة عند فعل العبادة بشروطها، تمسّكا بصادق وعده ... ويؤيّده قوله في الحديث الآخر: (( اُدْعٌوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ ))".

لذلك ينبغي للمرء أن يجتهد في القيام بما عليه، موقنا بأنّ الله يقبله ويغفر له، لأنّه وعد بذلك، وهو لا يخلف الميعاد، فإن اعتقد أو ظنّ أنّ الله لا يقبلها، وأنّها لا تنفعه، فهذا هو اليأس من رحمة الله، وهو من الكبائر، ومن مات على ذلك وُكِل إلى ما ظنّ كما في بعض طرق الحديث المذكور: (( فَلْيَظُنَّ بِي عَبْدِي مَا شَاءَ )).

قال رحمه الله:" وأمّا ظنّ المغفرة مع الإصرار فذلك محض الجهل والغرّة، وهو يجرّ إلى مذهب المرجئة ".

- قوله: ( وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي ): المعيّة نوعان:

أ) المعيّة عامّة: فهو مع جميع عباده بعلمه، وسمعه، وبصره، لا يغيب عنه من أفعالهم وأقوالهم شيء، قال سبحانه:{يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:19]، وهذا ما تقرّره آيتا سورة الحديد:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم}، وقوله في الآية الأخرى:{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}، وغير ذلك.

ب) المعيّة الخاصّة: فهو مع عباده المؤمنين الصّالحين خاصّة، قال تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:من الآية123]، {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: من الآية153]، {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69]، {قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طـه:46]، {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النّحل:128].

فمعنى قوله تعالى في هذا الحديث القدسيّ: ( وَأَنَا مَعَهُ ) أي بعلمي وتأييدي وذكري له.

قوله: ( فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ) أي: ذكرني بالتّنزيه والتّقديس سرّا، ذكرته في نفسي سرّا. وقد أثنى عزّ وجلّ على من ذكره في نفسه خاليا، فجعله من السّبعة الّذين يُظِلّهم الله في ظلّ عرشه يوم القيامة.

( فائدة )قوله عزّ وجلّ: ( ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ): قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" ونفسه عزّ وجلّ هي ذاته المقدّسة " ["مجموع الفتاوى" (14/196)].

فالنّفس ليست صفة، قال شيخ الإسلام رحمه الله:" فهذه المواضع المراد فيها بلفظ النّفس عند جمهور العلماء: الله نفسه، الّتي هي ذاته المتّصفة بصفاته، ليس المراد بها ذاتا منفكّة عن الصّفات، ولا المراد بها صفة للذّات، وطائفة من النّاس يجعلونها من باب الصّفات، كما يظنّ طائفة أنّها الذّات المجرّدة عن الصّفات، وكلا القولين خطأ " [" مجموع الفتاوى " (9/292-293)].

ومن أهل السنّة الّذين قصدهم بقوله هذا ابن خزيمة، فقد قال في "كتاب التّوحيد" (1/11):" فأوّل ما نبدأ به من ذكر صفات خالقنا جلّ وعلا في كتابنا هذا: ذكر نفسه، جلّ ربّنا عن أن تكون نفسه كنفس خلقه، وعزّ أن يكون عدما لا نفس له " اهـ.

ومنهم عبد الغنيّ المقدسيّ، والبغويّ، ومن المتأخّرين صدّيق حسن خان في "قطف الثّمر" (ص65)، حيث قال رحمه الله:" وممّا نطق بها القرآن وصحّ بها النّقل من الصّفات (النّفس) ".

لكنّه في تفسير قوله تعالى:{وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ} قال رحمه الله:" أي: ذاته المقدّسة "، والله أعلم.

- قوله: ( وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ) أي: جماعة ( ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ )، وهنا وقفتان نتطرّق إليهما لاحقا إن شاء الله.

والله الموفّق لا ربّ سواه

أخر تعديل في الجمعة 25 جمادى الأولى 1432 هـ الموافق لـ: 29 أفريل 2011 21:13

مواضيع ذات صلة (لها نفس الكلمات الدلالية)

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.