الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
التّعريف بالعقيدة:
فإنّ العقيدة في الّلغة: من العَقْدِ؛ وهو الرّبط، والإِحكامُ، والتّوثُّق.
والعَقْد نقيض الحلّ، لذلك يكون نقيض الاعتقاد الصّحيح هو: الانحلال.
فما يعقد الإِنسانُ عليه قلبَه جازما به فهو عقيدة، سواءٌ أكان حقّا، أَم باطلا.
وفي الاصطلاح: هي المسائل الّتي يجب الإيمان بها إيمانا جازما مطابقا للواقع.
- فقولنا: يجب الإيمان بها أي: أن يُصَدِّقَ بها القلب، وتطمئن إِليها النّفس.
- وقولنا: إيمانا جازما: أي قاطعا لا يمازجه ريب، ولا يخالطه شكّ.
- وقولنا: مطابقا للواقع: أَن يكون مطابقا لمراد الله عزّ وجلّ.
وسمّي الإيمان عقيدة لأَنَّ الإِنسان يعقد قلبَه عليه.
وللعقيدة الإِسلامية أَسماء أُخرى عند أَهل السُّنَّة والجماعة تُرادِفُها، وتَدلُّ عليها، منها:"التّوحيد"، و"السُّنَة"، و"الفقه الأكبر"، و"الشّريعة"، و"الإِيمان".
أمّا تسميتها بـ( أُصُول الدِّين )، فخلاف الصّواب كما قرّره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
أمّا هل التّعريف المذكور في السّؤال صحيح ؟
فاعلم أنّه لا مشاحّة في التّعريفات إذا لم تكُن تشتمل على معنى باطل.
وإنّ المصنّفين في العلوم جميعها نراهم كثيرا ما يُشدّدون في التّعريفات: فمِن مستدرِك، وثانٍ يعقّب، وثالث يضيف، وآخر يحترز، الخ .. ممّا عقّد كثيرا من العلوم في مبادئها، ويتيه الطّالب في جنباتها.
فمنهم من يقول: لا بدّ أن تصان الحدود من الأحكام .. وآخر يقول: لا يجوز التّعريف بالمثال .. الخ من تلك الانتقادات الّتي سببها الرّئيس اتّباع قواعد علم المنطق في الحدود.
والصّواب: أنّ التّعريف يتمّ بكلّ شيء يُميّز المـعـرَّف، ويقرّبه إلى الذّهن.
فمن عرّفها بقوله:" مجموعة من قضايا الحقّ الثّابتة، الّتي تُعلَم وتُؤخَذ بطريق السّمع، أو العقل، أو الفطرة "، فإنّه تعريف صحيح.
أمّا من انتقده، فذلك لأنّه ليس حدّا - على اصطلاح المنطقيّين -، وإنّما هو تعريف بمصادر العقيدة، وهو أمر سائغ لا غبار عليه.
أمّا أنّها تؤخذ عن طريق:
1- السّمع: فالمقصود به النّصوص من الكتاب والسنّة، والإجماع.
2- وعن طريق العقل: فالمقصود به: النّظر الصّحيح، والتّعليل، وليس العقلَ المجرّد.
3- وعن طريق الفطرة: فالمقصود: هو ما يُقِِرّ به المرء قبل أن تطرأ عليه الأفكار الدّخيلة الخاطئة.
وكونُ العقيدة الإسلاميّة تؤخذ من هذه الأمور الثّلاثة هو محلّ إجماع المسلمين، غاية ما في الأمر أنّ أهل السنّة يُنكِرون على أهل البدع اعتمادَهم على العـقـل المـجـرّد، الّذين يُخضِعون النّصوص له.
وفي القرآن الكريم، والسنّة النبويّة الصّحيحة قواعد عقليّة كثيرة، وثرّة غزيرة، تُغني عن الأخذ بقواعد أهل الكلام، وفلاسفة اليونان.
والله تعالى الموفّق.