أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الاثنين 14 رجب 1433 هـ الموافق لـ: 04 جوان 2012 07:54

- شرح أصول التّفسير (2) التّعريف بالقرآن وصفاته

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

قال رحمه الله:

(                                                     القرآن الكريم

القرآن في اللّغة: مصدر قرأ بمعنى تلا، أو بمعنى جمع، تقول قرأ قرءاً وقرآناً، كما تقول: غفر غَفْراً وغٌفراناً.

فعلى المعنى الأوّل ( تلا ) يكون مصدراً بمعنى اسمِ المفعول؛ أي: بمعنى متلوّ، وعلى المعنى الثاّني: ( جَمَعَ ) يكون مصدراً بمعنى اسم الفاعل؛ أي: بمعنى جامع؛ لجمعِه الأخبارَ والأحكامَ.

والقرآن في الشّرع: كلام الله تعالى المنزّل على رسوله وخاتَم أنبيائه محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، المبدوءُ بسورة الفاتحة، المختومُ بسورة النّاس. قال تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً} [الإنسان: 23]، وقال:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف:2] ).

 الشّرح:

تضمّنت هذه الفقرة التّعريف بالقرآن الكريم.

أمّا لغة، فقد اختلف أهل العلم في أصل اشتقاقه ومعناه على خمسة أقوال:

أ) فقيل: إنّه جامد غير مشتقّ.

فهو - على هذا القول - عَلم مرتجل لكتاب الله تعالى، ومعنى العَلم المرتجل: أنّه غير منقول من كلمة أخرى، وبعبارة النّحاة:" لم يُعهد له استعمال قبل العَلَمِيّة ".

ويُبعدُه قولُ سيبويه:" إنّ الأعلام كلّها منقولة " كما ذكر الصبّان في "حاشيته على شرح الأشموني".

ب) وقيل: إنّه مشتق من ( قرن ) أي: دلّ، من القرينة؛ لأنّه يدلّ على سبل الخير والصّلاح.

ت) وقيل: إنّه مشتقّ من ( قرن ) أي: ضمّ وجمع، ومنه القرين، والقران، والاقتران، لأنّ القرآن ضمّ كلَّ شيء بين دفّتيه.

ث) وقيل: إنّه مشتقّ من ( قرأ ) بمعنى جمع، ومنه قولهم: قرأ الماء في الحوض، ومنه القرية؛ لأنّها مجتمع النّاس، وعليه سمّي القرآن بذلك لأنّه جمع الخير كلّه، أو جمع علم الأوّلين والآخرين.

ج) وقيل: إنّه مشتقّ من ( قرأ ) بمعنى تَلاَ، وهو قول اللّحياني رحمه الله، واستدلّ بقوله تعالى:{إِنََّ عَلَينَا جَمعَهُ وقُرآنَه فَإذا قَرأنَاه فَاتَّبِع قُرآنَه}.

فعلى هذا يكون القرآن مصدرا بمعنى القراءة، كالغفران والتُكلان وسبحان بمعنى المغفرة والتوكّل والتسبيح، وهو القول الذي رجّحه الأكثرون.

وعليه فإنّ كلّ مقروء يسمّى قرآنا، إلاّ أنّ هذه الكلمة صارت مختصّة بكتاب المولى تبارك وتعالى، فصار له "عَلَمَا شخصيّا" أو "علما بالغلبة".

التّعريف الاصطلاحيّ:

عرّف رحمه الله القرآنَ بقوله: هو كلام الله تعالى المنزّل على رسوله وخاتَم أنبيائه محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، المبدوءُ بسورة الفاتحة، المختومُ بسورة النّاس.

فقوله:" كلام الله "، خرج به كلام غيره.

وقوله: " المنزّل على رسوله محمّد "، خرج بذلك الكتب السّماويّة الأخرى.

وقوله:"المبدوءُ بسورة الفاتحة، المختومُ بسورة النّاس"، قيد خرج به الحديث القُدسيّ.

ومنهم من يُخرج الحديث القدسيّ بقولهم:" المتعبّد بتلاوته "، وآخرون يُضيفون أحكاما أخرى، كقولهم: المعجز، ولا مشاحّة في الحدود إذا لم يكن فيها ما يجانب الصّواب.

***

ثمّ قال رحمه الله:

( وقد حمى الله تعالى هذا القرآن العظيم من التّغيير والزّيادة والنّقص والتّبديل، حيث تكفّل عزّ وجلّ بحفظه، فقال:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9]، ولذلك مضت القرون الكثيرة ولم يحاول أحد من أعدائه أن يغيّر فيه، أو يزيد، أو ينقص، أو يبدّل، إلاّ هتك الله سترَه، وفضح  أمره ".

الشّرح:

يذكر رحمه الله أنّ أهمّ خصائص القرآن الكريم أنّه مصُون من التّحريف والتّبديل؛ لأنّ الله تكفّل بحفظه.

بخلاف الكتب السّماويّة الأخرى، فإنّه قد نالتها أيدي التّحريف؛ وذلك لأنّه تعالى استحفظ أهل الكتاب، أي: وكل إليهم حفظ الكتاب، قال سبحانه:{إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ}.

ومن هنا ظهر فضل هذه الأمّة على غيرها، حيث إنّ الله وكَل أمر حفظ التّوراة إلى الخلق، وتولّى بنفسه سبحانه حفظ القرآن الكريم، فقال:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.

والله تعالى إذا عهِد بحفظ الكتاب فذلك يتضمّن أمرين اثنين يستحيل انعدامُهما:

أ) ظهور الحقّ: فلا يمكن أبدا أن تجتمع هذه الأمّة على الباطل والخطأ، ومصداق ذلك ما رواه التّرمذي بسند حسن عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: (( إِنَّ اللهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ، وَيَدُ اللهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ )).

فمتى اجتمعت الأمّة على شيء فهو حقّ لا ريب فيه، وإلاّ ما كانت تصلح للوسطيّة الّتي ميّزها الله بها، ولا للشّهادة الّتي أناطها الله بها على الخلق.

ب) أنّ ذلك يستلزم حفظَ حملة الكتاب والعاملين به: فلن تُعدَمَ هذه الأمّة أبدا من طائفة يظهر الحقّ على يديها، لما في الصّحيحين عن ثَوْبَانَ وجابر ومعاوية وغيرهم رضي الله عنهم أنّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ ))، قال البخاري:" وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ ".

***

ثمّ قال رحمه الله:

( وقد وصفه الله تعالى بأوصاف كثيرة تدلّ على عظمته، وبركته، وتأثيره، وشموله، وأنّه حاكم على ما قبله من الكتب.

قال الله تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} [الحجر:87]، {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق: الآية 1]، وقال تعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29]، {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأنعام: 155]، {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} [الواقعة:77]، {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: الآية 9].

وقال تعالى:{لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر:21]، {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُون(125)} [التوبة]، {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام:الآية 19]، {فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً} [الفرقان:52].

وقال تعالى:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النّحل: الآية 89]، {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ} [المائدة: الآية 48].

الشّرح:

بعد أن عرّف القرآن الكريم، شرع رحمه الله يذكر صفاته ونعوتَه الّتي نعته الله تعالى بها.

وذكر صفات القرآن أوّلاً مجموعة، ثمّ فصّلها على نحو ما أجمله، وهو ما يُسمّى باللفّ والنّشر.

فقال رحمه الله في اللّف:"وقد وصفه الله تعالى بأوصاف كثيرة، تدلّ على عظمته، وبركته، وتأثيره، وشموله، وأنّه حاكم على ما قبله من الكتب".

1- الوصف الأوّل: العظمة، لذلك ذكر قوله تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}، والعظيم إذا وصف الشّيء بالعظمة فذلك يدلّ على علوّ المنزلة والرّتبة.

والسّبع المثاني هي سورة الفاتحة، كما في الحديث الّذي رواه البخاري عنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِي رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فَلَمْ أُجِبْهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي فَقَالَ أَلَمْ يَقُلْ اللهُ:{اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ }.

ثُمَّ قَالَ لِي: (( لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ )). ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ: أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ.

ومن هذا الحديث ندرك أنّ المراد بالقرآن العظيم في الآية هي سورة الفاتحة، وصنيع الشّيخ رحمه الله يفيد أنّ المراد به القرآن كلّه، فكيف يوجّه ذلك ؟

فالجواب: أنّه إذا ثبت وصف جزء من القرآن بالعظمة، فثبوتُها لكلّ القرآن من باب أولى.

ولعلّه لأجل ذلك ذكر قوله تعالى:{ق وَالقُرْآنِ الْمَجِيدِ}، والمجيد هو العظيم العالي الّذي لا يعظم ولا يعلو فوقه شيء.

وقد قال تعالى عن القرآن -على قول ابن عبّاس وغيره وهو الأقرب-:{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2)} [النّبأ].

[يُتبع إن شاء الله].

أخر تعديل في الأحد 04 جمادى الثانية 1434 هـ الموافق لـ: 14 أفريل 2013 13:47

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.