أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الأربعاء 26 ذو القعدة 1431 هـ الموافق لـ: 03 نوفمبر 2010 00:32

- تفـاضـل الطّـاعـات، وفقـه الأولـويّـات

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

النّقطة الأولى: تفاضل الطّاعات.

فإنّ من حكمة الله تعالى أنّه قد جعل لكلّ شيء قدرا، وأناط بكلّ عمل أو قول منزلة وفضلا:

ففاضل بين الأيّام فجعل أفضلها في الأسبوع يوم الجمعة، وأفضلها في العام يوم النّحر، وجعل أفضل اللّيالي ليلة القدر، وأفضل العشيّ عشيّة عرفة، وأفضل الشّهور شهر رمضان.

وفاضل بين كلامه، فجعل أفضل السّور سورة الفاتحة، وأعظم الآيات آية الكرسيّ.

وفاضل سبحانه بين أنبيائه ورسله عليهم السلام فقال:{ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً } [الإسراء: من الآية 55].

كذلك فاضل الله تعالى بين الطّاعات، وميّز بين القربات، وقد كثرت أقوال العلماء في مسألة: أيّ الطّاعات أفضل ؟

- فمنهم من فضّل الجهاد، فقال ليس ثمّة بعد التّوحيد مثل الجهاد، لما رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: (( إِيمَانٌ بِاللَّهِ )) قَالَ: ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ: (( الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )) قَالَ: ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ: ((( حَجٌّ مَبْرُورٌ )).

- ومنهم من فضّل الصّلاة لما رواه مسلم أيضا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ أَوْ الْعَمَلِ الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا، وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ )).

- ومنهم من فضّل الذّكر، وقال: ما فضّلت الصّلاة إلاّ لكونها ذكرا لله تعالى، واستدلّوا بما رواه التّرمذي وغيره عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم:

(( أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ؟)).

قَالُوا: بَلَى! قَالَ: (( ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى )).

- ومنهم من قال: أحسنها ما كان ديمةً مستمرّا، لما رواه البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَـالَ: (( إِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ )).

- ومنهم من جعل أفضل الطّاعات ما كان متعدِّيَ النّفع، لما رواه الأصبهاني عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ: تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْناً، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعاً، وَلَأَنْ أَمْشِي مَعَ أَخٍ فِي حَاجَةٍ أَحَبُ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا المَسْجِدِ - يَعْنِي مَسْجِدَ المَدِينَةِ – شَهْراً، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَقْضِيَهَا لَهُ ثَبَّتَ اللهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامُ )).

قالوا وما فُضّل العلم والجهاد إلاّ لكون نفعهما متعدّيا.

وغير ذلك من الأقوال، وأحسنها أن يُقال جمعا بين النّصوص والأدلّة: إنّ أفضل الأعمال ما كان موافقا للحال والزّمان ..

جاء في " مدارج السّالكين "(1/88) لابن القيّم رحمه الله:

( أفضل العبادة: العمل على مرضاة الرب في كل وقتٍ بما هو مقتضى ذلك الوقت، ووظيفته ) ورجّحه رحمه الله.

  • فإذا نظرنا إلى حال الشّخص:

فربّما كان حريصا على مساعدة النّاس، ولكنّه مضيّع لحضور مجالس العلم، فإنّ مثله يُنصح بالتعلّم.

ولو كان حريصا على العلم مضيّعا لحقوق أهله ووالديه، فهذا يكون أفضل الأعمال إليه هو برّ الوالدين وإحسان صحبتهما.

وربّما كان أحدهم ثقيلَ الحفظ بطيءَ الفهم للعلوم الشّرعيّة، ولكنّه يحسن القيام ببعض الأعمال الأخرى، فإنّ أفضل الأعمال إليه هو العمل فيما يُحسنه، ولا ينصح بالتعمّق في العلوم الشّرعيّة، وإنّما يكتفي بتعلّم ما لا يسع المسلم جهله.

لذلك كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا سئل عن أفضل الأعمال يجيب هذا بما لا يجيب به الآخر، قال الإمام النّوويّ رحمه الله في " شرح صحيح مسلم ":

( قال العلماء: اختلاف الأجوبة في ذلك باختلاف الأحوال، واحتياج المخاطبين ).

  • أمّا إذا نظرنا إلى الأوقات:
  • ففي وقت الصّلاة تكون الصّلاة أفضل العبادات، وعند حضور مجلس العلم يكون العلم أفضل من النّوافل، وعند دخول وقت الرّواتب يكون أداؤها أفضل من عمل آخر، وعند احتياج الأخ إليك تكون إعانته أفضل القربات.

والأصل في المسلم أنّه لا يفرغ من عبادة الله، قال تعالى:{ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8) }.

قال العلماء:

- أفضل الأعمال عند لقاء العدوّ جهاده، ولو آل ذلك إلى ترك قيام الليل، وصيام النّهار، قال تعالى: { فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ }[المزمل:20].

- وأفضلها عند نزول الضّيف القيام بحقّه، لقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا )).

- وأفضلها عند سماع الأذان أن تترك ما أنت فيه من ذكر، وأن تجيب المؤذّن لقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِذَا سَمِعْتُمْ المُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ..)) الحديث

- وأفضلها عند أوقات الصّلوات المبادرة إلى المسجد، والنّصح في أدائها على أكمل وجه لقول الله تعالى: { رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ } [النور:37].

- وأفضلها عند السَّحَر تلاوة القرآن والدّعاء والاستغفار والصّلاة لقول الله تعالى: {يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران:113]. ولقوله: {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذّاريات:37].

- وأفضلها عند ضرورة المحتاج إغاثته بالجاه أو البدن أو الحال، لقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ، وَفَكُّوا العَانِي )).

- وأفضلها عند لقاء أخيك التّسليم عليه، ولو أدّى إلى قطع الذّكر، وأفضلها عند مرضه أو موته عيادته وتشييع جنازته؛ لقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلاَمِ، وَعِيَادَةُ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ العَاطِسِ )).

فإذا أتقن المسلم فهم هذه النّقطة سهُل عليه فَهم وفقه الأولويّات.

النّقطة الثّانية: فقه الأولويّات.

والأولويّات مأخوذ من الأولى، وهو الأقرب الّذي ينبغي الأخذ والتمسّك به.

وإنّ لهذا الباب من الفقه فوائد كثيرة، ثرّة وغزيرة، منها:

1- اغتنام الأوقات فيما هو أولى وأحرى:

فإنّ المسلم قد يشتَغِل بعمل ظاهره أنّه صالح ويؤجر عليه، ولكنّه يفوّت على نفسه ما هو أهمّ وأعظم.

وفي طيّات هذا الكلام رسالة إلى من يصرف وقته فيما لا طائل تحته أو في معصية الله تعالى. وقد كان سلف الأمّة حريصين كلّ الحرص على معرفة أعظم الطّاعات حتّى يُكثِروا من الحسنات وتكفير السيّئات.

فقد روى مسلم عَن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ:

كُنْتُ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا أُبَالِي أَنْ لَا أَعْمَلَ عَمَلًا بَعْدَ الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنْ أُسْقِيَ الْحَاجَّ.

وَقَالَ آخَرُ: مَا أُبَالِي أَنْ لَا أَعْمَلَ عَمَلًا بَعْدَ الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنْ أَعْمُرَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ.

وَقَالَ آخَرُ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِمَّا قُلْتُمْ.

فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه، وَقَالَ: لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَلَكِنْ إِذَا صَلَّيْتُ الْجُمُعَةَ دَخَلْتُ فَاسْتَفْتَيْتُهُ فِيمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} ..الْآيَةَ إِلَى آخِرِهَا.

2- معرفة أيّ الطّاعات أولى بتركها حال التّزاحم:

فكثير من النّاس يترك ما هو قادر عليه ويسعى لما لا يقدر عليه، فيضيع جهده في تكلّف المفقود، فيضيّع بذلك ما هو موجود.

بل عليه أن يبدأ بالاشتغال بما فرض الله عليه، وليس من الحكمة في شيء أن يشتغل بالنّفل ويقعدَ عن الفرض، فيكون كمن بنى قصرا ليهدم مصرا !

روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ )).

ومن المضحِكات المبكيات، ما ذكره بعضهم، أنّه أُتِي بزانٍ عند القاضي، زنى بامرأة فحملت منه، فقال له القاضي: أما تستحي ؟! أما كان بإمكانك أن تعزل ؟ فقال الجاني: لقد سمعت أنّ العزل مكروه !

3- تكمن فائدة ذلك أيضا في الدّعوة إلى الله والتدرّج في تبليغ النّاس الأهمّ فالمهمّ.

وهي سنّة من سنن الله في التّشريع، روى البخاري عن عائشة قالت: إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنْ الْمُفَصَّلِ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الْإِسْلَامِ نَزَلَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ لَا تَشْرَبُوا الْخَمْرَ لَقَالُوا: لَا نَدَعُ الْخَمْرَ أَبَدًا وَلَوْ نَزَلَ لَا تَزْنُوا لَقَالُوا: لَا نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا.

ومنه كان مذهب أهل السنّة في الدّعوة إلى الله هو البدء بالدّعوة إلى التّوحيد، ثمّ أركان الإسلام، وهكذا.

وأصلهم في ذلك ما رواه البخاري ومسلم: لمّا أراد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يبعث معاذاً إلى اليمن رسولاً منه إليهم قال له:

(( إِنَّكَ تَقْدِمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ؛ فَلْيَكُنْ أَوَّلُ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللهَ، فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ؛ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا صَلَّوْا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ، فَإِذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فَخُذْ مِنْهُمْ، وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ )).

فأوّل واجب على المكلف أن يفرد الله تعالى بالعبادة، ويوحّده بها؛ لأنه المستحقّ لذلك سبحانه، وإن معرفة الله في قلب كل عاقلٍ مستقرّة، والواجب إنما إفراده سبحانه بما يستحقّه من العبادة.

ثم يأمرهم بعد ذلك أن يقيموا عمود الإسلام، الذي لا يتصور قيام الإسلام دونه، وهو الصلاة، قال صلّى الله عليه وسلّم: (( بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالكُفْرِ: تَرْكُ الصَّلاَةِ )). وهكذا يسير على هذا السّبيل الأمثل، والطّريق الأكمل.

4- تقديم الأنفع في تعليم النّاس.

قال البخاري في " صحيحه ": وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: { كُونُوا رَبَّانِيِّينَ }: حُلَمَاءَ فُقَهَاءَ، وَيُقَالُ: الرَّبَّانِيُّ الَّذِي يُرَبِّي النَّاسَ بِصِغَارِ الْعِلْمِ قَبْلَ كِبَارِهِ.

وهنا تكمن القوّة في ترشيد الصّحوة الإسلاميّة، وترك هذا الأصل يصيبها بالخَوَر والضّياع، ذلك لأنّ كثيرا من الشّباب ربّما رأيته بمجرّد اهتدائه إلى الصّراط المستقيم، رأيته يشتغل بما لا يعنيه، أو بما يشقّ عليه، ثمّ يكون في آخر المطاف إمّا أن يقوده الشّيطان إلى الإفراط أو التّفريط.

وقد ذكر رحمه الله عن عَلِيٍّ رضي الله عنه قال:" حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صلّى الله عليه وسلّم".

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

" ومثله قول ابن مسعود رضي الله عنه: ( مَا أَنْتَ مُحَدِّثاً قَوْماً حَدِيثاً لاَ تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلاَّّ كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً ).

قال رحمه الله:" وممّن كره التّحديث ببعض دون بعض:

أحمد في الأحاديث التي ظاهرها الخروج على السّلطان.

ومالك في أحاديث الصّفات.

وأبو يوسف في الغرائب ... وعن الحسن أنّه أنكر تحديث أنس للحجّاج بقصّة العرنيّين، لأنّه اتّخذها وسيلةً إلى ما كان يعتمده من المبالغة في سفك الدّماء بتأويله الواهي، وضابط ذلك أن يكون ظاهر الحديث يقوّي البدعة وظاهره في الأصل غير مراد، فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب، والله أعلم " اهـ.

5- تقديم الأشدّ في باب الأمر بالمعروف، والنّهي عن المنكر.

فمراعاة المصالح مقصد من مقاصد الشّرع، ومع ذلك فقد قرّر العلماء أنّ درء المفاسد أولى من جلب المصالح.

وفي صحيح مسلم قال صلّى الله عليه وسلّم لعائشةَ رضي الله عنها: (( لَوْلاَ أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِالجَاهِلِيَّةِ لَنَقَضْتُ الكَعْبَةَ، وَلأَلْصَقْتُهَا بِالأَرْضِ، وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ، بَاباً يَدْخُلُ النَّاسُ مِنْهُ، وَبَاباً يَخْرُجُونَ مِنْهُ )).

فبناء الكعبة على أساس إبراهيم عليه السلام من أعظم المصالح، ولكنْ لمّا كان ذلك ربّما جرّ  على الأمّة مفسدة عظيمة، رجع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عمّا همّ به.

6- تقديم الأولى في مقام طلب العلم.

فإن كان قبل سنّ التّكليف، فأحسن ما يشتغل به هو حفظ كلام الله تعالى ومتون العلوم.

أمّا إن كان مكلّفا، فإنّه يشتغل بتعلّم ما فرضه الله عليه من التّوحيد والإيمان الصّحيح.

ثمّ ما يجب عليه خلال يومه وليلته.

ثمّ ما يجب عليه بحسَب حاله، ثمّ يشرع في حفظ كلام الله تعالى، ثمّ يبدأ بإتقان كلام العرب، ثمّ يدرس أصول كلّ فنّ، ولا ينبغي له الاشتغال بتفاصيل علم قبل أن يُكمل مشواره في إتقان أصول العلوم، فقد قال العلماء: لا تخصّص إلاّ بعد إلمام.

7- تقديم العمل المتعدي على العمل القاصر.

أو قل: تقديم الأكثر نفعاً على غيره، وفي صحيح البخاري قال صلّى الله عليه وسلّم: (( خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ )).

وفي الصّحيحين قال صلّى الله عليه وسلّم عمّن أفطر وخدم الصّائمين وقام على شؤونهم: (( ذَهَبَ المُفْطِرُونَ بِالأَجْرِ )).

وفي المسند قال صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ ؟ إِصْلاَحُ ذَاتِ البَيْنِ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ البَيْنِ هِيَ الحَالِقَةُ )).

وغير ذلك من الأمور المهمّة، والأمثلة كثيرة جدّا، إنّما أتينا على أهمّها، والله الموفّق لا ربّ سواه.

سبحانك اللهمّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلاّ أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

أخر تعديل في السبت 14 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 20 نوفمبر 2010 22:03

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.