أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الاثنين 25 ذو الحجة 1440 هـ الموافق لـ: 26 أوت 2019 08:40

- شرح كتاب الذّكر (69): الاستغفارُ: هل يمحو الكبائرَ ؟ موضوع مميز

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

تابع: الباب السّادس عشر: ( التَّرْغِيبُ فِي الاِسْتِغْفَارِ ).

  • · الحديث السّادس:

وَعَنْ عَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

كنْتُ رجُلاً إذَا سَمِعْتُ مِنْ رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم حدِيثًا، نَفَعَنِي اللهُ مِنْهُ بِمَا شَاءَ أَنْ يَنْفَعَنِي، وإِذا حَدَّثَنِي أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ اسْتَحْلَفْتُهُ، فإِذَا حَلَفَ لِي صَدَّقْتُهُ، قالَ: وَحَدَّثَنِي أبُو بَكْرٍ - وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه - أنّهُ قالَ: سمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم يقولُ:

(( مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ )).

[رواه أبو داود، والتّرمذي، والنّسائي، وابن ماجه، وابن حبّان في " صحيحه "، وليس عند بعضهم ذكر الرّكعتين، وقال التّرمذي: " حديث حسن غريب "، وذكر أنّ بعضهم وَقَفَه].

شرح الحديث:

هذا الحديث ذكره رحمه الله لأمرين اثنين:

الأوّل: هو بيانُ فضلِ الاستغفار - وهو الفضل السّابع في الباب - أنّه: من صفات المتّقين الّذين وُعِدوا جَنّاتِ النّعيم.

والأمر الثّاني: أنّ الاستغفار من الذّنوب، يَحْسُن أن يكونَ بالقلب والقولِ كما مرّ، ويحسُنُ أيضاً أن يكونَ ببعضِ الأعمال الفاضلة، وعلى رأسِهَا صلاةُ ركعتين.

والشّاهد من هذا الحديث: أنّ اللّه جعل سبَقًا، فقال:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:133]، فذكر من صفاتهم أنّهم:

{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} وهي الكبائر.

{أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} بالصّغائر.

{ذَكَرُوا اللَّهَ}: تذكّروا نهي الله عن ذلك، وما أعدّه من العذاب لفاعل ذلك، فأقلعوا وندموا {فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ}.

ذلك لأنّهم علموا أنّ لهم ربّا يغفر الذّنوب {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} ؟

فتراهم إن وقعوا في الخطايا تابوا وأقلعوا {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:135].

وهذا هو العلم النّافعُ حال الوقوع في مصايد الشّيطان، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف:201].

فالانحراف ليس هو الوقوع في المعصية، ولكنّ الانحراف هو ترك الاستغفار منها.

أمّا الّذين خلوا من العلم، فسيذكر لنا حالَهم الحديثُ الأخير في هذا الباب.

- وفي الحديث تعظيم عليٍّ رضي الله عنه لأبي بكرٍ رضي الله عنه، خلافا لمن يدّعي محبّة عليّ رضي الله عنه.

الحديث السّابع، والثّامن:

وَعَنْ بِلَالِ بْنِ يَسَارِ بْنِ زَيْدٍ، قالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( مَنْ قَالَ: " أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ " غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ )).

[رواه أبو داود، والتّرمذي، وقال: " حديث غريب، لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه "].

( قال الحافظ )[1]:

"وإسناده جيّد متّصل، فقد ذكر البخاري في "تاريخه الكبير" أنّ بلالاً سمع من أبيه يسار، وأنّ يسارا سمع من أبيه زيد مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد اختُلِف في يسار والدِ بلال، هل هو بالباء الموحّدة، أو بالياء المثنّاة تحت، وذكر البخاري في " تاريخه " أنّه بالموحّدة[2].

والله أعلم ".

ورواه الحاكم من حديث ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقال: " صحيح على شرطهما " إلاّ أنّه قالَ:

(( يَقُولُهَا ثَلاَثًا )).

شرح الحديثين:

هذا الفضل الثّامن: أنّ الاستغفار المقرون بصدق التّوبة والإخلاص فيها يصل إلى تكفير الكبائر.

  • · قوله: ( فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ ): قال الطّيبي رحمه الله: " الزّحف: الجيش الكثير الذي يُرى لكثرته كأنّه يزحف". 

ومعلومٌ أنّ الفرارَ من الزّحف كبيرة من الكبائر؛ للحديث الّذي رواه البخاري ومسلم عن أَبِي هرَيْرَةَ رضي الله عنه عنِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ )) قالُوا: يا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ: (( الشِّرْكُ بِالله، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ )).

وإنّ من الأعمال ما قد يصل إلى تكفير الكبائر، إذا اقترنت بالإخلاص والتّوبة الصّادقة.

وهذا الذّكر بالذّات تضمّن اسم الله الأعظم الّذي إذا دُعِي به أجاب وإذا سئِل به أعطى، بدليل ما أخرجه ابن ماجه عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ فِي سُوَرٍ ثَلَاثٍ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَطه )). وأفادت رواية الحاكم أنّه يقول ذلك ثلاثا.

قال في "تحفة الأحوذي": " ينبغي ألاّ يتلفّظ بذلك إلاّ إذا كان صادقا، وألاّ يكون بين يدي الله كاذبا، ولذا روي أنّ المستغفر من الذّنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربّه" اهـ.

الحديث التّاسع:

وَعَنِ البَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ لَهُ رجُلٌ:

يَا أَبَا عِمَارَةَ، {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِأَهُوَ الرَّجُلُ يَلْقَى العَدُوَّ فَيُقَاتِلُ حَتَّى يُقْتَلَ ؟ قَالَ:

( لاَ، وَلَكِنْ هُوَ الرَّجُلُ يُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيَقُولُ لاَ يَغْفِرُهُ اللهَ [لِي][3] ).

[رواه الحاكم موقوفا، وقال: " صحيح على شرطهما "].

شرح الحديث:

عبارات السّلف في مقصود هذه الآية ثلاث:

فمنهم من حملها على النّفقة، ومنهم من حملها على القنوط من رحمة الله، ومنهم من حملها على ترك القتال.

والحقّ أنّه لا تعارض بينها، قال ابن تيمية رحمه الله في " مقدّمة التّفسير " عن تفاسير السّلف:

"... تُذكرُ أقوالُهم في الآية، فيقعُ في عباراتهم تبايُنٌ في الألفاظ، يَحْسَبُها من لا عِلْمَ عنده اختلافاً، فيحكيها أقوالاً، وليس كذلك، فإنّ منهم من يعبّر عن الشّيء بلازِمه أو بنظيره، ومنهم من ينصّ على الشّيء بعينه، والكلّ بمعنى واحد في أكثر الأماكن، فليتفطّن اللّبيب لذلك، والله الهادي " اهـ.

أمّا القول الأوّل: فقد حكاه البخاري عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ فِي {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}: " نَزَلَتْ فِي النَّفَقَةِ ". أي: في تركها.

والقول الثّاني: قول أبي أيّوب الأنصاريّ رضي الله عنه، روى الترمذي وأبو داود عَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ التُّجِيبِيِّ، قَالَ:

" كُنّا بِمَدِينَةِ الرُّومِ، فَأَخْرَجُوا إِلَيْنَا صَفًّا عَظِيمًا مِنْ الرُّومِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِثْلُهُمْ أَوْ أَكْثَرُ، وَعَلَى أَهْلِ مِصْرَ عُقْبَةُ ابْنُ عَامِرٍ رضي الله عنه، وَعَلَى الْجَمَاعَةِ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ رضي الله عنه، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صَفِّ الرُّومِ حَتَّى دَخَلَ فِيهِمْ، فَصَاحَ النَّاسُ وَقَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ ! يُلْقِي بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ ! فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه فَقَالَ:

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تَتَأَوَّلُونَ هَذِهِ الْآيَةَ هَذَا التَّأْوِيلَ، وَإِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ فِينَا - مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ - لَمَّا أَعَزَّ اللهُ الْإِسْلَامَ، وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ سِرًّا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: إِنَّ أَمْوَالَنَا قَدْ ضَاعَتْ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَزَّ الْإِسْلَامَ وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ، فَلَوْ أَقَمْنَا فِي أَمْوَالِنَا فَأَصْلَحْنَا مَا ضَاعَ مِنْهَا.

فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صلّى الله عليه وسلّم يَرُدُّ عَلَيْنَا مَا قُلْنَا:{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} فَكَانَتْ التَّهْلُكَةُ الْإِقَامَةَ عَلَى الْأَمْوَالِ وَإِصْلَاحِهَا وَتَرْكَنَا الْغَزْوَ ). فَمَا زَالَ أَبُو أَيُّوبَ رضي الله عنه شَاخِصًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى دُفِنَ بِأَرْضِ الرُّومِ.

-القول الثّالث: قول النّعمان بن بشير والبراء بن عازب رضي الله عنهما، وقد ذكره المصنّف رحمه الله، قالا: " هُوَ الرَّجُلُ يُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيَقُولُ لاَ يَغْفِرُهُ اللهَ [لِي] ".

والصّواب - إن شاء الله -: أنَّه لا تعارض بين قول أبي أيّوب وقولِ حذيفة رضي الله عنهما؛ لأنّ الجهاد يكون بالمال وبالنّفس معاً، فهي نزلت في ذمّ ترك الجهاد بإنفاق المال أو بذل النّفس.

وحمل الطّبري قول النّعمان رضي الله عنه محملا طيّبا فقال: " إنّ الإنسان إذا لم يُنفق ولم يجاهد، فلربّما يقنط من رحمة الله، فنزل قوله تعالى:{وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} أيْ: بِسُوءِ الظنّ بالله ".

وبهذا يكون معنى الآية -والله أعلم-: جاهدوا في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، وتوبوا إلى الله ولا تظنّوا أنّه لن يغفر لكم، فإنّ سوء الظنّ تهلكة لا تقلّ عن التّهلكة الحاصلة بترك الجهاد.

أو يُقال: إنّ التّهلُكَة هي: معصية الله بترك أمره، والوقوع في نهيه؛ لأنّ الجامع بين ترك النّفقة، وترك الجهاد، والقنوط من رحمة الله، أنّها كلّها معصيةٌ لله.

ومن هنا نُدركُ أنّ الّذي يقع في المعصية أو يترك الأمر، خوفاً على نفسه أو ماله، مستدلاّ بهذه الآية ! يكون قد حمل الآيةَ على نقيضِها.

تمّ شرح كتاب " الذّكرولله الحمد.



[1] أي: الإمام المنذريّ رحمه الله، وليس الحافظ ابنَ حجر كما قد يُتوهّم.

[2] قال الشّيخ الألبانيّ رحمه الله: " لم أره في " التّاريخ "، والمراد به "الكبير" عند الإطلاق، لا سيّما وقد سبق في كلامه مقيّدا به، ولا رأيت أحدا ذكر هذا الخلاف، والله أعلم. ثمّ إنّ ما نقله عن البخاري لا يُستفاد منه إلاّ الاتّصال الّذي ادّعاه المؤلّف، وأمّا الجودة فلا، لأنّها تستلزم سلامة الإسناد من الجهالة، وهي منفيّة هنا، فقد قال الذّهبي في يسار هذا: " لا يعرف "، وبلال مثله. لكنّ الحديث صحيح بالشّاهد الّذي بعده وبغيره ممّا أشرت إليه في الأصل. وخرّجته في " الصّحيحة " (2727) ".

[3] قال الشّيخ الألبانيّ رحمه الله: "سقطت من الأصل والمخطوطة، واستدركتها من " المستدرك " (2/276)، و" الشُّعَب " (5/407)..".

أخر تعديل في الاثنين 25 ذو الحجة 1440 هـ الموافق لـ: 26 أوت 2019 09:23

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.